عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 26-05-2023, 07:42 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,023
إفتراضي

"أما العبد الذي خرج من مجرى البول مرتين فلا يليق به إلا التواضع وبينما عبد يسير متبخترًا إذْ خسف او به الأرض فهو يتململ فيها إلى يوم القيامة وفي الحديث«الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما قصمته ولا أُبالي»."
وتحدث عن الوحيد مسميا إياه بالوليد فقال :
"وقد ضُرب المثل في كتابه بالوليد بن المغيرة وهو الموصوف بالوحيد
(ذّرًنٌي وّمّنً خّلّقًتٍ وّحٌيدْا وّجّعّلًتٍ لّهٍ مّالاْ ممًدودْا وّبّنٌينّ شٍهٍودْا وّمّهدت لّهٍ تّمًهٌيدْا ثٍم يّطًمّعٍ أّنً أّزٌيدّ كّلا إنهٍ كّانّ لآيّاتٌنّا عّنٌيدْا سّأٍرًهٌقٍهٍ صّعٍودْا )
وقد خُصّ الوليد - والد خالد - بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة وإيذاء الرسول ... وكان يُسمى الوحيد في قومه قال ابن عباس ... كان الوليد يقول أنا الوحيد بن الوحيد ليس لي في العرب نظير ولا لأبي المغيرة نظير وكان يُسمى الوحيد.
وقد ذكر سبحانه نعمه عليه وأنه أمدّ له في المال والبنين وأنه بسط له في العيش بسطًا حتّى أقام ببلدته مترفهًا يرجع إلى رأيه ومع ذلك فلم يؤمن بل ازداد غيًا وكفرًا فلم يزل بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله وولده حتّى هلك."
والوحيد عاش فى عهد النبى(ص) والله أعلم بمن هو وتحدث عن أن عهناك أمور ليست من الترق كالنعل والثوب الحسن والتلذذ بالطيبات فقال :
" ليس من الترف أن يكون النعل حسنًا والثوب حسنًا أو أن يتلذذ الإنسان بالطيبات والمباحات فيكون مركوبه ومسكنه مناسبًا أو أن يُنفق على نفسه وأهله النفقة العرفية اللائقة به تبعًا لإعساره ويساره لا حرج في ذلك كله ولا يسعنا تحريم الحلال قال تعالى:
(قٍلً مّنً حّرمّ زٌينّةّ اللهٌ التٌي أّخًرّجّ لٌعٌبّادٌهٌ وّالطيٌبّاتٌ مٌنّ الرٌزًقٌ)
ونعم المال الصالح للعبد الصالح وكان سلفنا الصالح إذا وجدوا أكلوا أكل الرجال وإذا افتقدوا صبروا صبْر الرجال.
وكان النّبيُّ يُعجبه الكتف من اللحم وارتدى حُلة حمراء وقد جهّز عثمان بن عفان جيش العسرة وحفر بئر رومة وكان عبد الرحمن بن عوف من أغنى أغنياء المدينة.
وقال البعض كل ما لم يلهك عن طلب الآخرة فليس بمتاع غرور ولكن متاع بلاغ إلى حين.
وقال الآخر كيف لا أُحبُّ دنيا قُدر لي فيها قوت أكتسب به حياة وأدرك بها طاعة أنال بها الجنة وقالوا نعمت الدار الدُّنيا كانت للمؤمن وذلك أنه عمل قليلاً وأخذ زاده منها إلى الجنة وبئست الدار كانت للكافر والمنافق وذلك أنه ضيع لياليه وكان زاده منها إلى النار.
وليس الزهد كما قال أبو حازم بتحريم الحلال ولا بإضاعة المال ولكن أن تكون بما في يد او أوثق منك بما في يد نفسك وأن تكون حالك في المصيبة وحالك إذا لم تُصبْ بها سواء وأن يكون مادحك وذامك في الحق سواء.
لا بأس بشيء من المزاح والبسط والتنعم المباح كما قال أبو الدرداء«روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإنها إن كلّت عميت».
وكانت الحبشة تلعب بالحراب في المسجد ويقول لهم النّبيُّ«دونكم بني أرفدة» وكانوا يلعبون في يوم العيد."
إذا أباح الله التمتع بالطيبات وهى ما أحل الله من الأعمال وأما تحويل التعن إلى أعمال أخرى الغرض منه اللعب وهو العبث بأحكام الله وظلم الأخرين فهو المحرم كما قال :
"ولكن لا ينبغي أن تصبح الحياة لعبًا أو أن يغلب المزاح والترفه على الإنسان بحيث يُنسيه ربه ودينه وقد عاتب سبحانه الصحابة في شيء من ذلك لما هاجروا إلى المدينة ونزل قوله تعالى(أّو لّمً يّأًنٌ لٌلذٌينّ آمّنٍوا أّن تّخًشّعّ قٍلٍوبهٍمً لٌذٌكًرٌ اللهٌ وّمّا نّزّلّ مٌنّ الًحّقٌ وّلا يّكٍونٍوا كّالذٌينّ أٍوتٍوا الًكٌتّابّ مٌن قّبًلٍ فّطّالّ عّلّيًهٌمٍ الأّمّدٍ فّقّسّتً قٍلٍوبهٍمً وّكّثٌيرِ مٌنًهٍمً فّاسٌقٍونّ )
قال ابن مسعود«ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا او بهذه الآية إلا أربع سنين» [رواه مسلم].
قال الحسن«استبطأهم وهم أحب خلقه إليه»
وقال ابن مسعود«فجعل ينظر بعضنا إلى بعض ويقول ما أحدثنا؟».
وروي أنّ المزاح والضحك كثر في أصحاب النّبيّ لما ترفهوا بالمدينة فنزلت الآية ولما نزلت قال:
«إنّ او يستبطئكم بالخشوع» فقالوا عند ذلك خشعنا.
وقال محمد بن كعب كانت الصحابة بمكة مجدبين فما هاجروا أصابوا الريف والنعمة ففتروا عما كانوا فيه فقست قلوبهم فوعظهم او فأفاقوا.
لابدّ من سدِّ الذرائع التي تئول بالبلاد والعباد إلى الترف المذموم الذي يجر إلى الذنوب والمعاصي ويُورث دمارًا وهلاكًا وهذا يتطلب منّا العودة الصادقة لكتاب او ولسُنّة رسول او علمًا وعملاً واعتقادًا وأن نبذل وسعنا في معاني التقدم والتحضر والتطور وفق منهج العبودية بحيث نُقيم حضارة على منهاج النبوة فالنعمة لا تطغينا والمصيبة لا تجعلنا نيأس ونقنط من رحمة الله وأن نواجه النعم والغنى بالشكر والفقر بالصبر.
وقد سُئل الإمام أحمد أيكون الإنسان ذا مال وهو زاهد؟ قال نعم إن كان لا يفرح بزيادته ولا يحزن بنقصانه.
فأخرجوا الدنيا من قلوبكم وضعوها في أيديكم
(وّتّزّودٍوا فّإن خّيًرّ الزادٌ التقًوّى وّاتقٍونٌ يّا أٍوًلٌي الأّلًبّابٌ ) "
إذا المراد من نعم الله فى الإسلام هو العمل بها فى طاعات الله وليس الخروج عليها
وتحدث عن الخوشنة معتبرا أن التعن قد تقل وقد تكثر والواجب فى الحالين العمل بها فى طاعة الله فقال :
" (وّعٌبّادٍ الرحًمّنٌ الذٌينّ يّمًشٍونّ عّلّى الأّرًضٌ هّوًنْا وّإذّا خّاطّبّهٍمٍ الًجّاهٌلٍونّ قّالٍوا سّلامْا )
فاخشوشنوا فإنّ النعمة لا تدوم وإياكم والتنعم فإنّ عباد او ليسوا بالمتنعمين وكلنا موقوف به ومسئول بين يدي من لا تخفى عليه خافية ثم لتُسئلن يومئذ عن النعيم واعلموا أنكم لم تروا من الخير إلاّ أسبابه ولم تروا من الشر إلاّ أسبابه. الخير بحذافيره في الجنة والشر بحذافيره في النار والدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر ولكل دار بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا."
إذا الترف وهو نعم الله الكثيرة المطلوب فيها اتباع أحكام الله فيها والبعد عن طاعة هوى النفس
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس