عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-05-2023, 06:33 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,022
إفتراضي

وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله (ص)((فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاة؛ وفي مسجدي بألف صلاة، وفي مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة))."
وهذه الأحاديث تكذب كلام الله فى أنه حدد أجر العمل غير المالى كالصلاة بعشر حسنات فى أى مكان فقال :
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"

وبنى هو وغيره على تلك الأحاديث أفضلية مكة على المدينة مع أن الأفضلية واضحة وهى وجود البيت الحرام ووجود الحج فيها فقال:
"ووردت أحاديث أخر أضربنا عنها خوف الإطالة إذا علمت هذا؛ فاعلم وفقك الله تعالى: أن تفضيل الصلاة في المسجد الحرام، يستلزم تفضيل مكة على المدينة المنورة؛ وبه قال أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء؛ مستدلين بذلك؛ وبأن الله تعالى ذكر المسجد الحرام في عدة مواضع من كتابه على سبيل التعظيم صريحا، ولم يذكر مسجد المدينة كذلك."

وتحدث عما فضلوا المدينة على مكة فقال:
وخالف في ذلك الإمام مالك ؛ فقال: المدينة أفضل؛ لما روي أن النبي (ص)لما خرج من مكة متوجها إلى المدينة قال: ((إلهي! إن أهل مكة أخرجوني من أحب البقاع إلي؛ فأنزلني أحب البقاع إليك)).

وقد أنزله بالمدينة؛ ومحبوب الله أفضل من محبوب النبي عليه السلام؛ ولهذا اختار (ص)المقام فيها إلى أن مات ودفن بها.
قلت: فكانت المدينة أفضل لهذا المعنى:
بجيرانها تعلو الديار وترخص ...لكن الجواب عن هذا سهل، وهو:
أن ذلك خاص بالبقعة الشريفة التي أنزل فيها للقبر، وضمت أعضاءه الشريفة، وتلك البقعة لا شك أنه أفضل من الكعبة، وأفضل من العرش، والكرسي، واللوح، والقلم، والجنة، وبها افتخرت الأرض على السماء.
وهذا ليس محلا للنزاع وإنما النزاع في تفضيل الحرمين الشريفين، والبلدين النيرين؛ فكيف يقول الإمام مالك رحمه الله تعالى في تفاوت الصلاة في المسجدين؟ وبماذا يجيب على الأحاديث الواردة في ذلك؟
ومع ذلك، فطينته (ص)من الكعبة، لما روى الزبير بن بكار أن جبريل أخذ التراب الذي خلق منه النبي (ص)من تراب الكعبة قال ابن عباس: أصل طينته من سرة الأرض بمكة.

فإن قيل: مدفن الشخص مكان طينته؛ لما روى ابن عبد البر موقوفا: (أن المرء يدفن في البقعة التي أخذ منها ترابه عندما خلق). وهو (ص)دفن بالمدينة الشريفة؟
فالجواب: ما نقله العلماء: أن الماء لما تموج عند وقوع الطوفان، ألقى تلك الطينة إلى ذلك الموضع من المدينة الشريفة.
وعن ابن عباس: أنه (ص)قال في حق مكة: ((ما أطيبك من بلدة وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك، ما سكنت غيرك))، رواه الترمذي، وابن حبان، والحاكم.
وعن عبد الله بن عدي قال: رأيت النبي (ص)على راحلته واقفا يقول: ((والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت)). رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والدارقطني، وصححه الترمذي. وقال ابن حزم: إنه في غاية الصحة.ورواه أبو هريرة أيضا.

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص)لما أخرج من مكة: ((أما والله إني لأخرج منك، وإني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله وأكرمها علي؛ ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)).
وفي تفسير البيضاوي وغيره: أن النبي (ص)سئل عن مخرج الدابة؛ فقال: ((من أعظم المساجد حرمة على الله تعالى -يعني المسجد الحرام-)).
قلت:
فثبت بهذا أن المسجد الحرام أعظم المساجد، وأن مكة محبوب الله أيضا؛ لما في حديث ابن عباس من قوله: ((إنك أحب البلاد إلى الله))؛ مع ما ورد من مضاعفة الصلاة في المسجد الحرام، على ما مر.
بل: ولا خصوصية في المضاعفة للصلاة؛ إذ جميع حسنات الحرم تتضاعف كالصلاة؟؛ وارتضاه أئمتنا! لحديث ابن عباس الذي رواه الحاكم وصححه، وفيه: أن كل حسنة من حسنات الحرم بمائة ألف حسنة.

وقال الحسن البصري في ((رسالته)): ما أعلم على وجه الأرض بلدا يرفع الله الحسنة فيه بمائة ألف إلا مكة؛ فمن صلى فيها صلاة كتب له مائة ألف صلاة، ومن صام فيها يوما كتب له صوم مائة ألف يوم، ومن تصدق فيها بدرهم كتب له بمائة ألف درهم، ومن ختم فيها القرآن مرة واحدة كتب الله تعالى له مائة ألف ختمة بغيرها، وكذلك من سبح الله تعالى تسبيحة واحدة أو هلل أو استغفر؛ فكل واحدة من ذلك بمائة ألف، وكل أعمال البر فيها كل واحدة بمائة ألف انتهى.
فثبت بما قررناه أن مكة أفضل من المدينة وهو مذهب الجمهور خلافا للإمام مالك "

وما سبق من أحاديث متناقض ولا أدرى كيف يفضل القبر على الكعبة مع أن القبر ليس فيه سوى جثث كباقى الجثث كما قال تعالى على لسان رسوله(ص):
"قل إنما أنا بشر مثلكم"

فكيف تكون جثته أفضل من جثث الآخرين وهى كلها من التراب وإلى التراب عادت ؟
أفضلية الرسول ألأخير (ص) هى فى اصطفاء الله له كرسول وليس تفضيل لجثته
وتحدث عن كثرة ثواب العمل فى مكة مكررا ما قاله فى المسألة السابقة فقال :
"المسألة الخامسة في مضاعفة السيئات كالحسنات في البلد الحرام:
اعلم -وفقك الله تعالى- أنه لا خصوصية لمضاعفة الحسنات بالبلد الحرام؛ بل السيئات كذلك؛ فقد علم من الشريعة الغراء والملة الزهراء، تضاعف الذنب في شرائف الأزمان والأحوال؛ فكذا في شرائف الأمكنة.
ألا ترى ما يترتب على الرفث في رمضان؟
وفي مدة الإحرام؟
وما يترتب من تغليظ دية الخطأ في الحرم والإحرام والشهر الحرام؟ فيجب مع اجتماع كلها في قتل الخطأ ديتان وانظر إلى قول الله تعالى لنساء نبيه: {من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين}.
فتأمل كيف صارت معصيتهن إن وقعت ضعفين لشرفهن، وقد قال تعالى في أجرهن: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما}.
فكل مكان أو زمان فيه الشرف أكثر؛ فالمعصية فيه أفظع وأشنع؛ لأن الشامة السوداء في البياض أظهر!

ألا ترى إلى قولهم: ((حسنات الأبرار سيئات المقربين))؟ونحن لا نتوقف أن الزنا بمحراب المسجد أفظع منه في السوق ونحوه وممن قال بتضعيف السيئات بالزمان والمكان الفاضل أئمتنا الحنابلة، وعليه الفتوى.
قال عمر ((خطيئة أصيبها بمكة أعز علي من سبعين خطيئة في غيرها))وقال في رواية البيهقي: ((والله لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحب إلي من أن أعمل واحدة بمكة)).
وقال ابن مسعود: ما من بلد يؤاخذ العبد فيه بالهم قبل العمل إلا بمكة، وتلا: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}.
قال إمامنا أحمد: لو أن رجلا بعدن، هم أن يقتل عند البيت، أذاقه الله من العذاب الأليم.
وعن أبي يعلى بن أمية مرفوعا: ((احتكار الطعام في الحرم إلحاد)). رواه أبو داود.
وعن ابن عمر مرفوعا: ((احتكار الطعام بمكة إلحاد)). رواه الطبراني في الأوسط.
واختلفوا في معنى تضعيف السيئات في الحرم؛ فقيل: كمضاعفة الحسنات؛ لما قال مجاهد: أن السيئة تضاعف بمكة كما تضاعف الحسنة. فظاهر كلامه أن السيئة تبلغ في التضعيف مبلغ الحسنة وهو مائة ألف.
ويدل لذلك: ما رواه صاحب ((الاختيار في شرح المختار)): أن في الحديث أن الحسنة تضاعف فيها إلى مائة ألف، والسيئة كذلك وما رواه الأزرق عن ابن جريج أنه قال: بلغني أن الخطيئة بمكة بمائة خطيئة، والحسنة على نحو ذلك، يعني: تستوي مضاعفة الحسنة والسيئة فيه، كذا ورد.
قال بعضهم: والأظهر في قول مجاهد أن التشبيه في مطلق المضاعفة؛ ألا ترى إلى قول عمر: ((أعظم من سبعين خطيئة، وعشر خطيئات، واثنتي عشرة خطيئة))؟
وأيضا فقواعد الشريعة في باب المضاعفة المحققة مقتضية أن السيئة عشر الحسنة؛ فإذا كانت الحسنة بمائة ألف كانت السيئة بعشرة آلاف.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس