ويذكر عن إمامنا نور الدين السالمي أن رجلا جاءه يشتكي إليه الإمام سالم بن راشد الخروصي حيث أن هذا الرجل كان نائما في مسجد بالقابل وكان من أهل البلد فجاءه الإمام سالم وطلب منه أن يخرج من المسجد فالمسجد لا يصلح للنوم وهو ليس غريبا عن تلك البلد بل إنه من أهلها وله مكان يرتاح فيه ، فقال له الرجل : عندما تكون في بلدك فأمر وانهي كما تشاء إنما هنا أسكت إنما هنا فأسكت يقال بأن ذلك الرجل وجد نفسه في المقبرة وقد تلطخت ثيابه وامتلأت بالغبار كرامة للإمام ، وذهب بعد ذلك إلى الإمام السالمي يشكوا إليه تلميذه فقال له : هذا التلميذ ساحر لا بد أن تخرجه من هذا المكان قال : وماذا فعل بك ؟ قال : فعل بي كذا وكذا فمن لطافة الإمام وسماحته ومزاحه قال له : يعني أنك تريد أن يفعل بنا مثل الذي فعل بك أوما مثل ذلك ممازحا ومطيبا له . "
والحكاية السابقة كاذبة فلا يمكن لأحد تحويل مكان المسجد لمكان المقبرة فهذه معجزة وقد منع الله المعجزات فقال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
وتحدث فى المحور السادس عن مزاح الكفر الذى يتم فيه الاستهزاء بالله ورسوله(ص) وآياته والمسلمين فقال : .
"المحور السادس : صور من مزاح العابثين الظالمين لأنفسهم المتجرئين على حدود الله:
نجد بأن هؤلاء لا يراعون قيودا في مزاحهم وللأسف أننا نجد كثيرا من الناس في هذا الزمان يعجبهم أن يأتوا بكل جديد في فن المزاح ، وقد طاب لكثير منهم أن يتجرأ حتى باختراع الكذب ؛ لأجل أن يضحكوا الناس وهذا أمر منهي عنه .
من ذلك ما يروى أن أحدهم كانت لديه بقرة حلوب فدخل في يوم من الأيام ووجد البقرة ميتة والحمار واقفا بجانبها ، فقال مخاطبا ربه متجرئا عليه : يا رب ألم تعرف أن تفرق بين البقرة والحمار؟ لماذا أخذت البقرة وتركت الحمار ؟
بعض السذج الحمقى من الذين سلبت كرة القدم ألبابهم وسحرت عقولهم ، خرج إلى زملائه في ملعبهم فقال لهم مشجعا وهو يشير إلى الكرة : ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) .
وأحدهم كان معجبا بتفننه في اتباع الكرة فقال مخاطبا زملاءه : ( دعوها دعوها فإنها مأمورة ) .
كنت جالسا في يوم من الأيام مجيبا دعوة أحد الأخوة ، وكان جالسا بقربنا أحد الناس ، وابتدأ الجميع بتناول الطعام فحدثه أحد زملائه فقال : دعنا منك أنا الآن في جهاد ، أنا الآن في جهاد فقلت له : لطف الله بك حتى لا تسقط شهيدا، هذا الجهاد.
كثير من الناس يتجرءون فيجعلون المزاح حتى في الأوامر الشرعية ويعرضونها بصورة هزلية ، أحدهم يعلق فيقول : واحد مطوع تعدى إشارة المرور ولم يقف ، فسجد بعد أن انتهى سجدة السهو.
ما هذا الهراء ؟ ما هذا الكلام البذيء ؟ ما هذا الاستخفاف بالدين ؟ أفي مثل هذه الأمور الشرعية يكون المزاح معاشر المسلمين ؟ هذه بعض الصور ، ولعل كثيرا منكم يستحضر الكثير والكثير والكثير من أمثال هذه الصور التي لا تنم إلا عن التجرؤ على الله تعالى ."
قطعا لا يصح أى مزاح فيه سخرية من أحد
وفى المحور التالى حاول الرجل تحديد شروط المزاح المباح فقال :
"المحور السابع : ضوابط وقيود المزاح :
حتى يكون المزاح محمودا مباحا يجب أن تتحقق هذه الأمور :
أولا : أن لا يتضمن استهزاء بالله ولا برسوله ولا بالدين وأحكامه :
فإن هذه أمور لا يجوز للمسلم أن يفعلها ، بل أن الاستهزاء بالدين كفر بالله تعالى نسأل الله العافية والسلامة واللطف
ثانيا : ألا يتضمن المزاح أذى يلحق بأحد من المسلمين :
المزاح لا بد أن يكون منضبطا فأذى المسلم لا يجوز، فقد ورد عن رسول الله (ص) أنه قال : لا يأخذ أحدكم متاع أخيه جادا أو لاعبا أو كما قال (ص) وقد ورد أن بعض الصحابة كانوا في سفر معه (ص)فناموا في بعض الطريق فقام أحدهم ، وأخذ حبلا كان بجانب شخص منهم ، ولما قام ذلك الشخص النائم من نومه ارتاع بذهاب ذلك الحبل من جانبه ، وكان ذلك الشخص إنما فعل ذلك ممازحا فنهاهم (ص) عن ذلك . لماذا ؟ لأنه روع بذلك أخاه وذلك أمر لا يجوز فقال (ص): لا يحل لمسلم أن يروع مسلما . ثالثا : ألا يتضمن كذبا ولا غيبة ولا فحشا :
ليس للمسلم أن يكذب أوأن يغتاب إنسانا ويحتج بأنه يمازحه للأسف أننا نجد كثيرا من المسلمين بلا عدد يخترعون قصصا ونكاتا ليست لها صلة بالحقيقة أصلا بسب أنهم يريدون أن يضحكوا الناس وهذا أمر لا يجوز فقد ورد عنه (ص) أنه قال : " ويل لمن يحدث بالحديث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له " .
رابعا : أن لا يخرج المزاح إلى حد الإفراط :
المزاح يكون منضبطا ، ألا يكون شغل الواحد طوال الوقت مزاح ، وكل موقف يجب أن يعلق عليه، وكل شيء يأتي به بمزاح ، وهذا ليس بشيء حسن ، بل كما قلنا سابقا بأنها تجر إلى أضرار"
وتحدث فى المحور الثامن عن علاج المزاح وهو كثير المزاح فقال :
"المحور الثامن : علاج المبتلى بكثرة المزاح :
كيف يكون ؟ الآن عرفنا جميعا بأن الإكثار من المزاح مذموم ، وأن عدم مراعاة ضوابط المزاح توقع في المزاح المنهي عنه ، ووضحنا الهدي النبوي في مسألة المزاح ، شخص من الأشخاص ابتلي بكثرة المزاح ولا يعرف كيف يتخلص منه وكيف يضبط نفسه أمام ذلك التيار الجارف الذي يدعوه إلى الإتيان بالكثير والكثير من هذا المزاح .هنالك أمور على كل حال يمكن للإنسان أن يستعين بها إن شاء للتخلص من مزاحه .
أولا : معرفة هدي النبي (ص)في المزاح .
ثانيا : الإنسان لا بد أن يعود نفسه على معاني الأمور : الإنسان لا يقبل أن يكون في الدون ، لا يقبل لنفسه أن تكون في الحضيض ، فعليه أن يربي نفسه على الانصراف إلى معاني الأمور ..
ثالثا : الصحبة الجادة : اختر صاحبا يجعل الجدية منهجا في حياته ، فالصاحب له تأثير بالغ على صاحبه الإنسان يتأثر حتى بمجرد النظر إلى صاحبه.
رابعا : التفكر في أمر الآخرة : من أعظم ما يعين على التخلص من الهزل . نعم الإنسان الذي يعلم بأن هذه الحياة وقت يسير وعما قليل سينتقل إلى دار أخرى
خامسا: التفكر في سلبيات المزاح : تفكر قليلا فيما يجر المزاح إليه أنت إن أكثرت منه أصبحت محتقرا عند الناس فأنت لا تصلح عند الناس لأنك لست موضع ثقتهم أصلا ، لا ينصرفون إليك في شيء من الأمور ولا يستطيع الواحد منهم أن يطالبك بشيء من الأعمال ؛ لأنك لا تصلح إلا لهزلك وعبثك ، تثير الضغائن هذا تضربه وهذا تشتمه وهذا تكذب عليه وذلك تتكلم بفحش وتقدح في عرضه وكل ذلك عندك من باب المزاح بلا شك بأن ذلك أيضا ستحمل عليك نفوسهم الكثير والكثير من الحقد والضغينة وتصبح منبوذا عند الناس.
سادسا : مجاهدة النفس بترك المزاح : هذا أيضا علاج نعم النفس لا تعطى ما تريد ولا تحكم في الأمور فان الإنسان إذا اتبع نفسه هواها أفسدت عليه حياته فلا بد من مجاهدة النفس .
سابعا : الدعاء : استعن بالدعاء ابتهل إلى الله تعالى ليعينك على نفسك وعلى هواك وعلى شيطانك وليخلصك من عبثك ولهوك فإن الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير ."
قطعا العلاج هو فى إرادة كثير المزاح التوقف عن خطاياه فى المزاح فطالما كانت إرادته قوية فسينتهى ويتخلص من ذلك وإن ضعف واستكان فسيبقى كما هو
|