عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 02-11-2023, 08:01 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,992
إفتراضي قراءة فى بحث القرين

قراءة فى بحث القرين
الباحثان كمال غزال و كمال سحيم والبحث يدور حول القرين كمفهوم فى الأديان المختلفة للوصول لحقيقته وطرحا فى استهلال البحث سؤالا عما إذا القرين شىء داخلى أو شىء خارج النفس فقالا :
"عرف الإنسان منذ بداية وجوده على وجه الأرض صراعاً دائماً في ذاته بين أهوائه (كاللذة والسلطة والمال) من جهة والقيود التي تلجم تلك الأهواء من جهة أخرى (تعرف بالأخلاق والضمير والمحرمات) كما عرف أيضاً أن سلوكه (أفعاله أو أقواله) يأتي نتيجة ذلك الصراع القائم لكنه مع ذلك ظل يتساءل عن طرفي هذا الصراع، هل هي في نفسه فقط؟ أم أنها كيانات غيبية غريبة عنه تلعب دوراً في تشكيل سلوكه؟"
وأجابا بأن الأديان أجابت على الأسئلة المختلفة فى الموضوع بأسئلة أخرى فقال الكمالان:
"أتت الأديان لتجيب عن تلك التساؤلات لتوضح الأمر على أنه صراع بين الخير والشر، بين الملائكة والشياطين، وأن الإنسان متورط لا محالة في هذا الصراع ومن هنا برز تساؤل آخر: هل يملك الإنسان دوراً في تغيير نتيجة هذا الصراع القائم في ذاته أم أن سلوكه رهن بنتيجة الحرب بين تلك الكيانات المذكورة أي أنه ضحية فقط؟"
وكرر نفس المعانى حوا ما إذا كان الإنسان ضحية أم هو المسئول فقالا :
" بمعنى آخر: هل الإنسان مسير أم مخير؟، شغل ذلك السؤال الفلاسفة وعلماء الدين وتجادلوا فيه دهوراً ولن نناقشه في هذا المقال ولكن نكتفي بالقول:
" من الواضح أن هناك فهماً فطرياً لدى الإنسان للتمييز بين طرفي الصراع وهذه القدرة على التمييز تفرض وجود كيان ثالث نطلق عليه الذات أو ما يعرف بـ إيجو Ego في علم النفس الفرويدي، أي أن الإنسان مسير ومخير في آن معاً، تلك الثنائية التي تبدو ظاهرياً متناقضة منطقياً موجودة في النفس البشرية المعقدة "."
ومن الفقرة السابقة نجد أنهما أجابا بتصديق ما قاله فرويد وابتعدا عن الأديان فقالا :
"لنناقش الآن أحد طرفي الصراع الذي يلعب على وتر الشهوات والأهواء لدى الإنسان فلا يكترث إلى العواقب التي قد تكون مدمرة على من حوله من البشر، هذا الطرف في الصراع لا بد أن يكون ملازماً وملاصقاً للإنسان ويولد معه ويغويه باستمرار، لماذا؟ لأنه لم يعرف في الحياة البشرية أن أحداً لم يكن ولو للحظة من لحظات حياته غافلاً عن أهوائه، وأيضاً يقتضي الإيمان بوجود الشيطان أنه ليس من الممكن له أن يتابع البشر كافة في نفس الوقت ليغويهم لفعل الشر، لذلك يقوم بتوكيل أتباعه على كل إنسان جديد، ومن هنا أتت فكرة القرين في الدين الإسلامي ليس فقط لتفسر سلوكاً مبنياً على الشهوات وبدون قيود، ولكن أيضاً لتفسر ظواهر كالمس الشيطاني والتقمص واستحضار الأرواح وغيرها بحسب رأي بعض الباحثين. نتمنى أن تكون الأسطر التالية أن تعطي نظرة مختصرة وأقرب للشمولية قدر الإمكان عن فكرة القرين."
والحديث السابق ابتعد عن منطقة القرين إلى كون الصراع بين الشهوات والعقل
واستهل الكلام الحقيقى عن القرين بتعريفه لغويا فقالا:
"القرين في اللغة
إذا بحثنا في كتب اللغة نجد أن العلماء عرفوا القرين على أنه الصاحب أو الرفيق ولكن في اللغة العربية كل كلمة لها معنى خاص بها، الصاحب مثلاً أو الصديق يكون فيه بعض صفات مشتركة مع صاحبه أما الخليل فالصفات المشتركة تكون أكثر بين الشخصين مما بين الصاحبين أما القرين فيتطابق في الصفات مع قرينه."
وهذا التعريف اللغوى لا يفيدنا بشىء وتطرق الكمالان إلى أن القرين فى الديانة المفتراة المنسوبة لقدماء المصريين فقالا:
"أساطير ومعتقدات شعبية
اعتقد قدماء المصريون أن هناك صورة أخرى تسكن جسم الانسان وتسمى (كا) وهي ما تعرف بالقرينة والتي تولد مع كل مولود يأتي الى الحياة، وهي صورة عن الانسان وتقوم بحمايته، فإذا مات رافقته الى قبره وهناك يكون لها عمل آخر ولذا فإن القرينة تقترن بالانسان ولا تفارقه. كذلك يعتبر الكثير من الناس أن القرين أصل كل الشرور ومنه تأتي كل الشرور الأخرى وهو ينمو مع الأنسان وينتشر في أنحاء جسمه ليتمكن من السيطرة عليه وهناك أيضاً القرين الطيب الدي يحاول أن يمد يد العون للأنسان الدي يرتبط به ومنه يتضح أن هناك صراع داخلي بين القرين الشرير والقرين الطيب كما يعتقد بعض الناس بوجود القرين أو (القرينة).
ويوصف القرين بحسب بعض المعتقدات الشعبية التي تعود بجذورها الى عشرات القرون (بل الى أكثر من ثلاثة آلاف سنة) بأنها روح شريرة أو جنية شريرة تتمثل بصور وأشكال مختلفة للمرأة المتزوجة لتجعلها عاقراً.
وقد يلجأ من يعتقد بالقرينة الى أمور وقائية لحماية المرأة أو الطفل بعد ولادته من آذاها، وذلك باتباع وسائل عدة منها: إلباسه ثياب بنت اذا كان المولود ذكراً أو إلباسه ثياب راهب أو نذره أو تعميده أو بوضع حلقة معدنية في قدمه أو في معصمه، أو بوضع خلخال من حديد في رجل المرأة أو بتعليق حجاب في عنق الطفل أو بالرقوة والتبخير."
والحديث المنقول السابق عن ديانة اخترعها المحدثون عن وجود قرين طيب وقرين شرير ولنهكا ليسا من ألإنسان هو تخريف ينفى مسئولية الإنسان عن عكبه وهو كسبه كما قال تعالى :
" كل نفس بما كسبت رهينة "

فالله خلق النفس بها جزئين الشهوات وهى ممثلة الشر والعقل وهو ممثل الخير والصراع يدور بينهما فى النفس وإرادة النفس هى التى تختار اتباع هذا الطرف أو ذلك كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "

ومن ثم لا وجود للقرين بمعنى شىء خارج النفس إلا أن يكون هو صديق السوء وهو فرد أخر أى إنسان أخر
وتحدث عن القرين فى الإسلام وللأسف هو إسلام اخترعه الناس واعتبروه الإسلام الحقيقى فقالا:
"القرين في الإسلام
يعتبر الإسلام القرين كائن غيبي يلازم الإنسان في حياته وهو مخلوق من الجن المسبب للوسوسة والشرور المتأتية من إغواء النفس حيث ورد ذكره في عدة مواضع من القران الكريم:
- " وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ " (سورة ق -آية 23)
- " قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيد " (سورة ق -آية 27)
- " وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ " (سورة الزخرف - آية 36)
وقد يكون للإنسان قرين آخر من الكائنات الغيبية كنوع من الجن الصالح أو الملائكة التي تنصحه بفعل الخير، وقد بين محمد رسول الله (ص) فكرة القرين: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحدٍ إلا وقد وكِّل به قرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير ".
نستنتج من الحديث المذكور أن القرين يمكن له أن يغير من سلوكه مع النفس. فهل هذان مقتصر على الأنبياء وحدهم فقط؟
وقد ذكر في رواية أخرى عن الحديث المذكور: في رواية مسلم: " ... وقد وكِّل به قرينُه من الجنِّ وقرينُه من الملائكة " - رواه مسلم.
أي أن للإنسان قرينان وليس واحد، أحدهما من الجن والآخر من الملائكة."
وما ذكر هنا فهم خاطىء للقرين فالقرين فى القرآن إما هو الصاحب وهو الصديق المصل لصديقه فهو إنسان أخر بدليل وجود أحدهما فى الجنة والثانى فى النار لأنه لم يطعه كما فى قوله تعالى :
"قال هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه فى سواء الجحيم قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربى لكنت من المحضرين"
وأحيانا عندما يطيع صاحبه يكون الاثنان معا فى النار كما فى قوله تعالى :
""حتى إذا جاءنا قال يا ليت بينى وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم فى العذاب مشتركون"
والقرين الثانى هو الشهوات أى هوى النفس وهو شيطان النفس وهو ما ذكر فى قوله تعالى :
"ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا"
والحديث السابق متعارض مع القرآن لأن معناه أن النبى (ص) مسير وليس مخير
وتحدثا عن النفس فى القرآن فقالا:
"النفس في القرآن الكريم
هل لفكرة القرين صلة بالنفس؟ نحن نعرف أن القرآن الكريم أطلق على النفس عدة صفات عندما قد ذكرها في مواضع عدة منها:
- " وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إلا مَا رَحِمَ رَبِّي ? إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ " (سورة يوسف - آية 53)
- " لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ " (سورة القيامة - الآية 2)
- " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ " (سورة الفجر - آية 27)
تولد النفس مع الإنسان وتتطبع بطباع قد تكون طيبة أو خبيثة حسب أعمالها، ويعتقد أن القرين هو من تتفاعل معه النفس في الأفكار والتخيلات، فأنت مثلاً عندما تقف أمام المرآة لتسأل: هل أبدو جميلاً؟ حينها يجيبك قرينك: كأن لون القميص ليس لائقاً. عندها قد تقتنع بما نقله إليك أو قد تجيبه بكل ثقة: " بل أبدو في غاية التألق "، وقد تكون النفس قوية وذات قناعات راسخة لدرجة أنها طوعت قرينها بإتجاه معين لا يتزحزح عنه."
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس