عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-09-2024, 06:42 AM   #3
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,899
إفتراضي

وعن أبي بشر، عن سعيد بن جبير أنه قال في هذه الآية: "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا" قلت: "كُذِبوا" قال: (نعم، ألم يكونوا بشرا) .
ولبيان هذا القول لابد من الإشارة إلى الأمور التالية:
1 - قال الطبري (وقد ذهب قوم ممن قرأ هذه القراءة - يعني قراءة التخفيف - إلى غير التأويل الذي اخترنا، ووجهوا معناه إلى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنت الرسل أنهم كذبوا فيما وعدوا من النصر) ، ثم نقل بسنده أقوال ابن عباس، وابن مسعود، وسعيد بن جبير، السابق ذكرها.
قلت: هكذا نقل الطبري هذا التفسير عن ابن عباس وغيره، حيث جعل استيأس الرسل من إيمان قومهم، مع أن المتأمل في أقوال ابن عباس، وابن مسعود، وسعيد بن جبير السابقة يرى فيها مطلق الوصف بالاستيئاس، وعدم تقييده، فهذه أقوالهم كما نقلها عنهم الطبري وغيره، ليس فيها تقييد الاستيئاس، أو ما يفيد بأنهم استيأسوا من إيمان قومهم، أو أنهم استيأسوا مما وعدوا به ، وقد نقل كثير من المفسرين قول ابن عباس وغيره، فلم يذكروا عنهم ذلك، وإنما مطلق الوصف بالاستيئاس، وما ورد في الآثار السابقة من أنهم كانوا بشراً، وأنهم ضعفوا فظنوا أنهم أخلفوا .
2 - الضميران في "ظنوا" و "كذبوا" بناء على هذا القول عائدان على الرسل - عليهم الصلاة والسلام-، والظن هنا على بابه .
3 - هناك من أنكر نسبة هذا القول لابن عباس أو شكك في صحة نسبته إليه .
وهذا غير صحيح، فقد ثبت هذا القول عنه، وبعضه في الصحيح، كما تقدم، وكذلك ما أثر عن ابن مسعود - رضي الله عنه - ثابت بأسانيد صحيحة.
قال الحافظ ابن حجر بعد أن أورد قول اب عباس: (وعجب لابن الأنباري في جزمه بأنه لا يصح، ثم الزمخشري في توقفه عن صحة ذلك عن ابن عباس، فإنه صح عنه .. ) .
4 - وهناك فريق آخر ذهب إلى رد قول ابن عباس ومن معه، أو تضعيفه، وحجتهم منافاة هذا القول لما تقرر من عصمة الرسل (ص)، وتضمنه نسبة ما لا يليق إليهم.
وقد تقدم ما أثر عن عائشة في هذا الشأن، وترجيح بعض المفسرين لرأيها .
وقال الطبري، بعد أن ساق الأسانيد إلى ابن عباس وغيره بهذا القول: ( ... وهذا تأويلٌ وقولٌ، غيره من التأويل أولى عندي بالصواب، وخلافه من القول أشبه بصفات الأنبياء، والرسل إن جاز أن يرتابوا بوعد الله إياهم، ويشكوا في حقيقة خبره، مع معاينتهم من حجج الله وأدلته مالا يعانيه المرسل إليهم فيعذروا في ذلك، فإن المرسل إليهم لأولى في ذلك منهم بالعذر، وذلك قول إن قاله قائل لا يخفى أمره) .
وقال الفخر الرازي، في معرض ذكره لأوجه التفسير في قراءة "كُذِبوا" بالتخفيف: (والوجه الثاني: أن يكون المعنى أن الرسل ظنوا أنهم قد كذبوا فيما وعدوا، وهذا التأويل منقول عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قالوا: إنما كان الأمر كذلك لأجل ضعف البشرية، إلا أنه بعيد؛ لأن المؤمن لا يجوز أن يظن بالله الكذب، بل يخرج بذلك عن الإيمان، فكيف يجوز مثله على الرسل!) .
5 - ذهب فريق ثالث إلى تأويل كلام ابن عباس ومن معه، وحمله على الوجوه التالية:
- قال الزمخشري: ( ... فإن صح هذا عن ابن عباس فقد أراد بالظن ما يخطر بالبال ويهجس في القلب من شبه الوسوسة، وحديث النفس على ما عليه البشرية، وأما الظن الذي هو ترجح أحد الجائزين على الآخر فغير جائز على رجل من المسلمين، فما بال رسل الله الذين هم أعرف الناس بربهم! .... ) .
- وقيل: المراد بظنهم (ص) ذلك، المبالغة في التراخي والإمهال، على طريق الاستعارة التمثيلية، بأن شبه المبالغة في التراخي بطن الكذب، باعتبار استلزام كل منهما؛ لعدم ترتب المطلوب، فاستعمل ما لأحدهما للآخر.
- ونقل عن الخطابي قوله: (لاشك أن ابن عباس لا يجيز على الرسل أنها تكذب بالوحي، ولا تشك في صدق المخبر، فيحمل كلامه على أنه أراد أنهم لطول البلاء عليهم، وإبطاء النصر، وشدة استنجاز ما وعدوا به، توهموا أن الذي جاءهم من الوحي كان حسباناً من أنفسهم، وظنوا عليها الغلط في تلقي ما ورد عليهم من ذلك، فيكون الذي بنى له الفعل أنفسهم، لا الآتي بالوحي، والمراد بالكذب: الغلط، لا حقيقة الكذب، كما يقول القائل، كذبتك نفسك).
قال الحافظ ابن حجر: (ويؤيده قراءة مجاهد "وظنوا أنهم قد كَذَبوا" بفتح أوله مع التخفيف، أي: غلطوا، ويكون فاعل "وطنوا" الرسل) .
- وقال أبو النصر القشيري: (ولا يبعد أن المراد خطر بقلوب الرسل، فصرفوه عن أنفسهم، أو المعنى: قربوا من الظن، كما يقال: بلغت المنزل، إذا قربت منه).
- وقال الحكيم الترمذي: (وجهه أن الرسل كانت تخاف بعد أن وعدهم الله النصر، أن يتخلف النصر، لا من تهمة بوعد الله، بل لتهمة النفوس أن تكون قد أحدثت حدثاً ينقض ذلك الشرط، فكان الأمر إذا طال، واشتد البلاء عليهم، دخلهم الظن من هذه الجهة) .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام طويل في تفسير هذه الآية ، ذكر فيه أن القراءة بالتخفيف ثابتة لا يمكن إنكارها، وقد تأولها ابن عباس، وظاهر الكلام معه. كما أجاب عن الظن في قوله تعالى: "وظنوا أنهم قد كٌذِبوا" بأنه قد يكون مثل قوله تعالى: {إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} .
وقد يكون من حديث النفس المعفو عنه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل، أو تكلم به" .
وقد يكون من باب الوسوسة التي هي صريح الإيمان، كما ثبت في الصحيح أن الصحابة قالوا: يا رسول الله! إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يحرق حتى يصير حممة، أو يخرق السماء إلى الأرض أحب إليه من أن تتكلم به، قال: "أو قد وجدتموه؟ " قالوا: نعم، قال: "ذلك صريح الإيمان ... " .
ثم أطال - رحمه الله - في الحديث عن معنى الظن، إلى أن ذكر أن الرسل (ص) قد يكونون ظنوا في الموعود به ما ليس هو فيه بطريق الاجتهاد منهم، فتبين الأمر بخلافه، فإذا ظن بالموعود به ما ليس هو فيه، ثم تبين الأمر بخلافه ظن أن ذلك كذب، وكان كذباً من وجهة ظن في الخير مالا يجب أن يكون فيه، فأما الشك فيما يعلم أنه أخبر به فهذا لا يكون .
أما الحافظ ابن حجر فقد ذهب إلى أن ابن عباس كان يقصد من قوله: كانوا بشراً ... الخ، أتباع الرسل، لا نفس الرسل (ص)، وفي هذا يقول: (ولا يظن بابن عباس أن يجوز على الرسول أن نفسه تحدثه بأن الله يخلف وعده، بل الذي يظن بابن عباس أنه أراد بقوله: كانوا بشر .... إلى آخر كلامه من آمن من أتباع الرسل لا نفس الرسل، وقول الراوي عنه: ذهب بها هناك، أي إلى السماء، معناه أن أتباع بعض الأتباع) .
الثاني: حتى إذا استياس الرسل من أن يستجيب لهم قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبوهم فيما أخبروهم به، جاء الرسل نصرنا.
ينسب هذا القول إلى ابن عباس، وابن مسعود، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك، وغيرهم.
قال الطبري (يقول تعالى ذكره: "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى"، فدعوا من أرسلنا غليهم، فكذبوهم وردوا ما أتوا به من عند الله، "حتى إذا استيأس الرسل" الذين أرسلناهم إليهم منهم أن يؤمنوا بالله، ويصدقوهم فيما أتوهم به من عند الله، وطن الذين أرسلناهم إليهم من الأمم المكذبة أن الرسل الذين أرسلناهم قد كذبوهم فيما كانوا أخبروهم عن الله، من وعده إياهم نصرهم عليهم، "جاءهم نصرنا"، وذلك قول جماعة من أهل التأويل ... )
ثم ساق هذا القول باسانيد كثيرة إلى ابن عباس، وابن مسعود، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك، وغيرهم، ومن ذلك:
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: "حتى إذا استياس الرل وظنوا أنهم قد كذبوا" قال: (لما أيست الرسل أن يستجيب لهم قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم، جاءهم النصر على ذلك، فننجي من نشاء) .
ثم ساق - رحمه الله - أسانيد كثيرة إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - بهذا القول . كما ساق بسنده إلى تميم بن حذلم، قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول في هذه الآية: "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا" قال: (استيأس الرسل من إيمان قومهم أن يؤمنوا بهم، وظن قومهم حين أبطأ الأمر أنهم قد كذبوا، بالتخفيف) .
وساق بسنده إلى غبراهيم بن أبي حرة الجزري، قال: سأل فتى من فريش سعيد بن جبير فقال له: يا أبا عبد الله، كيف تقرأ هذا الحرف، فإني إذا أتيت عليه تمنيت أن لا أقرأ هذه السورة: "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا"؟ قال: نعم، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم، وظن المرسل إليهم أن الرسل كَذَبوا، قال: فقال الضحاك بن مزاحم، ما رأيت كاليوم قط رجلاً يدعي إلى علم فيتلكأ! لو رحلت في هذه إلى اليمن كان قليلاً! .
وعن مسلم بن يسار أنه سأل سعيد بن جبير، فقال: يا أبا عبد الله، آية بلغت مني كل مبلغ: "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا"، فهذا الموت، أن تظن الرسل أنهم قد كُذبوا"، أو تظن أنهم قد كَذَبوا، مخففة! قال: فقال سعيد بن جبير: يا أبا عبد الرحم، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم، وظن قومهم أن الرسل كذبتهم، "جاءهم نصرنا"
والحقيقة هى أن الياس من ايمان الكفار وتفسير ألآية هو :
"حتى إذ استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين "المعنى حتى إذا قنط المبعوثين وعلموا أنهم قد كفر بهم أتاهم تأييدنا فننقذ من نريد ولا يمنع عذابنا عن الناس الكافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الرسل وهم المبعوثين (ص)إذا استيئسوا أى قنطوا من إيمان الناس وفسر هذا بأنهم ظنوا أنهم قد كذبوا والمراد علموا أنهم قد كفر برسالتهم جاءهم بأسنا والمراد أتاهم تأييد الله لهم فنجى من نشاء والمراد فننقذ من نريد وهم الرسل والذين آمنوا معهم مصداق لقوله بسورة غافر"إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا"ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين والمراد ولا يمنع عذابنا عن الناس الكافرين وهذا يعنى أن لا أحد يقدر على إيقاف العقاب عن الكفار
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس