عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-05-2024, 06:33 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,845
إفتراضي

"المسألة الثالثة:
أدلة الرأي الثاني ومناقشتها:
استدل القائلون بالقول الثاني بجملة أدلة، منها:
النصوص القرآنية الدالة على وجوب المماثلة في الجزاء والعقاب، منها قوله تعالى: "إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"
أصل العقاب في اللغة: المجازاة على الفعل، فالفعل ابتداء ليس عقابا،وإنما سماه الله عقابا على طريق المشاكلة
، فهذه الآية تدل على المماثلة في القصاص، وعلى وجوب المثل
قوله تبارك وتعالى: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"
وجه الدلالة في الآية الكريمة:

إن القصاص مأخوذ من قص الأثر، أي: اتباعه، فصار المعنى أن يتبع الجارح والقاتل فيفعل به مثل ما فعل بالمقتول، فالقصاص يستلزم المماثلة، أي: المماثلة في الجزاء والعقاب"
وأما الدليل الثانى فهو حديث اليهودى قاتل الجارية وفيه قال :
"حديث الجارية:

فقد ورد أن جارية خرجت بالمدينة، فرماها يهودي بحجر، فجيء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمق، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلان قتلك؟ فرفعت رأسها، فأعاد عليها، وقال: فلان قتلك؟ فرفعت رأسها، فقال لها في الثالثة: فلان قتلك؟ فخفضت رأسها، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله بين حجرين"
وجه الدلالة في الحديث:

إن النبي صلى الله عليه وسلم قتل اليهودي قصاصا بمثل ما قتل به الجارية"
وأما الدليل الثالث فهو :
"قوله صلى الله عليه وسلم: "من حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه"
وجه الدلالة في الحديث:

تصريح النبي صلى الله عليه وسلم أن القاتل يقتص منه بالطريقة التي قتل بها المجني عليه، حتى الإحراق والإغراق يقتص من القاتل بنفس الطريقة
الاستدلال العقلي:

قتل الجاني بمثل ما قتل به هو تحقيق لمعنى المماثلة والمساواة في القصاص"
وناقش أدلة الرأى الثانى فقال :
"مناقشة أدلة الرأي الثاني:
إن الآية: "إن عاقبتم فعاقبوا" غير صالحة للاستدلال هنا، حيث إنها وردت في مقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، حيث قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لئن ظفرت بهم، لأمثلن بسبعين رجلا منهم" فنزلت الآية
أما الآية: "ولكم في القصاص…"
يرد عليهم بـ:

إن المماثلة متحققة في إتلاف نفس الجاني مثل ما أتلف نفس المجني عليه، وعند ذلك نحقق معنى المماثلة"
قطعا كلام الآيات عام ولم ينزل فى أحد فهى أحكام عامة ولا يمكن رد المعنى العام لآية بروايات آحاد لا أصل لها
وناقض الرجل رأيه فى رفض حديث الجارية باحتمال نسخه أو كون اليهودى محارب بأنه الاجتمال لا يلغيه فقال :
"أما حديث الجارية:
فيرد عليهم بـيحتمل أن يكون مشروعا ثم نسخ
أو أن يكون اليهودي سعى في الأرض فسادا؛ فيقتل، إن رأى الإمام في قتله مصلحة ويستدرك الباحث على هذا الرد بكونه مجرد احتمال فقط لا يستند إلى دليل"

والحديث الثالث جعله حديثا ضعيفا فقال :
"حديث: "من حرق حرقناه…"
يرد عليه بـلا تقوم بهذا الحديث حجة؛ لأنه حديث ضعيف، ووجه ضعفه كما بينه الإمام ابن حجر أن في إسناده بعض من يجهل"
ورد على الاستدلال العقلة فقال :
"يرد على الاستدلال العقلي بـ:
لا نسلم لكم بوجود المساواة؛ لأن قتل الجاني بمثل ما قتل به لا يخلو من زيادة فامتنعت المساواة"
وهو كلام يتعارض مع صريح الآيات فالمماثلة واقعة وإلا ما طلبها الله
وتعرض الرجل لمسألة كون القتيل قتل بفعل محرم وكأن القتل ليس محرما كشرب الخمر أو ابتلاع مادة سحرية فقال :
"مسألة: إذا كان القتل بفعل محرم ، فكيف يكون القصاص عند أصحاب هذا القول(القائلين بالمماثلة)؟
صورة المسألة:
إذا مات إنسان من جراء فعل محرم كمن جرع خمرا من قبل رجل آخر ومات الأول، أو كمن مات من جراء السحر
حكم المسألة: اختلفت الآراء في هذه المسألة على النحو الآتي:
عند الشافعية: إذا قتله بسحر، يقتص منه بالسيف؛ لأن السحر حرام
إذا قتله بتجرع الخمر فالصحيح عندهم أنه يقتل بالسيف، ورأى عندهم أنه يسقى مائعا مباح كخل مثلا
عند المالكية: يستوفى القصاص بالسيف"

قطعا القصاص واجب بالمماثلة فيتم تجريع القاتل نفس الجرعات وكذلك السم السحرى فإذا كان سبب القتل محرم فالقتل نفسه محرم ومن ثم لا معنى للقول بأنه ارتكاب فعل محرم لأن فعل المماثلة طلبه الله دون استثناء فقال " بمثل ما اعتدى عليكم"
وبعد المناقشة قرر الرجل رايا قال فيه :
"المسألة الرابعة:
الرأي الراجح وضوابط استخدام آلات القصاص
بعد النظر في الأدلة يمكننا أن نجد طريقة للجمع بين الأدلة، من باب إعمال الدليلين أولى من إهمالهما فأقول:
إن أمكن تطبيق القصاص بنفس الطريقة التي ارتكبها الجاني نفعل ذلك
إن لم يمكننا ذلك، وهذه الحالة هي ما نعايشه اليوم، حيث إن الدولة هي التي تنفذ الحكم وليس الأفراد، وتنفيذ الحكم يقع من قبل الدولة
فيذهب الباحث إلى الانطلاق من تعليل الحنفية من الاقتصار على استخدام السيف كما قال الجصاص بـ: "إن المراد بالقصاص إتلاف نفسه -أي القاتل- بأيسر الوجوه وهو السيف" فالعلة هي إذا إيقاع القتل بأي أداة تزهق روح الجاني بأيسر ما يمكن من الألم والعذاب، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما فمتى وجدت العلة؛
نثبت بها الحكم، فإذا زالت العلة ؛ زال الحكم بزوالها و انتهى بانتهائها، فأي وسيلة تحققت فيها العلة وهي كما ذكرنا إزهاق روح القاتل بأيسر الطرق جاز استخدامها لتنفيذ القصاص والإعدام ضمن ضوابط ينبغي مراعاتها
وبناء عليه يجوز استخدام وسائل غير السيف في القصاص والإعدام ضمن ضوابط محددة ما دامت تحقق مقصود المشرع من إحسان القتل"

وكلامه عن القصاص بأسرع الوسائل هى كلام خاطىء فإذا كان القاتل تلذذ بتعذيب القتيل ساعات حتى مات فلابد من المماثلة فى ازهاق روجه عبر عدة ساعاتفلا معنى لسرعة ازهاق النفس إلا إذا ثبت أن الثتيل لم يعانى سوى دقائق معدودة وأما إذا ثبتت معاناته ساعات قبل خروج نفسه فيجب مماثلة ذلك فى القاتل
وأعلن الرجل رأيه الشخصى فقال :
"رأي الباحث:
"إن إحسان القتل قديما كان لا يحصل إلا بالسيف، فالأمر باستخدام السيف أصبح معروف العلة، وليس بأمر تعبدي، كما وضح ذلك الإمام الشوكاني إذ يقول:"إحسان القتل لا يحصل بغير ضرب العنق بالسيف كما يحصل به؛ لهذا كان صلى الله عليه وسلم يأمر بضرب عنق من أراد قتله حتى صار ذلك هو المعروف في أصحابه، فإذا رأوا رجلا يستحق القتل قال قائلهم: يا رسول الله دعني اضرب عنقه"
وعليه، يرى الباحث أن التركيز لا أن بد ينصب على مبدأ الإحسان في القتل الذي قال به الحنفية مستندين بذلك إلى الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبحته"وقد وضح الأمام النووي أن هذا النص عام في كل قتل من الذبائح، والقتل قصاصا، وفي الحدود كذلك،
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس