عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-01-2025, 08:29 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,887
إفتراضي

ويشكل عليهم ما في مسلم إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا اللهم إلا أن يخصوا ذلك بأول الوضع في القبر مقدمة للسؤال جمعا بينه وبين الآيتين فإنهما تفيدان تحقيق عدم سماعهم فإنه تعالى شبه الكفار بالموتى لإفادة تعذر سماعهم وهو فرع عدم سماع الموتى إلا أنه على هذا ينبغي التلقين من بعد الموت لأنه يكون حين إرجاع الروح فيكون حينئذ لفظ موتاكم في حقيقته وهو قول طائفة من المشايخ أو هو مجاز باعتبار ما كان نظرا إلى أنه الآن حي إذ ليس معنى الحديث إلا من في بدنه الروح وعلى كل حال هو محتاج إلى دليل آخر في التلقين حالة الاحتضار إذ لا يراد الحقيقي والمجازي معا ولا مجازيان وليس يظهر معنى يعم الحقيقي والمجازي حتى يعتبر مستعملا فيه ليكون من عموم المجاز للتضاد وشرط إعماله فيهما أن لا يتضادا انتهى كلام العلامة ابن الهمام"
إذا ألأحاديث متناقضة لا يمكن الجمع بينها ومع هذا القوم يحاولون التوفيق بينها ويلفقون الكلام فابن الهمام مع أنه نفى صحة حديث التلقين قبل الموت وفسره بأنه قبل الموت إلا أنه لم يحرم تلقين الميت عند دفنه
ونفس الرأى هو للطحطاوى حيث نقل عنه كلاما مشابها فقال :
"وقال أيضا العلامة الشيخ أحمد الطحطاوي في حاشيته على مراقي الفلاح للشرنبلالي شرح نور الإيضاح في باب أحكام الجنائز على قول الشارح قال المحقق ابن همام وحمل أكثر مشايخنا إياه على المجاز أي من قرب من الموت مبناه على أن الميت لا يسمع عندهم ما نصه
قوله مبناه على أن الميت لا يسمع عندهم على ما صرحوا به في كتاب الإيمان لو حلف لا يكلمه فكلمه ميتا لا يحنث لأنها تنعقد على من يفهم والميت ليس كذلك لعدم السماع قال الله تعالى {وما أنت بمسمع من في القبور} {إنك لا تسمع الموتى} وهو يفيد تحقيق عدم سماع الموتى إذ هو فرعه انتهى كلام الشرنبلالي والطحطاوي"


كما نقل كلام العينى فى المسألة فقال كلاما مشابها منتهيا إلى عدم سماع الميت بعد خروج روحه فقال :
" وقال العلامة العيني في شرح الكنز في باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك بعد قول الماتن وكلمتك تقيد بالحياة ما لفظه
لأن الضرب هو الفعل المؤلم ولا يتحقق في الميت

والمراد في الكلام الإفهام وأنه يختص بالحي انتهى ومثله في البحر ونصه
لأن المقصود من الكلام الإفهام والموت ينافيه
وقال العلامة ابن ملك في مبارق الأزهار شرح مشارق الأنوار الجامع بين الصحيحين في قوله

(ص)إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا
وفيه دلالة على حياة الميت في القبر لأن الإحساس بدون الحياة ممتنع عادة وهل ذلك بإعادة الروح أولا ففيه اختلاف العلماء فمنهم من يقول بتلك وتوقف أبو حنيفة في ذلك انتهى بلفظه
فتبين من تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار وحاشيته للطحطاوي ولابن عابدين ومن فتح القدير والهداية ومن مراقي الفلاح وحاشيته وشروح الكنز ومن سائر المتون المبنية على المفتي به من قول الإمام أبي حنيفة وصاحبيه ومشايخ المذهب أن الميت لا يسمع بعد خروج روحه كما قالت عائشة وتبعها طائفة من أهل العلم والمذاهب الأخرى وأن الحنفية لم يحكوا خلافا في حكمهم هذا عن أحد من علماء المذهب ولم يحنثوا الحالف كما فصلنا وهو المطلوب ولله الحمد"

وفرق الألوسى بين أمرين :
الأول السماع بعد خروج الموت
الثاني السماع بعد الدفن وذكر اختلاف القوم فى الثاني وأنهم اتفقوا على أن لا سماع فى الأول فقال :
"تتمة في التلقين بعد الدفن:
اعلم أن مسألة التلقين قبل الموت لم نعلم فيها خلافا وأما بعد الموت وهي التي تقدم ذكرها في الهداية وغيرها فاختلف الأئمة والعلماء فيها فالحنفية لهم فيها ثلاثة أقوال
الأول أنه يلقن بعد الموت لعود الروح للسؤال
والثاني لا يلقن
والثالث لا يؤمر به ولا ينهى عنه
وعند الشافعية يلقن كما قال ابن حجر في التحفة:

ويستحب تلقين بالغ عاقل أو مجنون سبق له تكليف ولو شهيدا كما اقتضاه إطلاقهم بعد تمام الدفن لخبر فيه وضعفه اعتضد بشواهد على أنه من الفضائل فاندفع قول ابن عبد السلام أنه بدعة انتهى"
وأما عند الإمام مالك نفسه فمكروه قال الشيخ علي المالكي في كتابه كفاية الطالب الرباني لختم رسالة ابن أبي زيد القيرواني ما لفظه
وأرخص بمعنى استحب بعض العلماء هو ابن حبيب في القراءة عند رأسه أو رجليه أو غيرهما ذلك بسورة يس لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال ما من ميت يقرأ عند رأسه سورة يس إلا هون الله تعالى عليه ولم يكن ذلك أي ما ذكر من القراءة عند المحتضر عند مالك أمرا معمولا وإنما هو مكروه عنده وكذا يكره عند تلقينه بعد وضعه في قبره انتهى"

وأما الحنبلية فعند أكثرهم يستحب قال الشيخ عبد القادر بن عمر الشيباني الحنبلي في شرح دليل الطالب ما لفظه:
واستحب الأكثر تلقينه بعد الدفن انتهى"
واستفيد منه أن غير الأكثر من الحنابلة يقول بعدم التلقين بعد الموت أيضا
وأما الظاهرية فالظاهر من كلام أبي محمد بن حزم الذي هو من أجل العلماء الظاهرية عدم التلقين أيضا "
وانتهى الألوسى إلى أن مذهب الحنفية هو عدم سماع الموتى فقال :
"إن مذهب الحنفية كغيرهم سماع الموتى لقول إمامنا الأعظم إذا صح الحديث فهو مذهبي ويجري ذلك على عمومه وهل هذا إلا مكابرة على الثابت بالعيان وإخفاء لضوء الشمس الذي تجحده العينان أو خيانة في حمل علوم الدين لمآرب خبيثة يستخف بها ضعفاء المسلمين (لقد أسمعت لو ناديت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادي)"
قطعا كل هذا المحاورات والمشاحنات هى بسبب الروايات المتناقضة ولو لجأ القوم للقرآن ما اختلفوا وبعيدا تأويل بعضهم لقوله تعالى :
" وما أنت بمسمع من فى القبور "

فإن قوله تعالى عن ارتفاع الموتى للسماء حيث الجنة والنار حيث تتواجد الملائكة فى السموات فقط ينفى تماما السماع:
" الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)"
وقال :
" الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)"
فالجثة هى التى فى القبر وأما النفس فهى فى الجنة أو النار كما قال تعالى :
" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى"

والملائكة لا تتواجد فى ألأرض لخوفها وهو عدم طمأنينتها كما قال تعالى :
" قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا "

فهنا نفى الله وجود الملائكة فى الأرض بالحرف لو ومن ثم لا وجود للملكين منكر ونكير فى القبور كما يزعمون
وأثبت الله وجودهم فى السموات فقال :
" وكم من ملك فى السموات "
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس