سيارة منحوسة
من المعروف بأن السيارات تكون أحيانا مدعاة لتتفاءل أو تتشاءم، فهناك كثير من الناس حول العالم يؤمنون – أو يتوهمون - بوجود سيارات منحوسة وسيارة الليموزين التي سنتحدث عنها في هذه القصة هي بدون شك الأكثر نحسا من بين جميع سيارات قصتها تبدأ عام 1914، حين أخطأ سائقها في أتباع توجيهات مرؤوسيه فأنعطف بها داخل شارع في سراييفو لم يكن من المفروض أن يمر فيه، ونتيجة لذلك تعرض ركابها، ولي عهد إمبراطورية النمسا والمجر، الأرشيدوق فرانز فرديناند ( Archduke Franz Ferdinand ) وزوجته للاغتيال برصاص بعض القوميين الصرب، وقد نتج عن تلك الحادثة الدموية اندلاع الحرب العالمية الأولى التي انتهت بمقتل ملايين البشر
مالك السيارة الأصلي، حاكم سراييفو الجنرال بوتيورك، كان برفقة الأرشيدق لحظة الاغتيال، لكنه نجا من الموت بأعجوبة، وقد تسلم لاحقا قيادة أحد الفيالق النمساوية، لكنه مني بهزائم منكرة خلال أسبوعين فقط فعزل عن منصبه وانتهى به الأمر إلى الفقر والجنون والموت.
ملكية الليموزين انتقلت إلى احد الضباط الذين كانوا يعملون تحت أمرة الجنرال بوتيورك، ولم يلبث هذا الضابط، بعد عشرة أيام فقط من امتلاكه للسيارة، أن تعرض لحادث فظيع صدم خلاله أثنين من المزارعين فقتلهما في الحال ثم أنحرف بالليموزين عن الطريق وأصطدم بشجرة دقت عنقه فمات في الحال.
بعد الحرب، أصبحت الليموزين ملكا لحاكم يوغسلافيا، ومثل الآخرين رافقه نحسها فتعرض لأربعة حوادث مرورية خلال أربعة أشهر فقط، فقد في إحداها يده اليسرى، فقرر التخلص من السيارة المنحوسة وباعها بثمن بخس لطبيب تعرض هو الآخر بعد ستة أشهر فقط إلى حادث هوى خلاله مع السيارة داخل حفرة عميقة محاذية للطريق، فقذفت به شدة الاصطدام عبر النافذة الأمامية ومات في الحال.
في السنوات التالية تنقلت ملكية السيارة ما بين تاجر مجوهرات وسائق مضمار ومزارع، وكلهم لاقوا نفس المصير .. الموت ببشاعة أثناء قيادتهم لليموزين الفاخرة في النهاية لم يعد هناك من يرغب باقتناء السيارة، خوفا من نحسها، فاشتراها متحف نمساوي بأبخس الأثمان ولا زالت معروضة في أحد زواياه حتى يومنا هذا."
كما سبق القول كله قضاء الله سواء خير أم شر كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة "
فمثلا السيارة التى سماها منحوسة ليست منحوسة وإنما من ركبوها كلهم كانوا يظنون انفسهم فةق البشر متكبرون منتفخون ومن ثم كان عقابهم هو موتهم فيما يتكبرون به كما قال تعالى :
" وما أصابك من سيئة فمن نفسك "
فمثلا قارون كان يتباهى بخزائنه ومن ثم خسف الله به وبخزائنه الأرض فهلك مال أمام عينه
ومثلا التيتانيك الرواية لم تكن سوى مجرد حلم حلمه المؤلف بغرق السفينة الحقيقية وكتبه في رواية كما شاهده في الحلم ومن هنا جاء التطابق في الكثير من الأحداث كما حدث في حلم دخول المسجد الحرام للرسول (ص) والمؤمنين فقد حدث بعد سنوات بالفعل
وفى هذا قال تعالى :
"لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا"
ومثلا تكرار انقاذ القس للرجل هو قضاء قضاه الله أنم يتقابل الرجلين في حالة السوء النفسى للرجل وأن يحسن القس من نفسيته في المرات الثلاث ويرجعه عما نواه
واما حكاية ضرب الصواعق لرجل ثلاث مرات والرابعة بعد موته فيبدو ان هذا القائد العسكرى قد فعل الكثير من الفظائع وهو في صحته ولذا عاقبة الله بذلك ليرتدع ومع هذا كان يكرر العقوبة له وينجيه لعله يتوب ويرجع عما يفعله
لا يوجد في قضاء الله شىء عشوائى وإنما الله بعدله يعمل أمورا للإنسان كى يتوب ويرجع يعطيه فرصا كثيرا من خلال مبدأ العدل والذى لا يمكن لنا أن نشعر به لأننا لا يمكن أن نعد النعم ولا حتى النقم كما قال تعالى :
" إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها "
ومن ثم نستشعر غرابة الأشياء مع أنها أمور عادية فقد بين الله أنه يختبرنا بالشر وهو ألضرار وبالخير وهو النعم فقال :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
وانهى العطار مقال بأنه انشغاله بنظرية الاحتمالات والمفارقات يصيبه بالصداع فقال :
"مصادفة أم حكمة؟
لو أردنا الإسهاب في ذكر مفارقات الزمان وتصاريفه، وعجائب المصادفات وغرائبها، للزمنا الأمر مجلدات، فهناك الكثير من القصص في هذا المجال - لعلنا نتطرق إليها في مقالات قادمة - لكن بغض النظر عن غرابة تلك القصص، فأن كثيرا من الناس، من مختلف الأديان والعقائد والمذاهب والتوجهات الفكرية، يؤمنون بأن كل شيء في هذه الدنيا مدبر سلفا، وأن الأشياء لا تحدث عبثا ومصادفة، لكننا كبشر قد نعجز عن أدراك الحكمة التي تكمن وراءها، بسبب ضعف حواسنا والطمع والشهوة التي أعمت بصيرتنا - كما يزعمون -، لهذا يجد الكثير من المتصوفة والرهبان والزهاد متعة لا توصف في التأمل، يجلسون لساعات طويلة من دون حراك يتأملون في ما حولهم، يحاولون بصبر استشفاف الحكمة في كل ما يحيط بهم، فهم موقنون بأن لكل شيء مغزى ومعنى، حتى أصغر الأشياء وأتفهها، كرفرفة جناح عصفور وسقوط ورقة عن غصن شجرة، لا تحدث عبثا، لكنها جزء من حركة الوجود وتناسقه، وكتب التراث العربية تزخر بالحكايات والقصص في هذا المعنى، منها على سبيل المثال لا الحصر هذه القصة المعبرة التي ذكرها الأبشيهي في كتابه "المستطرف في كل فن مستظرف" .. يقول: "وحكي أن رجلا جلس يوما يأكل هو وزوجته وبين أيديهما دجاجة مشوية فوقف سائل ببابه فخرج إليه وانتهره فذهب فاتفق بعد ذلك أن الرجل افتقر وزالت نعمته وطلق زوجته وتزوجت بعده برجل آخر فجلس يأكل معها في بعض الأيام وبين أيديهما دجاجة مشوية وإذا بسائل يطرق الباب فقال الرجل لزوجته ادفعي إليه هذه الدجاجة فخرجت بها إليه فإذا هو زوجها الأول فدفعت إليه الدجاجة ورجعت وهي باكية فسألها زوجها عن بكائها فأخبرته أن السائل كان زوجها وذكرت له قصتها مع ذلك السائل الذي انتهره زوجها الأول فقال لها زوجها أنا والله ذلك السائل"!.
مسك الختام ..
التعمق في فلسفة المصادفات والغوص في نظرية الاحتمالات يصيبني بالصداع دوما، ذلك أني لم أفهم أبدا لماذا مات باكرا (س) المعافى السليم فيما عاش مديدا (ص) المريض السقيم؟ .. لماذا ولد (ج) فقيرا معدما بينما أتى (ح) إلى الدنيا وفي فمه ملعقة من ذهب؟ .. لماذا (ك) العاقلة المؤدبة لا يطرق بابها أحد بينما (ش) السطحية الحمقاء تزوجت ثلاث مرات؟! ..
لماذا يموت الأبرياء وينجو القتلة؟ ..
لماذا يداس الشرفاء بأحذية السفلة؟ ..
لماذا يفوز باللذات السوقة والجهلة؟ ..
لماذا وألف لماذا .. لم أفهمها .. لم أهضمها .. ولا أعلم ما المقصود من وراءها ..
هل هي مصادفة؟ .. أم ماذا؟ ..
"إنك قد رأيت الصورة لكنك غفلت عن المعنى"
- شيخ المتصوفين مولانا جلال الدين الرومي –"
إنها القدر يا إياد ولكن الناس لا يفكرون في عدل الله فكل ما يشغلنا ساعة المصيبة هو كيفية التخلص منها وإزالتها نحن ننشغل بالمصائب وهى الأضرار ومع هذا لا ننشغل بعد نعم الله كما نحصى نقمه الكبرى
المسألة هى عدالة إلهية ولكنها عدالة خفية قد نظنها ظلم ولكنها في الحقيقة عدل ولو جلس كل واحد يكتب ما يحدث له من النعم والنقم فسيجد البشر أنهم في البلاء متساوون ولكن المسألة أنهم لا يعدون لا النعم ولا النقم واحدة واحدة
|