عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-05-2023, 07:49 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,022
إفتراضي

"أين تعقد البشعة؟
تعقد البشعة في بيت المبشع، أو على مقربة منه، فالخصوم هم الذين ينتقلون إلى حيث يقيم المبشع مهما طال السفر في الغالب، ونفقات البشعة يتحملها الطرف الخاسر 0"
وتحدث عن كيفية اللجوء للبشعة فقال :
"كيفية الالتجاء إلى البشعة
1 - تكون المبادرة للالتجاء إلى البشعة من أحد الطرفين المتخاصمين 0
2 - قد تصدر المبادرة من القاضي الذي ينظر في الخصومة، قال أحمد وصفي زكريا في كتابه عشائر الشام ص 271: عندما تنفذ جميع الأدلة الثبوتية لإظهار المجرم , يقرر القاضي إرسال المتهم إلى رجل من أهل الطرق الصوفية كالرفاعية وأمثالهم يدعونه (المبشع) 0

3 - قد تكون من الرجل نفسه الذي تدور حوله الشكوك، عندما يكون على يقين من براءته، حتى يتجنب انتقام المجني عليه، فيبدي استعداده للخضوع للبشعة، في هذه الحالة لا يجوز للطرف الثاني رفض عرضه 0
قال عارف العارف في كتابه القضاء عند البدو: المدعي هو الذي يطلب بشعة المدعى عليه في أغلب الحالات، وقد يرفض المدعى عليه أن يبشع فيحكم عليه القضاة بالبشعة، وفي بعض الأحيان يكون الطالب للبشعة هو المدعى عليه تخلصا من التهمة الموجهة إليه، والمدعي هو الذي يختار المبشع , ليس المدعى عليه، ذلك لأنه هو الرجل الذي يجب أن يطمئن وله الخيار في أن يصر على حقه هذا أو يعدل عنه 0"

والحقيقة التى لم يذكر المؤلف هنا أن من يطلب أن يلحس البشعة إما أن يكون عارفا بكيفية ابطال عملها وإما أن يكون أحمقا ومن ثم فالعملية كلها تعتمد على الخداع والمكر وهو أمر مشهور فى الكثير من القبائل
وتحدث عن خطوات العمل فقال :
"خطوات البشعة"
"1 - يوضع محماس البن أو حديدة مصفحة وما شابهها في النار حتى يصبح شديد الاحمرار
2 - يخرج المبشع المحماس ثم يفرك به ذراعه ثلاث مرات لكي يؤكد أن النار لا تضر الأبرياء 0
3 - يمد المبشع المحماس إلى الشخص المتهم ويقول له أبشع أو ألحس 0
4 - على المتهم أن يمد لسانه للحاضرين كي يريهم أن لسانه سليم وليميزوا حالة لسانه قبل البشعة وبعدها 0
5 - يلحس المتهم المحماس ثلاث مرات وهو بيد المبشع ثم يتمضمض ببعض الماء 0
إذا ظهر على لسانه أي أثر للنار حكموا عليه بأنه مذنب وإلا فهو بريء "

وتحدث عن الاجراءات فقال :
"إجراءات البشعة:
"1 - الاستماع لعرض تفاصيل القضية من الطرفين 0
2 - الاستماع للشهود 0
3 - تلاوة تفاصيل الموضوع من قبل المبشع ليقنع الحضور بأنه على وعي تام بعناصر الموضوع محل النزاع 0
4 - حث الطرفين على عدم المضي في إجراءات البشعة وإنه من الأفضل الاتفاق وديا وعلى المتهم الاعتراف إن كان مذنبا مع أن الحل الودي سيحرم المبشع من أجرته إلا إنه يطرحه عليهم بشكل جدي 0
5 - إذا فشلت المساعي الودية: يقدم كل من المتخاصمين كفيلا يضمن تنفيذ ما يلزمه المكفول فكفيل المدعي يتعهد بامتناع المدعي عن الانتقام من المدعى عليه إذا أدين، وكفيل المدعى عليه يتعهد بأداء ما يفرضه العرف عليه إذا أدين 0

6 - لحس النار 0
ماذا يحدث بعد مجلس البشعة
قال أحمد وصفي زكريا في كتابه عشائر الشام ص 271: وحينئذ يرفع من تبرأ راية بيضاء وينادي قائلا (بيض الله وجه المبشع وبيض الله وجه الكفيل)"

وتحدث عن الجرائم التى تطبق فيها البشعة فقال :
"مجال تطبيق البشعة:
من أكثر الجرائم التي يستعان فيها بالبشعة هي جرائم:
1 - القتل
2 - العرض
3 - السرقة
4 - إثبات النسب"

وتحدث عن أماكن انتشاها فى بلاد المنطقة فقال :
"مكان انتشارها:
كانت شائعة في المجتمعات القبلية القديمة والمعاصرة وبعض المجتمعات المدنية القديمة وقد انتشرت في فلسطين والأردن وقبائل شرق الأردن وسوريا ومصر وخصوصا في سيناء، فهي منتشرة عند كثير من القبائل العربية مثل بني عطية والحويطات وقبائل شرق الأردن وسيناء وفي أرجاء الجزيرة العربية كما في قبائل عنزة، وفي الحجاز، وفي وعمان وحضرموت وغيرها من القبائل العربية بيد أنها أكثر ما اشتهرت وسط عربان الشرقية في مصر على أيدي مبشعين مشهورين أمثال العيادي والجريري، قال عارف العارف في كتابه القضاء عند البدو: البشعة طريقة من طرق التقاضي مألوفة لدي عربان السبع 0"
وتحدث عن اختلاف الآراء فى البشعة فقال :
"اختلفت الآراء حول البشعه:
قال عارف العارف في كتابه القضاء عند البدو: البشعة طريقة من طرق التقاضي تشبه الشعوذة الهندية القديمة التي يجد المرء جذورها في عبادة المجوس للنار 0
وعن البشعة ونظرة الناس لها فمنهم من:
1 - يرى أنها صحيحة واستخدمت قديما عند بعض القبائل ودليلهم فيها إن الرجل الصدوق يكون واثقا من نفسه بحيث لا يجف ريقه ويكون لسانه مبتلا فلا تؤثر فيه حرارة المعدن ويعلن المبشع حينها براءته وأما الكاذب فيكون مضطربا لدرجة أن ريقه يجف مما يسهل التصاق قطعة الحديد بلسانه وهنا تثبت التهمة عليه 0

2 - يرى أنها طريقة صوفية حيث قال أحمد وصفي زكريا في كتابه عشائر الشام ص 271: يقرر القاضي إرسال المتهم إلى رجل من أهل الطرق الصوفية كالرفاعية وأمثالهم يدعونه (المبشع) 0
3 - يرى أنها نوع من أنواع السحر والشعوذة وكانت تستخدم بنطاق ضيق لحل المنازعات الكبرى بين الناس ومن يمارس هذا الدور وهو المبشع هو ساحر أو كاهن وله طريقته للاستدلال على معرفة المتهم من خلال الشعوذة والسحر 0
4 - يراها أنها عملية خرافية بدائية لا تتعدى كونها شعوذة 0
5 - أنها خرافة لا أصل لها ولكنها طريقة لكشف الكذب فقط حيث أن الهدف منها التحقق من دعوى المتخاصمين بعدم توفر الدلائل والشهود ويستطيع القائم بهذا العمل معرفة ملامح وجه المتهم أثناء تسخين قطعة الحديد حين يقوم المبشع بتقليب قطعة الحديد أمام نظر المتهم لتصبح حمراء و ينظر إلى وجهه ويقلبها مرة أخرى وهو يتحدث معه طالبا منهم إظهار الحقيقة مبينا له أن الكاذب ستحرق النار لسانه ويضرب له أمثلة بفلان وفلان وهنا يلعب العامل النفسي دوره حيث يعترف المتهم قبل البدء بها بتهمته وهنا تحل القضية عن طريق البشعة التي لم تمارس حقيقة 0
6 - يراها أنها وسيله جيدة لإظهار حقيقة المتهم وذلك عند عدم توفر الشهود في جرائم مهمة ومصيرية مثل جرائم القتل والسرقة والشرف وغيرها، وفي نظرهم أن المبشع رجل بدوي ذكي يلجأ إلى الاستفسار المسبق عن المشكلة قبل أن تحال إليه ويحصل على صورة شبه كاملة عن الجريمة وأطرافها وحيثياتها كما يرون أنها ليست ضربا من ضروب السحر والشعوذة واقرب تفسير علمي لها هو أن المتهم من شدة خوفه وارتباكه يجف لعابه فإذا ما لامست الأداة الحارة لسانه التصقت به وأحدثت به أثرا بالغا يظهر للعيان أما البريء المطمئن لبراءته فأن لعابه يحول دون التصاق محماس القهوة الحار بلسانه شرط أن لا تستمر الملامسة أكثر من اللازم وهنا تظهر مهارة من يمارس البشعة كطريقة وأسلوب يكتشف من خلاله المذنب من البريء , وهذا الأسلوب الفذ الذي تفتقت عنه العبقرية البدوية 0
7 - يرى أن البشعه عمليه نفسية حيث يأتي المتهم ويكون فعلا مخطئ يكون خائف وعند ذلك يجف ريقه، فعندما يلعق المعدن الذي تحول لونه إلى الأسود بعد الأحمر من شدة الاحتراق لا يكون على لسانه لعاب فتكويه النار فيعرف انه كاذب والعكس 0
8 - يرى أن البشعة نوع من أنواع الشرك، خاصة إذا صاحبها اعتقاد 0

9 - يرى أن البشعه عبارة عن حديدة مكتوب عليها بعض الطلاسم يشك بها لسان المتهم أو المتخاصمين أو يضع الخصوم والمتهمون ألسنتهم عليها لاعتقادهم أنها لا تؤدي إلا المذنب وقد تلاشت هذه العادة مؤخرا ولم يعد يعمل بها 0"
والعبدلى لم يناقش حقيقة أن البشعة ليس من أدوات العقاب فى الإسلام ومن ثم يحرم استخدامها لكونها لا تظهر صادقا من كاذبا وإنما تعتمد على معرفة من تجرب عليه البشعة من خلال اكثار الروال أو وضع طبقة من السمن أو غيره من مانعات الحرق على اللسان
و قد شرع الله مكانها هى وغيرها القسم بالله كما قال تعالى :
" تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله"
ومن ثم يمنع منعا باتا استخدامها فى بلاد المسلمين فيهم أو فى غيرهم لأن من اخترعها أو من اخترعوها هم فى الأصل المجرمون الذين كانوا يريدون تبرئة أنفسهم بطرق غير شرعية
وتحدث عن أن الأمم الأخرى أيضا تتبع هذا النظام فقال :
"البشعة في المجتمعات الأخرى:
قال عارف العارف في كتابه القضاء عند البدو:
1 - لقد ذكرت البشعة في الشعر الهندي عندما أرادت (سيتا) أن تبرهن على أنها برية مما اتهمها به بعلها (راما) , يوم اتهمها بأنها خانت عهده , وأحبت رجلا غيره , فحملت قضيبا من الحديد المصلي بالنار, وسارت به سبع خطوات في سبع دوائر مخطوطة على الأرض. ولما لم تؤذها النار ولم تحرق يدها القابضة على الحديد نادوا ببراءتها. ولم تكن البشعة التي أشارت إليها هذه القصة من منتجات الخيال الشعري فقط, بل نصت عليها القوانين الهندية أيضا، وهذا النوع من البشعة نصت عليها القوانين الإسكندنافية التي فرضت على المتهم أن يسير بالحديد المصلي بالشكل المتقدم ذكره تسع خطوات، وكذلك في القوانين الانجلوسكسونية فقد اشترطوا أن يكون ثقل الحديد المصلي على هذا الشكل ما يعادل نصف كيلو, ثم زادوه إلى ما يقرب من الكيلو ونصف حتى أن ريشاردس زوجة شارلس البدين أثبت أنها بريئة مما اتهموها به بأن ارتدت ثوبا مطليا بالشمع وولجت به النار فلم تؤذها هذه 0
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس