فيظهر إلى هنا: إنّ الدليل عندهم على إمامة أبي بكر: الإجماع والأفضلية بناء على اعتبار الأفضلية في الإمام والنصّ عندهم مفقود
"
وحكاية فقدان النصوص فى إمامة أبى بكر عند السنة خاصة أهل الحديث ليست مسلم بها عندهم فلديهم نصوص فيها منها:
"ما رواه الشيخان في (صحيحيهما) عن جبير بن مطعم قال: أتت امرأة النبي (ص)فأمرها أن ترجع إليه قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك –كأنها تقول الموت- قال (ص)إن لم تجديني فأتي أبا بكر"
وروى مسلم بإسناده إلى ابن أبي مليكة قال: (سمعت عائشة وسئلت: من كان رسول الله (ص)مستخلفاً لو استخلفه؟ قالت: أبو بكر. فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح ثم انتهت إلى هذا
روى الإمام أحمد وغيره عن حذيفة قال: كنا عند النبي (ص)جلوساً فقال: "إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر وتمسكوا بعهد عمار وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه
وروى الشيخان في( صحيحيهما) من حديث أبي هريرة عن رسول الله (ص)قال: "بينا أنا نائم أريت أني أنزع على حوضي أسقي الناس فجاءني أبو بكر فأخذ الدلو من يدي ليروحني فنزع دلوين وفي نزعه ضعف والله يغفر له فجاء ابن الخطاب فأخذ منه فلم أر نزع رجل قط أقوى منه حتى تولى الناس والحوض ملآن يتفجر"
وروى الشيخان في (صحيحيهما) من حديث عائشة قالت: قال لي رسول الله (ص)في مرضه: "ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى. ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر"
وعند الإمام أحمد عنها قالت: لما ثقل رسول الله (ص)قال لعبد الرحمن بن أبي بكر: "ائتني بكتف أو لوح حتى أكتب لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال: أبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر"
وروى البخاري من حديث طويل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفيه أن النبي (ص)قال: "إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذاً خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر"
روى ابن سعد بإسناده إلى الحسن قال: قال علي: "لما قبض النبي (ص)نظرنا في أمرنا فوجدنا النبي (ص)قد قدم أبا بكر في الصلاة فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله (ص)لديننا فقدمنا أبا بكر"
ومن ثم فدعوى الميلانى بعدم وجود نصوص عندهم باطلة وبعد ذلك ذهب الميلانى يذكر أدلة السنة فى إثبات خلافة أبو بكر دون أن يناقشها ولكنه يناقشها بعد ذكرها كلها ولذا سوف ننقل رده على كل دليل بعده لعدم الإطالة وهو يقول:
" فلننظر إلى أدلّتهم في الأفضلية:
الدليل الأول:
قوله تعالى (وَسَيُجَنَّبُهَا الاَْتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لاَِحَد عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَة تُجْزَى) يقول في شرح المواقف: قال أكثر المفسرين وقد اعتمد عليه العلماء: إنّها نزلت في أبي بكر فهو أتقى ومن هو أتقى فهو أكرم عند الله تعالى لقوله عزّ وجلّ: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) فيكون أبو بكر هو الأفضل عند الله سبحانه وتعالى ولا ريب أنّ من كان الأفضل والأكرم عند الله فهو المتعيّن للإمامة والخلافة بعد رسول الله وهذا لا إشكال فيه من كان الأكرم والأفضل عند الله فهو المتعيّن للإمامة والخلافة بعد رسول الله فيكون أبو بكر هو الأفضل الأفضل من الاُمّة كلّها بعد رسول الله فهو المتعيّن للخلافة بعده (ص) "
رد الميلانى:
"قوله تعالى: (وَسَيُجَنَّبُهَا الاَْتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأحَد عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَة تُجْزَى) هذه آية قرآنية وكما ذكرنا في مباحثنا حول الآيات المستدل بها على إمامة أمير المؤمنين إنّ دلالة الآية على إمامة علي تتوقّف على ثبوت نزولها في علي وبدليل معتبر وإلاّ فالآية من القرآن وليس فيها اسم علي ولا اسم غير علي قوله تعالى: (سَيُجَنَّبُهَا الاْتْقَى) يتوقّف الاستدلال به على مقدمات حتّى تتمّ دلالة الآية على إمامة أبي بكر "
أوّلاً:
الاستدلال بهذه الآية على إمامة أبي بكر يتوقّف على سقوط جميع الأدلة التي أقامها الإمامية على عصمة علي وإلاّ فالمعصوم أكرم عند الله سبحانه وتعالى ممّن يؤتي ماله يتزكّى فإذن يتوقّف الاستدلال بهذه الآية على إمامة أبي بكر ـ لو كانت نازلةً فيه ـ على عدم تماميّة تلك الأدلة التي أقامها الإمامية على عصمة علي وإلاّ فلو تمّ شيء من تلك الأدلة لكان علي أكرم عند الله سبحانه وتعالى وحينئذ يبطل هذا الاستدلال
وثانياً:
يتوقف الاستدلال بهذه الآية المباركة لاكرميّة أبي بكر على أنْ لا يتمّ ما استدلّ به لأفضليّة علي وإلاّ لتعارضا بناء على صحة هذا الاستدلال وحجيّة هذا الحديث الوارد في ذيل هذه الآية المباركة ويكون الدليلان حجّتين متعارضتين ويتساقطان فلا تبقى في الآية هذه دلالة على إمامته
ولكنّ ممّا لا يحتاج إلى أدلّة إثبات هو: أنّ عليّاً لم يسجد لصنم قط وأبو بكر سجد ولذا يقولون ـ إذا ذكروا عليّاً ـ: كرّم الله وجهه وهذا يقتضي أن يكون علي أكرم عند الله سبحانه وتعالى
ثالثاً:
يتوقف الاستدلال بهذه الآية المباركة على نزول الآية في أبي بكر والحال أنّهم مختلفون في تفسير هذه الآية على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إنّ الآية عامّة للمؤمنين ولا اختصاص لها بأحد منهم
القول الثاني: إنّ الآية نازلة في قصّة أبي الدحداح وصاحب النخلة راجعوا الدر المنثور في التفسير بالمأثور يذكر لكم هذه القصة في ذيل هذه الآية وإنّ الآية بناء على هذا القول نازلة بتلك القصة ولا علاقة لها بأبي بكر
القول الثالث: إنّ الآية نازلة في أبي بكر فالقول بنزول الآية المباركة في أبي بكر أحد الأقوال الثلاثة عندهم لكن هذا القول ـ أي القول بنزول الآية في أبي بكر ـ يتوقف على صحة سند الخبر به وإذا لم يتمّ الخبر الدال على نزول الآية في أبي بكر يبطل هذا القول وإليكم المصدر الذي ذكر فيه خبر نزول الآية في أبي بكر وتصريحه بضعف سند هذه الرواية:
الرواية يرويها الطبراني ويرويها عنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ثمّ يقول: فيه ـ أي في سنده ـ مصعب بن ثابت وفيه ضعف فالقول الثالث الذي هو أحد الأقوال في المسألة يستند إلى هذه الرواية والرواية ضعيفة ومصعب بن ثابت هو حفيد عبد الله بن الزبير مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وآل الزبير منحرفون عن أهل البيت كما هو مذكور في الكتب المفصلة المطولة ومصعب بن ثابت: ضعّفه يحيى بن معين ضعّفه أحمد بن حنبل ضعّفه أبو حاتم قال: لا يحتجّ به وقال النسائي: ليس بالقوي وهكذا قال غير هؤلاء فكيف يستدل بالآية المباركة على أكرميّة أبي بكر وأفضليّته وفي المسألة ثلاثة أقوال والقول بنزولها في أبي بكر يستند إلى رواية وتلك الرواية ضعيفة ؟
مضافاً: إلى أنّ هذا الاستدلال موقوف على عدم تماميّة أدلّة الإمامية على أفضليّة أمير المؤمنين وإمامته"
|