عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-06-2023, 07:43 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,019
إفتراضي نقد كتاب تنبيه أهل الإيمان إفك دعوى لبس الصحابة الصلبان في الفتوح

نقد كتاب تنبيه أهل الإيمان إفك دعوى لبس الصحابة الصلبان في الفتوح
المؤلف أبو الحسن الأزدي والكتاب يدور حول نقطة ذكرها المؤيدون والمعارضون لتكفير حكومة حماس وهى نقطة لا تتعلق بالتكفير وعدمه وإنما جاءت فى معرض الحديث عن ذلك وهى لبس الصحابة الصلبان فى الفتوحات وكاتبها هو أبو الوليد الغزى وفى هذا قال الأزدى :
"وبعد:
فقد وقعت العين على إيضاح لأبي الوليد الغزي على فتواه في حماس، ولم يكن بخاف ما كتب في شأن حكومة حماس، وانقسام الإخوان في حكمها بين مكفر وعاذر، وقد تكلم في هذه النازلة من الفريقين من هو أهل للكلام فيها، ومن هو دون ذلك، ولا ريب أن لكلي رأي متأهلة الفريقين مكان في النظر، ومأخذ معتبر، فخلفهما في النازلة لا يخرج عن دائرة السواغ، وإن أبى ذلك من أباه ..
قال أبو الوليد في إيضاحه: (وقد ذكر الواقدي - وهو ثقة في المغازي على الصحيح - أن الصحابة كانوا في الفتوح يلبسون - على وجه الحيلة - ثياب الروم وصلبانهم وربما حملوا الصليب الكبير بين أيديهم - يوهمون القوم أنهم من الروم!؛ ثم يباغتونهم في ديارهم، ذكر هذا في أخبار مختلفة في تسعة أو عشرة مواضع من الكتاب!)."

والبحث مبنى على هذا النقطة وقد تكلم عن ضرورة التأكد من صدق المصادر فقال :
"أقول وبالله أستعين: العلم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية إما نقل مصدق، وإما بحث ونظر محقق. وسيتبين بما يأتي اجتماع ضدي الصدق والتحقيق في هذا المنسوب إلى الصحابة رضوان الله تعالى عليهم!!
وهذه الدعوى مبنية عن كتاب (فتوح الشام) المنسوب للواقدي، وإن كان الشيخ أبو الوليد لم يذكر هذا، وكان ينبغي ذكر المرجع الذي استقي منه كلام الواقدي، فذلك أدعى لثقة طالب العلم وقبوله للمنقول، وترك النقول عرية عن ذكر مصادرها مدعاة لضد ذلك، والبحوث العلمية الجادة المحكمة من قبل أهل الاختصاص لا يتسامح فيها بمثل هذا كما هو معلوم.
وإذا كان المراد ترسيخ نتيجة ما في ذهن المتلقي، فسبيل ذلك مع سلوك سبيل المقدمات الصحيحة الموصلة إليها هو إبطال كل ما من شأنه القدح في تلك النتيجة أو التشكيك فيها، ومن الثاني عزو النقول إلى مصادرها.
ثم طالب العلم الذي يضن بدينه يحتاج في بعض ما يعرض عليه ويقرأه من تقريرات أهل العلم إلى المراجعة والبحث والتفتيش قبل أن يتبنى ويختار، وخاصة في المسائل والنوازل التي تتضارب فيها اختيارات الموثوق بهم من أهل العلم، ووظيفة العالم تقريب العلم وتيسيره

لمبتغيه، وإخراجه من مفاوز التيه، وتجنب ضدي ذين أمر لا ينبغي إغفاله، ومن ذلك ما نحن فيه.
هذه ملاحظة حسن التعريج عليها بين يدي المراد .."

وتحدث الأزدى عن الكتاب المذكور فيه تلك الروايات وقيمته فقال :
"وإذ ذكرت أن ما نسب إلى الصحابة رضوان الله تعالى عليهم في النص المنقول مستقى من كتاب فتوح الشام المنسوب إلى الواقدي، فالكلام في المقام الأول عن حقيقة هذا الكتاب.
والثاني: في قول الشيخ أبي الوليد حفظه الله عن الواقدي : (وهو ثقة في المغازي على الصحيح)."

وتحدث عن كذبة نسبة كتاب فتوح الشام للواقدى فقال :
"حقيقة كتاب (فتوح الشام) المطبوع:
فأما كتاب فتوح الشام المطبوع، فأهل العلم والاختصاص تكذب نسبته إلى الواقدي!! وأقلهم فيه قولا من يكذب نسبة الكثير منه له، أو يقف موقف المتشكك فيه، وحتى المستشرقون الذين اهتموا بالتراث الإسلامي وبتاريخه على وجه الخصوص، ونشروا هذا الكتاب شككوا في نسبته، ومنهم من جزم بكونه مختلقا مكذوبا على الواقدي."
وانتهى الأزدى إلى أن الكتاب منحول وفيها زيادات كثيرة على أصله فقال :
"فكتاب (الفتوح) المطبوع على أحسن أحسن أحواله، قد زيد على أصله أخبار وحكايات كثيرة ليست منه، واختلقت فيه قصص وكوائن وحوادث ما وقعت إلا في رؤوس مختلقيها، فغدا بهذا تالفا لا يمكن التعويل على شيء فيه البتة.
ومن قرأ صفحات من هذا الكتاب، بان له إن كان من أهل النباهة ما فيه من تزيد ومبالغات هي أشبه بالخيالات، وكذلك صياغة ألفاظه تنبيك أنها من تأليف قصاص يتطلب الإثارة لا كلام مؤرخ ينقل الوقائع والأحداث، هذا بالإضافة إلى ما فيه من أسانيد مظلمة! وأخبار مستنكرة! وحكايات لأشخاص وأبطال لا ذكر لهم في غير هذا الكتاب!! بل وقصص يستحيا من ذكرها لظهور الكذب والصناعة فيها من أول وهلة!! ثم فيه ما يناقض ما صح عن الواقدي نفسه من الأخبار!! ومن ذلك أن ابن سعد تلميذ الواقدي وكاتبه قد حكى عن الواقدي في الطبقات أن ضرار بن الأزور رضي الله عنه استشهد يوم اليمامة "

وأورد الأزدى أقوال بعض تلاميذ ابن سعد عن هفوات كبرى لا يمكن أن تقع كروايات بطولات ضرار بن الأزور بعد تاريخ استشهاده بسنوات وفيها قال :
"وكذلك البلاذري تلميذ ابن سعد حكى عن الواقدي هذا القول في كتابه (فتوح البلدان) في غير موضع ومع هذا تجد لضرار بن الأزور في كتاب (فتوح الشام) صولات وجولات، وحكايات وبطولات، بعد استشهاده بعدة بسنوات!!"
ونقل الرجل بعض أقوال المتخصصين فى حقيقية ذلك الكتاب فقال :
"ودونك طائفة من كلام أهل العلم والاختصاص بل وحتى المستشرقين تبين حقيقة الكتاب.
يقول الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية في وقته:
(سألني سائل عن الرأي في ما يوجد بأيدي الناس من كتب الغزوات الإسلامية وأخبار الفتوح الأولى, وعما حشيت به تلك الكتب من أقوال وأعمال تنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى كبار أصحابه , وهل يصح الاعتماد على شيء منها, ثم خص في السؤال كتاب الشيخ الواقدي الموضوع في فتوح الشام، وذكر لي أن بعضا من معربدة هذه الأيام المعتدين على مقام التصنيف قد جعلوا هذا الكتاب عمدة نقلهم، ومثابة يرجعون إليها في روايتهم، ليتخذوا منه حجة على ما يروجونه من تشويه سيرة المسلمين الأولين، وليسلكوا منه سبيلا إلى إذاعة المثالب ونشر المعايب! وأن بعضا آخر من ضعفة العقول من المسلمين ظنوا هذا الكتاب من أنفس ما ذخر الأولون للآخرين، وأنه جدير أن يحرز في خزائن الكتب السياسية، وحقيق أن ينقل من اللغة العربية إلى غيرها من اللغات، فأجبت السائل بجواب أحببت لو ينشر على ظن أن تكون فيه ذكرى لمن يتذكر ... -إلى أن قال بعد كلام له متين-: أما الشيخ الواقدي فكان من علماء الدولة العباسية ولاه المأمون القضاء في عسكر المهدي وكان تولى القضاء في شرقي بغداد، قال ابن خلكان: وضعفوه في الحديث وتكلموا فيه اهـ , أي: عدوه ضعيف الرواية ليس من أهل الثقة، ولهذا نص الإمام الرملي من علماء الشافعية على أنه لا يؤخذ بروايته في المغازي، فإن كان هذا الكتاب المطبوع الموجود في أيدي الناس من تصنيفه فهذه منزلته من الضعف عند علماء المسلمين، على أني لو حكمت بأنه مكذوب عليه مخترع النسبة إليه لم أكن مخطئا، وذلك لأن الواقدي كان من أهل المائة الثانية بعد الهجرة, وكان من العلم بحيث يعرفه مثل المأمون بن هارون الرشيد ويواصله ويكاتبه, وصاحب هذه المنزلة في تلك القرون إذا نطق في العربية فإنما ينطق بلغتها, وقد كانت اللغة لتلك الأجيال على المعهود فيها من متانة التأليف وجزالة اللفظ وبداوة التعبير, والناظر في كتاب الواقدي ينكشف له بأول النظر أن عبارته من صناعات المتأخرين في أساليبها وما ينقل فيها من كلام الصحابة مثل خالد بن الوليد وأبي عبيدةوغيرهم لا ينطبق على مذاهبهم في النطق, بل كلما دقق المطالع في أحناء قوله يجد أسلوبه من أساليب القصاصين في الديار المصرية من أبناء المائة الثامنة والتاسعة, ولا يرى عليه لهجة المدنيين ولا العراقيين, والرجل كان مدني المنبت عراقي المقام, ولولا خوف التطويل لأتيت بكثير من عباراته وبينت وجه المخالفة بينها وبين مناهج أبناء القرون الأولى في التعبير، على أن ذلك لا يحتاج إلى البيان عند العارفين بأطوار اللغة العربية، فهذا الكتاب لا تصح الثقة به, إما لأنه مكذوب النسبة على الواقدي وهو الأظهر ... إلخ
وهذا كلام متين رصين، وهو كما قال فيه، أن كتاب (فتوح الشام) المطبوع مستبينة صناعته المتأخرة -كله أو أغلبه- لمن طالع صفحات منه، وسيأتي الكلام على حال الواقدي في المغازي.
وقال الأديب أحمد عمر الإسكندري في انتقاده لكتاب تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان

(الأمر لا يجهله من له أدنى إلمام بتمييز كتابات العصور المختلفة أو بالتاريخ، أن كتب المغازي التي تطبع في مصر من مثل فتوح الشام ومصر والبهنسا وفتح خيبر وفتح مكة ورأس الغول ونحوها، هي من الكتب الموضوعة الخيالية المشتملة على بعض حقائق تاريخية، والأقرب أنها وضعت هي وقصة عنترة وذات الهمة وغيرها زمن الحروب الصليبية لتغرس في الناس فضيلة الشجاعة والاقتداء بالسلف الصالح، لا أنها هي نفس كتب الواقدي الحقيقية، وإن الذين سموها بهذه الأسماء هم جماعة الوراقين والنساخين، لترويج سلعهم عند القراء، كما نسب مؤلف قصة عنترة وروايتها إلى الأصمعي، وزعم أنه عمر وأدرك الجاهلية وقابل شيبوبا أخا عنترة وقد أفدنا من هذا النقل سبب وضع الكتاب واختلاق رواياته وبطولاته، والإسكندري يرى أن الكتاب من وضع وضاع شابه ببعض الحقائق كما ترى.
وقال الزركلي في ترجمة الواقدي:

(وينسب إليه كتاب فتوح الشام وأكثره مما لا تصح نسبته إليه
ويقول الأستاذ شاكر مصطفى في كتابه التاريخ العربي والمؤرخون في كلامه عن الواقدي وكتبه:
(كتب الفتوح .. فتوح الشام وفتوح العراق وفي نسبتها إليه الكثير من الشك).
ثم يقول في الحاشية: (تنسب هذه الكتب إليه وهي موجودة فعلا، فهناك:
- كتاب فتوح الشام ومصر وهو مخطوط بالمتحف البريطاني، وقد نشر في ليدن بعنوان: "كتاب فتوح مصر والإسكندرية المنسوب إلى الواقدي"، كما طبع في مصر سنة 1368 بعنوان: "فتوح الشام في جزءين" يتضمنان فتح الشام ومصر والعراق.
- وهناك كذلك كتاب فتوح أبهنا وفيوم من أرض مصر ....
-وكتاب فتوح أفريقية
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس