عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-09-2024, 07:31 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,887
إفتراضي

تحرير قول الإمام أحمد
قال الأثرم عن أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير.
وقال محمد بن علي الوراق، عن أحمد بن حنبل: لم يكن بالقوي في الحديث.
وقال أبو بكر المروذي، عن أحمد بن حنبل: كان عابد أهل الشام، وذكر من فضله قال: لما قدم به دخل على ذاك الذي يقال له المهدي، وابنته على عنقه.
قلت: نستطيع الجمع بين روايتي الأثرم والوراق وهما الروايتان المتعلقتان بالرواية وأما رواية المروذي فهي في أمر العبادة التي لا شأن لها بضبط الرواي وذلك بأن تحمل رواية الأثرم على أحاديث بعينها استنكرها الإمام أحمد، وأما الحكم العام على ابن ثوبان فهي رواية ابن الوراق والتي لا تدل على التضعيف المطلق وإنما تدل على تليين لحديث الراوي وعدم بلوغ من قيلت فيه الدرجة العليا من الحفظ، قال عبد الله بن أحمد في (العلل ومعرفة الرجال) (1/ 384): (سألت أبي عن فرقد السبخي فقال: ليس هو بقوي في الحديث، قلت: هو ضعيف؟ قال: ليس هو بذاك؛ وسألته عن هشام بن حجير؟ فقال: ليس هو بالقوي؛ قلت: هو ضعيف؟ قال: ليس هو بذاك)
فإن قال قائل في محاولة لتأويل عبارة الإمام أحمد بما لا يجعلها عبارة جرح: هل يمكن حمل النكارة في كلام الإمام أحمد على معنى التفرد؟
فالجواب: أن المنكر عند النقاد من مصطلحات رد الحديث وعدم قبوله، فالمنكر عند قدامى المحدثين لا يقتصر على المخالفة فحسب بل إنهم يطلقونه على تفردات بعض الرواة بما لا يحتمل منهم أن يتفردوا به، فالمنكر عند القدامى باختصار هو الخطأ الذي يستفحشه الناقد، وهو أمر نسبي فما يستفحشه ناقد قد لا يستفحشه ناقد آخر، والمنكر ليس مرادفا للخطأ بل هو خطأ أشد ودلالة اللغة تؤيد هذا المعنى، وعلى هذا التقرير الذي قرره بعض الباحثين المعاصرين استقراء لمصطلح المنكر عند النقاد، وبدلالة اللغة أيضا لا يتأتى القول بأن الأئمة-ومنهم الإمام أحمد- يطلقون المنكر ويريدون به مطلق التفرد مع القبول، كيف ودلالة اللغة تأبى ذلك؟؟ ومن المعلوم أن ثمة ارتباطا بين المعنى اللغوي للمصطلح وبين معناه العرفي عند أهل الفن، وهذا أمر لا ينبغي إغفاله.
فقول الإمام أحمد (أحاديثه مناكير) يدل على أن الإمام أحمد يرى-وهذا اجتهاد منه- أن أحاديث ابن ثوبان أخطاء مستفحشة لا أن الإمام يرى أحاديثه مفاريد مقبولة، ولو سلمنا جدلا بأن مراد الإمام أحمد أن أحاديث ابن ثوبان مفاريد فإن هذا لا يعفي ابن ثوبان من المذمة، لأن هذا يعني أن روايات ابن ثوبان تفتقد إلى متابعة الثقات؟؟ ومن تأمل كلام ابن عدي في الكامل يجده في مواطن ينعت الرواة الضعفاء بكون عامة رواياته أو بعضها لا يتابعه عليها الثقات، هذا ما يقتضيه الإنصاف عند تناول عبارة النقاد في الجرح والتعديل. لكن هناك محمل آخر لقول الإمام أحمد (أحاديثه مناكير) وهو أن أحمد كما هو معلوم من الأئمة الموصوفين بالاعتدال في باب الجرح والتعديل، لكن لا يعني وصف الإمام بالإنصاف اعتماد حكمه مطلقا وأنه لا يتشدد، كما لا يعني وصف إمام آخر بالتشديد عدم الاعتداد بتجريحه، ولا وصف آخر بالتساهل عدم الاعتداد بتعديله، إنما هذه الأوصاف يستعان بها كقرينة من قرائن الترجيح عند تعارض النصوص المنقولة عن الأئمة في الجرح والتعديل، قال العلامة المعلمي في مقدمة الفوائد المجموعة: (ما اشتهر من أن فلانا من الأئمة مسهل وفلانا متشدد ليس على إطلاقه، فإن منهم من يسهل تارة ويشدد تارة، بحسب أحوال مختلفة. ومعرفة هذا وغيره من صفات الأئمة التي لها أثر في أحكامهم لا تحصل إلا باستقراء بالغ لأحكامهم، مع التدبر التام)، ولذا فقول الإمام أحمد عن ابن ثوبان (أحاديثه مناكير) أرى أنه تشدد منه في مقابل قوله (لم يكن بالقوي في الحديث)، بقرينة عدم موافقة غيره من النقاد المنصفين كابن المديني وأبي زرعة وأبي داود-تلميذ الإمام أحمد- على ما جاء في رواية الأثرم، بل مع مخالفة المتعنتين في التوثيق له كأبي حاتم الرازي الذي وثق ابن ثوبان كما سيأتي.
قول ابن معين
1 - رواية ابن الحنيد
عن ابن معين: صالح، وقال في موضع آخر: ضعيف
2 - رواية الدوري
عن يحيى بن معين: ليس به بأس
3 - رواية معاوية بن صالح والدارمي وعبد الله بن شعيب الصابوني
عن يحيى بن معين: ضعيف.
زاد معاوية: فقلت: يكتب حديثه؟. قال: نعم على ضعفه، وكان رجلا صالحا.
4 - رواية ابن أبي خيثمة
عن يحيى بن معين: لا شيء.
هذه هي الروايات المنقولة عن ابن معين في شأن ابن ثوبان، وكل النقلة عن ابن معين معروفون فمنهم بغاددة ومنهم غير بغاددة سوى عبد الله بن شعيب الصابوني فلم أجد له ترجمة، ولعل الراجح من هذه الروايات هي رواية الدوري لأمرين:
أولا: هو أكثر من لازم ابن معين من تلاميذه حتى أنه صاحب ابن معين في بعض أسفاره
ثانيا: رواية الدوري تتوافق مع أقوال جمهور النقاد لاسيما أقران ابن معين في العلم والطبقة كابن المديني والفلاس، وقد أدخل الإمام ابن شاهين ابن ثوبان في كتاب (ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه) (1/ 43)، وقال بعد أن روى عن ابن معين أنه قال عنه: نزل الشام وما ذكره إلا بخير، ثم ذكر رواية المفضل بن غسان عن يحيى قوله في ابن ثوبان: ليس بشيء، قال ابن شاهين: وهذا القول من يحيى بن معين يوجب التوقف في ابن ثوبان، لأن سكوته عن إطرائه وتوثيقه لا يقضي على تضعيفه)
علي بن المديني لا بأس به
العجلي لا بأس به.
تحرير قول أبي زرعة الرازي "شامي لا بأس به"
فإن قال قائل أليس في تهذيب التهذيب (6/ 151) أن أبا زرعة قال عن ابن ثوبان (لين)؟؟ فهل هو قول آخر له؟؟
قلت: الظاهر أن الذي في تهذيب التهذيب وهم من الناسخ أو الحافظ ابن حجر والدليل على ذلك:
أولا: أن تهذيب الكمال الذي هو أصل تهذيب التهذيب لم يذكر سوى قول أبي زرعة (لا بأس به)، ولو كان الحافظ قد وقف على نص آخر لأبي زرعة قال فيه عن ابن ثوبان (لين) لجعله في الزيادات من بعد (قلت)، كما أشار الحافظ نفسه إلى ذلك في مقدمة تهذيب التهذيب حيث قال (1/ 5): (وما زدته في أثناء التراجم قلت في أوله: "قلت", فجميع ما بعد قلت فهو من زيادتي إلى آخر الترجمة)
ثانيا: قول أبي زرعة قرن بمن لا يقول بتليين ابن ثوبان، فقد جاء في الطبعة الهندية (6/ 151) (وقال الدوري عن ابن معين والعجلي وأبو زرعة الرازي لين) وقد سبق معنا أن قول ابن معين-رواية الدوري- والعجلي في ابن ثوبان هو لا بأس به، فكيف يكون هؤلاء الأئمة الثلاثة ممن يقولون بتليين ابن ثوبان؟؟
ثالثا: بحثت في مظان أقوال أبي زرعة النقدية فلم أجد إلا ما في كتاب الجرح والتعديل وهو ما ذكره المزي في تهذيب الكمال.
وعليه فتليين أبي زرعة غير ثابت بدليل ما سبق، وبهذا تعلم أن ما ذهب إليه الدكتور سعدي الهاشمي من أن ابن ثوبان من الرواة الذين وثقهم وجرحهم أبو زرعة فيه نظر وأن الصواب هو أن أبا زرعة ممن يرى أن ابن ثوبان لا بأس به."
وبعد ان انتهى من ألسانيد انتهى إلى الخلاصة التالية :
".......
الخلاصة مما سبق: هو أن جمهور النقاد على أن ابن ثوبان مقبول الرواية ممن يحتج بحديثه، وأما ما وقع في حديثه من بعض المنكرات فليس من شرط من تقبل روايته ألا يقع منه ذلك، كما أن ثمة من الرواة من روى عن ابن ثوبان المناكير ولا يتحمل ابن ثوبان تبعتها إنما تبعتها على من رواها عنه، كالوليد بن الوليد العنسي الذي روى عن ابن ثوبان الموضوعات كما نص على ذلك الحاكم هذا فيما يتعلق بالرواية، وأما مذهبه العقدي فالأئمة المتقدمون لم يرموه بغير القدر كما سبق، وأما رميه بشيء من الخارجية فلم أره إلا عند الإمام الذهبي رحمه الله تعالى، والذهبي لم يقل بأنه خارجي بل كلامه ظاهر في أن ابن ثوبان قد وافق الخوارج في بعض ما يذهبون إليه، ولعل تبني ابن ثوبان لهذا الأمر كان في وقت ما من حياته ثم تاب إلى الله وأناب، لا أنه بقي عليه إلى آخر حياته لأن الأئمة المتقدمين لم يشيروا إلى ذلك وإنما أشاروا إلى القدر كما أسلفت، وعليه فإسناد هذا الحديث من رواية ابن عمر لا بأس به: وهناك من صححه من الأئمة:
1 - قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في إقتضاء الصراط المستقيم
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس