عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-04-2023, 08:36 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,031
إفتراضي

" يبصرونهم يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التى تؤويه ومن فى الأرض جميعا ثم ينجيه"
وعاد للحديث عن السكرة فقال :
"{ وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد }
والحق أنك تموت والله حى لا يموت ، الحق أن ترى عند موتك ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب .
{ وجاءت سكرة الموت بالحق }
والحق أن يكون قبرك روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران
{ ذلك ما كنت منه تحيد } ذلك ما كنت منه تهرب ."
بالطبع كون النعيم أو العذاب فى الأرض فى القبر مخالف لوجود الجنة فى السماء كما قال تعالى :
" عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى"

فالجنة والنار الموعودتان حاليا فى السماء كما قال تعالى :
"وفى السماء لازقكم وما توعدون "

فقد وعد الله المؤمنين الجنة والكفار والمنافقين النار فقال :
"وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات"
وقال :
"وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها"
وقال :
"تحيد إلى الطبيب إذا جاءك المرض ، وتحيد إلى الشراب إذا أحسست بالظمأ ، ثم ماذا أيها القوى الفتى ؟! ثم ماذا أيها العبقرى الذكى ؟! ثم ماذا أيها الوزير والأمير ؟! ثم ماذا أيها الكبير والصغير ؟! ثم ماذا أيها الغنى والفقير؟!
اسمع يا هذا وذاك :
كل باك فسيبكى ... وكل ناع فسينعى
كل مذكور سينسى ... ليس غير الله يبقى
من علا فالله أعلى
أيا من يدع الفهم ... إلى كم يا أخى الوهم
تعب الذنب والذنب ... وتخطئ الخطأ الجم
أما بان لك العيب؟ ... أما أنذرك الشيب
وما فى نصحه ريب
أما أسمعك الصوت ... أما نادى بك الموت
أما تخشى من الفوت ... فتحتاط وتهتم
فكم تسير فى الهوى ... وتختال من الزهو
كأنى بك تنحط ... إلى اللحد وتنغط
وقد أسلمك الرهط ... إلى أضيق من سم
هناك الجسم ممدود ... ليستأكله الدود
إلى أن ينخر العود ... فيمسى العظم قد رم
فزود نفسك الخير ... ودع ما يعقب الضير
وهيأ مركب السير ... وخاف من لجة اليم
بذا أوصيك يا صاح ... وقد بحتك من باح
فطوبى لفتى راح ... بقرآن الرب يهتم
وبآداب محمد يأتم"
وتحدث عن كون الموت قدر محتوم لا يمنعه أى مانع فقال :
"وصدق الله عز وجل إذ يقول :
{ كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق }
{ كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق } إذا بلغت الروح الترقوة
{ وقيل من راق } من يرقيه ؟!! من يرقى بروحه ؟!! ملائكة الرحمة ؟ أم ملائكة العذاب ؟ .
من يبذل له الرقية ؟ من يبذل له الطب والعلاج ؟! فهو من هو ؟!!
صاحب الجاه والسلطان ! صاحب الأموال والأطيان ! انتقل فى طيارة خاصة إلى أكبر مستشفى فى العالم ، التف حوله أكبر الأطباء ، هذا متخصص فى جراحة القلب والبطن وهذا متخصص فى جراحة المخ والأعصاب ، وهذا متخصص فى كذا ، وذاك متخصص فى كذا !!
التف حوله الأطباء يريدون شيئا وملك الملوك أراد شيئا آخر .
قال تعالى : { ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون }
{ أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة }
والتف حوله الأطباء مرة أخرى ،كل يبذل له العلاج والرقية !!
ولكن حاروا وداروا !!
اصفر وجهه ، شحب لونه ، بردت أطرافه ، تجعد جلده ، بدأ يشعر بزمهرير قارس يزحف إلى أنامل يديه وقدميه !!
فينظر فى لحظة السكرة والكربة فيرى الغرفة التى هو فيها مرة فضاء موحشا ومرة أخرى أضيق من سم الخياط .
وينظر مرة فيجد أهله يبتعدون عنه وأخرى يقتربون منه ، اختلطت عليه الأمور والأوراق !!
من هذا ..؟!! ملك الموت !! ملك الموت عند رأسه ، ومن هؤلاء الذين يتنزلون من السماء
إنه يراهم بعينه ، إنهم الملائكة !! يا ترى ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب ؟!!
يا ترى ماذا سيقول ملك الموت ؟!!!
هل سيقول لى الآن يا أيتها الروح الطيبة اخرجى إلى مغفرة من الله ورضوان ورب راض غير غضبان ؟!!
أم يقول يا أيتها الروح الخبيثة اخرجى إلى سخط الله وعذابه ؟
ينظر لحظة الصحوة بين السكرات والكربات ، فإذا هو يعى من حوله من أهله وأحبابه فينظر إليهم نظرة استعطاف !! نظرة رجاء !!
فيقول بلسان الحال وربما بلسان المقال : يا أولادى .. يا أحبابى .. يا أخوانى لا تتركونى وحدى ، ولا تفردونى فى لحدى !!
أنا أبوكم ، أنا الذى بنيت لكم القصور !! أنا الذى عمرت لكم الدور! أنا الذى نميت لكم التجارة !! فمن منكم يزيد فى عمرى ساعة أو ساعتين؟
فدونى بأموالى .. فدونى بأعماركم !!"
وكما سبق القول الملائكة لا تنزل الأرض ومنها ملك الموت لأن ملك الموت قد يميت فى اللحظة الواحدة عشرات الأشخاص أو أكثر فى أماكم متباعدة من العالم وهذا ما يتطلب تواجده فى أماكن كثيرة وهى أمر محال وإنما ملك الموت عنده اتصال بكل الخلق فمن يأتيه أجله يقطع الاتصال به فيموت والأمر أشبه بمن يتحكم فى الشبكة العنكبوتية من خلال قطع الخدمة عن البعض من خلال الضغط على زر أو من خلال كتابة الاسم والضغط عليه وفى عدم نزول الملائكة ألأرض قال تعالى :
"قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
وحكى الرجل لنا حكاية فقال :
"وهنا يعلو صوت الحق كما قال جل وعلا :
{ ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه }
وقد سجل التاريخ لهارون الرشيد عندما نام على فراش الموت فنظر إلى جاهه وماله وقال : ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه !!
ثم قال : أريد أن أرى قبرى الذى سأدفن فيه !!
فحملوه إلى قبره ، فنظر هارون إلى القبر وبكى ونظر إلى السماء وقال :
يا من لا يزول ملكه ... ارحم من قد زال ملكه .
أين الجاه ؟! أين السلطان ؟! أين المال ؟! أين الأراضى والأطيان ؟! ذهب كل شئ !!
سبحانه ... سبحانه ... سبحانه .
سبحان ذى العزة والجبروت ، سبحان ذى الملك والملكوت ، سبحان من كتب الفناء على جميع خلقه ، وهو الحى الذى لا يموت .
سبحانك يا من ذللت بالموت رقاب الجبابرة .
سبحانك يا من أنهيت بالموت آمال القياصرة ."
بالقطع لا يوجد سلطان يسكن القصور يفعل ذلك وإنما هى حكايات للضحك علينا فلو فعل لتاب قبل موته
وكرر آيات التراقى فقال :
"{ كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق } :
من يرقى بروحه ؟!! أو من يبذل له الرقية والعلاج ؟!!
وقال سبحانه { وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق } .
إنه يوم المرجع .. إنه يوم العودة ... انتهى الأجل ... انتهت الدنيا وحتما ستعرض على مولاك
سأل سليمان بن عبد الملك عالما من علماء السلف يقال له أبو حازم ، قال سليمان : يا أبا حازم ، ما لنا نكره الموت ؟!
قال أبو حازم : لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم أخراكم فأنتم تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب !!"
نفس الحكايات عن الحاكم وكما سبق القول لا يمكن لحاكم أن يفعل ذلك
وكعادة الكثير منالخطباء يعرفون ان العامة لا ترضيهم الحقيقة وإنما ترضيهم الحكايات حتى ولو كانت مضلة أو كاذبة تحدث الخطيب فقال :
"أحبتى فى الله :
فى زيارة إلى أمريكا نبهنى أحد القائمين على الدعوة هناك برجل من الله عليه بالأموال ، وهو مسلم عربى ومع ذلك لا يصلى ، ولا يعرف حق الكبير المتعال ذهبت إليه لأذكره بالله فقال لى بلسان المقال : أنا أتيت إلى هذه البلاد من أجل الدولار وأعدك إن عدت إلى بلدى لا أفارق المسجد قط.
قلت : سبحان الله .. ومن يضمن لك يا مسكين أنك سترجع إلى بلدك ؟!! ، أو أن يمر عليك يوم بكامله ؟!!!
والله لا تضمن أن تتنفس بعد هذه اللحظات .
دع عنك ما قد فات فى زمن الصبا ... واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس