عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-07-2023, 03:14 PM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,007
إفتراضي

-أو أنها نغمات متصلة كالمزامير، وتغير نغماتها ينجسم مع تغير النبض إذ يصبح نبضاً موحياً
والغناء مؤلف من ثلاثة عناصر:
السبب: وهو عبارة عن نقرة يليها سكون
وهو جزء من النبضة ولنقل نصف النبضة لأنها كما سبق أن قلنا: سكونان وحركة
والوتد: وهو سكون بعد نقرتين
والفاصلة: وهو سكون بعد ثلاث نقرات أي أن لدينا هنا وحدة للغناء مؤلفة من أربعة عناصر تماماً كالنبضة الواحدة فإذا انسجم النغم والغناء وإيقاعهما مع النبض غيّرا بالتالي دورة الدم، ومعنى هذا أن كل الوظائف أيضاً تغيرت لأن كل استقلاباتها متعلقة بالدم من حيث سرعته، وكمية الأوكسجين فيه إلى آخره وبالتالي فإن الحال النفساني أيضاً يتغير، ويعود هذا فيؤثر في الفيزيولوجيا وتؤثر هذه في النفس وهكذا تباعاً حتى يصبح الإنسان جميعاً طوع النغم واللحن
وحتى الأنباض المرضية ذات علاقة بالموسيقى والألحان
والواقع أن النبض كما يقول الأنطاكي "هو حركة مكانية من أوعية الروح مؤلفة من انقباض وانبساط للتدبير بالنسيم"
إذ كان القدماء يعتقدون أن غاية النبض ترويح الدم بالهواء عبر الجلد وأن هذه الحركة مثل حركة الدم أي "على حد مد المياه وجزرها الحاصلين من قبل الأشعة" إذ إن فكرة دوران الدم لم تكن موجودة في ذلك الزمان
واختلف القدماء فمنهم من قال إن حركة الشرايين مستقلة عن القلب كأهل التجربة وهي إحدى المدارس اليونانية واتفق معظمهم أنها جزء من حركة القلب وأن حركته مؤلفة من انقباض وانبساط، وأن حركة الشرايين هي ارتفاع وانخفاض
وقال ابن سينا: "إن كل نبضة مؤلفة من حركتين وسكونين لأن كل نبض مركب من: انبساط وانقباض، ولا بد من تخلل السكون بين كل حركتين متضادتين" ويقول أيضاً: "أربعة أجزاء: حركتان، وسكونان حركة انبساط وسكون بينه وبين الانقباض وحركة انقباض وسكون بينه وبين الانبساط"
أي أن كل نبضة مؤلفة من:
سكون- انبساط- سكون- انقباض
ويؤكد ابن سينا أن إدراك زمن الانقباض قصير جداً حتى إنه من الصعب إدراكه
أما تصنيف هذه الأنباض فهو تابع للنظرية البقراطية وهي كما هو معلوم تقول إن ثمة أربعة عناصر وأربعة أمزجة وأربعة أخلاط:
عناصر: نار أرض هواء ماء
أخلاط: دم سوداء صفراء بلغم
أمزجة: حار يابس رطب بارد
فإذا ما مزجت بعضها ببعض حصلنا على تسعة نماذج مركبة هي: سوداء-جاف بلغم-رطب حار-دم سوداء-بارد رطب-صفراء دم-جاف بارد-بلغم صفراء-حار ثم: المعتدل
وهكذا فبالنسبة للأنباض لدينا تسعة أنباض وهي:
الطويل المعتدل القصير
العريض المعتدل الضيق
المنخفض المعتدل المشرف
وهي أنباض بسيطة
وتوجد أخرى مركبة هي:
الزائد: طولاً وعرضاً وعمقاً وهو: النبض العظيم
والناقص: طولاً وعرضاً وعمقاً وهو: النبض الصغير وبينهما المعتدل
والزائد: عرضاً، وشهوقاً وهو: النبض الغليظ
والناقص: عرضاً، وشهوقاً وهو: النبض الدقيق وبينهما المعتدل
المستوي: وهو الذي تساوت أجزاؤه
والمختلف: وهو الذي اختلفت أجزاؤه وبينهما المعتدل
إلا أن هذه التصانيف لا تهمنا في بحثنا لأنها لا تتعلق بالنغم والإيقاع بل العرض والطول والشهوق
فبالنسبة للنغم والإيقاع نستطيع القول إنهما يكونان كما يلي:
حركة- سكون
استواء- اختلاف
نظم طبيعي- غير طبيعي أو بلا نظم إطلاقاً
ثقل- خفة
وهذا تصنيف الأنباض الإيقاعية البسيطة وهي كما نرى تسعة أيضاً حسب النظرية البقراطية"
وخلص قطاية إلى النبض أربعة أنواع كالألحان العربية أربعة فقال :
"فإذا طرحنا النبض الذي لا نظم له وجدنا أن الإيقاع على أربعة أنواع، لكل نوع شكلان شديد وضعيف
والواقع أن الألحان العربية تخضع هي أيضاً إلى أربعة أجناس:
الأول: المسمى العمود الأول أو الخفيف المطلق وهو متألف من نقرة يعقبها ويسبقها سكون، وكلها متساوية
والواقع أن هذا الإيقاع هو إيقاع النبض المتواتر أو الخفيف
الثاني: العمود الثاني أو الخفيف الثاني: وهو نقرة يتبعها سكون، وفي النبض يقابله المتفاوت أو المختلف
والثالث: الثقيل الأول: مؤلف من نقرة وسكونين تاليين ويقابله النبض الثقيل
والرابع: الثقيل الثاني: وهو مؤلف من نقرة وثلاثة أزمنة سكونية ويقابله في النبض ذو النظم غير الطبيعي ولنقل إنه نوع من أنواع النبض البطيء
ولدينا أيضاً أنباض مركبة هي أيضاً تسعة:
1-المسلّي: وشبه بالمسلة وهي آلة الخياطة لأن بدايته ضعيف ثم يقوى ثم يضعف
2-المائل: وهو عكسه
3-الموجي: وهو المختلف في الأجزاء تدريجياً، ويظهر اختلافه عرضاً خشبة بالأمواج
4-الدودي: وهو موجي ضعيف
5-النملي: سمي بذلك لدقته وضعف حركته
6-المنشاري: وهو ما اختلفت أجزاؤه تواتراً وسرعة وصلابة
7-المرتعد: ويدل على الرعشة
8-المتشنج
والتاسع: هو كالعادة: المعتدل فيما بينها رغم أن هذا لا معنى له
وتبقى الأنباض التي ليس لها نظام فمنها:
-الغزالي: فهو كالغزال يطفو على الأرض ويسكن في الجو ثم ينزل مسرعاً ويدل، كما يقول الضرير: على ضعف القلب واختلال حركاته
-ذو الفترة: وهو الساكن حيث تطلب الحركة
-الواقع في الوسط: وهو عكس السابق
-المطرقي: سمي بذلك لسرعة ارتفاعه وهبوطه كالمطرقة
-ذنب الفأر: وهو نبض يدق تدريجياً إلى حد ثم يعود فيغلظ من حيث دق ويتدرج رجوعاً
ويستمر الأنطاكي في الوصف والتصنيف إلى أن يقول: "فهذه مائتان وستة عشر (نبضاً) فإذا ضربتها في أقسام الحركة بلغت ستماية وثمانية وأربعين، وهكذا المجموع في باقي الأجناس""
المهم بعد عرض تلك النظرية الوهمية للأنطاكى انتهى قطاية إلى تعارضها مع الطب السريرى فقال :
"والواقع أن هذه الأرقام من الناحية الطبية السريرية لا حقيقة لها ولكنها من الناحية الموسيقية النظرية قد يكون لها ضرب في الصحة"
ومع أنه فى الفقرة السابقة أنهى على النظرية إلا أن قطاية لا زال مصرا على ارتباط الموسيقى العربية بالجسم فقال :
"1-من كل ما تقدم نستطيع القول بأن الموسيقى العربية موسيقى مبنية على إيقاع الجسم الإنساني وفيزيولوجيته
2 وهذا ما يجعلها أكثر فاعلية وتأثيراً
فإن المستمع الشرقي بالعادة والخبرة والتجربة يستطيع أن يجعل إيقاع جسمه كله ابتداء من القلب والنبض والتنفس حتى أعمق الاستقلابات، منسجماً مع إيقاعها الموسيقي والألحان والغناء العربية من هنا نجد المستمع العربي يدخل في حالة أكثر من "النشوة" العادية أو الطرب، إنها حالة (السلطنة)
رضا البطاوى متصل الآن   الرد مع إقتباس