عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-04-2023, 07:50 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,023
إفتراضي

فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فأنبهني، ثم قال:
عجبت للجن وتخبارها ... وشدها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ليس ذوو الشر كأخيارها
فانهض إلى الصفوة من هاشم ... ما مؤمنو الجن ككفارها
قال: فلما سمعته تكرر ليلة بعد ليلة، وقع قلبي في حب الإسلام من أمر رسول الله (ص)- ما شاء الله، قال: فانطلقت إلى رحلي فشددته على راحلتي، فما حللت عليه نسعة ولا عقدت أخرى حتى أتيت رسول الله (ص)-، فإذا هو بالمدينة - يعني مكة - والناس عليه كعرف الفرس، فلما رآني النبي (ص)- قال: "مرحبا بك يا سواد بن قارب، قد علمنا ما جاء بك". قال: قلت يا رسول الله، قد قلت شعرا، فاسمعه مني. قال سواد فقلت:
أتاني رئي بعد ليل وهجعة ... ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليالٍ قوله كل ليلة ... أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت عن ساقي الإزار ووسطت ... بي الدعلب الوجناء عند السباسب
فأشهد أن الله لا شيء غيره ... وإنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين شفاعة ... إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل ... وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة ... سواك بمغن عن سواد بن قارب
-: "ليسوا بشيء". قالوا يا رسول الله فإنهم يحدثون أحياناً الشيء يكون حقاً. قال رسول الله (ص)"تلك الكلمة من الجن يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة".
وفيهما أيضًا أن عبد الله بن عباس قال: أخبرني رجل من أصحاب النبي (ص)- من الأنصار أنهم بينما هم جلوس ليلة مع رسول الله (ص)- رمى بنجم فاستنار فقال لهم رسول الله (ص)"ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمى بمثل هذا". قالوا الله ورسوله أعلم كنا نقول ولد الليلة رجل عظيم ومات رجل عظيم فقال رسول الله (ص)"فإنه لا يُرمى بها لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا -تبارك وتعالى- اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا ثم قال الذين يلون حملة العرش لحمة العرش ماذا قال ربكم فيخبرونهم ماذا قال - قال - فيستخبر بعض أهل السموات بعضاً حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائهم ويرمون به فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون".
وربما قال قائل: إن هذا كان في الجاهلية قبل البعثة أما الآن فإن الكهان لا يستعينون بالشياطين والجواب:
بل هذا مستمر إلى الآن ولذلك يرمى إلى اليوم بالشهب وإن كان قليلًا بعدما نزل القرآن وحرست السماء وجبن الجن عن استراق السمع ولذلك قلت إصابتهم عما كان قبل الإسلام، قال الحافظ ابن حجر كانت إصابة الكهان قبل الإسلام كثيرةً جداً فلما جاء الإسلام ونزل القرآن حُرست السماء من الشياطين، وأرسلت عليهم الشهب، فبقي من استراقهم ما يتخطفه الأعلى فيلقيه إلى الأسفل قبل أن يصيبه الشهاب، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: "إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب"
وكل ما سبق من روايات هى روايات كاذبة يكذبها أنه لا يوجد اتصال بين الجن والبشر فحتى الرسول(ص) لم يتصل بهم ولم يعرف أن الله أرسلهم إليه ليسمعوا منه القرآن إلا بعد انصرافهم وفى هذا قال تعالى :
"قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد فآمنا به"
فلم يكن هناك اتصال بينهم وبين الرسول (ص) نفسه حتى من أجل الإسلام وإنما صرفهم الله إليه ليكونوا دعاة الجن إلى الإسلام كما قال تعالى :
"وإذا صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم"
ومن ثم لو كان هناك وسيلة اتصال بين الاثنين غير معجزة من الله لاتصل بهم النبى(ص) أو غيره ولكن لا يوجد
الأمر الثانى أن الجن لا يعلمون شيئا من الغيب كما قال تعالى :
"إنما الغيب لله"

والدليل الثانى نفى الله علمهم بالغيب في قولهم :
"فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين"
ومن ثم كل تلك الروايات باطلة لا أساس لها وتحدث عن حكم الشرع فى الكهان فقال :
"فاتقوا الله -أيها الإخوة- والزموا حدود الله. لكن ما هو -أيها الإخوة- حكم الشرع في هذه الأمور؟ فيا -أيها الإخوة-! ما هو حكم الشرع في الكهان وفي إتيانهم.؟"
وتحدث عن العلم بالغيب مبينا أن الرسل (ص)قد يعلمون به فقال :
"وأحب قبل أن نبين حكم هذه الأمور: أريد أن أوضح أمراً هاماً جداً بالنسبة لعلم الغيب وهو أن المتدبر لآيات القرآن الكريم يجد أنه لا جدوى من محاولة معرفة الغيب، إذ هذا العلم من اختصاص الله علام الغيوب، ولا سبيل إلى معرفته بأي طريقة كانت يقول سبحانه: "إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير"
ويقول -سبحانه وتعالى- أيضاً: "أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولداً أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهداً"
وفي هاتين الآيتين الكريمتين دليل قاطع على عدم إمكانية الإنسان الاطلاع على الغيب بأي شكل كان.
لكن الله لحكمة يعلمها سبحانه قد يطلع بعض الرسل على بعض الغيب كما قال تعالى: "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً"
وكَشفُ الله بعض الغيب لبعض رسله لحكمة معينة وإلا فالرسل أنفسهم لا يعلمون ما يحدث لهم قبل أن يحدث.
فهناك أمر من الله سبحانه إلى رسوله أن يعلم الناس بأنه لا حول ولا قوة له إلا بمشيئة الله -سبحانه وتعالى- وأنه لا يعلم الغيب، وهذا قد جاء به قوله تعالى على لسان رسوله: "قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون"
فإذا كان خير البشر محمد (ص)- لا يعلم الغيب، فكيف بمن هم دونه مرتبة وشرفاً ومكانة؟ واسمحوا لي -أيها الإخوة- أن أجيب عن بعض ما يجول في الصدور وتتحرج أن تتكلم به الألسنة في هذا المقام إذ إننا حين نطرح هذه الكلمات يتساءل البعض: كيف يقول الله: "وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام". وقد تمكن العلم مؤخرًا من تحديد وقت نزول المطر، وتمكن الطب من تحديد نوعية الجنين أذكر هو أم أنثى؟!"
والرجل لم يفرق بين معانى الغيب فالغيب يطلق على الأخبار الخفية مستقبلا وماضيا وحاضرا كما يطلق على الوحى نفسه واطلاع الرسل(ص) معناه اطلاعهم على الوحى ولذا قال تعالى عن المؤمنين :
" الذين يؤمنون بالغيب"
فالمؤمنون يؤمنون بالوحى وأما أخبار الغيب فكيف يؤمنون بشىء وهم لا يعلمون به
وتحدث عن مفاتح الغيب فقال:
"وابتداء أقول: لا حرج أبدًا على هذه النفوس الحائرة أن تعبر عن ما فيها طلبًا للراحة مما يؤرقها على أن يكون ذلك التعبير على سبيل الاستفهام والاستفسار لا على سبيل الجدل والسفسطة وإلا كانوا ممن قال الله تعالى فيهم: "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير"
أيها الإخوة! إن الله عنده علم الساعة: أي أن علم وقت الساعة مختص بالله سبحانه فلا يعلم أحد بوقته سواه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، كما قال سبحانه: يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله ويقول: لا يجليها لوقتها إلا هو ونحن نعلم أن الله -تبارك وتعالى- بعد خلقه للسموات والأرض، خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فمه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر بالنفخ بالصور. فإذا كان إسرافيل الملك المكلف بالنفخ بالصور إيذاناً ببدء القيامة لا يعرف موعدها، إذا كان هذا هو حاله فكيف بأي منجم أو دجال يقول: إن الساعة ستقوم في يوم كذا أو في عام كذا. تلكم كلها أكاذيب.
وينزل الغيث ومما يختص الله تعالى بمعرفته وقت إنزال المطر ومكانه المعين. أما نشرة الأرصاد الجوية في أيامنا فتعتمد على بعض الحسابات والأمارات.
وما ترصده بعض الأجهزة المخصصة لمعرفة نسبة الرطوبة وسرعة الرياح فليس ذلك غيباً، وإنما هو تخمين وظن وحسابات قد تخطئ وقد تصيب فذلك ظن، وقد يحدث نقيضه كما أن معرفته تكون قبل مدة قريبة، يلاحظ فيها اتجاهات الرياح والمنخفضات الآتية من الشمال أو الغرب مثلاً.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس