عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-04-2023, 06:12 PM   #4
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,845
إفتراضي

وأقوال العلماء لا يجوز للإنسان أن يتشبث بها وهم معذورون فيها كذلك يجب أن يعلم أن الإنسان إن أخذ بشواذ العلم من فلان وفلان وترك ظواهر الأدلة أنه قد اجتمع فيه الشر كله وما أحسن ما قاله بعضهم:
الشافعي من الأئمة قائل اللعب بالشطرنج غير حرام
وأبو حنيفة قال وهو مصدق في كل ما يروي من الأحكام
شرب المثلث والمربع جائز فاشرب على أمن من الآثام
وأباح مالك الفقاح تكرما في ظهر جارية وظهر غلام
والحبر أحمد حل جلد عميرة وبذاك يستغنى عن الأرحام
فاشرب ولط وازن وقامر واحتجج في كل مسألة بقول إمام
هذا إذا أراد الإنسان أن يكون فقها وأدلة من شواذ أقوال العلماء وقد وقع هذا في أقوال العلماء المعتبرين وعلى نور وهداية من الكتاب والسنة ولكنهم قد شذوا بمثل هذه الأقوال وهم معذورون في ذلك وأصابوا أجرا واحدا فليحذر الإنسان أن يأتي بأقوال ما قال بها أحد من العلماء فهؤلاء العلماء المعتبرون لا يسوغ للإنسان أن يقول بهذه الأقوال الشاذة المروية عنهم، فكيف بغيرهم؟"
وبناء على هذا ينبغى على المفتى أن يظهر النص الإلهى فى المسألة للمستفتى لأن العلماء قد يضلوا عن الحق عن هوى أو عن طريق الإكراه أو عن طريق عدم الفهم
إن إظهار النص للعادى الذى يسمونه العامى واجب وهو ما حذر الطريفى من إظهاره بقوله:
"حكم إظهار الرخص للعوام
ومما ينبغي فهمه وإدراكه أنه ينبغي للعالم أن يحذر من إظهار الرخص للعوام والدلالة عليها وإن كان الدليل قد جاء بها لأنها ربما تصد الناس عن العمل بدين الله والعمل للآخرة والإكثار من العمل الصالح
وقد روى البخاري و مسلم من حديث معاذ بن جبل أن النبي (ص) قال له: (من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة قال معاذ بن جبل: يا رسول الله! ألا أخبر الناس؟ قال: لا تخبرهم فيتكلوا) فإذا غلط الرجل عند كلامه على هذا الحديث قال: وفي هذا الحديث دلالة على أنه ينبغي للعالم ألا يكثر من الرخص في دين الله لكي لا يثبطهم عن العمل وهذا ظاهر ولا يعني للعالم أن يمسك عن إظهار دليل لأن من يمسك عن إظهار دليل يكون قد كتم من دين الله ولكنه قد عمل بمقصد أسمى هو خير لذلك"
وحديث الطريفى يتعارض مع حرمة كتم العلم الذى عاقب الله من يفعله فقال :
"وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه ولا تكتمونه"
وهو يعتبر نوع من عدم إبلاغ الوحى الذى قال فيه:
" بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته "

وتحدث عن وجوب معرفة حال السائل وميله للرخصة فقال :
"معرفة حال السائل وميله لطلب الرخصة
ومما ينبغي أيضا فهمه وإدراكه أنه ينبغي للعالم أن يحذر حال سؤال المستفتي عن مسألة ما فربما كان المستفتي يطوع العالم أن يقول بمسألة من المسائل بخلاف ما يريد سواء بإظهار المفاسد في قول ما أو بإظهار المصالح وإبرازها ونحو ذلك وهذا هو الباحث عن الترخص فإذا علم العالم من حال السائل هذا فإنه ينبغي أن يغلب جانب التشديد عليه خاصة إذا لم يكن مضطرا
ولهذا يقول أبو الوليد الباجي : وقد كان الناس كثيرا ما يأتونني ويسألونني عن قول فأفتي فيه بظاهر الدليل فيقولون: لعل فيه رواية أو لعل فيه قولا آخر يريدون مخالفة الدليل بما يوافق أهوائهم وهذا مما يجب على المفتي والعالم أن يحترز منه في هذا الباب"
وأما العلم بحال السائل وميوله فواجب ليس لكى يفتيه المفتى بما يهوى ولكن لكى يفهم المسألة التى يريد الفتوى فيها فواجبه أن يفتيه بحكم الله سواء كان رخصة أو عزيمة
وتحدث عن حرمة الفتوى استجابة لرغبة الناس وهو نفس ما حدث عنه فى الفقرة السابقة فقال :
"التحذير من الفتوى مجاراة لرغبة الناس
كذلك أيضا مما ينبغي فهمه أن الإنسان إذا كان يأخذ بقول عالم من العلماء ويأنس إليه فإذا أفتى بقول يخالف ما يحتاجه الإنسان أنه لا يسوغ له أن يخالف هذا العالم لأن هذا مظنة هوى وذلك أنه ما التمس غير هذا العالم إلا لما خالف ذلك القول الذي أراد خلافه وهذا به يمتاز أهل الورع والديانة والتثبت والتماس رضا الله عز وجل والبعد عن الرخص إذا علم الإنسان ذلك علم أهمية الاحتياط لدين الله والاحتياط كذلك لذمم الناس وأن الشريعة لما وصفها الله عز وجل بالتيسير لا يعني الإنسان أن يأخذ الأرخص بالإطلاق من الأقوال وأنه يسوغ له أن يقول بقول من قال بالجواز على الإطلاق ونحو ذلك وقد توسع كثير من المتأخرين في هذا فمن نظر إلى أحوال من ينتسب إلى العلم خاصة من خالط المجتمعات التي فيها إعراض عن دين الله وجد أن هذا الواقع ربما أثر على هذا العالم بالتماس الأقوال المرخصة والأقوال اليسيرة ونحو ذلك وربما أثر عليه وجعله يلتمس الأدلة تطويعا لأقوال هذا المجتمع من حيث لا يشعر وهذا ما يسميه العلماء ضغط الواقع على المفتي أن يلتمس أقوالا من حيث لا يشعر يريد أن يساير هذا المجتمع ونحو ذلك
أولا: يقال: إن المجتمعات لا تحكم الشريعة ولذلك رسول الله (ص)جاء بيئة جاهلية فحكمها بأمر الله وجعلها خاضعة لأوامره وحكمه وما جعل هذا المجتمع كله حاكما لشريعة الله ...كثير من الناس يجعل المقاصد الشرعية من دفع المفاسد ودفع الضرر وجلب المصالح ونحو ذلك يجعلها هادمة للأدلة ونسي أن الأدلة الشرعية من الأوامر والنواهي ما جاءت إلا تسليما لهذه المقاصد العظمى سواء علم الإنسان أو لم يعلم
الشريعة الإسلامية لا يصفها الإنسان باليسر والسهولة من جراء ذوقه إنما يصفها صاحب الفطرة السلمية السوية لا يصفها الذي قد انغمس في الشهوات والشبهات وانغمس في المجتمعات المنحلة البعيدة عن دين الله لهذا وصف غير واحد من العلماء الذين يميلون إلى الترخص على الإطلاق كالزركشي وغيره أن الذي يسلك باب الترخص أنه منحل أو سلك طريقة الانحلال، والعياذ بالله
شريعة الله يصفها صاحب الفطرة السليمة ونسمع كثيرا أنه ينبغي ترك الأقوال المتشددة والأخذ بالأقوال اليسيرة وهذا كلام حق أريد به باطل أريد به هدم الشريعة والتماس الأقوال الشاذة ونحو ذلك شريعة الله ظاهرة جاءت لحفظ الناس وصيانتهم لا ييسر الشديد منها والعزيمة بأهواء الناس وأذواقهم وذلك معروف بالعقل والنقل أما النقل فالأدلة في ذلك كثيرة
وأما من جهة العقل فإذا أتيت بإناء الماء فيه مستو ليس باردا ولا حارا ثم أتيت بشخص قد وضع يده على النار فقلت له: ضع يدك في هذا الماء المستوي وانظر هل هو بارد أم هو حار؟ فوضع يده في هذا الماء فكيف يجد الماء؟ سيجد هذا الماء باردا ويقول بأنه بارد لأن يده حارة وإذا كان قد وضع يده على ثلج، وقلت له: ضع يدك في هذا الماء المعتدل، فوضع يده، فسيقول: هذا الماء حار والذي يقيم هذا الماء على الصواب هو من كانت يده ليست على برودة ولا على حرارة فيعلم حينئذ هل هو حار أم بارد؟
كذلك شريعة الله لا يقيمها من عاش في بلد منحل بعد عن دين الله وبعد عن شريعة الله فأراد تطويع الأدلة إرضاء للمجتمعات وإرضاء للقوانين وإرضاء للحكام ونسي أمر الله عز وجل
إن الحكم إلا لله ولا يصح كذلك قول من يغلب جانب الأخذ بالعزائم والتشدد والتنطع ونحو ذلك وأراد أن يأخذ بالعزائم على الإطلاق حتى العزائم المقصودة بشريعة الله عز وجل وهذا يقال: إنه موجود في كل عصر وفي كل مصر فقد وجد من يريد خيرا بدين الله عز وجل فخالف الأدلة وأخذ بالعزائم كما كان بعض أصحاب رسول الله (ص)حينما جاءوا إلى رسول الله (ص)بحسن نية وحسن قصد فأرادوا أن يأخذوا بالعزائم فقالوا: لا نتزوج النساء ونصوم ولا نفطر ونقوم الليل فقال النبي (ص): (أما أنا فأتزوج النساء وأصوم وأفطر وأقوم وأنام ومن رغب عن سنتي فليس مني)"
ومن ثم وجب على من يفتى ألا يفتى استجابة لأحد وإنما استجابة للنص الإلهى فقط وعليه أن يظهر نص الحل أو الحرمة للمستفتى حتى يكون على بينة من أمره فيأخذ بالفتوى أو لا يأخذ ويكون الوزر عليه وليس على المفتى
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس