الموضوع: إدارة الوقت
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-02-2009, 05:03 AM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

ولعل أبرز مثال على واقعية هذه النظرة هو ما نراه من صور متكررة في الواقع الذي نعيشه حيث إذا أصيب أحد بمرض عضال كالسرطان – أجارنا الله وإياكم – وهو من الأمراض المميتة، فإننا نراه يضحي بكل ما يملك من مال لدرجة أنه قد يبيع مقتنياته الشخصية التي أمضى وقتا في جمعها واقتنائها كالسيارة والبيت مثلا ليحصل على العلاج، والفكرة هي أن يمدد حياته ولو للحظات. فالوقت إذن أغلى من المال. ولا يوجد أي تعارض في عملية تنظيم الوقت وبرمجة العمل بين النظرية الإسلامية والنظرية الغربية، سوى أن النظرية الإسلامية ترى ضرورة أن يستثمر الإنسان وقته في طاعة الله على اعتبار أن هذه الحياة ما هي إلا مرحلة مؤقتة تعمل كمعبر للحياة الآخرة والتي هي حياة الخلود.



ولا ترمي النظرية الإسلامية من خلال كلمة الطاعة إلى العبادة الجوفاء والإيمان وإنما إلى الاستثمار الأمثل لهذا الوقت. فمهمة الإنسان في هذه الحياة هي عمارة الأرض وكسب الزاد للحياة الآخرة في معادلة متوازنة (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا)، (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة..) وعمارة الأرض جزء من أساسيات هذه الخلافة. فالوقت وفق النظرة الإسلامية يحتل ذات الموقع في النظرة الحديثة، ذلك أنه يعتبر أحد أربعة عوامل أساسية للقيام بأي عمل أو مشروع. هذه العوامل هي: الموارد، المعلومات، الأفراد، والوقت. فالمطلوب إذن هو استثمار الوقت لا إنفاقه. ويتأتى للفرد استثمار وقته بشكل سليم من خلال فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي وفي الوقت الذي ينبغي. لذلك نرى أن التشريع الإسلامي قد أكد في أكثر من موضع على ضرورة الاستفادة من الوقت بالشكل الصحيح من خلال عملية التنظيم والبرمجة.



وربما أبرز الأمثلة على ذلك هو قول الرسول الأكرم (ص): " إن العبد لا تزول قدماه يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه"، وكذلك قول الإمام الحسين عليه السلام: "كان في ما وعظ به لقمان ابنه: (يا بني واعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع: شبابك في ما أبليته، وعمرك في ما أفنيته، ومالك مما اكتسبته، وفيما أنفقته)". وكذلك ما يروى عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله في وصف النبي الأكرم (ص): "كان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزءا لله، وجزءا لأهله، وجزءا لنفسه، ثم جزء جزءه بينه وبين الناس". وكذلك قول الرسول (ص): "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك". والكثير من الشواهد التي لا يتسع المجال لذكرها.

وتلخيصا لما مر نقول: إنه على الرغم من هذه الأهمية الكبيرة للوقت، إلا أنه بكل أسف أكبر العناصر والموارد هدرا، وأقلها استثمارا، سواء من الجماعات أو الأفراد، وذلك نتيجة عدم الإدراك الكافي للخسارة الكبيرة المترتبة على سوء إدارته. أيها الاخوة والأخوات،، الوقت يسير بشكل مستمر ومتتابع نحو الأمام، ويتحرك وفق نظام محكم، لا يمكننا إيقافه، ولا التحكم فيه أو تغييره أو تعديل مساره، إنه مورد محكم يملكه الجميع بالتساوي سواءا كانوا من كبار الموظفين أو صغارهم، طلبة أو عمال أو موظفين، علماء أو عامة، أغنياء أو فقراء.. ونذكر بأن المشكلة ليست في الوقت وإنما في إدارة الوقت. وأختتم حديثي بقوله عز من قائل: (أفمن كان يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم)، صدق الله العلي العظيم..
http://www.tarbya.net/Articles/Artic...Id=61&TypeId=3
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس