عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 13-05-2023, 06:30 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,031
إفتراضي

"9 - ثم قال: " وأما ضعف عقلك، فلما ظننته بنفسك من انك قمت بإظهار الحق وبيانه، وأنه قد صح لك منه ما لم يصح لصحابة نبيك، صلى الله عليه وسلم، ولا اهتدوا إليه "
قال علي: فلو علم هذا المجنون الفاسق، أن هذه صفته وصفة أمثاله لأعول على نفسه فأول ذلك كذبه علينا أننا ندعي انه قد صح لنا من الحق ما لم يصح لصحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا اهتدوا إليه وكيف هذا ولا نقول بغير السنن التي نقلوها إلينا، وعرفوا بها، ولا نتعداها فكيف يصح لنا ما لم يصح لهم وليس عندنا شيء من الدين إلا من قبلهم ونقلهم فقد صح كذبه جهاراً وأما الصفة التي ذكر فصفته لأنه سلك تقليد مالك، ولا يختلف اثنان أنه لم يكن قط في أصحابه، رضي الله عنهم، مقلد لأحد، ولا موافق لجميع قول مالك حتى لا يحل عنه خلاف لشيء منها، فقد صح يقيناً أن هذا الجاهل، كاتب تلك الصحيفة، هو الذي يظن نفسه انه وقع من التقليد على علم غاب عن جميع الأمة، فهو العديم العقل حقاً، نعوذ بالله من الخذلان، ونسأله الهدى والتوفيق
وذكر اتهام الرجل له بقلة العلم ونقصان العقل فرد عليه فقال :
"10 - ثم قال: " وأنت إنما نبغت في آخر الزمان وفي ذنب الدنيا، بعد البعد عن القرون الممدوحة ، في وقت قلة العلم وكثرة الجهل، فهذا عند كل عاقل من فساد حسك ونقصان عقلك "
قال علي: فأما قوله إننا في آخر الزمان، فنعم، وفي ذنب الدنيا والبعد عن القرون الممدوحة، وفي وقت العلم وكثرة الجهل ولكن الله تعالى، وله الحمد، علمنا من فضله كثيراً، ويسرنا لسلوك طريق الصحابة والتابعين وأهل القرون الممدوحة، ثم من بعدهم لأئمة المسلمين وأعلام المحدثين، إذ صرف قلبك عنهم، ووفقنا لاتباعهم والتمسك بطريقتهم إذ أعماك عن ذلك، وهدانا إلى طلب السنة إذ أضلك عنها ، فله الحمد كثيراً وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: " عن هذا الدين بدأ غريباً وسيعود غريباً، طوبى للغرباء " ولله الحمد [على ما وهب] من قوة الحس وتمام التمييز؛ ومن ضعف حسك وعدم عقلك، إعراضك عن ما أمر الله به من اتباع ما أتاك به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبلت على ما نهاك عنه [من] التقليد"
وأما سبب عدم تمييز ابن حزم فهو مطالبته بعدم تقليد الصحابة وقد رد عليه ابن حزم فقال :
"11 - ثم قال: " وأما ضعف تمييزك وتحصيلك فظاهر في تناقضك وذلك أنك تنهى عن تقليد الصحابة فمن دونهم وتحث أتباعك على تقليدك، والتعويل على تواليفك، وتذم القول بالرأي، وأنت تفتي في دين الله عز وجل، بما لم يرد بيانه في كتاب الله، ولا على لسان رسول الله، صلى الله عليه وسلم "
قال علي: فليعلم هذا الجاهل أنه كاذب في أكثر ما ذكر: أما نهينا عن تقليد الصحابة فمن دونهم، فأمر لا ننكره، ونحن في ذلك موافقون لجميعهم في نهيم عن ذلك بلا خلاف أينكر هذا السائل أمراً قد صح به إجماع الأمة كلها وهلا أنكر هذا على مالك إذ لا يختلف أحد أن قوله: لا يقلد لا صاحب ولا من دونه وأما قوله إننا نحض أتباعنا على تقليدنا فقد كذب صراحاً بواحاً، وما نحض أصحابنا وغيرهم، ولا نملأ كتبنا إلا بالأمر باتباع القرآن وسنن النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع الامة، ومطالعة أقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من العلماء، وعرضها على كلام الله عز وجل، وكلام نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فلأيها شهدا قلناه
وأما دعواه بأننا في القرآن والسنة، فقد كذب جهاراً علانية، نفتي في كتبنا بما ليس في القرآن والسنة، فقد كذب جهاراً علانية، وكتبنا حاضرة ومشهورة، ظاهرة منشورة، ما فيها كلمة مما يقول، والحمد لله رب العاملين كثيراً ولو تفكر هذا الجاهل فيمن هو المفتي بما ذكر لسخنت عينه، ولعظمت مصيبته، وحسبنا الله ونعم الوكيل"
وتحدث عن اتهام الكاتب له بأنه جاهل فرد عليه فقال :
"12 - ثم قال: فانتبه أيها الجاهل، واعرف منزلتك، فإنك جاهل بمقدار نفسك
قال علي: فلو أوصى نفسه بهذه الوصاة أو قبلها لوفق، فهي والله صفته يقيناً"
وكرر اتهامه بضعف القل والتمييز فرد عليه فقال:
"13 - ثم قال: " وحالك عند أهل التحصيل على وجهين: أحدهما ضعف العقل وقلة التمييز، والثاني خبث السريرة وقصد التمويه والتطرق إلى أسباب قد تريدها، والله تعالى بالمرصاد، وعالم سرائر العباد "
قال علي: فليعلم هذا أن هذه هي صفاته، وأما تشنيعه بما ذكر فمنزلة نهيق ناهق وعواء عاو ، ولن يعدم على ذلك خزياً من الله عاجلاً وآجلاً، ومقتاً من عباده عوداً وبدءاً ، والله حسيب كل ظالم"
وذكر ابن حزم أن الكاتب طالبه بالتوبة مما هو عليه فرد عليه ابن حزم فقال :
"14 - وأما قوله: " لئن لم تنتبه من رقدتك، وتستيقظ من غفلتك، وتبادر إلى التوبة من عظيم ما افتريت، فسيرد فيك، وفيمن يقصدك ويترك أن يقيم فيك حق الله، من أجوبة أهل العلم في أقطار الأرض ما ستعلمه ، وأرجو أن يريح الله منك العباد والبلاد دون ذلك، أو يصلحك إن كان قد سبق في علمه ذلك ولتعلمن أيها الإنسان، نبأه بعد حين "
فنقول له: أيها المخذول عماذا نتوب عن اتباع القرآن وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة واتباع جميع الصحابة رضي الله عنهم، وسلوك سبيل كل عالم في الأرض من المؤمنين فمعاذ الله من التوبة من هذا وإلى ماذا نرجع إلى رأي مخلوق لا يغني عنا من الله شيئاً وتقليده حاشا الله من ذلك ولعمري لئن نصحت نفسك ونظرت لها، لترجعن إلى ما دعوناك إليه من اتباع القرآن والسنة وإجماع الامة، وإلا فسترد وتعلم
وقد استتبنا اللعين المريد المرتد المتوجه إليكم بهذه الأكذوبات المفتراة، والفضائح المفتعلة، وهو ابن البارية، ولقينا العتقي الذي حمق من حمق منكم، ونحن نرجو عادة الله تعالى فيمن عند عن كلامه، واستغنى عن كلام نبيه محمد صلى الله عليه وسلم {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} (الحج: 40)
وأما وعيدك بأجوبة العلماء في أقطار الأرض:
فتلك أضاليل المنى وغرورها سرت بكم في الترهات البسابس العلماء والله قسمان لا ثالث لهما: إما عالم موافق، وإما عالم أداه اجتهاده إلى مخالفتي، فهو إما سالك طريق أهل العلم في حسن المعارضة والمخاطبة بالحجة لا بالخبط والتخليط والحماقة، وإما ممسك ساكت، لا كالطريق التي سلكت من التقحم في الفتيا، قبل أن تستفتى، والتهالك في السخفوأما قولك: " أرجو أن يريح الله منك العباد والبلاد " فإنما يريح الله من الكافر العاند عن كلام الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأما المؤمن فمستريح
وما أقول لك إلا كما قال جرير :
تمنى رجال أن أموت وغن أمت فتلك طريق لست فيها بأوحد آذاه لعل الذي يبغي وفاتي ويرتجي بها قبل موتي أن يكون هو الردي والله لئن مت، ما أسد قبوركم، ولا أوفر عليكم رزقاً ولأردن على رب رحيم، وشفيع مقبول، لأني كنت تبع كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، لا أتخذ دونهما وليجة لكن إن مت انت، فتقدم والله على رب خالفت كتابه، وعلى نبي اطرحت أوامره ظهرياً وأطعت غيره دونه، فاعد للمسألة جواباً، وللبلاء جلباباً؛ وسترد فتعلم ولا عليك إن مت عاجلاً أو تأخر موتي، فلقد أبقى الله تعالى لك ولأمثالك مما أعانني الله ووفقني له حزناً طويلاً، وخزياً جزيلاً، وكسراً لكل رأي وقياس ونصراً للسنة مؤزراً، ولينصرن الله من ينصره، فهل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين
وبعد، فلتطب نفسك بعد أن تذيقها برد اليأس، على أن تعارض بهوس ما في تلك الرسالة الحق الواضح، وكيف تعارض نص القرآن والسنة هيهات من ذلك فأقصر فهو أروح لك، وأجمل بك إن شاء الله تعالى"
الرسالة لا تمت للعلم بصلة فليس فيها من العلم قليل ولا كثير وإنما اتهامات متبادلة فابن حزم لا يرد على الرجل ردا علميا بذكر أدلته وبراهينه
ويمكن أن تصنف تلك الرسالة فيما يسمى أدب النقائض وهى الذم المتبادل كما هو مشهور من شعر جرير والفرزدق فالطرفين كلاهما غير ملتزم بآداب الحوار فالاثنين يصفون بعضهم بالجعل والحمق وفلة العقل والانحراف عن الدين
والغريب أن كل طرف من الطرفين يعلن أنه متبع لله ورسوله(ص) مع أن الاثنين بعد عن اتباع الله فى قوله :
" اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم"

فالاثنين يدافعان عن الروايات ولكن ليس دفاعا يتفق مع كتاب الله
وبالقطع حرم الله مثل هذه الكتب التى ليس بها فائدة علمية والتى تعج بالسباب والهجاء من خلال قوله تعالى :
"إن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس