(ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا).
أغلظ رجل على وكيع بن الجراح فدخل فعفر وجهه بالتراب، ثم خرج فقال: " زد وكيعا بذنبه، فلولاه ما تسلطت عليه".. سير أعلام النبلاء 9/155
* * *
قال ابن كثير في حوادث سنة 615هـ (البداية والنهاية 13/81):
"وفي رجب منها أعاد المعظم ضمان القيان والخمور والمغنيات، وغير ذلك من الفواحش والمنكرات، التي كان أبوه قد أبطلها، بحيث إنه لم يكن أحد يتجاسر أن ينقل ملء كف خمر إلى دمشق إلا بالحيلة الخفية، فجزى الله العادل خيرا، ولا جزى المعظم خيرا على ما فعل، واعتذر المعظم في ذلك بأنه إنما صنع هذا المنكر لقلة الأموال على الجند، واحتياجهم إلى النفقات في قتال الفرنج، وهذا من جهله، وقلة دينه، وعدم معرفته بالأمور، فإن هذا الصنيع يديل عليهم الأعداء، وينصرهم عليهم، ويتمكن منهم الداء، ويثبط الجند عن القتال، فيولون بسببه الأدبار، وهذا مما يدمر، ويخرب الديار، ويديل الدول، كما في الأثر: (إذا عصاني من يعرفني، سلطت عليه من لا يعرفني)".
وقال كذلك: (البداية والنهاية 2/34): "وقال وهب بن منبه:
أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل، يقال له أرميا، حين ظهرت فيهم المعاصي:
أن قم بين ظهراني قومك، فأخبرهم: أن لهم قلوبا ولا يفقهون، وأعينا ولا يبصرون، وآذانا ولا يسمعون، وأني تذكرت صلاح آبائهم فعطفني ذلك على أبنائهم، فسلهم:
كيف وجدوا غب طاعتي؟..
وهل سعد أحد ممن عصاني بمعصيتي؟..
وهل شقي أحد ممن أطاعني بطاعتي؟..
إن الدواب تذكر أوطانها فتنزع إليها، وان هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت عليه آباءهم والتمسوا الكرامة من غير وجهها:
أما أحبارهم فأنكروا حقي..
وأما قراؤهم فعبدوا غيري..
وأما نساكهم فلم ينتفعوا بما علموا..
وأما ولاتهم فكذبوا علي وعلى رسلي، خزنوا المكر في قلوبهم، وعودوا الكذب ألسنتهم..
وإني أقسم بجلالي وعزتي لاهيجن عليهم جيولا لا يفقهون ألسنتهم، ولا يعرفون وجوههم، ولا يرحمون بكاءهم، ولأبعثن فيهم ملكا جبارا قاسيا، له عساكر كقطع السحاب، ومواكب كأمثال الفجاج، كأن خفقان راياته طيران النسور، وكأن حمل فرسانه كر العقبان، يعيدون العمران خرابا، ويتركون القرى وحشة..
فياويل أيليا وسكانها:
كيف أذللهم للقتل، وأسلط عليهم السبا.. وأعيد بعد لجب الأعراس صراخا، وبعد صهيل الخيل عواء الذآب، وبعد شرافات القصور مساكن السباع، وبعد ضوء السرج وهج العجاج، وبالعز ذلا، وبالنعمة العبودية، وأبدلن نساءهم بعد الطيب التراب، وبالمشي على الزرابي الخبب، ولأجعلن أجسادهم زبلا للأرض، وعظامهن ضاحية للشمس، ولأدوسنهم بألوان العذاب..
ثم لآمرن السماء فتكون طبقا من حديد، والأرض سبيكة من نحاس، فإن أمطرت لم تنبت الأرض، وإن أنبتت شيئا في خلال ذلك فبرحمتي للبهائم..
ثم أحبسه في زمان الزرع، وأرسله في زمان الحصاد، فإن زرعوا في خلال ذلك شيئا سلطت عليه الآفة، فإن خلص منه شيء نزعت منه البركة..
فإن دعوني لم أجبهم، وإن سألوا لم أعطهم، وإن بكوا لم أرحمهم، وإن تضرعوا صرفت وجهي عنهم". رواه ابن عساكر بهذا اللفظ.
(إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني)"
كل من لا يعرف الله هو الكافر أعلن فجوره أم أخفاه والمقصود فى ألأثر تسليط الحكام الجبابرة على الناس بحيث يجرهم معهم للكفار حيث يطيعهم الناس بدر من طاعة الله كما حدث مع فرعون :
" فاستخف قومه فأطاعوه"
والأثر فى النهاية لا يصح للتالى:
أنم الله يسط على الناس مصائب مختلفة منهم الكفار ومنها الأمراض والتى لا علاقة لها بالحكام أو الكفار كما يسلط عليهم بعض من المخلوقات التى تحيل حياتهم إلى عذاب كالدم والضفادع والقمل كما قال تعالى :
"فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ"
أو حتى يسلطهم بعضهم على بعض كما قال :
"قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ"
|