عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-06-2012, 06:40 AM   #189
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

7- أحرُفُ التَّنبيهِ

وهيَ: (أَلا وأمَا وها ويا).


فـ (ألا وأمَا): يُستفتَحُ بهما الكلامُ، وتُفيدانِ تنبيهَ السامع إلى ما يُلقى إليه من الكلامِ. وتُفيدُ (ألا)، معَ التنبيه، تَحقُّقَ ما بعدَها، كقوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَولياءَ اللهِ لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}.


واعلم أنَّ (أَلا وأَمَا). معناهما التنبيهُ، ومكانُهما مُفتتَحُ الكلام.


و (ها): حرفٌ موضوعٌ لتنبيهِ المُخاطَب. وهو يدخلُ على أربعة أشياء:


أ- على أسماءِ الإشارةِ الدَّالةِ على القريب، نحو: (هذا وهذه وهذَين وهاتَينِ وهؤلاء)، أو على المتوسطِ، إن كان مُفرداً، نحو: (هذاكَ). أمّا على البعيدِ فلا.

ويجوزُ الفصلُ بينهما بكافِ التشبيهِ، كقوله تعالى: {فلمّا جاءَت قيل أهكذا عَرشُكِ؟}، وبالضميرِ المرفوعِ، كقولهِ: {ها أنتم أُولاءِ}، ونحو: (ها أنا ذا. ها أنتما ذانِ. ها أنتِ ذي).

ب- على ضميرِ الرفع، وإن لم يكن بعدَهُ اسمُ إشارةٍ، كقول الشاعر:


فَها أَنا تائِبٌ مِن حُبِّ لَيْلى

فَما لَكَ كُلَّما ذُكِرَتْ تَذوبُ؟!

غيرَ أنها، إن دخلت على ضمير الرفع، فالأكثرُ أن يَليَهُ اسمُ الاشارةِ، نحو: (ها أنا ذا. ها نحنُ أُولاءِ. ها أنتم أُولاءِ. ها هو ذا. ها هما ذانِ. ها هم أُولاءِ. ها أنتما تانِ يا امرأتانِ).


ج- على الماضي المقرون بِقد، نحو: (ها قد رجعتُ).


د- على ما بعدَ (أيٍّ) في النداءِ، كقوله تعالى: {يا أيُّها الإنسانُ ما غَرَّكَ بربكَ الكريم. يا أيّتُها النفسُ المُطمئنَةُ ارجعي إلى ربكِ راضيةً مرضيّةً} وهي تلزمُ في هذا الموضع وجوباً، للتبيهِ على أنَّ ما بعدَها هو المقصودُ بالنداءِ.

و "يا": أصلُها حرفُ نداءٍ. فإن لم يكن بعدَها مُنادىً، كانت حرفاً يُقصَدُ بهِ تنبيهُ السامع إلى ما بعدها. وقيلَ: إن جاءَ بعدها فعلُ أمرٍ فهي حرفُ نداءٍ، والمنادَى محذوفٌ، كقولهِ تعالى: {أَلا يا اسجُدوا}، والتقديرُ: (ألا يا قومُ اسجدوا).وإلا فهيَ حرفُ تنبيه، كقوله: {يا ليتَ قومي يعلمون}، وكحديث: (يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامَةِ). ومنه قول الشاعر:


يا لَعْنَةُ اللهِ وَالأَقْوامِ كُلِّهِمِ

وَالصَّالحِينَ عَلى سَمْعانَ مِنْ جارِ

[يا: حرف تنبيه. ولعنة: مبتدأ. خبره الجار والمجرور: (على سمعان).]

والحقُّ أنها حرفُ تنبيهٍ في كلِّ ذلك.


8- الأَحْرُفُ الْمَصْدَرِيَّةُ

وتسمّى: الموصولاتِ الحرفيّة أَيضاً وهي التي تجعلُ ما بعدَها في تأويل مصدر. وهي: (أَنْ وأَنًَّ وكي وما ولو وهمزةُ التّسوية)، نحو: (سرَّني أَن تُلازمَ الفضيلةَ. أُحِبُّ أنكَ تجتنبُ الرَّذيلةَ. إرحمْ لكي تُرحَمَ. أَوَدُّ لو تجتهدُ). {واللهُ خلقكُم وما تعملون}. {سواءٌ عليهم أَأَنذرتهم أم لم تُنذِرهم}.

والمصدر المؤولُ بعدها يكونُ مرفوعاً أَو منصوباً أَو مجروراً، بحسب العاملِ قبلَهُ.
[ يسمى الحرف المصدري: موصولاً حرفياً، لأنه يوصَل بما بعده فيجعله في تأويل مصدر]

(ففي المثال الأول مرفوع، لأنه فاعل. وفي المثال الثاني منصوب، لأنه مفعول به. وفي المثال الثالث مجرور باللام. وفي المثال الرابع منصوب أيضاً، لأنه مفعول به. وفي المثال الخامس منصوب أيضاً، لأنه معطوف على كاف الضمير في (خلقكم) المنصوبة محلاً، لأنها مفعول به. وفي المثال السادس مرفوع، لأنه مبتدأ خبره مقدَّم عليه، وهو سواء).


وتكونُ (ما) مصدريةً مجرَّدةً عن معنى الظرفيّةِ، نحو: (عَدِبتُ مما تقولُ غيرَ الحقِّ)، أَي: (من قولك غيرَ الحقِّ). وتكون مصدريةً ظرفيّةً، كقوله تعالى: {وأَوصاني بالصلاةِ والزَّكاةِ ما دُمتُ حيّا}، أَي: (مُدَّةَ دَوامي حَيّاً). فَحُذِفَ الظَّرفُ وخَلَفتهُ (ما) وصِلَتُها. ويكونُ المصدرُ المؤوَّلُ بعدها منصوباً على الظَّرفيّة، لقيامهِ مقامَ المُدَّةِ المحذوفةِ (وهوَ الأحسنُ)، أَو يكون في موضع جَرٍّ بالإضافة إلى الظّرف المحذوفِ.


وأَكثرُ ما تقعُ (لو) بعدَ (وَدَّ وَيوَدُّ)، كقوله تعالى {وَدُّوا لو تُدهِنُ فَيُدهنونَ}. {يَوَدُّ أحدُهم لو يُعمّرُ أَلفَ سنةٍ}.

[أدهن يُدهن وداهن يداهن: نافق وراءى وصانَع وخادَع]

وقد تقعُ بعد غيرهما كقول قُتَيلةَ:

ما كانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنتَ، وَرُبَّما

مَنَّ الْفَتى وَهُوَ المَغِيظُ المُخْنَقُ

أَي: ما كان ضَرَّكَ مَنُّكَ عليه بالعفو.


9- أَحرُفُ الاستِقْبال

وهي: (السينُ، وسوفَ، ونواصبُ المضارعِ، ولامُ الأَمرِ، ولا الناهية وإنْ، وإِذْ ما الجازمتان).


فالسينُ وسوفَ: تختصّانِ بالمضارعِ وتَمحضانهِ الاستقبالَ، بعدَ أن كان يحتملُ الحالَ والاستقبالَ، كما أَنَّ لامَ التأكيدِ تُخلِصُهُ للحالِ، نحو: (إنَّ سعيداً لَيَكتبُ).

[تمحضانه: تجعلانه للاستقبال المحض وتخلصانه له]

والسينُ: تُسمّى حرفَ استقبال، وحرفَ تنفيسٍ (أَي: توسيعٍ)، لأنها تَنقُلُ المضارعَ من الزمان الضيّقِ، وهو الحالُ؛ إلى الزمانِ الواسعِ وهو الاستبقال. وكذلك (سوفَ)، إلا أَنها أَطولُ زماناً من السين، ولذلك يُسمُّونها (حرفَ تسويفٍ)، فتقولُ: (سَيَشِبُّ الغلامُ، وسوفَ يَشيخُ الفتى)، لِقُربِ زمان الشبابِ من الغلام وبُعدِ زمان الشيخوخةِ من الفتى.

ويجبُ التصاقُهما بالفعلِ، فلا يجوزُ أن يَفصلَ بَينَهما وبينه شيءٌ.
وإذا أردتَ نفيَ الاستبقالِ أَتيتَ بِلا، في مُقابلة (السين)، وبِلَنْ، في مقابلة (سوف)، نحو: (لا أفعلُ)، تَنفي المستقبل القريب، ونحو: (لن أَفعلَ)، تنفي المستقبلَ البعيد.


ولا يجوزُ أن يُؤتى بسوفَ و (لا) معاً، ولا بسوفَ و (لن) معاً، فلا يُقالُ: (سوفَ لا أفعلُ) ولا (سوف لن أفعلَ) كما يقولُ كثيرٌ من الناسِ، وبينهم جَمهَرةٌ من كتّابِ العصر.


__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس