عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-05-2010, 09:15 AM   #56
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الخامس والأربعون: المرأة ك "آخر" :
دراسة في هيمنة التنميط الجنساني على مكانة المرأة في المجتمع الأردني ..

تقديم: حلمي خضر ساري .. أستاذ في قسم الاجتماع ـ الجامعة الأردنية
الصفحات 759ـ 781 من الكتاب
أولاً: التنميط كعملية معرفية ـ اجتماعية

يرى الكثير من الباحثين أن عملية التنميط ليست سوى عملية معرفية عامة (Cognitive-Process) تعتمد في تكوينها على عمليات معرفية أخرى كالتصنيف (Categorization) والتعميم (Generalization) يلجأ إليها الفرد من أجل تبسيط المعارف والمعلومات الغزيرة والمعقدة من محيطه الخارجي بشقيه المادي والاجتماعي.

ومع ذلك فالصورة النمطية (Stereotype) لا تتساوى مع الفئة (Category). فالأخيرة هي مفهوم حيادي واقعي مجرد من أحكام القيمة يطلق على الخصائص والسمات التي تميز جماعة معينة من غيرها، في حين أن الصورة النمطية هي تصور مفرط في التبسيط وتعميم مبالغ فيه.

ثانيا: التنميط الاجتماعي: الوظائف والآثار

تعمل الصور النمطية بحكم طبيعتها كبناء معرفي أولي، على توجيه إدراك الفرد وتفاعله الاجتماعي مع الآخرين، بشكل يضمن إثبات صحتها والمحافظة على بقائها واستمراريتها. وحتى في الحالات التي يجد فيها الفرد بعض الأدلة والحقائق التي تتعارض مع هذه الصور النمطية، فإنه غالباً لا يعتمدها ولا يأخذ بها، بل يبقى مُصراً على الاعتماد على هذه الصور والرجوع إليها كأطر معرفية توجه سلوكه وتفاعله مع الفرد أو الجماعة المنمطة.

ومن هذا المنطلق، فإن الصور النمطية تؤدي الى انسحاب هذا السلوك في التعامل مع المرأة كآخر.

ثالثاً: التنميط الجنساني: مرتكزاته الأيديولوجية ومظاهره الاجتماعية

ترتكز أيديولوجيا التنميط الجنساني على ادعاءات وافتراضات (Assumption) مستمدة في غالبيتها من البيولوجيا تهدف الى إبقاء مكانة المرأة على ما هي عليه من دونية في المجتمع، إذ تزعم هذه الأيديولوجية بأن المكانة التي تحتلها المرأة في البناء الاجتماعي لأي مجتمع، وبخاصة المجتمع الرأسمالي، ليست سوى انعكاس طبيعي يتلاءم مع طبيعتها وبيولوجيتها كأنثى. فهرموناتها، ونسبة ذكائها وحجم دماغها، ونوع دمها، ونمط جسمها (Body Type)، ونضجها الجنسي تختلف عن الرجل، ولذا فإن الأعمال والأدوار التي تشغلها المرأة يجب أن تتناسب مع طبيعتها.

ومع أنه ليس في نية هذا البحث كشف زيف هذه الادعاءات والتصورات، إلا أنه يكفي القول هنا بأنها ادعاءات تبسيطية واختزالية وقدرية تستغلها الأكثرية/ صفوة القوة من أجل إضفاء الشرعية على اللامساواة بين الجنسين في المجتمع.

رابعاً: التنميط الجنساني وعمل المرأة الأردنية

يُعتبر الجنس ( رجل ـ امرأة) أحد المرتكزات الأساسية التي يتم على ضوئها توزيع العمل والأدوار والوظائف بين الجنسين في المجتمعات الإنسانية كافة، حيث تُخصص للرجال أعمال معينة وتوكل للنساء أعمال أخرى، إلا أن وجهة الخلاف لا تكمن في هذا التخصيص بقدر ما تكمن في المكانة المفارقة والقيمة الاجتماعية المصاحبة لهذه الأعمال، والحقوق المختلفة الممنوحة لكلا الجنسين، وأساليب تقييم المجتمع لأداء كل منهما للأعمال المخصصة له.

ومهما تعددت وجهات نظر علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا الثقافية في تفسير أسباب تقسيم العمل بين الجنسين في المجتمعات عبر التاريخ، فإنه يبقى للتنميط الجنساني دور كبير في ذلك يصعب إغفاله وتجاهله في المجتمع، وبخاصة في مجتمع كالمجتمع الأردني والذي يتشابه كثيرا مع المجتمعات العربية، من حيث الثقافة التقليدية والسيادة الأبوية.

إن الذي يقرر مكانة المرأة في المجتمع هو موقعها ضمن علاقات الإنتاج والنظرة الثقافية إليها وموقعها ضمن البناء الاجتماعي الذي تحتله في المجتمع، وليس نسبة مشاركتها في الإنتاج. ومن هذا المنطلق، لا يرى الباحث وجود علاقة سببية بين مكانة المرأة الاجتماعية ونسبة مشاركتها في الإنتاج.

ولفهم تلك العلاقة، يورد الباحث مثلاً عن تدني المكانة الاجتماعية للطبقات العمالية في المجتمعات الصناعية الرأسمالية، على الرغم من مساهمتها العالية في العملية الإنتاجية، ويتم أيضاً فهم أسباب علو المكانة الاجتماعية التي يتمتع بها كبار الملاك الرأسماليون في تلك المجتمعات، والبكوات والباشوات في الريف العربي، على الرغم من انخفاض نسبة مشاركتهم، وربما انعدامها، في العملية الإنتاجية.

من نتائج الدراسة للباحث

ازدادت نسبة العاملات الأردنيات بين عام 1972 و1979 بزيادة سنوية 1.3% في حين كانت الزيادة بين عامي 1979 و1990 بمعدل 8.8% سنوياً.

وفيما يتعلق بنوع العمل (عام 1987)، فقد كانت نسبة الفنيات المتخصصات 46.4% ونسبة الإداريات 1.1% ونسبة من يقمن بالأعمال الكتابية 26.4%؛ ومن يقمن بأعمال البيع 3.1%؛ والمشتغلات في الخدمات 9.1%؛ والمشتغلات في الزراعة 4.1%؛ والمشتغلات في قطاع النقل والإنتاج 9.9%.

وفي اعتبار التحصيل العلمي بين المشتغلات الأردنيات في عام 1990، فإن الأميات نسبتهن 8.2% والملمات (دون الابتدائي) 4.7% وذوات التحصيل الابتدائي 6.7% والإعدادي 8.1% والثانوي 17.6% وحاملات شهادات الدبلوم من المعاهد المتوسطة 38.3% والجامعيات 16.4%. [هذه الدراسة عن أوضاع العاملات في مصانع العاصمة عمان].

وعند المقارنة بين رواتب الذكور مع رواتب الإناث، في عام 1989، كان الفنيون الذكور يتقاضون رواتب 194 دينار للرجل، في حين الإناث تتقاضى 128 ديناراُ. أما المدراء من الذكور 465 دينار، والمديرات 357 دينار؛ وراتب المشتغل في الأعمال الكتابية من الذكور 170 دينار ومن الإناث 139 دينار؛ وراتب المشتغل في أعمال البيع للذكور 187 دينار، وللإناث 132 دينار؛ والشغل في الخدمات للذكور 110 دينار، وللإناث 87 دينار؛ ولعمال الزراعة 112 دينار للذكور، و120 ديناراً للإناث؛ وعمال الإنتاج 135 دينار للذكور، و69 ديناراً للإناث.

وفي ذِكر الباحث للبطالة عام 1990، حسب الفئات العمرية: ففئة 15ـ19 سنة 26.3% للذكور، و60.9% للإناث؛ وفئة 20-29 سنة 16.4% للذكور، و 37.8% عند الإناث؛ وفئة 30ـ39 سنة 7% للذكور، و 6.8% للإناث؛ وفئة 40ـ49 سنة 10% للذكور و 2.6% للإناث؛ 50ـ59 سنة 12.9% للذكور، وما فوق 60 عاماً 19.3% للذكور، و5.3% للإناث.

ويذكر الباحث أنه في عام 1990 كانت نسبة البطالة في أعلى مستوياتها عند الإناث، حيث بلغت عند الجامعيات 17.4% وخريجات المعاهد المتوسطة 35.4% في حين كانت للذكور الجامعيين 11.4% وخريجي المعاهد المتوسطة 16.3%.

خلاصة:

يتضح من البيانات أعلاه أثر التنميط الجنساني في التأثير في مكانة المرأة في المجتمع الأردني، وأن مكانة المرأة أدنى في قيمة الرواتب وفي احتلالها للمواقع القيادية وفي إقبال جهات التشغيل على الاعتماد عليها، ونوعية العمل الذي تقوم به.








__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس