عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-05-2010, 10:04 AM   #57
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل السادس والأربعون: الرجل ـ المرأة: انعكاس أم انكسار؟
صورة الرجل من خلال أقوال المرأة وفانتزماتها ..

تقديم: ماري ـ تيراز خيري بدوي .. أستاذة في جامعة القديس يوسف ـ بيروت

الصفحات 783- 794 من الكتاب

(( لقد ظن سُدَى أنه دونالد.
لقد ظنت نفسها سُدَى أنها إليزابيث.
لقد ظن سُدى أنها إليزابيث
لقد ظنت سُدى أنه دونالد:
إنهما يخطئان بمرارة...
فمن ذا الذي له فائدة أن يدوم هذا الغموض؟
[أوجين أونيسكو، المغنية الصلعاء، المشهد الخامس]

بهذا المقطع تستهل الباحثة كتابة بحثها، لتقول: منذ صورة الرجل البدائي، صاحب العصا، والممسك بشعر المرأة يجرها من ورائه، طويلة هي الطريق التي قطعت، على ما يبدو، في علاقة الرجل بالمرأة، مع ذلك...

تعتمد الباحثة على تجاربها ومشاهداتها خلال 14 سنة ـ كما تقول ـ وتنطلق من رصد أقوال (هلوستهن: كما تقول) من خلال ثلاث ثوابت:

أولاً: الزوج المحتمل الذي يجب إغراؤه، أو صورة الرجل بما هو خلاص ممكن للفتاة بالزواج

تأتي هذه الصورة في أقوال العديد من الفتيات، نختار منها:
ـ (إني أتصور مستقبلي مع زوج أحبه ومع طفلين أو ثلاثة في بيت في الريف، وأتصور نفسي أنتظر رجوع زوجي في الليل وقد أعددت له عشاء طيباً)
[ فتاة 16 سنة في الثانوية من عائلة اجتماعية اقتصادية فوق المتوسط]

ـ (أنا بصدد إنهاء شهادة الإجازة في هذه السنة، وفي انتظار زواجي، سأعمل قليلاً)
[فتاة 21 سنة، طالبة في العلوم السياسية ـ مستوى متوسط]

ـ ( ولكن متى سيأتينني ذلك الشخص الذي سيحررني من كل هذه الأشغال؟)
[ فتاة 28سنة، كاتبة إدارة، مستوى متوسط]

ـ (أنا أعمل وأكسب عيشي على نحوٍ طيب، ولكن لما أعثر في يوم ما على شخص يتزوجني، سأكف عن العمل حتى إذا ما لم يطلب مني ذلك... فالرجال لا يحبون النساء اللواتي يعملن حتى ولئن قالوا بعكس ذلك)
[طبيبة 31 سنة، ذات مستوى فوق المتوسط]

إنها السذاجة والمثالية عند بعضهن، وإنه العذاب والتبعية عند البعض الآخر، فصورة المنقذ تستحق كل التضحيات. وتصدق بذلك (عقدة ساندريون) التي تتطابق مع المثل (على الفتاة أن تعلق شهادتها المدرسية في مطبخها).

وتشير الباحثة الى اندفاع الفتيات لإغواء من يريد الزواج بهن:

ـ (إن أجرتي كاملة تذهب الى اقتناء الثياب وأدوات التجميل.. ليس من الجائز عندي أن أهمل نفسي.. ذلك أني لست متزوجة.. أنتِ تفهمين..)
[فتاة 26 سنة كاتبة إدارة، مستوى متوسط]

ـ (نحن نقدم على تضحيات كثيرة حتى (نلبس) و (نرتب) ابنتينا 19 و 21 سنة، إذ لا بد من تزويجهما)
[والدا الفتاتين، مستوى متوسط، والوالد عاطل عن العمل)

فما عسى الأمر يكون لو خاب أمل الانتظار؟

ـ (من ذا الذي سأتزوج؟ لم يعد هناك رجال... فجميعهم ماتوا أو رحلوا الى بلدان أخرى)
[ فتاة 31 سنة، كاتبة إدارة، مستوى متوسط]

هذه عينة مما أوردته الباحثة، يؤكد الصورة القديمة بثوب جديد.

ثانياً: سيد مطلق تتوجب خدمته: أو صورة الرجل بما هو قوة لا يمكن ولا يجب مقاومتها في شيء.

ها هي قد تزوجت، فماذا سيحصل لها؟

تدخل الباحثة مرحلة جديدة في بحثها، فتورد عينات من أقوال المتزوجات، اللواتي يؤكدن مسائل تشير الى وجوب تلبية طلبات الزوج في كل شيء والتوقف عن الدراسة والعمل..لنرى:

ـ (إنه لا يريد مني أن أواصل تعليمي بسبب وجود الفتيان في الجامعات. لقد قال لي: يكفينا هذا فأنت امرأة متزوجة الآن؛ اهتمي ببيتك وزوجك)
[ متزوجة أخيراً 25 سنة، شهادة بكالوريوس، مستوى متوسط]

ـ (لا يجب على المرأة أن تجيب زوجها ب (لا) في أمور الجنس، فإن لم يكن ذلك راح يبحث عن غيرها)
[ متزوجة 23 سنة، مجازة في علم الاجتماع، مستوى فوق المتوسط]

ـ (لما أقول له بأني لست راغبة في فعل الجنس يصبح متوتر الأعصاب وغضوبا لا يحتمل، وأحس كما لو يعاقبني بتصرفاته في توافه الأشياء المتصلة بالحياة اليومية... وأنتهي بأن أنعت نفسي بالبلهاء وأقول لنفسي ليفعل فعلته حتى ننهي هذا الأمر... وعلى هذا النحو تعلمت ألا أقول له (لا)..)
[متزوجة 26 سنة، مُدرسة، مستوى فوق المتوسط]

أما مشكل الابتزاز الجنسي لغير المتزوجات:
ـ (لقد شرعت أشتغل لديه هذه السنة حتى أوفر ما يلزم لمتابعة دراستي الجامعية التي بدأتها في السنة الماضية... المرة الأولى غازل شعري وقبلني، لقد صرت كالمشلولة ولم أعِ لماذا أسلمت نفسي... وفي مرة أخرى كان أجرأ، إذ تسللت يداه الى صدري... لقد تسمرت كالمشلولة، هل بإمكانك أن تقولي لي ماذا كان علي أن أفعل؟ لم أستطع أن أرد الفعل، فلعلي كنت أخاف من فقدان مرتبي)
[فتاة 21 سنة، طالبة جامعية، مستوى متوسط]

ثالثاً: جلاد عنيف لا بد من تحمله أو صورة الرجل العنيف بما هو مصدر ألم تتقبله المرأة

ـ (هل تعلمين بمَ أجاب والديَّ لما رويت لهما كيف يضربني زوجي؟ لقد قالا لي: لا عليكِ، فالأمر تافه ومن الجائز أن يحدث، لو لم تكوني مزعجة بما لا يُطاق لما فعل معك ما فعل!... رأيت حينئذ أن أهدئ نفسي وأتوقف عن مجادلته)
[متزوجة 27 سنة، جامعية، مستوى متوسط]

وتسترسل الباحثة، في تقديم أقوال فتيات يصورن الرجل في أوضاع العنف والاغتصاب وتمزيق الملابس الخ، ويولون ويقدمن أنفسهن كضحايا لا حول لهن ولا قوة.

رابعاً: قلب الثوابت الفرويدية: الانفعال والمازوشية والأنوثة

إن الآخر، هو صاحب الأولوية، ذو قطبية مزدوجة: الآخر ـ الكهل ـ الولي بمواجهتنا نحن الأطفال، ثم الآخر ـ الشريك بمواجهتنا نحن في مرحلة النضج.

الطفل (ذكراً كان أو أنثى) = منفعل؛ الكهل (رجلاً كان أو امرأة) = فاعل.
الاستسلام والخضوع في الحالتين للفاعل من قِبل المنفعل.

خامساً: الاندماجية وعلاقة الاستحواذ

لا يكتفي الفاعل بهذه الحالة بخضوع واستسلام المنفعل، بل يريده أن يكون مؤمناً وقانعاً وراضياً بخضوعه وانفعاله المستسلم للفاعل، فيكون المنفعل مستسلماً ومتلذذاً باستسلامه وهزيمته! هكذا يريد الرجل المرأة، وهكذا تفهم المرأة الرجل، اقتنعت أم لم تقتنع!
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس