السُّؤَالُ الثَّانِي: مَا فَائِدَةُ كَانَ فِي قَوْلِهِ: كانَ مِزاجُها كافُوراً؟ الْجَوَابُ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ مِنْ كَأْسٍ مِزَاجُهَا كَافُورًا، وَقِيلَ: بَلِ الْمَعْنَى كَانَ مزاجها في علم الله، وحكمه كافورا
[سورة الإنسان (76) : آية 6]
عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (6)
ويقول الزمخشرى فى تفسير الكشاف:
"قَوْلُهُ تَعَالَى: عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ فِيهِ مَسَائِلُ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إِنْ قُلْنَا: الْكَافُورُ اسْمُ النَّهْرِ كَانَ عَيْنًا بَدَلًا مِنْهُ، وَإِنْ شِئْتَ نَصَبْتَ عَلَى الْمَدْحِ، وَالتَّقْدِيرُ أَعْنِي عَيْنًا، أَمَّا إِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْكَافُورَ اسْمٌ لِهَذَا الشَّيْءِ الْمُسَمَّى بِالْكَافُورِ كَانَ عَيْنًا بَدَلًا مِنْ مَحَلِّ مِنْ كَأْسٍ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: يَشْرَبُونَ خَمْرًا خَمْرَ عَيْنٍ، ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ، وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى: يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ [الإنسان: 5] وقال هاهنا: يَشْرَبُ بِها فَذَكَرَ هُنَاكَ مِنْ وَهَهُنَا الْبَاءَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَأْسَ مَبْدَأُ شُرْبِهِمْ وَأَوَّلُ غَايَتِهِ وَأَمَّا الْعَيْنُ فَبِهَا يَمْزُجُونَ شَرَابَهُمْ فَكَأَنَّ الْمَعْنَى: يَشْرَبُ عِبَادُ اللَّهِ بِهَا الْخَمْرَ، كَمَا تَقُولُ: شَرِبْتُ الْمَاءَ بِالْعَسَلِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ عَامٌّ فَيُفِيدُ أَنَّ كُلَّ عِبَادِ اللَّهِ يَشْرَبُونَ مِنْهَا، وَالْكُفَّارُ بِالِاتِّفَاقِ لَا يَشْرَبُونَ مِنْهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ عِبَادِ اللَّهِ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ، إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَقَوْلُهُ: وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ [الزُّمَرِ: 7] لَا يَتَنَاوَلُ الْكُفَّارَ بَلْ يَكُونُ مُخْتَصًّا بِالْمُؤْمِنِينَ، فَيَصِيرُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْكُفْرَ، فَلَا تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُرِيدُ كُفْرَ الْكَافِرِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً مَعْنَاهُ يُفَجِّرُونَهَا حَيْثُ شَاءُوا مِنْ مَنَازِلِهِمْ تَفْجِيرًا سَهْلًا لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا وَصَفَ ثَوَابَ الْأَبْرَارِ فِي الْآخِرَةِ شَرَحَ أعمالهم التي بها استوجبوا ذلك الثواب
تسمى الخمر نفسها: كأسا مِزاجُها ما تمزج به كافُوراً ماء كافور، وهو اسم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور «4» ورائحته وبرده وعَيْناً بدل منه وعن قتادة: تمزج لهم بالكافور وتختم لهم بالمسك وقيل: تخلق فيها رائحة الكافور وبياضه وبرده فكأنها مزجت بالكافور وعَيْناً على هذين القولين" تفسير الزمخشرى ج 4 ص 667
وقال الطبرى فى تفسيره :
"قول تعالى ذكره: إن الذين برّوا بطاعتهم ربهم في أداء فرائضه، واجتناب معاصيه، يشربون من كأس، وهو كل إناء كان فيه شراب (كَانَ مِزَاجُها) يقول: كان مزاج ما فيها من الشراب (كافُورًا) يعني: في طيب رائحتها كالكافور وقد قيل: إن الكافور اسم لعين ماء في الجنة، فمن قال ذلك، جعل نصب العين على الردّ على الكافور، تبيانا عنه، ومن جعل الكافور صفة للشراب نصبها، أعني العين عن الحال، وجعل خبر كان قوله: (كافُورًا) ، وقد يجوز نصب العين من وجه ثالث، وهو نصبها بإعمال يشربون فيها فيكون معنى الكلام: إن الأبرار يشربون عينا يشرب بها عباد الله، من كأس كان مزاجها كافورا وقد يجوز أيضا نصبها على المدح، فأما عامة أهل التأويل فإنهم قالوا: الكافور صفة للشراب على ما ذكرت
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (مِزَاجُهَا كَافُورًا) قال: تمزج
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (إِنَّ الأبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا) قال: قوم تمزج لهم بالكافور، وتختم لهم بالمسك
وقوله: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) يقول تعالى ذكره: كان مزاج الكأس التي يشرب بها هؤلاء الأبرار كالكافور في طيب رائحته من عين يشرب بها عباد الله الذين يدخلهم الجنة، والعين على هذا التأويل نصب على الحال من الهاء التي في (مزاجها)" تفسير الطبرى ج 24 ص93
ويظل هذا التفسير مناقضا لكتاب الله فى قوله تعالى :
"مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى"
فكل ما ورد من اسماء غريبة مثل :
كافور وتسنيم وزنجبيلا لا يمكن أن تخرج عن كونها واحد من اربعة :
ماء ولبن وخمر وعسل
ومن ثم كل ورد فى التفاسير من تفسير للكلمة أو للجملة الموجودة بها فى سورة الإنسان او سورة الدهر هو :
تفسير خاطىء
فلا يوجد شراب اسمه الكافور من شجر الكافور
صحيح أنه توجد أدوية من مواد فى تلك الشجرة منها شراب للكحة وغيرها من الأمراض أو أعراضها كما نقلنا من الموسوعة الحرة ولكنها ليست شرابا لذيذا ولا مقبول الطعم حتى
|