عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-04-2023, 07:51 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,019
إفتراضي

ورغم هذا فنحن نسمع دائماًَ: يتوقع الفلكيون نزول الأمطار، ويقولون إن الفرصة مهيأة لنزول الأمطار. وتتجمع الغيوم في السماء، وتنذر الحالة بأن المطر سينزل ولكن في اللحظات الأخيرة، يأمر الله الرياح كيف يشاء فتذهب بهذه الغيوم القاتمة دون أن تنزل منها قطرة واحدة فنزول المطر عملية دقيقة جداً لا يستطيع البشر أن يقوم بها مهما بلغ علمه، بل لو اجتمعت البشرية كلها على أن تنزل مطراً في مكان ما أو تمنع المطر من النزول في مكان ما فهي لا تستطيع ولن تستطيع.
"ويعلم ما في الأرحام" فهل تحديد نوع الجنين هو المقصود بالآية؟ والجواب: لا، فإن علماء المسلمين من المفسرين لم يقولوا بهذا، بل وجدنا من المفسرين وهو الإمام القرطبي وتفسيره في الأرض منذ مئات السنين قال: وقد يعرف بطول التجارب أشياء من ذكورة الحمل وأنوثته إلى غير ذلك. إذن فمعنى ما في الأرحام ليس المقصود منه هل المولود ذكر أم أنثى بل معناه أوسع من ذلك بكثير، لأن الله يعلم من هو أبو المولود ومن هي أمه قبل أن يتزوجا"أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير"
إن معنى كلمة ما في الأرحام هنا: تعني حياة المولود من لحظة ولادته إلى لحظة وفاته هل هو شقي أم سعيد طويل أم قصير، ما هو لونه، هل هو صحيح أم مريض؟ ما هو عمره، وماذا سيفعل، ما هي الأحداث التي ستقع له، وماذا سيعمل؟ وأي مهنة سيمتهنها؟ وأي البلاد سيسافر إليها؟ وبمن سيتزوج؟ وما هو رزقه؟ وهل سيرزق بأولاد أم لا؟ وهكذا فمن يعلم مثل هذه الأمور غير الله؟ هل يستطيع أحد من البشر أن يدعي هذا العلم؟ لا يستطيع ولكن الله يستطيع ذلك؟ وقد فعل فالله كتب مقادير الخلق وأرزاقهم وآجالهم قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام وهو موجود عنده سبحانه فوق العرش"إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير"
هذا غيض من فيض مما تحمله الآية الكريمة من معان.
وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، أي لا تعلم ماذا تكسب في الغد من خير أو شر في دنياها وأخراها.
"وما تدري نفس بأي أرض تموت" من يعلم ساعة موته، متى تكون؟ وأين تكون؟ لا علم لأحد بذلك."
والآية التى تحدث عن تفسيرها الرجل لا تتحدث عن أن الله وحده هو من يعلم الأمور الخمسة سوى الساعة كما أن نزول الغيث " ينزل الغيث " ليس مذكور فيه العلم وإنما المذكور إنزال الله للغيث وهو المطر وبقية الآية تنفى علم الناس بالأرحام والمراد بموعد الحمل وموعد الولادة " كما قال " وما تغيض الأرحام وما تزداد" وتنفى علم النفوس بمكان وزمان موتها وتنفى علم النفوس بماذا تفعل فى الغد بالدقيقة والثانية وأصناف الأعمال
فالآية تنفى المعرفة البشرية فى أمور معينة
وذكر الرجل بعض الروايات فقال :
"ومن جميل ما قرأت أن ملك الموت مر على نبي الله سليمان عليه السلام فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه. فقال الرجل: من هذا؟ قال سليمان عليه السلام: هذا ملك الموت، فقال: كأنه يريدني، وسأل الرجل سليمان عليه السلام أن يحمله على الريح ويلقيه ببلاد الهند ففعل. ثم قال ملك الموت لسليمان: كان دوام نظري إليه تعجباً منه، لأني أمرت أن أقبض روحه بالهند، وهو عندك.
وهذا مصداق ما روى الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير، عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جعل الله ميتَة عبد بأرض إلا جعل له فيها حاجة"
أيها الإخوة! ورغم هذه الآيات الصريحة في أن علم الغيب مختص بالله -سبحانه وتعالى- إلا أن هذه الآيات تتعرض لمصادمات صريحة من الكهان والعرافين والدجالين ومن يصدقهم بادعائهم الغيب."
وتحدث عن حكم العراف ومن يصدقه فقال :
"فما هو حكم من عمل بالكهانة والعرافة وما حكم من أتاهم يسألهم؟ أيها الإخوة! إذا كان هذا هو عمل الكهان والعرافين وتلك طرائقهم في التعرف إلى ما به يتكلمون فلا يجوز لأحد أن يذهب إليهم ليعرف منهم شأنه أو مرضه، كما لا يجوز أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون رجماً بالغيب أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون، وهؤلاء شأنهم الكفر والضلال لكونهم يدعون أمور الغيب، وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي (ص)- قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً" ، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي (ص)- قال: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (ص)- "والحديث أخرجه أبو داود وأخرجه أهل السنن الأربع وصححه الحاكم عن النبي (ص)- بلفظ: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (ص).
وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله (ص)"ليس منا من تطير أو تُطير له، أو تكهن أو تُكُهِّن له، أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" والحديث أخرجه البزار بإسناد جيد.
ففي هذه الأحاديث الشريفة النهي عن إتيان العرافين وأمثالهم وسؤالهم وتصديقهم والوعيد على ذلك، فالواجب على ولاة الأمور وأهل الحسبة وغيرهم ممن لهم قدرة وسلطان إنكار إتيان الكهان والعرافين ونحوهم، ومنع من يتعاطى شيئاً من ذلك في الأسواق وغيرها والإنكار عليهم أشد الإنكار، والإنكار على من يجيء إليهم، ولا يغتر بصدقهم في بعض الأمور ولا بكثرة من يأتي إليهم ممن ينتسب إلى العلم، فإنهم غير راسخين في العلم؛ بل من الجهال لما في إتيانهم من المحذور، لأن الرسول (ص)- قد نهى عن إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم لما في ذلك من المنكر العظيم، والخطر الجسيم، والعواقب الوخيمة، ولأنهم كذبة فجرة، كما أن في هذه الأحاديث دليلاً على كفر الكاهن والساحر لأنهما يدعيان علم الغيب وذلك كفر، ولأنهما لا يتوصلان إلى مقصودهما إلا بخدمة الجن وعبادتهم من دون الله، وذلك كفر بالله وشرك به سبحانه، والمصدق لهم بدعواهم على الغيب ويعتقد بذلك يكون مثلهم، وكل من تلقى هذه الأمور عمن يتعاطاها فقد برئ منه رسول الله (ص)- ولا يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمونه علاجاً كنمنمتهم بالطلاسم، أو صب الرصاص، ونحو ذلك من الخرافات التي يعملونها، فإن هذا من الكهانة والتلبيس على الناس ومن رضي بذلك فقد ساعدهم على باطلهم وكفرهم، كما لا يجوز أيضاً لأحد من المسلمين أن يذهب إلى من يسأله من الكهان ونحوهم عمن سيتزوج ابنه أو قريبه أو عما يكون بين الزوجين وأسرتيهما من المحبة والوفاء أو العداوة والفراق ونحو ذلك لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى-."
ومن ثم العراف كافر ومن يصدقه كافر وبعض الأحاديث المستشهد بها باطلة كحديث عدم قبول العمل أربعين يوما فمن تاب قبل عمله أى من استغفر غفر الله له كما قال تعالى :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس