عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-11-2021, 09:05 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,007
إفتراضي

* أما دليل الإجماع:
فقد ثبت كفر المظاهر وقد تناقل هذا الإجماع أهل العلم كابرا عن كابر؛ بل جعلوه من أعظم نواقض الإسلام بعد الشرك وهذا الأصل مقرر عند أهل السنة لا يخالف فيه أحد، ولم يأت أحد منهم بتفريقات أو تقسيمات هؤلاء المرجئة والمخالفين"
وكلامه عن كفر المظاهر الذى كان مسلما فى بلاد المسلمين للكفار صحيح وقد نقل مقولا حذفنا بعضها لكونها تكرار لنفس الكلام فقال :
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من قفز منهم إلى التتار كان أحق منهم بالقتال من كثير من التتار، فقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي" 28/ 534
- وقال محمد بن عبد الوهاب في نواقض الإسلام:"الناقض الثامن مظاهرة المشركين، ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى" {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}
وحدثنا عن تأليف كتب وفتاوى فى إباحة مظاهرة المسلم وهو فى بلاد المسلمين للكفار فقال:
"ولكن هذا الأمر المستقر عند المسلمين لم يرق لأهل الأهواء والبدع حيث حاولوا خرق هذا الإجماع والنيل من الدينوذهبوا يجمعون الفتاوى المتهاوية والأقوال الشاذة والشبهات المضللة، بل وألفوا في ذلك الرسائل المعوجة ليصدوا بها عن سبيل الله، ويبغونها عوجا فضلوا وأضلوا وذلك حين زعموا أن مظاهرة الكفار وإعانتهم على المسلمين، لا يكفر صاحبها إلا إذا أحب الكفار ودينهم، وأبغض المسلمين ودينهم، فابتدعوا قولا لم يقله أحد من السلف، ولم يسبقهم إليه أحد، ثم استدلوا ظلما وزورا بفعل حاطب ابن أبي بلتعة وقبل أن نكشف شبهتهم، ونرد باطلهم، ونجيب عن دليلهم نوضح ثلاثة أمور:
الأول: أن أهل العلم يفرقون بين ناقض الكره للدين ومحبة الكفار ودينهم، وبين المظاهرة؛ فالأول كفر قلبي وهذا كفر عملي، ولو كانا كفرا واحدا كما يزعم هؤلاء وأن المظاهرة لا تكون كفرا إلا مع الكره والحب، لما كان تفريق أهل العلم بينهما له جدوى
الثاني: أن أصل هذا القول المحدث منشأه من المرجئة الذين لا يكفرون إلا بإعمال القلوب، ويخرجون أعمال الجوارح من الإيمان والكفر، فلا كفر عندهم إلا الجحود والاستحلال أو الحب والبغض للدين وما سواها فهو معصية، قال ابن تيمية في الصارم المسلول: "وبالجملة من قال أو فعل ما هو كفر كفر بذلك، وإن لم يقصد أن يكون كافرا، إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله"
وقال فيه أيضا: "فإن قيل: فقد قال تعالى: {ولكن من شرح بالكفر صدرا} قيل وهذا موافق لأولها، فإنه من كفر من غير إكراه؛ فقد شرح بالكفر صدرا، وإلا ناقض أول الآية آخرها، ولو كان المراد بمن كفر هو الشارح صدره وذلك يكون بلا إكراه، لم يستثن المكره فقط، بل كان يجب أن يستثنى المكره وغير المكره إذا لم يشرح صدره، وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعا، فقد شرح بها صدرا وهي كفر
وقال محمد بن عبد الوهاب: "وأما كونه لا يعرف أنها تكفره، فيكفي فيه قوله: {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} فهم يعتذرون من النبي (ص) ظانين أنها لا تكفرهم"
الثالث: أن المستفيد من هذا القول المحدث هم أعداء المسلمين ولذلك لا تعجب أن ترى فتاوى هؤلاء يوزعها وينشرها النصارى بين المسلمين،
وتحدث الغامدى عن رواية حاطب التى يتخذها القوم كدليل على صحة موالاة المسلم للكفار بالفعل فقال:
** الإجابة عن حديث حاطب **
"والآن إليك الجواب عما يدندن حوله هؤلاء من الاستدلال بقصة حاطب وكونه ظاهر المشركين على الرسول والمسلمين، ولم يكفره النبي الأمين (ص)
والجواب عن ذلك من عدة أوجه عامة وخاصة:
الوجه الأول: أن المظاهرة كفر وقد دل على هذا الأصل الكتاب والسنة والإجماع والعقل ولو فرض وجود دليل موهم، أو مشكل، أو أعجز على المسلم فهمه وتعارض في ظنه مع ما تقرر من الأصل السابق؛ فإن الواجب عليه رده إلى المحكم لأن هذا يعتبر من قبيل المتشابه الذي يرد إلى المحكم،
الثاني: أن الحس والفطرة والنظر فضلا عن الشرع تدل على كفر المظاهر بلا شك، وأن أهل ملته بريئون منه وهو برئ منهم، وهل يوجد في أي شرع، أو أي عقل من يثبت وجود مدع للإيمان بالنبي (ص) وأنه يحبه ويكره أعدائه، ثم هو يقاتل في صفوف أعدائه، ويتربص به الدوائر ليسلمه لعدوه، وكل ذلك مع محبته للرسول (ص) وللدين الذي جاء به؛
الثالث: أن من نواقض الإسلام المجمع عليها بغض الدين وأتباعه أو شيء مما جاء به الرسول (ص) أو محبة الكفار ودينهم، وهذا ناقض البغض والمحبة ومن النواقض غير هذا مظاهرة الكفار ومعاونتهم ومناصرتهم على المسلمين، وهذا كفر بمجرده ولو كان المظاهر لا يكفر إلا ببغض المسلمين ومحبة الكافرين،
الرابع: أن هذا القول المبتدع وهو عدم التكفير بالمظاهرة والمناصرة إلا إذا قارنها محبة ما عليه الكفار من الدين، وأن تكون مظاهرته لهم من أجل الدين، وأن يقصد الكفر لم يكن أصله إلا من المرجئة الذين لا يكفرون بأعمال الجوارح الظاهرة، إلا إذا قارنها كفر القلب من التكذيب أو الاستحلال أو الحب والبغض، وأنه لا يوجد كفر عملي بمجرده،
الخامس: إذا كان ترك المناصرة للمسلمين مع القدرة وخذلانهم، وترك الجهاد من النفاق، وكان صاحبه في عهد الرسول (ص) لا يعذر ويعد في المنافقين الذين يبطنون الكفر -وما الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك ومن بينهم هلال بن أمية والذي كان شيخا كبيرا ومع ذلك عوقبوا، ثم تاب الله عليهم لما تابوا، و إلا لكانوا من المنافقين إلا دليلا على ذلك- فكيف بمن لا يكتفي بالخذلان وترك المناصرة؛ بل يقاتل في صفوف أعداء المسلمين هل يشك عاقل فضلا عن مسلم عالم في كفر مثل هذا
السادس: أن البراءة من الكفر وأهله وعداوتهم، وعدم اتخاذهم أولياء فضلا عن مناصرتهم من أصول التوحيد، وأحد ركني شهادة ألا إله إلا الله الذي لا تتم إلا به، ولا يعتبر المسلم مسلما إلا بها، فأين هذا الركن من دين هؤلاء المخالفين
السابع: أين النظر للواقع فكم أريقت من الدماء، وكم قتل من المسلمين؟، ومن الأطفال والنساء؟، وكم يتم ورمل؟، وكم من الأعراض انتهكت بأيدي هؤلاء الكفار؟،
الثامن: أن فعل حاطب من باب التجسس وليس من باب المظاهرة والمناصرة للكفار وحاشاه، فهو إنما كان فعله مجرد نقل سر رسول الله (ص) وخبر المسلمين إلى كفار مكة، لا أنه ناصر الكفار، وأعانهم على الرسول (ص) والمسلمين، أو قاتل في صف المشركين كما فعل العباس، كما أنه لم يقصد الإضرار بالمسلمين، وهل يظن مثل ذلك بصحابة الرسول (ص)؟ وهل يقاس أفعال المظاهرين وجواسيس الكفار في عصرنا، والذين لا يريدون للإسلام عزا ولا نصرا، ولا يرقبون في المسلمين إلا ولا ذمة بفعله -رضي الله عنه-؟، فبين الحالين فرق، فالأولى وهي المظاهرة كفر بالإجماع، ولم يخالف فيها إلا المرجئة، أما أهل السنة فلم يخالف أحد منهم مطلقا، وأما الثانية وهي نقل خبر المسلمين،أو ما يسمى بالتجسس فهي محل خلاف بين أهل العلم، فذهب البعض كالشافعي وغيره إلى عدم كفر فاعلها، إذا لم يقصد الإضرار بالمسلمين ونصرة المشركين وإعلاء دينهم وكلام الشافعي وابن تيمية في مثل هذا هو من يدل على عورات المسلمين،
التاسع: أن فعل حاطب من الأمور المكفرة، هذا أمر مقرر ومعروف عند الصحابة، ويدل لذلك قول حاطب عن نفسه "والله ما فعلته ردة عن ديني" مما يدل على أن حاطب يعلم أن أصل فعله الذي هو التجسس فضلا عن المظاهرة ردة، كما يؤيد ذلك قول عمر "دعني أضرب عنق المنافق "وفي رواية" أمكني منه فإنه قد كفر "وفي رواية" قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه" فكون فعل حاطب كفرا أمر لا مرية فيه، ولذلك لم ينكر الرسول (ص) قول عمر بل أقره، و إلا لو كان أخطأ عمر في الحكم الظاهر لأنكر الرسول (ص) عليه، كما أنكر على عتبان بن مالك لما قال مثل ذلك في مالك بن الدخشم، وكإنكاره على حنظلة لما قال نافق حنظلة، ثم إن عمر حكم على حاطب بعد أن سمع عذره بل وكرر عمر مقولته مرتين مما يدل على تيقن عمر في أن هذا العمل كفر ورده، فكيف بعد هذا كله يأتي من يقول أن عمر أخطأ وتعجل، وهل يعقل أن يجهل عمر الملهم، وصاحب السنة المتبعة بأمر من أصول الدين متعلق بالكفر والإيمان، ولا يميز بين ما هو كفر وما هو معصية إن هذا في غاية القدح فيه -رضي الله عنه-، هذا كله يدل على أن الخلاف ليس في فعل حاطب وكونه فعل كفرا، وإنما كان الخلاف في تكفير حاطب وقتله ومعلوم أنه ليس كل فاعل للكفر يكفر ويقتل، بل لابد من قيام الحجة وتوافر الشروط وانتفاء الموانع والأعذار عليه فيقال كان الحوار بين الرسول (ص)،وعمر في التكفير وقبول العذر وقيام المانع، لا في كون الفعل كفرا فتأمله
العاشر: أن فعل حاطب حقيقة أنه نقل للخبر للكفار لإرهابهم؛ فأراد أن يفت عزائمهم بأنه مهزومون لا محالة، فإما أن يستسلموا ويصالحوا، وأما أن يفروا، ولم يدل على عورات المسلمين، ولا في كلامه حث لهم على ضر المسلمين، أو النكاية بهم فضلا عن المناصرة، يدل لذلك قوله "أما بعد يا معشر قريش فإن رسول الله (ص) قد جاءكم بجيش كالليل يسير كالسيل؛ فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز وعده، فانظرو لأنفسكم والسلام" فتح الباري 7/ 521 ومع هذا فأصل فعله من الكفر والتجسس الذي يعود في نهايته إلى جنس المظاهرة ولكن حتى مع هذا يجب أن يعلم الفرق بين فعل حاطب، وفعل مظاهري زماننا، وحرصهم على النيل من المسلمين والتربص بهم
الحادي عشر: أن فعل حاطب من باب الكفر المخرج من الملة الذي منع تكفير حاطب أنه كان متأولا؛ ومعلوم أن التأويل عذر ومانع من موانع التكفير، وأن القاعدة المقررة عند أهل السنة التفريق بين فعل الكفر وتكفير صاحبه قال ابن حجر "وعذر حاطب ما ذكره؛ فإنه صنع ذلك متأولا أن لا ضرر فيه" الفتح 8/ 50
الثاني عشر: أن هذا الفعل لم يتكرر من حاطب وليس من عادته، ولا فعله أحد من الصحابة غيره، مما يزيد في قبول عذره وتعلق المانع به
الثالث عشر: أن فعل حاطب كان في حال قوة المسلمين وضعف المشركين، مما يدل على يقين حاطب أن هذا العمل لا يضر بالمسلمين مطلقا، وهذا بخلاف غيره
الرابع عشر: أن عدم الحكم بتكفير حاطب أمر خاص به، وذلك لحضوره بدر وصدق قلبه، وصلاح سريرته، مما ليس لغيره بعده
الخامس عشر: أن مما يخص حاطب وفعله كذلك يقينه بأن هذا العمل لن يضر بالرسول (ص) ولا بالمسلمين، وأنه لن ينتفع به الكفار، ويدل لذلك قول حاطب "قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له أمره" كما في رواية أحمد وأبي يعلي وكيف يظن غير ذلك بأصحاب الرسول (ص)
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس