عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-10-2011, 09:34 AM   #145
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

5- تقَدُّمُ الحالِ على عاملِها وتأَخُّرُها عَنه

الأصلُ في الحال أن تَتأخرَ عن عاملها. وقد تتقدَّم عليه جوازاً، بشرطِ أن يكون فعلاً مُتَصرفاً، نحو: (راكباً جاء علي) أو صفة تُشبهُ الفعلُ المتصرفَ - كاسمِ الفاعلِ واسمِ المفعولِ والصفة المشبهَةِ - نحو: (مُسرعاً خالدٌ مُنطلقٌ). ومن الفعل المتصرف قوله تعالى: {خُشّعاً أبصارُهم يَخرُجونَ}، وقولهم: (شتّى تؤوبُ الحَلَبةُ)، أي مُتَفرِّقين يرجعون.

[شتى: جمع شتيت بمعنى متفرق. وتؤوب: ترجع. والحلبة: جمع حالب]

(فان كان العامل في الحال فعلا جامداً، أو صفة تشبهه - وهي اسم التفضيل - أو معنى الفعل دون أحرفه، فلا يجوز تقديم الحال عليه، فالأول نحو: (ما أجملَ البدرَ طالعاً!). والثاني: (عليّ أفصح الناس خطيباً). والثالث نحو: (كأنّ علياً مُقدماً أسدٌ)، فلا يقال: (طالعاً ما أجمل البدر. ولا علي خطيباً أفصحُ الناس. ولا مقدماً كأن علياً أسدٌ) ويستثنى من ذلك اسم التفضيل في نحو، قولك: (سعيد خطيباً أفصح منه كاتباً. وإبراهيم كاتباً أفصح من خليل شاعراً) ففي هذه الصورة يجب تقديم الحال، كما ستعلم.


واعلم أن اسم التفضيل صفة تشبه الفعل الجامد، من حيث أنه لا يتصرف بالتثنية والجمع والتأنيث، كما تنصرف الصفات المشتقة، كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة. فهو لا يتصرف تصرّفها إلا في بعض الأحوال، وذلك إن اقترن بأل أو أضيف الى معرفة، فيصرف حينئذ إفرادا وتثنية وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً.

كما عرفت في الجزء الأول من هذا الكتاب).

متى تتقدم الحال على عاملها وجوباً؟


تتقدمُ الحالُ على عاملها وجوباً في ثلاثِ صُوَرٍ:

أ‌- أن يكون لها صدرُ الكلامِ، نحو: "كيفَ رجعَ سليمٌ؟"، فإن أسماء الاستفهامِ لها صدرُ جملتها.
[كيف: اسم استفهام مبني على الفتح، وهو في محل نصب على الحال من سليم، أي: على أية حالٍ جاء؟]



ب ـأن يكون العاملُ فيها اسمَ تفضيلٍ، عاملاً في حالين، فُضّلَ صاحبُ إحداهما على صاحبِ الأخرى، نحو: (خالدٌ فقيراً، أكرمُ من خليلٍ غنيّاً)، أو كان صاحبُها واحداً في المعنى، مُفضّلاً على نفسه في حالةٍ دونَ أُخرى، نحو: (سعيدٌ، ساكتاً، خيرٌ منه متكلماً). فيجبُ والحالةُ هذهِ، تقديمُ الحال التي للمُفضّل، بحيثُ يتوسطُ اسمُ التفضيلِ بينهما، كما رأَيتَ.


ج- أن يكون العاملُ فيها معنى التّشبيه، دونَ أحرُفهِ، عاملاً في حالينِ يرادُ بهما تشبيهُ صاحبِ الأولى بصاحبِ الأخرى، نحو: (أنا، فقيراً، كخليلٍ غنيّاً، ومنه قولُ الشاعر:


تُعَيّرُنا أنَّنا عالةٌ

ونحنُ، صَعاليكَ، أَنُتمْ مُلوكا
[أي: ( نحن في صعلكتنا مثلكم، في حال ملككم)]


أو تشبيهُ صاحبهما الواحد في حالةٍ، بنفسه في حالةٍ أُخرى، نحو: (خالدٌ، سعيداً، مِثلُهُ بائساً). فيجبُ، إذ ذاك، تقديمُ الحالِ التي للمُشبّهِ على الحالِ التي للمُشبّهِ به، كما رأيت. إلا إن كانت أداةٌ التّشبيه (كأنَّ)، فلا يجوزُ تقديمُ الحال عليها مُطلقاً، نحو: (كأنَّ خالداً، مُهرولاً، سعيدٌ بَطيئاً).
(فإن كان التشبيه العامل في الحالين، فعلاً أو صفة مشتقة منه، جاز تقديم حال المفضل عليه وتأخيرها عنه، فالأول نحو: (خالد ماشياً يشبه سعيداً راكباً). والثاني نحو: (يشبه خالد ماشياً سعيداً راكباً)).


متى تتأخر الحال عن عاملها وجوبا؟


تتأخرُ الحال عن عاملها وجوباً في أحدَ عشرَ موضعاً:


1- أن يكونَ العاملُ فيها فعلاً جامداً، نحو: (نِعْمَ المهذارُ ساكتاً. ما أحسنَ الحكيمَ متكلِّماً. بئس المرءُ منافقاً. أحسِنْ بالرَّجلِ صادقاً).


2- أن يكونَ اسمَ فعلٍ، نحو: (نَزالِ مسرعاً).


3- أن يكونَ مصدراً يَصِحُّ تقديرُهُ بالفعلِ والحرفِ المصدري، نحو: (سرَّني أو يَسرُّني، اغترابُك طالباً للعلم).


(إذ يصح أن تقول: (يسرني أن تغترب طالباً للعلم). فإن كان يصح تقديره بالفعل والحرف المصدري. نحو: (سمعاً كلامَ اللهِ متلوّاً)، جاز تقديمه عليه نحو: (متلوّاً سمعا كلام الله).

4- أن يكون صِلةً لألْ، نحو: (خالدٌ هو العاملُ مجتهداً).

5- أن يكون صِلةً لحرفٍ مصدريٍّ، نحو: "يَسُّرني أن تعملَ مجتهداً. سَرَّني أن عملتُ مُخلِصاً، يَسرُّني ما تجتهدُ دائباً. سرَّني ما سَعَيتَ صابراً).
6- أن يكونَ مقروناً بلامِ الابتداءِ، نحو: (لأَصبِرُ مُعتمِلاً).

7- أن يكونَ مقروناً بلامِ القسم، نحو: ( لأثابرنّ مجتهداً)

8ـ أن يكون كلمة فيها معنى الفعل دون أحرفه، نحو (هذا عليٌّ مقبلاً . ليت سعيداً، غنيّاً، كريمٌ. كأنَّ خالداً، فقيراً، غنيٌّ).

9- أن يكون اسمَ تفضيلٍ، نحو: (عليٌّ أفصحُ القومِ خطيباً)، إلا إذا كان عاملاً في حالين، نحو: (العصفورُ، مغَرداً خيرٌ منه ساكتاً)، فيجبُ تقديمُ حال المفضّل على عامله، كما تقدَّم.


10- أن تكونَ الحالُ مؤكدةً لعاملها، نحو: (ولّى العدوُّ مدبِراً، فتَبسّم الصديقُ ضاحكاً).


11- أن تكون جملةً مقترنة بالواو، على الأصحِّ، نحو: (جئتُ والشمسُ طالعةٌ).


(فان كانت غير مقترنة بالواو جاز تقديمها على عاملها، نحو: (يركب فرسه جاء خالد) وأجاز قوم تقديمها على عاملها وهي مصدرة بالواو، فأجازوا أن يقال: (والشمس طالعة جئت) والأصح ما قدّمناه. وقد سبق أنه لا يجوز تقديم الجملة المصدرة بالواو على صاحبها أيضاً؛ وان قوماً أجازوه).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس