عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-04-2023, 08:34 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,044
إفتراضي

وتحدث عن حقيقة ثابتة لا يمكن لأحد أن يجادل فيها وهى موت الخلق فقال :
" الكل يموت
قال الله جل وعلا :
{ كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } .
فلابد أن تستقر هذه الحقيقة فى القلب والعقل معا ، إنها الحقيقة التى تعلن بوضوح تام على مدى الزمان والمكان فى أذن كل سامع وعقل كل مفكر أنه لا بقاء إلا للملك الحى الذى لا يموت ، إنها الحقيقة التى تصبغ الحياة البشرية كلها بصبغة العبودية والذل لقاهر السموات والأرض !!
إنها الحقيقة التى شرب كأسها تباعا الأنبياء والمرسلون بل والعصاة والطائعون !!
إنها الحقيقة التى تذكرنا كل لحظة من لحظات الزمن بقول الحى الذى لا يموت : { لا إله إلا هو كل شئ هالك إلا وجهه }
أيها الحبيب تذكر هذه الحقيقة ولا تتغافل عنها إذ أن النبى أمرنا أن نكثر من ذكرها كما فى الحديث الصحيح الذى رواه الترمذى والنسائى والبيهقى والحاكم وغيرهم من حديث ابن عمر أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال :
(( أكثروا من ذكر هادم اللذات ( الموت ) )) "
والخطأ فى الحديث هو الأمر بالإكثار من ذكر الموت ويتعارض هذا مع أن الله نهى الرسول عن الحزن فقال فى أكثر من سورة "ولا تحزن "وذكر هازم اللذات جالب للحزن وهذا يعنى وجوب نسيانه
وتحدث عما سماه سكرات الموت فقال :
"إنها الحقيقة التى سماها الله فى قرآنه بالحق فقال جل وعلا : { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } [
لا إله إلا الله ... الله أكبر ... الله أكبر
إن للموت لسكرات ... هل علمت إن هذه الكلمات قالها حبيب رب الأرض والسموات وهو يحتضر على فراش الموت ؟
روى البخارى عن عائشة رضى الله عنها قالت : مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين حاقنتى وذاقنتى وكان بين يديه ركوة ( علبة ) بها ماء فكان يمد يده فى داخل الماء ويمسح وجهه بأبى هو وأمى ويقول :
(( لا إله إلا الله إن للموت لسكرات ))
هكذا يقول حبيب رب الأرض والسموات إن للموت لسكرات !! حبيب الرحمن يذوق سكرة الموت ، فما بالنا نحن ؟!!
وفى رواية الترمذى كان الحبيب - صلى الله عليه وسلم - يقول :
(( إن للموت لسكرات وإن للموت لغمرات )) .
وفى رواية كان - صلى الله عليه وسلم - يدعوا الله ويقول :
(( اللهم أعنى على سكرات الموت )) .
{ وجاءت سكرة الموت بالحق } "
الغريب فيما سبق من أحاديث هو تحدث القرآن عن سكرة واحدة للموت والأحاديث تتحدث عن سكرات ومن المعروف أن الإنسان يموت مرة واحدة ولكنه لو مات مرات متعددة لوجب أن تكون سكرات ولكنها سكرة واحدة
وكالعادة لابد أن يستعين الخطباء بحكايات لا أصل لها وهنا استعان بما لم يرد فى الوحى فقال :
"وما أدراك ما السكرات ..! وما أدراك ما الكربات ..! فى هذه اللحظات يزداد الهم والكرب ، فى لحظات السكرات إذا نمت يا ابن آدم على فراش الموت ورأيت فى غرفتك التى أنت فيها دون أن يرى غيرك ، رأيت شيطانا جلس عند رأسك يريد الشيطان أن يضلك عن كلمة الإخلاص" لا إله إلا الله "، يريد الشيطان أن يصدك عنها ، يقول لك : مت يهوديا فإنه خير الأديان ، يقول لك : مت نصرانيا فإنه خير الأديان .
واستدل أهل العلم على ذلك بصدر حديث صحيح رواه الإمام مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إن الشيطان يحضر كل شئ لابن آدم ..)) .
بل وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه عن مسألة عرض الأديان على ابن آدم فى فراش الموت ، فقال فى مجموع الفتاوى : "من الناس من تعرض عليه الأديان ومنهم من لا يعرض عليه شئ قبل موته ، ثم قال : ولكنها من الفتن التى أمرنا النبى أن نستعيذ منها فى قوله - صلى الله عليه وسلم - :
(( اللهم إنى أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب جهنم ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ))
فمن فتن الموت أن يأتيك الشيطان ليصدك عن لا إله إلا الله ، ليصدك عن كلمة التوحيد ، هذه من الكربات ، هذه من أشد السكرات على ابن آدم ولا حول ولا قوة إلا بالله .
هل علمت أخى فى الله أن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل حينما نام على فراش الموت ذهبت إليه الشياطين لتنادى عليه بهذه الكلمات ، قال عبد الله ولده : " حضرت وفاة أبى فنظرت إليه فإذا هو يغرق ثم يفيق ثم يشير بيده ويتكلم ويقول : لا بعد ..!! لا بعد ..!! .
فلما أفاق فى صحوة بين سكرات الموت وكرباته ، قال له ولده عبد الله يا أبتى ماذا تقول ؟! تقول لا بعد ، لا بعد ..!! ما هذا ؟!!
أتدرى ماذا قال إمام أهل السنة ؟؟
قال لولده : يا بنى شيطان جالس عند رأسى عاض على أنامله يقول لى: يا أحمد لو فتنى اليوم ما أدركتك بعد اليوم وأنا أقول له : لا بعد ، لا بعد حتى أموت على لا إله إلا الله .
فإذا كنت حقا من المؤمنين الصادقين .. من الموحدين المخلصين وجاءتك الشياطين ثبتك رب العالمين وأنزل إليك ملائكة التثبيت ، كما فى حديث البراء بن عازب الصحيح وسأذكر الحديث بتفصيله لاحقا إن شاء رب العالمين ، إلا أن محل الشاهد فيه الآن أن النبى - صلى الله عليه وسلم - أخبر : (( أن المؤمن إذا نام على فراش الموت جاءته ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة فيجلسون من المؤمن مد البصر حتى يأتى ملك الموت فيجلس عند رأسه وينادى على روحه الطيبة وهو يقول : أيتها الروح الطيبة اخرجى حميدة وابشرى بروح وريحان ورب راض عنك غير غضبان ، فتخرج روح المؤمن سهلة سلسة كما يسيل الماء من فى السقاء فلا تدعها الملائكة فى يد ملك الموت طرفة عين ، ثم ترقى بها إلى الله جل وعلا .. )) "
كل هذا الكلام السابق ناتج من حكايات ترويها أحاديث تعارض القرآن فالمسلم لا يأتيه شيطان ويعرض عليه شىء وإنما الله يقول له كما قال:
" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى"
والملائكة تستقبله فى السماء فتطلب منه دخول الجنة كما قال تعالى:
الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون"
وأما حديث نزول الملائكة الأرض السابق فيتناقض مع أن الملائكة لا تنزل الأرض لخوفها وهو عدم اطمئنانها كما قال تعالى :
"قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
ومن ثم كل ما بناه الخطيب باطل على تلك ألأحاديث التى لا تصح نسبتها للنبى(ص)
وتحدث عن التثبيت من خلال الآية الكريمة ولكن من خلال الأحاديث الكاذبة المناقضة فقال :
"هكذا أيها الأحبة ..
{يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء }
ولقد سجل الله هذه البشارة للموحدين فى قرآنه العظيم فقال تعالى:
{ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم }
وقال تعالى : { يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة }
قال ابن عباس : القول الثابت هو لا إله إلا الله فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ."
الآية لا تتحدث عن الثبات عند الموت وإنما تتحدث عن الثبات فى الحياة الدنيا ككل وما يثبت المسلم هو اتباعه وهو طاعته لحكم الله ولا يوجد لفظ فيها بدل على الموت وأما الثبات فى الآخرة فمعناه أن المسلم يظل على إسلامه فلا يعارض أى شىء مما يصنعه الله كما يفعل الكفار عندما يكذبون على الله ويحلفون كذب كما فى القول " والله ربنا ما كنا مشركين" وكما يتمنون الافتداء من العذاب بدخول أهليهم النار كما قال تعالى:
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس