عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-08-2008, 03:35 AM   #8
ياسمين
مشرفة Non-Arabic Forum واستراحة الخيمة
 
الصورة الرمزية لـ ياسمين
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2008
الإقامة: المغرب
المشاركات: 2,102
إفتراضي

٤

إذن تتعدد التعاريف المقترحة لمفهوم الإرهاب، وتتباين وتتداخل مع بعضها البعض، لذلك

فإن سردها في كليتها لن يفيد في شيء بقدر ما يدخلنا في متاهة الجدل المنصب على

التعاريف، والذي يبقى مجاله هو الإطار الأكاديمي، الذي يتطلب هذا النوع من التدقيق والتتبع،

وبما أن المجال لا يتسع لذلك، فإن التعريف الذي سنسوقه، يتميز بنوع من التجرد والقابلية

للتعميم، ويتضمن معظم العناصر المختلف حولها، ومع ذلك فإنه يبقى ذو طبيعة إجرائية،

وعموما : ً فالإرهاب السياسي، هو فعل تغييري يرتكز على العنف، ويرمي الفاعل من خلاله،

إلى فرض سيطرته ونفوذه، بالرهبة على المجتمع أو الدولة أو هما معا، من أجل الحفاظ

على البنية الاجتماعية القائمة، أو من أجل تغييرها أو تدميرها ً. إن الإرهاب السياسي قد

يتماهى مع العنف السياسي، فيأخذان نفس المعنى، وقد يتمايزان ويتناقضان فيضحي لكل مفهوم

تعريفه ومعناه. ولكي نفهم ونميز بين المعنيين اللذين قد يشتمل عليهما المفهومين، يكفي

وضعهما في السياق المناسب لتتضح الرؤية نسبيا.

إن مفهوم الإرهاب يستعمل بمعان ملتبسة ومضامين مختلفة، فكل طرف سواء كان نظاما

سياسيا أو فاعلا اجتماعيا، أو باحثا أو مثقفا له معنى ومدلول خاص به، ومهما بذلنا من

جهود في عملية التحديد ، فإن مضامينه تظل مسألة خلافية.

وفي هذا الصدد نطرح السؤال التالي: هل الإرهاب ظاهرة حديثة معاصرة أم أنه ظاهرة لازمت

الإنسانية منذ العصور الغابرة؟ ولماذا لا نجد لهذا المفهوم والظاهرة تواجدا مكثفا في الأدبيات

الفلسفية والسياسية والأدبية القديمة؟

يجب أن نميز في البداية بين الإرهاب السياسي كظاهرة سياسية واجتماعية، وبين الإرهاب

السياسي كمفهوم، وبين التوظيف السياسي لهذا المفهوم والغموض الذي يكتنفه، الذي

يعزى في جانب منها، بأهداف ترتبط بنزعات الهيمنة والتحكم، لأن الخلط بين هاته المستويات

لن يؤدي سوى إلى تعقيد الإشكال، أكثر من الإبهام الذي يلازمه، إن الإرهاب كمفهوم

حديث النشأة، والإرهاب كظاهرة، قديم برز مع نشأة المجتمعات البشرية، فقد كان متواجدا

كفعل وممارسة يستخدم من طرف أفراد أو مجموعات أو عشائر أو دول...وتمت دراسته من

طرف فلاسفة سياسيين كأرسطو الذي عرف الطغيان كإرهاب مرتبط بالملكية المطلقة المستبدة،

القائم على إخضاع وإذلال الرعايا أو السلطة المطلقة بدون أية مسؤولية.

والإرهاب السياسي كفعل وعمل هو إدخال الهلع وإرعاب الأفراد والجماعات، والاستحواذ على

ممتلكاتهم المادية والرمزية، من خلال ما تخلفه هذه الأفعال من نتائج شنيعة ومرعبة، تؤثر

على نفسية الأفراد والجماعات، فقد عرفته الإمبراطورية الرومانية ما بين 73 ـ 66 قبل

الميلاد، عبر حركة سيكاري التي كانت تهدف إلى تقويضها.

كما شهدته المجتمعات العربية الإسلامية، بدأ بما كانت تقوم به فرق الخوارج، منذ إعلانها

الانشقاق عن علي بن أبي طالب، ثم عبر ممارسات جماعة الحشاشين ذات الانتماء العقدي

الشيعي والمنحدرة من الطائفة الإسماعيلية خلال القرن 11م...، كما مورس من طرف بعض

الحكام المستبدين الذين استولوا على الحكم بسفك الدماء والاغتيالات والمذابح الجماعية.


يتبع
__________________



" كان بودي أن آتيكم ,, ولكن شوارعكم حمراء ,,

وأنا لا أملك إلا ثوبي الأبيض ",,

* * *

دعــهــم يتــقــاولــون

فـلــن يـخــرج الـبحــر

عــن صمته!!!

ياسمين غير متصل   الرد مع إقتباس