عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-08-2022, 09:04 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,946
إفتراضي نقد كتاب الدعاء الاقتصادى

نقد كتاب الدعاء الاقتصادى
المؤلف محمد عبد الحليم عمر وفى مقدمته تحدث عن كون اسم الكتاب غريب فقال:
"الدعاء الاقتصادى غريب فى عنوانه عجيب فى موضوعه نظرا لما استقر فى الأذهان، وتشرب به الوجدان، من أن الاقتصاد وموضوعه المال يرتكز على الشروط المادية وعلاقة السببية والتى تتطلب بذل الجهد العقلى والبدنى فى الموارد لتحقيق الدخل والثروة، والدعاء بوصفه طلبا باللسان ليس فيه بذل جهد ولا سعى"
وفى المبحث ألأول عرف الدعاء ومكانته فى الإسلام فقال :
"المبحث الأول
التعريف بالدعاء ومكانته فى الإسلام
أولا مفهوم الدعاء وحقيقته
الدعاء لغة على إطلاقه هو النداء، ومع الله عز وجل هو العبادة، والاستغاثة، والثناء عليه، والتهليل، والتحميد، والرغبة إلى الله عز وجل، وهو فى الاصطلاح العام الكلام الإنشائى الدال على الطلب مع الخضوع أما فى الاصطلاح الخاص فهو استدعاء العبد ربه عزوجل العناية واستمداده إياه المعونة، ولذا قال الخطابى «وحقيقته - أى الدعاء إلى الله - إظهار الافتقار إلى الله والتبرؤ عن الحول والقوة وهو سمة العبودية واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عزوجل وإضافة الجود والكرم إليه» "
هذا التعريف ليس هو تعريف الدعاء المعروف عند الناس وهو ليس نداء فقط وإنما منادى هو الله يطلب منه الإنسان شىء وأما كلمة الدعاء نفسها فى القرآن فلها معانى متعددة منها العبادة وهى طاعة الله والطلب
وتحدث عن مكانة الدعاء فقال :
"ثانيا مكانة الدعاء فى الإسلام
ويمكن التعرف على هذه المكانة من بعض الوجوه منها ما يلى
أ أن الدعاء عبادة لله عزوجل حيث يقول الرسول (ص) «الدعاء هو العبادة» وفى رواية أنه قال «إن الدعاء هى العبادة وقرأ وقال ربكم أدعونى استجيب لكم» وفى رواية ثالثة «الدعاء مخ العبادة» "
الدعاء هنا ليس الطلب وإنما طاعة أحكام الله ومن ثم لا علاقة له بموضوع الكتاب وقال:
"ب أن حكم الدعاء الاستحباب بوجه عام ويكون واجبا كالدعاء الذى تضمنته سورة الفاتحة أثناء الصلاة والأدعية فى صلاة الجنازة وفى خطبة الجمعة "
والخطأ هنا هو أن حكم الدعاء الطلبى هو الاستحباب وهو ما يخالف أن هناك دعاء واجب عند الذنب وهو الاستغفار كما قال تعالى :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"
وقوله :
" واستغفر لذنبك"
ورغم قوله بكونه مستحب إلا أنه ناقض نفسه فجعله أمر فقال:
"ج- أن للدعاء فضل كبير إذ يكفى أن الله سبحانه وتعالى أمر به ووعد بالإجابة فى قوله تعالى {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}
وأمر به سبحانه فى تعريض لمن يستكبر عن الدعاء كما جاء فى قوله تعالى {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} "
وتحدث عن آداب الدعاء فقال :
"ثالثا آداب وشروط وفوائد الدعاء
للعلماء تصنيفات متعددة فى ذلك استقاء من الكتاب والسنة نكتفى منها بالآتى
أ الدعاء عبادة ومن مقتضيات العبادة الثناء على الله عزوجل وإظهار التضرع والخشوع، والعلم بانه واقف بين يدى الله عزوجل وأنه يطلب منه المعونة فليعقل ما يقول ولا يلقى الكلام بدون فهم أو وعى وإدراك ويقين
ب الدعاء بما يتفق مع أحكام وتوجيهات الإسلام، فلا يدعو بمنكر ولا معصية ولا إثم كما جاء فى الحديث الشريف «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»
ج- عدم الاعتداء فى الدعاء لقوله تعالى {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} ويقول الرسول (ص) «إنه سيكون قوما يعتدون فى الدعاء» وفسر الاعتداء بوجوه منها
- الجهرة وكثرة الصياح
- الدعاء بالشر على نفسه أو الغير
- الدعاء بمستحيل مثل أن تكون له منزلة الأنبياء أو العافية مدى الحياة أو الاستغناء عن الهواء والتنفس
د- البعد عن ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه وأن يكون سعيه وكسبه وماله حلالا، حيث جاء فى الحديث الشريف بعدما قال الرسول (ص) «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا» ثم ذكر أن الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يارب، يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وتغذى بالحرام، فأنى يستجاب لذلك»
ه- إن من فوائد الدعاء، إجابة الله عزوجل للداعى إن استكمل شروطه وروعيت آدابه، وليس بالضرورة أن تكون الإجابة على وفق ما طلب العبد إذ قد يطلب ما يظنه خيرا له ولكنه فى الحقيقة شر له، فقصة ثعلبة معروفة لما سأل النبى (ص) أن يدعو له بكثرة المال ونهاه النبى (ص) عن ذلك مرة بعد مرة فلم ينته حتى دعا له ، ورزق المال الوفير وكان سبب شقائه فى الدنيا والآخرة، ولذا قال الله سبحانه وتعالى فى حقه {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين* فلمآ آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون}
فليدع الإنسان ربه وهو موقن بالإجابة ويترك لله تحقيق ما يصلحه وينفعه، فلقد قال الرسول (ص) «ما من مسلم ينصب وجهه لله عزوجل فى مسألة إلا أعطاها إياه، إما أن يعجلها له فى الدنيا، وإما أن يدخرها له»
ويكفى فى فائدة الدعاء أنه وسيلة يلجأ بها الإنسان لربه وقت الشدة والاضطرار وحالة الضعف وعجز الخلق أن يعينوه"
وما قاله عن استجابة الدعاء خطأ فالاستجابة هى حسب المقدر من الله فهناك أدعية كثيرة لا تستجاب كدعاء نوح(ص) لابنه ودعاء إبراهيم(ص) لوالده ومن ثم لا توجد استجابة إلا حسب ما قدره الله من قبل
وتحدث عن المقدر والدعاء فقال :
"رابعا الدعاء والقضاء والقدر
إن قضية القضاء والقدر وصلتها بأفعال الناس من القضايا الشائكة التى اختلف فيها العلماء ونشأت حولها فرق أخذت كل فرقة منها موقفا مختلفا بين الجبرية والاختيار والوسطية بينهما
ولسنا فى معرض التفصيل فى هذه القضية التى أفاض فيها العلماء ولكننا نتناول منها ما يتصل بالدعاء فى الآتى
أ لقد ناقش العلماء الأوائل هذه القضية واختلفوا إلى ثلاث مذاهب
1 - المذهب الأول قالوا لا معنى للدعاء ولا طائل له، لأن الأقدار سابقة، والأقضية متقدمة والدعاء لا يزيد فيها، وتركه لا ينقص شيئا منها، ولا فائدة من الدعاء
2 - المذهب الثانى قالوا الدعاء واجب وهو يدفع البلاء ويرد القضاء واحتجوا بما روى عن النبى (ص) أنه «لا يرد القضاء إلا الدعاء»
3 - المذهب الثالث قالوا إن الدعاء واجب إلا أنه لا يستجاب منه إلا ما وافق القضاء
ب إن الإيمان بالقضاء والقدر من أصول الاعتقاد كما جاء فى حديث جبريل حينما سأل النبى (ص) قائلا «فأخبرنى عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره»
والدعاء حق، أمر به ربنا عزوجل فى كتابه الكريم فى آيات عدة منها قوله تعالى {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} وبالتالى فمن أبطل الدعاء فقد أنكر القرآن ورده وهذا فساد كبير
ج- القضاء هو إرادة الله النافذة فى الخلق وإحاطته بها، والقدر هو قضاء الله الأزلى فى الأشياء، وإيجادها على وفق هذا القضاء وعند حلول أوقاتها مع ربط الأسباب بالمسببات، والنتائج بالمقدمات فى إحكام وفق سنن إلهية خاضعة خضوعا مطلقا لمشيئة الله عزوجل
د- إن سنن الله تعالى القائمة على القضاء والقدر نوعان
1 سنن تكوينية أو تصريفية وهو ما تخضع له جميع الكائنات فى وجودها المادى، وهى سنن إجبارية تجرى على جميع الكائنات بما فيها الإنسان مثل الحياة والموت ووظائف الأعضاء كما يقول ربنا {هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون}
2 سنن تشريعية أو تكليفية وهى تجرى على الإنسان فى أفعاله وخاضعة لإرادته وقدراته وفى حدود البيئة المحيطة بالإنسان زمانا ومكانا، وارتباطها بالقضاء والقدر يظهر فى الأسباب والمسببات التى خلقها الله سبحانه وتعالى ونظم الكون على أساسها، وهى تصدق على الإنسان وعلى المجتمع ككل، ومن أمثلة هذه السنن الصلاح، فهو سبب للتقدم، والظلم سبب للانهيار والهلاك سنن إلهية وقدر ربانى كما قال ربنا عزوجل {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا}
وقوله سبحانه وتعالى {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}
ويقول عز من قائل بصفة عامة {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}
ه- وفى ضوء كل ما سبق نأتى إلى موقع الدعاء الاقتصادى من القضاء والقدر فنقول إذا كان الرزق لا يحدث إلا وفق ما قدر الله سبحانه وتعالى عن طريق قضائه وقدره بربط تحصيله بأسبابه فى صورة سنن إلهية لا تتغير ولا تتبدل بالنسبة لكل البشر، وأن هذه الأسباب متعددة ومتشابكة وأنها ليست ظاهرة لكل الناس ولا فى مكنتهم
الصلة بالشروط المادية (الأخذ بالأسباب) وهو بذلك يفيد اقتصاديا كما سنرى فى المبحث التالى الذى يناقش التفسير الاقتصادى للدعاء"
وكل هذا الكلام لا ضرورة له لأن الدعاء منه واجب وهو الاستغفار للذنوب وهو مستجاب لمن أخلص فيه كما قال تعالى :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفور رحيما"
وأما باقى الأدعية فاستجابتها متوقفة على المقدر ولا يمكن للدعاء أن يرد القدر لأن فى تلك الحالة يكون المخلوق قد غلب خالقه وهو يقول :
" والله غالب على أمره"
وتحدث عما سماه الدعاء الاقتصادى فقال :
"المبحث الثانى التفسير الاقتصادى للدعاء
أولا معنى الدعاء الاقتصادى
هو الطلب من الله عز وجل الحظ فى الدنيا فى مجال المال أو الثروة سواء فى الجانب المادى الكمى بأن يهديه الله سبحانه إلى الأسباب الصحيحة ويعينه على الأخذ بها، أو الجانب الكيفى بتعظيم الانتفاع منها، وهو ما يمكن أن يطلق عليه المصطلح الإسلامى «البركة»، وسواء فى الجانب الإيجابى بما ذكرناه، أو الجانب السلبى بالوقاية من المخاطر الاقتصادية أو التخفيف منها وتحملها
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس