عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-11-2024, 08:41 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,890
إفتراضي

*طريق أخرى للحديث
روى الإمام أحمد وابن أبي شيبة في المصنف والداني بسند صحيح من طريق نافع بن عمر الجمحي وهو ثقة عن ابن أبي مليكة عن بعض أزواج النبي (ص) أنها سئلت عن قراءة النبي (ص)فقالت إنكم لا تستطيعونها قال قيل لها أخبرينا بها قال فقرأت قراءة ترسلت فيها قال نافع وحكى لنا ابن أبي مليكة الحمد لله ثم قطع الرحمن الرحيم ثم قطع مالك يوم الدين ) ووقفه هنا على ( الحمد لله ) هكذا هو في بعض الروايات عن نافع ؟ وليس الموقوف عليه رأس آية فإذا صح -وهو صحيح – فهو يعارض الرواية التي استدل بها على أن الوقف على رؤوس الآي سنة وهذه الرواية تدل على أن تلك الرواية - المختلف في ألفاظها - قد رويت بالمعنى
وفي لفظ قالت ( الحمد لله رب العالمين تعني ( الترسيل ) والترسل والترسيل في القراءة معناه التحقيق بلا عجلة يقال ترسل في قراءته إذا اتأد فيها وتمهل

و في رواية عن نافع قال ( أظنها حفصة ) وفي رواية عن ابن أبي مليكة ( لا أعلمها إلا حفصة ) والجهالة بالصحابي لا تضر لكن رواية الليث بزيادة يعلى بن مملك تدل على أن ابن أبي مليكة لم يسمعه من أم سلمة والليث لم يشك أن الحديث عن أم سلمة فهذا يدل على أنه حفظ وقد يكون الاختلاف من ابن أبي مليكة
وقد وجدت لرواية الليث بن سعد عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك متابعا لكنه ضعيف لا ينهض فقد روى الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني العطار ( ت 569 هـ ) من طريق عمر بن قيس الملقب بسندل المكي عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك قال كتبت إلى أم المؤمنين عائشة – فقلت كيف كان رسول الله (ص) يقرأ ؟ قالت ( كذا " بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين " يبينه اسما اسما وحرفا حرفا حتى يفرغ ) اهـ لكن سندل ضعيف بل متروك تركه النسائي وغيره وقال ابن عدي ( عامة ما يرويه لا يتابع عليه ) وقال أيضا ( ضعيف بالإجماع )
وأما رواية أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث للحديث عن الليث عن ابن لهيعة عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة عند الطبراني (32 / 292 ) فزيادته لابن لهيعة بين الليث وبين ابن أبي مليكة لا تعلل رواية الأئمة الحفاظ عن الليث عن ابن أبي ملكة بلا واسطة وممن رواه عبد الله بن المبارك وصرح فيه بتحديث ابن أبي مليكة للإمام الليث بن سعد وقتيبة عند الترمذي والنسائي و يزيد بن خالد بن موهب عند أبي داود كلهم أثبات ثقات وقد خالفوا عبد الله بن صالح كاتب الليث فهي من أوهامه فإن فيه ضعفا
*تنبيه
قد وهم الحافظ ابن حجر هنا على الترمذي فحكى عنه خلاف ما في السنن حين أراد الرد على الطحاوي وذلك أنه قال ( وأعل الطحاوي الخبر بالانقطاع فقال لم يسمعه ابن أبي مليكة من أم سلمة واستدل على ذلك برواية الليث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة أنه سألها عن قراءة رسول الله فنعتت له قراءة مفسرة حرفا حرفا وهذا الذي أعله به ليس بعلة فقد رواه الترمذي من طريق ابن أبي مليكة عن أم سلمة بلا واسطة وصححه ورجحه على الإسناد الذي فيه يعلى بن مملك ) اهـ بحروفه

فهذا الذي حكاه عن الإمام الترمذي خلاف ما في سننه وإنما رجح الترمذي رواية الليث التي فيها يعلى بن مملك في موضعين من سننه كما تقدم وهو الذي نقله عنه غير واحد من العلماءوكذلك هو في تحفة الأشراف للمزي نقلا عن الترمذي وأما الطحاوي فقد أشار إلى تعليل الحديث برواية الليث بن سعد لأنه زاد فيه رجلا بين ابن أبي مليكة وبين أم سلمة كما صنع الترمذي فاتفق مع الترمذي ولم يختلف معه
خلاصة القول - الذي يظهر لي - في هذا الحديث أنه حسن وأحسن طرقه طريق الليث وليست صحيحة لأن يعلى بن مملك مستور ولم يحدث عنه إلا ابن أبي مليكة وقد تفرد بالحديث وطريق ابن جريج ضعيفة لاضطراب ابن جريج فيها ولتدليسه ومخالفته للإمام الليث بن سعد والإشكال في جميع الروايات الاختلاف في ألفاظ الحديث وهذا ما جعل الإمام الطحاوي يضعف الرواية بذلك فإنه قال ( قد اختلف الذين رووه في لفظه ) فإن قيل قد صحح الإمام الدارقطني طريق ابن جريج وقال (كلهم ثقات ) وصححها أيضا الإمام الذهبي في مختصر الجهر بالبسملة ؛ وصححها النووي فالجواب من صححها لم يذكر عند التصحيح الطريق الأخرى للرواية فصححها بظاهر سندها ولكن من أعلها كالترمذي ذكر الطريقين وبين وجه الترجيح بينهما ولذا ليس في كلام كل من الدارقطني والذهبي والنووي إشارة إلى طريق الليث ومخالفته لابن جريج ولولا ذلك ما نزل الحديث عن رتبة الصحيح فتبين بهذا أن هذه الطريق المشتملة على اللفظ الذي استدل به معلولة بطريق الليث كما ذكر الترمذي كما تقدم فالحديث حسن من طريق الليث وضعيف من طريق ابن جريج و طريق نافع الجمحي أحسن من طريق ابن جريج لكن خالفه الليث وهو إمام فزاد في الإسناد رجلا ولم يشك أنه عن أم سلمة وقال ابن الجزري رحمه الله ( هو حديث حسن وسنده صحيح ) فلم يقل هو حديث صحيح مع احتفاله بمسألة الوقف على رؤوس الآي"

قطعا الرجل يقر بضعف كل الطرق ومع هذا يعتبره حديث حسن وكأن القبيح والقبيح والقبيح يصب جمعهم حسان وهم كلام جنونى حيث يتم بناء باطل على باطل فلا وجود لعلم الوقف والابتداء من خلال الروايات حتى وإنما هى أوهام تجار القراءة لاخبارنا أن علمهم مأخوذ من الوحى وما هى من الوحى ولا يوجد فيه وإنما القراءة على حسب مقدرة كل مصل فمن كان ينقطع نفسه بعد كلمتين او جملة يكون وقفه على قدر نفسه ومن كلن يقرأ سطرا أو سطورا فى نفس واحد فوقفه على قدر ما استطاع فالعملية سهلة وميسرة كما يسرها الله بقوله:
" فاقرءوا ما تيسر منه "
قطعا شرح المطيرى الحديث فقال :
"*معنى الحديث
جعل علماء الوقف وغيرهم هذا الحديث أصلا في باب الوقف على رؤوس الآي وفيه ما قد ذكرت من العلل والاختلاف في ألفاظه ولكن الحديث بمجموع ألفاظه وطرقه إنما يدل على التأني والترسل والتمهل في قراءة النبي (ص)وذلك مستفاد أيضا من وصف أنس لقراءة النبي (ص)حين سئل عن قراءة النبي (ص) فقال ( كانت مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم ) وقد أمر الله تعالى نبيه أن يرتل القرآن فقال ( ورتل القرآن ترتيلا ) قيل في معناها بينه تبيينا وترسل فيه ترسلا وذلك أدعى لفهم القارئ ولفهم المستمعين وهو المقصد الأعظم من إنزال القرآن فما أنزل الله كتابه على عباده إلا ليتدبروه ويتفهموا مراد الله تعالى ولذا كان النبي (ص)يقرأه كما وصف أنس وكما أخبرت أم سلمة ( قراءة مفسرة حرفا حرفا ) وفي الرواية الأخرة ذكر الراوي الترسل فكان (ص)يقرأه كما أمره ربه تعالى ( وقرآن فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ) قال مجاهد وغيره على تؤدة
وهذا ما جعل أكثر السلف يفضلون القراءة المتأنية المترسلة فثبت أن مجاهدا رحمه الله تعالى سئل عن رجلين أحدهما قرأ البقرة وآل عمران والآخر قرأ البقرة قيامهما واحد وركوعهما وسجودهما واحد وجلوسهما واحد أيهما أفضل ؟ قال الذي قرأ البقرة ثم قرأ ( وقرآن فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ) رواه ابن المبارك في الزهد و أبو عبيد في فضائل القرآن وابن أبي شيبة وغيرهم و ثبت أن أبا جمرة الضبعي قال قلت لابن عباس رضي الله عنهما إني سريع القراءة إني أقرأ القرآن في ثلاث قال ( لأن أقرأ البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما تقول ) رواه أبو عبيد وغيره و في الأخبار الثابتة أن عمر رضي الله عنه قرأ في صلاة الفجر بسورة يوسف والحج قراءة بطيئة رواه مالك وغيره وكان بعض الصالحين من السلف معروفا ببطء القراءة ومن هؤلاء الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى فقد كان يقرأ ( قراءة حزينة شهية بطيئة مترسلة كأنه يخاطب إنسانا ) فهذه الآثار وغيرها تبين معنى الحديث وتدل على استحباب الترتيل
قال الإمام محمد بن الحسين الاجري ( والقليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره أحب إلي من كثير من القرآن بغير تدبر ولا تفكر فيه فظاهر القرآن يدل على ذلك والسنة وأقوال أئمة المسلمين ) والكلام في الترتيل والحدر وبيان ما قاله العلماء في هذه المسألة ليس هذا موضعه وإنما المقصود بيان على أن الأحاديث والآثار دلت على فضل الترتيل وأنه أفضل من الإسراع في القراءة وهو مذهب معظم السلف والخلف
فألفاظ الأحاديث يبين بعضها بعضا وبخاصة مع تجوز الرواة في رواية الأحاديث بالمعنى فمتى ما جمعت طرق الأحاديث تبين بالنظر فيها علل الأحاديث واتضحت معانيها

ولذا حظ أئمة الحفاظ على جمع طرق الأحاديث كما هو معلوم وألفاظ الحديث المتقدم تدل على التمهل والتأني في القراءة وتبيين الحروف وذلك يستنبط منه مراعاة الوقف على رؤوس الآي فإن رؤوس الآي مقاطع في أنفسهن وأكثر ما يوجد التام عندهن قال ابن النحاس ( من التبيين تفصيل الحروف والوقف على ما تم معناه منها ) فليس في الحديث نص على تعمد النبي (ص)الوقف على رؤوس الآي في كل حين كما يدعيه بعض القراء المتأخرين فضلا عن الاستدلال به على أن النبي (ص)كان يقف على رؤوس الآي حتى وإن اشتد تعلقها بما بعدها وهو ما نستثنيه بلا شك
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس