عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-04-2023, 07:50 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,022
إفتراضي قراءة في كتاب ويسألونك عن الكهان

قراءة في كتاب ويسألونك عن الكهان
الخطيب أحمد الجوهري عبد الجواد وقد استهلها بذكر علم الله وحده للغيب فقال :
"إن الله هو المنفرد وحده بعلم الغيب، فمن ادعى مشاركة الله في شيء من ذلك فقد جعل لله شريكاً فيما هو من خصائصه، وكذب على الله ورسوله، ومن أعظم ممن ذهب يفتري على الله تعالى فيدخل نفسه في شيء مما اختص به سبحانه نفسه عند ذاكم يغضب الجبار فلا يأمن هذا المتدخل غضبه فيدخله النار كائناً من كان."
واستشهد الرجل بحديث باطل فقال :
"روى أبو داود بسند صحيح من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: "كَانَ رَجُلاَنِ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ مُتَآخِيَيْنِ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ وَالآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِى الْعِبَادَةِ فَكَانَ لاَ يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ فَيَقُولُ أَقْصِرْ فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ فَقَالَ لَهُ أَقْصِرْ فَقَالَ خَلِّنِى وَرَبِّى أَبُعِثْتَ عَلَىَّ رَقِيبًا فَقَالَ وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَوْ لاَ يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ فَقُبِضَ أَرْوَاحُهُمَا فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ أَكُنْتَ بِى عَالِمًا أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِى يَدِى قَادِرًا وَقَالَ لِلْمُذْنِبِ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِى وَقَالَ لِلآخَرِ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ. "
والحديث هنا يعاقب المطيع الذى ينهى عن المنكر وكلامه نابع من الوحى الذى يتحدث عن أن من عصى الله دخل النار كما قال تعالى :
" ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا"
فالرجل لا يتألى على الله وإنما يخبر العاصى بما قاله الله ومع هذا الحديث يعاقب المطيع لله ويرحم العاصى
وتحدث الرجل عن الكهانة فقال معرفا الكاهن والعراف :
"أيها الإخوة:
من هو الكاهن؟ ومن هو العراف؟ وما حكمه؟
وما هي مصادره في الأخبار عن الغيبيات؟
وما حكم سؤالهم وإتيانهم؟ وإذا كنا نراهم يخبرون في بعض الأحيان ببعض الحق فما حقيقة ذلك؟ ولنتعرف إلى شيء من أحوالهم وأخبارهم، فإلى شيء من خبر اليقين من القرآن والسنة وأقوال سلف الأمة تعالوا بنا نتحدث عن هذا الصنف من الناس وعن شيء من أمورهم أسأل الله أن يخرج الحق منا ويرضى به عنا.
من هو الكاهن؟ الكاهن -أيها الإخوة- هو من يدعي معرفة الغيبيات ويخبر عنها، وقيل: هو الذي يخبر عما في المستقبل عن طريق الجن والشياطين، وقيل: هو الذي يدعي مطالعة علم الغيب ويخبر الناس عن الكوائن.
ومن أجمل التعريفات التي أصابت الحقيقة التعريف الذي عرفه العلامة ابن حجر الهيثمي فقد عرف الكاهن بأنه هو الذي يخبر عن بعض المضمرات فيصيب بعضها ويخطئ أكثرها ويزعم أن الجن تخبره بذلك.
هذا هو الكاهن فمن هو العراف؟ قال البغوي: العراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات ليستدل به على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك.
وقال ابن تيمية: إن العراف اسم للكاهن والمنجم والرمّال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
قال الإمام أحمد: العرافة طرف من السحر، وقال أبو السعادات: العراف هو المنجم
والكاهن والعراف -أيها الإخوة- عمدتهم السحر والاعتماد على الجن بواسطة خدمتهم وتقديم المحبوبات لديهم، ومن ذلك الذبائح والقرابين التي يتأتى لهم بها منهم ما يريدون، تماماً مثلما أصلنا ذلك في الحديث عن السحر والسحرة خدمة بثمن والثمن باهظ هو الدين فيدفع الواحد من هؤلاء دينه وعقيدته في مقابل أن يقال فلان عنده معرفة فلان عراف، فلان طبيب روحاني ليشتهر بين الناس، ومن هؤلاء من يضحك على نفسه والناس ويقول: إن هذا الذي يفعله ويعلمه علم يتعلم ويعلم وطب يداوي ويعالج كذبوا كما يقال وصدقوا كذبتهم.""
وتعاريف الكاهن السابقة تخالف ما في القرآن فالكاهن متقول أى مشرع كما قال تعالى :
" وما هو بقول كاهن"
ومن ثم فهو يتكلم في كثير من الأمور منها تشريع الأحكام والتكلم في الغيب ويدعو للذبائح المحرمة وغير هذا مما يتعلق بمكان العبادة فهو ما يسمونه رجل الدين
وتحدث عن اتصال الكاهن بالجن فقال :
"وهذه طريقة من الطرق التي يتحصل بها هؤلاء على الأخبار والحوادث تصل الساحر منهم فيعلنها ويتحدث بها والجني الذي حدثه بها إما يتحصل عليها باستراق السمع من السماء وتبليغ الكلمة التي سمع قبل أن يصل إليه الشهاب فيحرقه فيتحدث بها من بلغته إلى الكاهن ويزيد الكاهن فيها، كما يخبرونه عن بعض ما لم يقع في الأرض من أشياء يؤمر بها أن تكون كالنصر والهزيمة ولكنها في الغالب لنقصانها معلومات مشوهة مبتورة.
وإما أن الكاهن يتحصل على هذه المعلومات عن طريق قرينه من الجن وهذا يخبره بالوقائع التي وقعت في الأرض في مكان ما منها ولكنها غابت عن الآخرين، وهذا الذي يسمى بالغيب النسبي ويدل عليه الحديث الماتع الذي ذكره البخاري في إسلام عمر وفصّله غيره ولا بأس أن نذكره فإنه يتصل بموضوعنا وأيضاً لطرافته، ولكن بعد أن نذكر المصدر الثالث من مصادر الكهان. المصدر الثالث من مصادر الكهانة والتي يتعرف بها الكاهن أو العراف على ما يخبر به فإنه الحدس والتخمين وحساب المقدمات وترتيب النتائج عليها كما قال ذلك البغوي في تعريفه الذي قدمناه فقد قال في العراف: هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك.
ومنه الذي يسميه الناس المندل ويذهبون إليه يتعرفون منه على أماكن وأشخاص السارقين وكل هؤلاء لهم أعوان من الجن كما في الحديث الذي أشرنا إليه وهو ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر قال: ما سمعت عمر لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا، إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس إذ مر به رجل جميل فقال: لقد أخطأ ظني، أو إن هذا على دينه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم، على الرجل، فدعى له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم، قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني، قال: كنت كاهنهم في الجاهلية، قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيتك قال بينما أنا يوماً في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع، فقالت ألم تر الجن وإبلاسها ويأسها من بعد إنكاسها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها قال عمر: صدق، بينما أنا عند آلهتهم إذ جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخاً قط أشد صوتاً منه يقول: يا جليح، أمر نجيح رجل فصيح يقول: لا إله إلا أنت، فوثب القوم، قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول لا إله إلا الله، فقمت فما نشبنا أن قيل: هذا نبي.
قال الحافظ ابن كثير: وهذا الرجل هو سواد بن قارب، ثم ذكر ما أخرجه البيهقي في دلائل النبوة عن البراء -رضي الله عنه- قال: بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس على منبر رسول الله (ص)-، إذ قال: أيها الناس، أفيكم سواد بن قارب؟ قال: فلم يجبه أحد تلك السنة، فلما كانت السنة المقبلة قال: أيها الناس، أفيكم سواد بن قارب؟ قال: فقلت يا أمير المؤمنين، وما سواد بن قارب؟ قال: فقال له عمر: إن سواد بن قارب كان بدء إسلامه شيئاً عجيباً، قال: فبينا نحن كذلك إذ طلع سواد بن قارب، قال: فقال له عمر: يا سواد حدثنا ببدء إسلامك، كيف كان؟ قال سواد: فإني كنت نازلاً بالهند، وكان لي رئي من الجن، قال: بينا أنا ذات ليلة نائم، إذا جاءني في منامي ذلك. قال: قم فافهم واعقل إن كنت تعقل، قد بعث رسول من لؤي بن غالب، ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وأنجاسها ... وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمنو الجن كأرجاسها
فانهض إلى الصفوة من هاشم ... واسم بعينيك إلى رأسها
قال: ثم أنبهني فأفزعني، وقال يا سواد بن قارب، إن الله بعث نبياً فانهض إليه تهتد وترشد .. فلما كان من الليلة الثانية أتاني فأنبهني، ثم أنشأ يقول كذلك:
عجبت للجن وتطلابها ... وشدها العيس بأقتابها
تهوى إلى مكة تبغي الهدى ... ليس قداماها كأذنابها
فانهض إلى الصفوة من هاشم ... واسم بعينيك إلى نابها
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس