عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 18-05-2023, 07:19 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,031
إفتراضي

وتقدر منظمة الصحة العالمية أنّه بحلول عام 1997 فإنّ عدد الاشخاص المتوقع أن يموتوا بمرض الايدز يتراوح ما بين 12500 و 150000 شخص .
أقول: وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون.
ثمّ إنّ المستفاد من هذا ومما مر في المطلب التاسع وغيره أنّ سبب فيروس الايدز هو اللواط ومباشرة البغايا مع تعدد القرناء، والمستفاد من غيرها أنهما سبب الانتقال دون سبب الوجود، وعلى هذا فلم يذكر سبب وجود هذا الفيروس في كلام الاطباء، وكأنه لعدم علمهم به حتى الآن"
المقال الأول انتهى وهو خاص بالمرض كمرض وإن لم يكن شاملا وأما ما يهمنا فهو المقال الثانى المتعلق بالمسائل القضائية المتعلقة بالأمراض المعدية وقد استهله بحرمة نقل المرض المعدى عمدا وعقوبة الناقل المتعمد فقال:
"الاَحكام الفقهية المتعلقة بمريض الايدز وبكل مرض معد
1 ـ يحرم على المريض بالايدز ـ وبكل مرض معدٍ كجملة ما اسميناها في المطلب العاشر من المسألة السابقة ـ نقل مرضه إلى غيره من المسلمين وأهل الذمة والمعاهدين لحرمة الاضرار بهم جزماً، ويعاقب المخالف المتعمد بما يراه الحاكم الشرعي صلاحاً، ويمكن تحريم نقل الجرثومة إلى الغير وان لم تكن بالفعل مرضاً له.
وعلى كل الاِضرار حرام بأي وجه اتفق حتى بمثل السحر ونحوه، بل العقل يقبّح حرمة الاضرار بالجن والحيوان وكل ما يحس الاَلم، وبمقتضى قاعدة الملازمة يمكن أنْ نقول بحرمة ذلك شرعاً، وكذا باطلاق قوله صلى الله عليه وآله «لا ضرر ولا ضرار» فيحرم الاِضرار مطلقاً إلاّ فيما دل الدليل الشرعي على الجواز كذبح الحيوان واستثماره."
ورد عقوبة ناقل المرض إلى الحاكم كلام بلا دليل من الشرع فالحكم هو حكم الله ومن ينقل المرض للمسلمين هو محارب لله يفسد فى الأرض مريدا اهلاك النسل وحكمه هو حكم المحارب لله وهو القتل بإحدى الوسائل المذكورة وفى حكم الحرابة وفيه قال تعالى :
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم أو أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض"
وفى الحكم الثانى تحدث هم القصاص من الناقل حال موت المنقول إليه فقال :
2 ـ إذا نقل المريض فيروس الايدز ـ أو أي مرض معد آخر ـ إلى غيره فمات به ذلك الغير ولو بعد مدة وثبت علمياً استناد موته إلى نقل العدوى، فان كان الناقل متعمداً جاز لولي الميت قصاص الناقل إذا كان المرض مهلكاً، وإذا كان الناقل جاهلاً أو غافلاً يجب عليه الدية على ما تقرر في كتاب الديات."
بالقطع عملية اثبات النقل التعمدى للمرض المعدى عملية شبه مستحيلة إلا فى حالة التلبس بنشر مسبب المرض فى وسيلة سريعة كالماء أو الخطابات ثبت إصابة من تسلمها وفتحها بالمرض كما يحكى فى مرض الجمرة الخبيثة
وإذا ثبتت الجريمة على فرد إن كان له مال وزع على المعديين أو ورثتهم وأما إذا لم يكن له مال قتل بحد الحرابة الذى هو مقتول به فى كل الأحوال
ونقل الباحث من بطون الكتب كلام ما أنزل الله به من سلطان عن الغرامات والأرش والدية فقال :
3 ـ يستحق المنتقل اليه أخذ الغرامة عن الناقل وحيث إنّه لا دية مذكورة له ففيه الارش، وتكميل البحث فيه بذكر فصول ثلاثة: (الاَوّل): في اصل لزوم الارش في غير ما ورد فيه الدية:
قال صاحب الجواهر في بحث ديات الاَعضاء في شرح قول ماتنه (كل ما لا تقدير فيه ففيه الارش): المسمّى بالحكومة، وفيه يكون العبد أصلاً للحر كما هو ـ أي الحر ـ أصل له (أي للعبد) فيما فيه مقدر بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، مضافاً إلى إمكان استفادته من النصوص بالخصوص فضلاً عن استفادة عدم بطلان الجناية وكونها هدراً حتى ارش الخدش من الكتاب والسنة، فليس مع عدم تقديره إلاّ الحكومة، وإلاّ كانت جناية لا استيفاء لها ولا قصاص ولا دية، وهو مناف لما يمكن القطع به من الادلة كتاباً وسنةً وإجماعاً.
أقول: فليكن حكم الارش مقطوعاً بما ذكره، وببناء العقلاء عليه، وما ورد من عدم سقوط حق مسلم ، وما في أحاديث الجامعة المذخورة عند الائمة عليهم السلام من ثبوت الارش حتّى على الخدش والغمز.
(الثاني) في كيفية الارش:
في الشرائع والجواهر: كل موضع قلنا فيه الارش أو الحكومة فهما واحد اصطلاحاً، والمعنى أنّه يقوّم المجروح صحيحاً لو كان مملوكاً تارة ويقوّم مع الجناية أُخرى وينسب إلى القيمة الأولى ويعرف التفاوت بينهما ويؤخذ من الدية للنفس لا للعضو بحسابه، أي التفاوت بين القسمين ...
وكيف كان، فهذا في الحر الذي يكون العبد أصلاً له في هذا الحال ضرورة توقف معرفة الفائت على ذلك بعد عدم التقدير من الشارع له،والفرض كون الجملة مضمونة بالدية فتضمن الاَجزاء منها، فيستكشف بذلك كما يستكشف تفاوت المعيب والصحيح ثم يرجع بعد إلى ثمن الذي ضمن به المبيع، فكذلك هنا، وهو واضح .
(الثالث): ما يمكن أن يقال في المقام وبالله الاعتصام:
لا يبعد أنْ يلزم الجاني بدفع جميع ما يحتاج المريض إلى صرفه في علاجه من ثمن الاَدوية وأجر الاَطباء وما يصرف في مقدمات التداوى حتّى أجرة السيارة وكذا ما يفوت على المريض من منافعه اليومية لأجل المرض، وهذا هو طريق العقلاء في أخذ الغرامة من المعتدي، ولاحظ الفصل الثالث من كتاب إجارة العروة الوثقى
(المسألة الثالثة)، ولا يحصل لنا علم من اجماع الجواهر، فلا يكون حجة لنا على انّه لا سبيل لنا في مثل هذه الاعصار إلى قيمة العبد ولا وجود له في بلادنا . ولا أدري رأي أهل الاستنباط ـ أيدهم الله ـ في هذا العصر، غير أن ما ذكرنا هو الارجح.
واما في الأمراض التي لا علاج لها فتعيين ارشها موكول إلى نظر الحاكم بمشورة أهل الخبرة منهم الاَطباء، مضافاً إلى غرامة منافع المريض اليومية الفائتة لأجل المرض عليه.
ويمكن أنْ نقول في نقل فيروس الايدز إنّه يهدم مناعة البدن وهي واحدة، فاتلافها يوجب الدية كاملة. لكن قيل: إنّ هذه القاعدة في خصوص الاعضاء دون المنافع، ففي صحيح هشام بن سالم المروي في الفقيه عن أبي عبدالله قال: كلما كان في الانسان اثنين (اثنان ـ يب) ففيهما الدية في احداهما (احدهما ـ يب) نصف الدية، وما كان (فيه ئل) واحداً ففيه الدية .
أقول: تقييد الخبر أو انصرافه إلى خصوص الاعضاء محتاج إلى دليل قرينة كقوله في أولّ الخبر: «اثنين»، وإلاّ فالخبر يشمل الصفات النفسية أيضاً مضافاً إلى قواه البدنية، لاَنّ الموضوع هو الانسان، وهو مركب من البدن والنفس دون خصوص البدن.
وربما يورد على ما ذكره صاحب الجواهر أيضاً، أنّ الاَجزاء في الحر ليست قيمتها منسوبة إلى قيمة الانفس كما هو كذلك في السلعة فتشبيه السلعة بالنفس غير ظاهر الوجه بل قد يكون قيمة الاجزاء عشرين أضعاف قيمة الكل، واللازم في الارش هو التقدير حسب المناسبات العرفية المستفادة من حكم الشارع بمقادير الدية، ويمكن أنّ يجاب عنه بأنّه أهمل في باب الديات، مثلاً يد الخطاط الماهر وبعض اهل الصنعة لها منافع كثيرة مع عدم الاختلاف في دية قطع اليد."
وكل هذا الحديث ليس له علاقة بأمر نقل الأمراض عمدا أو خطئا سوى تكليف الناقل للمرض بدفع ثمن علاج الذين أمرضهم وكما سبق القول عملية إثبات نقل فرد للمرض المعدى عملية غير ممكنة إلا فى حالات نادرة تحدثت عنها سابقا
وثمن العلاج ممكن إن كان للناقل مال يكفى كل من نقل لهم المرض والناس لا يفكرون فى الأمر بهذه الطريقة فنقل المرض من أحد أهل البيت لبقيتهم أمر حتمى نظرا لوجودهم فى مكان واحد وهو نقل خطأ لا يمكن دفع مال فيه لأن الأب أو الوج مكلف بعلاج الكل وليس المريض الأول
وهناك أمراض لا تظهر فيها الأعراض إلا متأخرا ومن ثم لا يمكن فى المدة الأولى من المرض معرفته وتتم العدوى فيه دون معرفة المريض نتيجة المخالطة والاستعمال ومن ثم الأمر ليس فيه ثمن علاج ولا غيره ويغنى عنه فى دولة المسلمين أن المجتمع ككل مكلف بعلاج أفراده
وتحدث عن قيام السلطات الطبية بمنع بعض أصحاب المعدية من الخروج من أماكن الحجر الصحى وترك بعضهم كمرضى الإيدز فقال :
"4 ـ على الحكومة أنْ تراقب كل المرضى بالأمراض المعدية على أنْ لا ينقلوا العدوى إلى الاصحاء مراقبة بمقدار اللازم لا أزيد، والأمراض في العدوى مختلفة، وقد تقدم في المسألة السابقة أنّ مرض الايدز أخف الامراض المعدية، فلا بأس بذهاب المريض به إلى معاهد التعليم والتعلم والمعامل والمؤسسات الحكومية وغيرها، وإنما يراقبون في خصوص الطرق الاَربعة الناقلة إلاّ إذا ثبتت العدوى بغيرها أيضاً، فتتسع المراقبة.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس