عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-10-2021, 08:33 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي قراءة فى كتاب أحسن كما أحسن الله إليك

قراءة فى كتاب أحسن كما أحسن الله إليك
الكتاب من إعداد القسم العلمي بدار ابن خزيمة وهو يدور حول موضوع الإحسان ويستهل الكتاب بالقول بوجوب إحسان المسلم كما أحسن الله فيقول:
"أما بعد:
أخي الكريم: تأمل في إنعام الله عليك وإحسانه بك، وآلائه وفضله عليك؛ فقد أوجدك من العدم وأحياك، وخلقك وأحسن منظرك، ونفخ فيك من روحه فشرفك، وأطعمك فأشبعك، وآواك فأسكنك، وسقاك فرواك، وكان فضله عليك كبيرا، {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار}.
وهذا الإحسان الذي غمرك الله به، وزاد عليه أعظم إحسان وأجزل نعمة بأن هداك إلى دينه وأخرجك من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان؛ جدير بك أن تجتهد في شكره، فإنما جزاء النعمة شكرها.
ومن معاني شكرها أن تحسن إلى غيرك كما أحسن الله إليك، فإنه سبحانه محسن يحب المحسنين، ويجزي على الإحسان إحسانا .. قال تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}.
وقال سبحانه: {والله يحب المحسنين}.
وقال سبحانه: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}."
واستهل الكتاب بالكلام عن شىء ليس من الدين سموه مقام الإحسان فقال :
"أحسن عملك:
مقام الإحسان هو أعلى مقامات الدين وأرفع مراتبه، وهو أن تعبد الله جل وعلا كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .. فمن بلغ به إيمانه إلى هذه المرتبة فقد بلغ مرتبة عظيمة هي مفتاح الخير أجمع."
ولا توجد مقامات فى الدين فالدين واحد وإنما المقامات وهى الدرجات فى الآخرة وهى مقام المجاهدين وهو السابقون المقربون ومقام القاعدين ولو كان مقاما ما أمر الله المسلمين جميعا بالإحسان فقال :
" وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"
وتحدثوا عن غاية الخلق فقالوا:
"أخي الكريم:
وإذا تأملت في نفسك وحياتك وجدت أن غاية الله من خلقهما هو ابتلاؤك بالعمل؛ فهو خلقك ليرى منك هل ستحسن عملك فيحسن إليك أم ستسيئه فينالك العقاب!
قال تعالى: {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور}.
والعمل الحسن هو العمل الصالح وهو، ما كان خالصا وصوابا فأما إخلاصه فهو أن يكون لله فيراد به وجهه وثوابه من غير سمعة ولا رياء وأما صوابه فهو أن يكون على سنة النبي (ص) وطريقته.
ومتى أحسن المؤمن عمله لله، وتعبد له واتقاه بما شرعه وقضاه وسنه لنبيه (ص) وارتضاه، أحسن الله إليه في الدنيا، وكفاه سائر همومه وأموره كما قال تعالى: {أليس الله بكاف عبده}.
فبحسب إحسان المسلم لعبادة الله واتقائه له وانصياعه لأوامره سبحانه يكون إحسان الله به وكفايته وعونه له.
فمن ارتقى به عمله الحسن وتوحيده إلى مرتبة الإسلام أحسن الله إليه بحسب ذلك، ومن ارتقى به عمله الحسن واجتهاده في خشية الله إلى مرتبة الإيمان أحسن الله إليه بحسب ذلك، ومن ارتقى به عمله الحسن وعبد الله كأنه يراه واستحى منه حق الحياء فذاك أفضل المراتب وهي مرتبة الإحسان، وذاك الذي لا يخطئه الخير أبدا.
فأحسن عملك يحسن الله إليك ويصلح أحوالك، ويسعدك في الدنيا والآخرة، قال سبحانه: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}."
ونلاحظ أن اللجنة المعدة أخطئت فقد بينت أن الإحسان هو العمل الصالح فقالت "والعمل الحسن هو العمل الصالح" ثم عادت وفرقت بين الإسلام والإحسان وجعلت الإحسان أفضل من الإسلام وهو كلام فارغ حتى وإن ورد فى رواية لا يمكن أن تكون صحيحة لأن مصدر كل حسن هو الإسلام
وتكلمت اللجنة عن الإحسان للوالدين فقالت:
"أحسن إلى والديك
فقد أوصاك الله بذلك، وجعلها وصية مقرونة بأعظم الوصايا وأوثقها، وهي عبادته سبحانه.
قال الله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}.
وقال سبحانه: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير}.
أخي: أحسن إلى والديك، كما أحسنا إليك، فقد ولداك فربياك، وآوياك فأسكناك، وأسقياك فأروياك، وأطعماك فأشبعاك، وحمياك فحفظاك، وعلماك فوعياك. ولم يزل برهما وفضلهما عليك منذ ولدت وإلى أن تموت، ومهما أحسنت إليهما وصاحبتهما بالمعروف والإحسان والبر. فلن ترد حقهما ولن تبلغ شكرهما، فعن أبي هريرة قال:
قال رسول الله (ص): «لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه» رواه مسلم.
فجاهد فيهما بالإحسان وألوان البر، فإن الإحسان إليهما جهاد ثابت أجره، عظيم ثوابه؛ فقد جاء رجل إلى رسول الله (ص) يستأذنه في الجهاد، فقال له الرسول (ص): أحي والدك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد.
وعن عبد الله بن مسعود قال:
سألت رسول الله (ص): أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها». قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين». قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» رواه البخاري ومسلم.
ومن صور الإحسان إليهما أن تحسن معاشرتهما؛ فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقول لهما قولا كريما، واحرص على برهما بالكلمة الطيبة والرحمة والحب والحنان والتقدير والاحترام، واجعل شأنهما في نفسك كبيرا؛ فإنك بإذن الله مأجور أجرا عظيما على ذلك، وكذلك بالإنفاق عليهما ولو كانا غنيين، وبذل الخير لهما، والدعاء لهما بالخير والرحمن والهدى والسداد {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}.
وتذكر أنك مغمور بأفضالهما، ومهما قدمت لهما من بر فلن تحسن إليهما كما أحسنا إليك ولو بلغ برك بهما أقصاه.
وقد رأى ابن عمر رجلا قد حمل أمه على رقبته وهو يطوف بها حول الكعبة فقال: يا ابن عمر، أتراني جازيتها؟ قال: ولا طلقة واحدة من طلقاتها، ولكن أحسنت، والله يثيبك على القليل كثيرا."
والروايات المستشهد بها هنا بعضها لا يصح مثل كون الصلاة أحب العمل لله ثم بر الوالدين ثم الجهاد وهو ما يخالف كلام الله فى كون الجهاد أفضل أى أحب العمل كما قال تعالى :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ونجد أن الإنسان لا يساوى عمل والديه مهما عمل لهما من الصالحات وهو كلام خاطىء فكل منا إذا أطاع الله فى الوالدين وغيرهما فقد جازاهما
وتحدث الكتاب عن الإحسان للأقارب فقال:
"أحسن إلى أرحامك
فهم الأولى بالإحسان من الأباعد، وقد وصى الله جل وعلا بالإحسان بالأرحام وجعله مقدما على الإحسان إلى غيرهم، قال تعالى: {وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين} "
والخطأ هنا أن القارب أولى بالإحسان من الأباعد وهو خطأ فالله أمر بالإحسان لجميع الناس فقال :
"وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم"
فالمذكورون فى الآية شملوا كل الناس
وتحدثت اللجنة عن بعض صور الإحسان للقرابة فقالت:
"والإحسان إلى ذوي الأرحام له صور:
1 - صلتهم بما يرضي الله جل وعلا، وبما جرى عليه العرف، فإن صلة الرحم موجبة لصلة الله وإحسانه، قال (ص): «الرحم شجنة من الرحمن، فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله»؟انظر: السلسلة الصحيحة برقم: 935.
ومن الإحسان الذي تثمره صلة الرحم: الزيادة في العمر، وكثرة المال والولد،
فعن عمر بن سهل قال: قال رسول الله (ص): «صلة القرابة مثراة في المال، محبة في الأهل، منسأة في الأجل» رواه الطبراني."
والخطا هنا هو ان صلة الرم تزيد العمر والعمر لا يزيد ولا ينقص شىء كما قال تعالى:
"فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"
ثم قالت:
وصلة الرحم إحسان، ولذلك فهي لا تستلزم المكافأة، وإنما يؤدي حقها المؤمن الصادق وينتظر من الله ثوابها وأجرها، فيصل وإن قاطعه أهله، وقد قال (ص): «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها» رواه البخاري.
وجاء رجل يشتكي إلى رسول الله من أهله؛ إذ يحسن إليه، ويسيئون إليه، ويصلهم ويقاطعونه، فبشره الرسول (ص)، وقال: «لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك» رواه مسلم.
2 - النفقة عليهم: فهي من أعظم الإحسان، وأجود صور الصلة، وهي من أعجل الثواب، وأوسع أبواب الرزق وزيادة البركة، وجاء في الحديث: «إن الصدقة على المسكين صدقة، وإنها على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة» رواه ابن حبان.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس