عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-08-2010, 11:51 PM   #586
اقبـال
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2009
المشاركات: 3,419
إفتراضي

يقول مايكل اوهانلون من مركز ابحاث جمعية بروكينغز "ثمن سياستنا كان باهظا جدا اكبر مما كان مقدرا وربما اكبر من الفوائد التي سنجنيها".

في المقابل يقول ستيفن بيدل من مجلس العلاقات الخارجية ان رؤية الرئيس السابق جورج بوش لعراق جديد وديمقراطي يغير وجه الشرق الاوسط تبدو غير واقعية وساذجة. ويتساءل بيدل عن جدوى السياسة الاميركية في المنطقة طارحا علامة استفهام حول ما اذا كانت النتيجة "عكس ما كنا نأمله". ويتابع بيدل ان افضل ما يمكن للولايات المتحدة ان تأمله بالنسبة إلى العراق هو عراق "مستقر".

وكتب ديفيد هيرزنهورن لصحيفة "نيويورك تايمز": في بداية حرب العراق، تكهنت ادارة جورج بوش، بأنها ستكلف 50 مليارا. وبعد انقضاء سبع سنوات قدرت وزارة الدفاع تكلفة الحرب بحوالي 1200 مليار دولار. ويقدر جوزيف ستيغليتز الاقتصادي الحائز جائزة نوبل وناقد الحرب، التكلفة بما يزيد على أربعة آلاف مليار دولار. ويقول مكتب الميزانية في الكونغرس، ومحللون آخرون ان ما يتراوح بين الف مليار وألفي مليار دولار أكثر واقعية، اعتمادا على مستويات القوات وعلى مدى استمرار الاحتلال الأميركي.

على أي حال أصبحت حرب العراق تكلف شهريا مع بداية سنة 2010 أكثر من 12 مليار دولار، واللافت ان مخططي البنتاغون يتوقعون إستمرار هذه المصاريف حتى بعد خفض القوات إلى 50 ألف، وهناك من يتوقع إرتفاعها.

لا أحد يتحدث عن السبب، فهم في واشنطن بكل بساطة يدفنون رؤوسهم كالنعامة في الرمال حتى لا يعترفوا بأن هناك مقاومة عراقية عجزوا عن دحرها، وهي في طريقها مرة أخرى إلى الإقتراب من تحقيق النصر كما إعترف بوش بطريقة غير مباشرة سنة 2007 حين قال أن بلاده تخسر المعركة وذلك قبل ان تتيح له تكتيكات جديدة تحسين وضع قواته بشكل يتبين الآن أنه كان مؤقتا.

تنكر للحقائق
لقد تنكر هؤلاء لتحليلات وتحذيرات صدرت خاصة في المانيا وروسيا عن اختصاصيين عسكريين حتى قبل الانطلاق العملي للغزو من أن العراق قد حسم خياره الحربي بتبني استراتيجية تدمج اساليب حرب العصابات بأساليب الحرب النظامية، مع منح ارجحية واضحة للأولى.

ويقول محلل عسكري أوروبي "كان واضحا تماما للقيادة العراقية أن أي حرب مع أميركا لا يمكن كسبها إذا كانت نظامية، بسبب التفوق الاميركي الساحق، تكنولوجيا وعسكريا وماديا، ولهذا اختاروا اسلوبا آخر هو الحرب الشعبية الطويلة الأجل".

واشار الخبراء الالمان إلى انه اعلن رسميا قبل الحرب بشهور أن العراق قد قرر إعتماد استراتيجية حرب عصابات المدن، مع تحقيق الاستخدام الأمثل الممكن للقوات المسلحة العراقية ضمن هذه الأستراتيجية. وأقرن ذلك بتنفيذ خطة شاملة بتحويل قسم كبير من الجيش الى مجموعات صغيرة تتخصص بخوض حرب مدن، اضافة للاعداد السابق لوحدات الفدائيين وتشكيل جيش القدس وتدريبه وتزويده بالسلاح والعتاد وبكميات كبيرة.

كان المطلوب تحقيق أكبر حشد وطني ممكن للمقاومة وتكبيد الجيش الأميركي خسائر كبيرة وتحميل واشنطن تبعات تأزم نظامها المالي والاقتصادي وإضعاف مناعته في مواجهة الصدمات والازمات النابعة من داخله، لأجل ايقاظ عقدة فيتنام لدى الاميركيين ودفعهم الى الضغط على حكومتهم من أجل الانسحاب والتفاوض.

لقد كان ذلك هو الخيار الأوحد الذي يضمن للعراق حرمان الولايات المتحدة من النصر، ليس بالضربة القاضية، بل بتجميع النقاط وانهاك الخصم الأميركي وحرمانه من فرص التقاط الأنفاس ومنعه من تنفيذ خططه الأستراتيجية والعسكرية والسياسية، من خلال اجباره على البقاء محصورا في اطار ردود الافعال الناجمة عن شراسة وحدة وانتشار المقاومة، وتواتر عملياتها.

حتى وإن لم كانت خطط المقاومة العراقية التي وضعت في البداية قد تعرضات لبعض النكسات أو بالأصح العثرات فإنها وحتى الآن حققت جزأ هاما من أهدافها.

ومع ذلك وبكل بساطة حاولوا ويحاولون ان ينكروا على شعب تمتد حضارته على مدى 60 قرنا من تاريخ الإنسانية المعروف، بطولاته ونجاحه بمقاومته في وقف مسار مخطط الشرق الاوسط الكبير وما كان يتضمنه من مشاريع تقسيم الاقطار العربية الى 54 كيانا.

شهادة ألمانية
خلال الثلث الاخير من شهر مايو 2008 طرح في المكتبات الغربية الاوروبية كتاب ليورغن تودن هيغر عن دار النشر س. بيرتلس مان في ميونخ وفي 306 صفحة حول حرب العراق. فقد قام هيغر بزيارة العراق وسكن في بيت تابع لافراد من المقاومة العراقية وقابل العديد من عناصر المقاومة دون أي رقابة من اي جانب لا من قوات الإحتلال ولا من أي طرف آخر .

وذكر المؤلف ان المقاومة العراقية ليست مقصورة على العراقيين السنة، بل تشمل جميع الطوائف والمذاهب من سنة وشيعة ومسيحيين وغيرهم كما يشارك فيها بعثيون واسلاميون ومن كافة الاتجاهات. وقال هيغر ان هدف المقاومة هو طرد الإحتلال الأميركي واستقلال العراق ووحدة أراضيه.

وأكد المؤلف ان الصورة التي يرسمها المحتل الاميركي عن الوضع في العراق زائفة، وان المقاومة العراقية لا تتعمد قتل المدنيين كما يدعي الاميركان، وأنها تركز قتالها ضد قوات الاحتلال وعملائه، أما الجثث المجهولة فهي جثث مواطنين عراقيين قامت قوات الاحتلال باعتقالهم وسلمتهم إلى مؤسسات مرتزقتها وهي التي تقوم بدورها بقتلهم ورمي الجثث في الشوارع مثلما تفعل المليشيات الطائفية.

وذكر الكاتب بشهادات عراقيين عملوا في جهاز الشرطة بعد الإحتلال وكيف كانوا يدفعون لتفجير سيارات ملغمة وغيرها من العبوات وسط المدنيين ولصق التهمة بالمقاومة العراقية.

نظرية أبن خلدون
يقول المحلل العسكري العراقي عماد الدين الجبوري: رغم أن الإنسحاب الرسمي للقوات القتالية الأميركية ليس هو الجلاء، فضلاً عن بقاء زهاء 50 ألف جندي مدعومين بنحو 200 ألف مرتزق، والاحتفاظ بأكثر من 40 قاعدة، بينها خمس قواعد هي مدن عسكرية، فإن هذا الإنسحاب وفق الحساب الزمني منذ سقوط بغداد يوم 9 أبريل 2003 يعتبر عدا تنازليا وليس تصاعديا. فلو لم يكن كذلك لنجحت نظرية المحافظين الجدد التي تبناها الرئيس السابق جورج بوش بفرض الأنظمة السياسية عبر استخدام القوة العسكرية، ولأتضحت معالم مشروع الشرق الأوسط الكبير بدلا من إندثاره، ولأمتدت هيبة الأذرع العسكرية الأميركية إلى دول الجوار بدلا من غطسها بوحل أرض الرافدين سنة بعد أخرى. بل ولتحقَقَ هدف الإجهاز على المقاومة.

في بحثه ودراسته للتاريخ البشري وفق منهج تجريبي علمي، نص المؤرخ أبن خلدون "1332-1406 م" على أن الوقائع والأحداث التي تجري في الزمن الحاضر، والتي لها ما يشابهها من الأحداث والوقائع في الزمن الماضي وفي نفس المكان، فإنه يمكننا أن نتنبأ بمستقبلها. وهذا التنبوء العلمي بالمستقبل قد أخذ به علم الاجتماع الحديث.

اقبـال غير متصل   الرد مع إقتباس