عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-09-2024, 06:36 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,970
إفتراضي

واصله {ننجي} بنونين وبالتشديد على "تفعل" لكن حذفت النون الثانية لاجتماع النونين كما حذفت احدى التاءين في {تفرقون} و {تظاهرون}، وشبهه، واستدل من قال بهذين القولين الاخيرين على قوله بسكون الياء في {ننجي} فدل سكونها على انه فعل مستقبل وهذا ايضا قول ضعيف، لان المثلين في مثل هذه الاشياء، لا يحذف الثاني استخفافا، (أي لاجل الخفة) الا اذا اتفقت حركة المثلين، نحو {تتفرقون} و {تتعاونون} فان اختلفت حركة المثلين لم يجز حذف الثاني نحو تتغافر الذنوب، وتتناتج الدواب، والنونان في {ننجي} قد اختلفت حركتهما، فلا يجوز حذف البتة والتاء المحذوفة في {تفرقوا} و {تعاونوا} زائدة فحذفها حسن اذا اتفقت الحركتان .
قال الامام الطبري (رحمه الله تعالى): (اختلفت القراء في قراءة قوله: {ننجي المؤمنين} فقرأت ذلك قراءة الامصار سوى عاصم بنونين الثانية منهما ساكنة من انجيناه فنحن ننجيه، وانما قرءوا ذلك كذلك وكتابته في المصاحف بنون واحدة، لانه لو قرئ بنون واحدة وتشديد الجيم بمعنى ما لم يسم فاعله، كان {المؤمنون} رفعا وهم (أي: المؤمنين) في المصاحف منصوبون، ولو قرئ بنون واحدة وتخفيف الجيم كان الفعل للمؤمنين وكانوا رفعا، ووجب مع ذلك ان يكون قوله {نجي} مكتوبا بالالف، لانه من ذوات الواو وهو في المصاحف بالياء، فان قال قائل: فكيف كتب ذلك بنون واحدة، فقد علمت ان حكم ذلك اذا قرئ {ننجي} ان يكتب بنونين؟ قيل لان النون الثانية لما سكنت وكان الساكن غير ظاهر عن اللسان حذفت كما فعلوا ذلك بـ "الا" فحذفت النون من "ان" لخفائها اذا كانت مندغمة باللام من "لا"، وقرا ذلك عاصم {نجي المؤمنين} بنون واحدة، وتثقيل الجيم، وتسكين الياء، فان يكن عاصم
وجه قراءته ذلك الى قول العرب: ضرب الضرب زيدا، فكنى عن المصدر الذي هو النجاء، وجعل الخبر اعني خبر ما لم يسم فاعله المؤمنين، كانه اراد وكذلك نجى النجاء المؤمنين، فكنى عن النجاء، فهو وجه، وان كان غيره اصوب، والا فان الذي قرأ من ذلك على ما قرءه لحن، لان المؤمنين اسم على القراءة التي قرأها ما لم يسم فاعله، والعرب ترفع ما كان من الاسماء كذلك، وانما حمل عاصم على هذه القراءة انه وجد المصاحف بنون واحدة وكان في قراءاته اياها على ما عليه قراءة القراء إلحاق بنون اخرى ليست في المصاحف، فظن ان ذلك زيادة ما ليس في المصحف، ولم يعرف لحذفها وجها يصرفه اليه) .
وقال ابو جعفر الطبري ايضا: (والصواب من القراءة التي لا استجيز غيرها في ذلك عندنا ما عليه قراءة الامصار من قراءته بنونين وتخفيف الجيم لاجماع الحجة من القراء عليها وتخطئتها خلافه) .
وانما صحت هذه القراءة، لان القراءة بالنون الواحدة مشكل من الناحية العربية، والقران الكريم نزل بالفصيح، قال تعالى {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}.
والوقف على قوله تعالى {أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} كاف، والوقف التام على قوله تعالى: {وكذلك ننجي المؤمنين} "
وكل هذه الخلافات الذى ذكرها الرجل حولت الآية إلى مجموعة من الخلافات والتناقضات بدلا من أن تدل القارىء أو المدعو إلى المعنى الصحيح
وحدثنا عن المعنى التفصيلى للدعاء فقال :
"المبحث الرابع //المعنى التفصيلي للدعاء اليونسي.
قوله تعالى: {فنادى في الظلمات}
اختلف العلماء في جمع الظلمات، ما المراد منه؟ فقالت فرقة منهم ابن عباس وقتادة "رضي الله عنهم ":ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة الحوت، وذكر ابن ابي الدنيا حدثنا يوسف بن موسى حدثنا عبيد الله بن موسى عن اسرائيل عن ابي اسحاق عن عمرو بن ميمون، قال: حدثنا عبد الله مسعود في بيت المال، قال: لما ابتلع الحوت يونس (ص) اهوى به الى قرار الارض فسمع يونس تسبيح الحصى، فنادى في الظلمات ظلمات ثلاث (ظلمة الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر) {أن لا إله إلا أنت سبحانك ..... }
وذكر الطبري راي بن عباس "رضي الله عنهما" المتقدم، ورجح في تفسير الظلمات، فقال ان الله اخبر عن يونس انه ناداه في الظلمات ان لا اله الا انت .... ، ولا شك انه قد عنى باحدى الظلمات بطن الحوت وبالاخرى ظلمة البحر، وفي الثالثة اختلاف، وجائز ان تكون تلك الثالثة ظلمة الليل وجائز ان تكون كون الحوت في جوف حوت اخر، ولا دليل على أي من ذلك من أي، فلا قول في ذلك اولى بالحق من التسليم لظاهر التنزيل ، يعني هناك قول اخر لتفسير الظلمات، وهي عبارة عن ظلمة البحر وظلمة حوت التقم الحوت الاول، ويصح ان يعبر بالظلمات عن جوف الحوت الاول فقط، كما قال تعالى: {في غيابة الجب} وفي كل جهاته ظلمة، فجمع الظلمات على هذا النحو سائغ ، ومنهم من اعتبر انواعا مختلفة من الظلمات، فان كان النداء في الليل فهناك ظلمة الليل والبحر وبطن الحوت، وان كان في النهاء اضيفت اليه ظلمة امعاء الحوت، او ان حوتا ابتلع الحوت الذي هو في بطنه او لان الحوت اذا عظم غوصه في قعر البحر، كان ما فوقه من البحر ظلمة في ظلمة، اما قول من قال ان الحوت الذي ابتلعه غاص في الارض فان ثبت ذلك بخبر فلا كلام، وان قيل بذلك لكي يقع نداؤه بالظلمات فما تقدم يغني عن ذلك
قال صاحب الكشاف: ((والخطاب للمؤمنين "في الظلمات" أي: في الظلمة الشديدة المتكاثفة في بطن الحوت كقوله تعالى " {ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات} وقوله تعالى " {يخرجونهم من النور إلى الظلمات} وقيل: ظلمات بطن الحوت والبحر والليل، وقيل: ابتلع حوته حوت اكبر فحصل في ظلمتي حوتين وظلمة البحر )) فرأي الجمهور ان جمع الظلمات اما على حقيقتها وهي ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل، وقيل: جمع الظلمات على المجاز، وهذا ما جنح اليه الزمخشري في الكشاف كما تقدم فعلى هذا الراي جعلت الظلمة الشديدة المتكاثفة في بطن الحوت كانها ظلمات
وليل تقول الناس في ظلماته ... سواء صحيحات الحوت وعورها
وعلى راي من يقول ان الظلمات مبالغة في الظلمة وشدتها، فالظلمات وردت في القران الكريم مجموعة، لان الظلمات تدل على الظلم والباطل، وان طرق الباطل متشعبة ومتعددة
وورد ان النور في القران الكريم فرد، لان النور طريق الحق، وهو واحد، لذلك افردت النور، وجمعت الظلمات في الكتاب العزيز كقوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه} وقوله تعالى: {يخرجهم من الظلمات إلى النور} "
هنا أدخلنا مطلك فى نفس المتاهة اللغوية التى لا علاقة لها بالمعنى وهو جمع الظلمات ومعانيها وافراد النور والمعنى بسيط :
رجل ابتلعه الحوت فى بطنه فهو فى ظلمات جلد الحوت وسوائل البطن التى تمنعه من الرؤية فمن الطبيعىة أن ينادى الله وهو لا يرى شىء
ثم دخل بنا على معانى لغوية أخرى فى الجملة التالية فقال :
"وقوله تعالى: {أن لا إله إلا أنت} أي: بانه ان لا اله الا انت، على ان (ان) مخففة من الثقيلة، والجار مقدر، وضمير الشان محذوف، او (ان) بمعنى (أي) فهي مفسرة، أي: لا يكون ابتلائي من هذا بغير سبب من جهتي ، وعن النبي "صلى الله عيه واله وسلم" انه قال: {ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء الا استجيب له} ، وقوله تعالى: {سبحانك إني كنت من الظالمين} أي: تنزهت يارب عن الظلم والنقص وقد كنت من الظالمين لنفسي، وانا الان من التائبين النادمين فاكشف عني المحنة.
فهذه الدعوة ((لا اله الا انت سبحانك)) هي الكلمات التي دعا بها يونس (ص) وهو في بطن الحوت، فاقبلت هذه الدعوة تحت العرش فقالت الملائكة يا رب صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة، فقال: اما تعرفون ذاك؟ قالوا: لا يا رب ومن هو؟ قال: عبدي يونس، قالوا: عبدك يونس الذي لم يرفع له عمل متقبل ودعوة مجابة، قالوا: يا رب اولا ترحم ما كان يصنع في الرخاء، فتنجيه من البلاء قال: بلى فامر الحوت فطرحه في العراء. "
قطعا الروايات فى الكلام السابق كاذبة لم يقلها النبى(ص) فلا يوجد شىء اسمه الدعاء بقول لا اله الا انت سبحانك يستجاب له كله لأن هذا أساسا ليس دعاء فليس فيه أى طلب من الله والاستجابة متوقفة على مشيئة الله وهى ما قدره فى كتابه كما قال تعالى :
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس