عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-08-2024, 07:41 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,891
إفتراضي


وتحدث عن أن دراسة الطب فيها جانب روحى وبالأحرى جانب معرفى يؤدى بالأطباء أو القراء لتثبيت إيمانهم بوجود الله وصحة دينه فقال :
"وبجانب ما من ذكرناه من هذه المنافع التي قد تبدو منافع مادية من حيث مظهرها، وهي كما ذكرنا أيضا منافع دينية من حيث النظر إلى جوهرها وإلى حقيقتها، لعلم الطب فإن فيه منافع روحانية، إذ الإنسان مطالب بأن يعتبر بخلقه، هو مطالب بأن يفكر مليا في خلقه؛ وجسم الإنسان دواوين ضخمة فيها من آيات الله تبارك وتعالى ما لا يقع في حسبان أحد على أن كل خلية من خلايا الإنسان دراستها تحتاج إلى الكثير الكثير، لعلها تحتاج إلى مجلدات، دراسة خلية من خلايا الإنسان تحتاج إلى الكثير مما يكتب، لعلها تحتاج إلى مجلدات، ونحن نترك الحديث لأهل الطب أنفسهم لأن يتحدثوا عن هذا؛ وقد تأملنا كتاب الله فوجدناه يدعونا إلى النظر في خلقنا، فالله سبحانه وتعالى يقول: " وفي الأرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون * ". والله تعالى يقول: " فينظر الإنسان مم خلق * خلق من ماء دافق * يخرج من بين الصلب والترائب * إنه على رجعه لقادر * "، ويقول: " قتل الإنسان ما أكفره * من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا شاء أنشره * ".

والتأمل في هذه الآيات الكونية في خلق الإنسان يؤدي إلى رسوخ الإيمان، وقوة اليقين، وزوال الشكوك واللبس، ومتانة الصلة بالله تبارك وتعالى، ونحن على أي حال نجد مما نقرأه – وإن كان نزرا يسيرا – ما كتبه الأطباء عن خلق الإنسان، نجد في ذلك العجب العجاب، ولعل دراسة جوانب يسيرة من هذه المعلومات تؤدي بالكافر إلى أن يؤمن، وتؤدي بالشاك إلى أن يوقن، وتؤدي بالملحد إلى أن يتبدد إلحاده."
وتحدث الخليلى عن علاقته بموريس بوكاى من خلال الملتقيات والقراءة فقال :
"ومن الأمور التي تؤكد هذا قصة الدكتور موريس بوكاي، وأنا لا أعرف الآن حياته من مماته، لأنني لم ألتق به إلا مرة واحدة قبل واحد وعشرين عاما، قبل أن يعلن إسلامه، ولعله سئل في ذلك الوقت عن دينه هل هو مسلم أو غير مسلم فقال: دعوني وعلاقتي بربي، وإنما علي أن أخدم الإسلام من خلال هذه البحوث.
الدكتور موريس بوكاي كان طبيبا جراحا، وهو فرنسي، وبحكم علاقة الكثير من العرب بفرنسا بسبب الاستعمار الفرنسي وكونهم يتحدثون باللغة الفرنسية، كان الكثير من هؤلاء يذهبون للعلاج إلى فرنسا، وكانت له علاقة بكثير منهم، وقد شد انتباهه ما يراه من الفارق بين المسلم وغير المسلم؛ عندما يقدم المسلم على عملية جراحية يكون وضعه مختلفا عن وضع غير المسلم، فالمسلم يقدم على العملية الجراحية برباطة جأش وبقوة يقين، مع ثلوج صدره وانشراحه، فسأل عن هذا السر، فأخبر أن سر ذلك الإيمان، وأراد أن يكتشف هذا الإيمان، ومن حيث إن علاقته بالمرضى العرب علاقة وطيدة، وكثير منهم لم يكونوا يحسنون اللغة الفرنسية التي يتحدث بها أراد دراسة العربية، وكان أولا يريد أن يدرس المعلقات السبع، ولكن رأى بدلا من ذلك أن يدرس القرآن الكريم، فعني بدراسة القرآن الكريم، وعندما جاء إلى سورة المؤمنون إلى قول الله سبحانه وتعالى فيها: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين * " استوقفته هذه الآية كثيرا، ورأى أن هذا الحديث لا يمكن أن يكون صادرا عن أحد من البشر في تلكم الحقبة التأريخية التي لم يكن فيها الطب بهذا القدر من الاكتشاف لأسرار الحمل، وطبيعة الخلق، وأغوار الأرحام. رأى من العجب ما شده إلى المزيد من البحث، ذلك لأن هذه الأطوار الموجودة في هذه الآية الكريمة لم تكن معروفة تمام المعرفة عند الناس في تلكم الأحقاب التأريخية الغابرة، ومع هذا كله جاءت صريحة.
على أنه مما شده أيضا ما يدل عليه القرآن الكريم، ما تدل عليه الآية من طبيعة الرحم، فقد وصفه الله تبارك وتعالى بأنه قرار، والقرار هو مكان الاستقرار، والاستقرار إنما يكون عن طمأنينة، ومع ذلك وصف هذا القرار بأنه مكين، والمكانة تدل على القوة، وطبيعة الرحم هذا أقصى ما يمكن أن توصف به، لأن الرحم يكتنف بما يقي الجنين ما يصيب الأم من اللكمات والهزات، فهو مكان الاستقرار، وعلى بابه إفرازات تقضي على الجراثيم التي تحاول أن تتسرب إلى الجنين لتفتك به، وهذه الإفرازات بمثابة الجنود القائمين على ثغور الحصون من أجل صد هجمات الأعداء عنه. فإذن الرحم بمثابة الحصن الحصين بطبيعته التي خلقه الله عليها، وهذه الإفرازات بمثابة هؤلاء الجنود الأبطال الذين يحرصون بعيون ساهرة هذه الثغور لئلا تصل إلى من بداخل الحصن فتفتك به.
ووجد أيضا مما يدعو إلى الاعتبار أن الله تبارك وتعالى يقول: " فكسونا العظام لحما " بفاء الترتيب، وهذا الذي دل عليه الطب، وأن خلايا العظام سابقة على خلايا اللحم، ثم بعد ذلك يأتي اللحم بمثابة الكسوة لهذه العظام. وكذلك استوقفه قول الله تبارك وتعالى " علقة "، و" مضغة " ، وما هو الفارق بينهما؟ فما هي العقلة؟ وما هي المضغة؟ ورجع إلى كتب التفسير ليجد ما يشفي غليله فلم يجد، ولكنه برجوعه إلى كتب اللغة ونظره في اشتقاق هاتين الكلمتين وجد ما يدله على سر هذا التعبير القرآني الذي هومن دلائل إعجاز القرآن الكريم؛ فإن العلقة مشتقة من العلوق، وهذه المرحلة يعلق فيها هذا الكائن بجدار الرحم لانفتاح باب الرحم، ثم ينسد بعد ذلك الباب، ويؤمن الخروج، ويكون هذا الكائن بمثابة المضغة، أي الشيء الذي يمضغ ويتردد بين جوانب الفم، فزاده ذلك إعجابا بما اطلع عليه، ودعاه ذلك إلى المزيد من البحث، فكان يرى الآيات الكونية في القرآن الكريم تدل دلالة واضحة على ما توصل إليه الإنسان من الاكتشاف، ولعل كل اكتشاف إنما هو تفسير لكتاب الله سبحانه وتعالى.
ثم استعان بعد ذلك بذوي الخبرات الأخرى، كعلماء النباتات وعلماء الفلك وغيرهم، وعرض عليهم ما وجده في كتاب الله، فوجد حقيقة القرآن تتجلى فيما اكتشف من هذه العلوم بأسرها. ثم حاول أن يقارن بين القرآن وبين الكتابين اللذين سبقاه في النزول، فوجد أن النصوص التي تدل على حقائق الكائنات في الكتابين السابقين قليلة، ومع قلتها تصطدم بالواقع، ويدل الواقع على تحريفها، والقرآن الكريم مع كثرة نصوصه التي تدل على هذه الاكتشافات هي عين الواقع، ولا تختلف عن الواقع؛ فوصل إلى نتيجة وهي أن الكتاب الوحيد الذي بقي كما أنزل لم تطله يد التحريف والتبديل إنما هو القرآن الكريم، وألف في هذا كتابا سماه: ( العلم في التوراة والإنجيل والقرآن )، وكان ذلك قبل عقود من السنين من وقتنا هذا، ألف هذا الكتاب باللغة الفرنسية، ثم ترجم إلى الإنجليزية، ثم ترجم ترجمتين – على ما أحسب – إلى العربية، وقد كان منذ نحو عقدين من السنين موجودا عندي، ولكنه ضاع لم أعرف عنه أين ذهب."
والخطأ فى الكلام هو القول بسبق خلايا العظام لخلايا اللحم وهو ما يتناقض أن المرحلة السابقة هى المضغة وهى اللحم الممضوغ كما يقولون وهى على نوعين مخلقة أى متطورة حيث يتحول اللحم إلى عظام وغير مخلقة أى غير متحولة وهى اللحم الذى يبقى لحم فى صورة أعضاء وعضلات وغضاريف وجلد وفى هذا قال تعالى :
ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَ
وعندما اجتمعنا في مطلع القرن الهجري الذي نحن فيه في الجزائر، في الملتقى الخامس عشر للفكر الإسلامي، وكنا في يوم من الأيام على طاولة واحدة نتناول الطعام، ففرغت زجاجة ما؛ لما فرغت الزجاجة تناول الزجاجة وضرب بها الطاولة ليأتي من يقدم الماء فيقدم زجاجة أخرى، وقال على إثر ذلك: " وجعلنا من الماء كل شيء حي ". ثم قال: في هذه الآية من الإعجاز ما تحار به العقول. ثم سألني بعد ذلك: هل اطلعت على كتابي ( الإنسان والقرآن )؟ فقلت له: لا. وبعد فترة رجعت واطلعت على مجلة الأمة، التي كانت تصدر من قطر، وأظنها لا تزال تصدر، هي مجلة دورية، فوجدت فيها استعراضا لهذا الكتاب، وجدت فيها كثيرا مما كتبه في هذه الآية الكريمة، ومن الإعجاز العجيب إعجاز هذه الآية الكريمة.

فالطبيب المسلم إذن عندما يطلع على هذه الحقائق يزداد إيمانه قبل كل شيء رسوخا، ويقينه ثباتا، ثم تكون عنده وسيلة للدعوة إلى الله تبارك وتعالى من خلال هذا الذي اطلع عليه. والرجل بعد هذه الفترة اطلعت في بعض الصحف على إعلانه الإسلام، وأنه أعلن أنه رضي بالإسلام دينا، وبمحمد (ص)رسولا، وبالله تبارك وتعالى ربا، فزالت الشكوك من حوله.

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس