وسنذكر هذه الأحاديث في موضعها إن شاء الله تعالى"
وبالقطع من يريد الوحدة لابد أن يتخلى عن روايات لا قيمة لها فحديث الثقلين لم يتفق أهل المذهبين على المراد بالعترة فيه فالشيعة يعتبرونهم الأئمة والسنة يعتبرونهم العلماء أيا كان انتماءهم الأسرى
والكلام عن أحاديث الحوض يعيدنا لكتاب الله فليس هناك حوض للنبى(ص) لأن لكل مسلم حوضين أى نهرين أى عينان كما قال تعالى :
""ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان"
وناقش الميلانى آراء بعض أهل السنة المعارضة لحديث الثقلين فقال :
"الجهة الرابعة المناقشات والمعارضات في حديث الثقلين:
وإذا راجعنا كتب القوم، رأينا أن محاولات القوم في رد حديث الثقلين وإبطاله تتلخص بالطرق التالية:
الطريق الأول:
"ما مشى عليه أبو الفرج ابن الجوزي، حيث أدرج حديث الثقلين في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ، فقد ذكر فيه هذا الحديث بسند واحد، وجعل يناقش في سنده ويضعفه، وهذا الكتاب خاص بالأحاديث الضعيفة بنظره، كما أن له كتابا آخر عنوانه كتاب الموضوعات جعله للأحاديث الموضوعة بنظره، فأدرج هذا الحديث في كتاب العلل المتناهية ليقول بأنه حديث ضعيف، ونحن إلى الآن لم نجد أحدا ضعف هذا الحديث قبل أبي الفرج ابن الجوزي
وتضعيفه مردود حتى من قبل علمائهم، وسنقرأ بعض الأسماء من كبار العلماء المحققين المتأخرين الذين خطأوه في عمله هذا
مضافا إلى أن هذا الحديث موجود في صحيح مسلم وإن كان مبتورا، وفي صحيح الترمذي، وفي صحيح ابن خزيمة الملقب عندهم بإمام الأئمة، وفي صحيح أبي عوانة، وفي الجمع بين الصحيحين، وفي تجريد الصحاح، وقد صحح الحاكم هذا الحديث، وكذا محمد بن إسحاق، والضياء المقدسي، والبغوي، والمحاملي، وابن النجار، والنووي، والمزي، والذهبي، وابن كثير، والهيثمي، والسيوطي، والقسطلاني، وابن حجر المكي، والمناوي، والزرقاني، وولي الله الدهلوي، وغيرهم
مضافا إلى أن أبا الفرج ابن الجوزي معروف عندهم بالتسرع في الحكم بالوضع أو الضعف، ومعروف عندهم بالتعصب، وفي خصوص هذا الحديث خطأه غير واحد من المحققين كما أشرنا،
منهم:
1 سبطه، في كتاب تذكرة الخواص
2 الحافظ السخاوي، في كتاب إرتقاء الغرف
3 الحافظ السمهودي، في كتاب جواهر العقدين
4 ابن حجر المكي، في الصواعق
5 المناوي، في فيض القدير
وكلهم قالوا: قد أخطأ ابن الجوزي، وحذروا من الاغترار بفعله، حتى أن بعضهم يقول: وإياك أن تغتر بما صنع
فالطريق الأول تضعيف الحديث، وهذا جوابه باختصار
الطريق الثاني:
الحكم بنكارة المتن، متن الحديث منكر، نسبه البخاري إلى أحمد بن حنبل، ففي التاريخ الصغير للبخاري يقول: قال أحمد في حديث عبد الملك عن عطية عن أبي سعيد قال النبي (ص): «تركت فيكم الثقلين» قال: أحاديث الكوفيين هذه مناكير ونحن نقول: أما نسبة هذا الكلام إلى أحمد، فنسبة كاذبة، لان أحمد يروي هذا الحديث في مسنده، وفي كتاب فضائل الصحابة، بأسانيد كثيرة عن عدة من الصحابة، وأين قال أحمد هذا ؟ ومتى قال ؟ وأما دعوى: أن هذا الحديث منكر، فنقول: صحيح، إنه منكر عند البخاري، لانه يدل على إمامة أمير المؤمنين وأهل البيت، عن طريق الأفضلية، عن طريق الأعلمية، بالقران مع القرآن، بدلالته على العصمة، وغير ذلك من جهات الدلالة الموجودة في هذا الحديث
الطريق الثالث:تحريف الحديث، وهذا ما صنعه مسلم في صحيحه، وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي يقول: أخبرنا المطين، حدثنا نصر بن عبد الرحمن، حدثنا زيد بن الحسن، عن معروف، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد: إن رسول الله (ص) قال: «يا أيها الناس إني فرط لكم وأنتم واردون علي الحوض، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الاكبر كتاب سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا» انتهى الحديث
وهذا الحديث بنفس السند، أي عن طريق نصر بن عبد الرحمن عن زيد بن الحسن عن معروف عن أبي الطفيل عن حذيفة، فبنفس السند وبنفس اللفظ موجود في المصادر، أقرأ لكم نص الحديث عن واحد منها، عن نوادر الاصول للحكيم الترمذي ففيه: «إني فرطكم على الحوض وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الاكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإني قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فهذا كتاب نوادر الاصول، وهذا كتاب تاريخ بغداد، وكلاهما موجودان بين أيدي الناس، وهل المتصرف بالحديث هو الخطيب نفسه أو النساخ أو الناشرون ؟ الله أعلم
وأكتفي من التحريفات بهذا المقدار إذ طال بنا المقام
الطريق الرابع:
المعارضة بأحاديث يروونها في كتبهم، يعارضون بها حديث الثقلين، والمعارضة كما تعلمون بحث على القاعدة وأسلوب مقبول، المعارضة معناها أن هناك حديثا صحيحا في سنده وتاما في دلالته، يعارض هذا الحديث الصحيح التام دلالة، ولذا نحن الطلبة نقول: المعارضة فرع الحجية، فلابد وأن يكون الخبران كلاهما حجة، فإذا كانا تامين سندا ودلالة فيتعارضان فيكون أحدهما صدقا والاخر كذبا، فإن تمكنا من ترجيح أحدهما على الاخر فهو، وإلا يتعارضان ويتساقطان، فالبحث عن طريق المعارضة بحث على القاعدة
لكن بأي شيء يعارض حديث الثقلين وهو حديث الوصية بالقرآن وأهل البيت ؟
يعارضون حديث الثقلين بأشياء، أهمها:
حديث الاقتداء بالشيخين، وأي حديث هذا ؟ إنهم يروونه عن رسول الله (ص) إنه قال: «إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» هذا الحديث موجود في بعض كتبهم، فإذا كان حديث الثقلين أي الوصية بالكتاب والعترة، دالا على وجوب الاقتداء بالقرآن والعترة، فهذا الحديث يدل على وجوب الاقتداء بالشيخين، إذن يقع التعارض بين الحديثين
الحديث الاخر المهم الذي يحاول بعض كتاب عصرنا أن يعارض به حديث الثقلين، أي الوصية بالكتاب والعترة، هو حديث الثقلين والوصية بالكتاب والسنة، قال رسول الله (ص): «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي»، فحديث الوصية بالكتاب والعترة يدل على وجوب الاقتداء بالكتاب والعترة الأخذ والتمسك بهما، وهذا الحديث يقول بوجوب الأخذ والتمسك بالكتاب والسنة، إذن يقع التعارض بين الحديثين
وهذا هو الطريق الرابع لرد حديث الوصية بالقرآن والعترة
أما الحديث الأول فسنبحث عنه إن شاء الله في إحدى الليالي الآتية، حيث سنتعرض لأدلة القوم على إمامة الشيخين، وقد خصصنا ليلة للبحث عن تلك الأدلة ..فهذا هو الطريق الرابع
وقد كان الطريق الأول: التضعيف، والطريق الثاني: دعوى نكارة المتن، والطريق الثالث: تحريف الحديث، والطريق الرابع: المعارضة
وهل من فائدة في هذه الطرق ؟ وأي فائدة ؟ بل المتعين هو:
الطريق الخامس:
وهو طريق شيخ الاسلام !! ابن تيمية، إنه يقول: هذا الحديث كذب
وما أسهل هذا الطريق وأيسره ؟ ولماذا يتعبون أنفسهم فيحرفون الحديث، أو يجيئون بأحاديث فيعارضون بها حديث الثقلين، وما الفائدة من تضعيف الحديث من ابن الجوزي فينبري للرد عليه أعلام طائفته ويخطئونه في هذا التضعيف ؟ فأحسن طريق أن لا يصدق بحديث الثقلين، ويدعي أن ليس هناك سند معتبر لقوله (ص): «وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا»، ولماذا يصر الشيعة على هذا الحديث ويبنون عليه إمامة أمير المؤمنين ؟ وهذا هو دأب شيخ إسلامهم في قبال أحاديث إمامة أمير المؤمنين، ومناقب أهل البيت (عليهم السلام)
ونعم الحكم الله بين ابن تيمية وأمثاله وبين أهل البيت"
الميلانى وضح لنا طرق معارضة بعض أهل السنة لحديث الثقلين فبعضهم جعله حديث ضعيف أو منكر والبعض حرفه والبعض ذكر أحاديث معارضة له
وكل ما ذكره لا قيمة له ولا قيمة لروايات الآخرين أثبتوها أم انكروها فالقيمة هى لكتاب الله وحده فما وافقه من الروايات كان صحيح المعنى
ما قام به الفريقان إنهم احتموا بالروايات ولم يحتموا بكتاب الله احتموا بأحاديث الآحاد احتموا بكلام المخلوقين وتركوا كلام الخالق
من أراد الوحدة فلها طريق واحد هو كتاب الله
|