‘ذا لا يوجد نبى إلا وقد علم بعض أخبار الغيب من لدن الله ومن ثم ليس العبد الصالح(ص) مخصوص بعلم من بينهم حتى يقال بوجود من يعلم الغيب من البشر
وحدثنا محمد اسامة ‘ن أن علم الباطن يكون بالإشارة أى المكاشفة فقال:
"إن العلم الظاهرى يكون تعلمه بطريق العبارة من معلم إلى طالب علم وهكذا، بينما العلم الباطن يكون تعلمه بطريق الإشارة ومنه ما يكون بطريق المكاشفة ولما كان سيدنا موسى (ص)يرغب فى تلقى العلم من سيدنا الخضر بطريق العبارة حيث قال: " [قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا] {الكهف:66} بينما سيدنا الخضر علمه بطريق الإشارة وليس بطريق العبارة ولذلك قال اسيدنا موسى " [قال إنك لن تستطيع معي صبرا] [وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا] {الكهف 68:67} "
وهذا تخريف تام فعلم بعض أخبار الغيب يكون بقول وليس إشارة كما قال تعالى " غلبت الروم فى أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون"
وقال الله لموسى(ص) نفسه قبل حدوث الخروج والعبور باشقاق البحر:
"ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى"
وينقل الرجل من كتب ابن تيمية كلاما فى الخوارق وكلامه ليس وحيا فقال :
"ويقول بن تيمية فى مبحث بعنوان قاعدة شريفة فى المعجزات والكرامات وهى ضمن مجموعة الفتاوى له: من الخوارق أن يسمع العبد ما لا يسمعه غيره أو بأن يرى ما لا يراه غيره يقظة أو مناما أو أن يعلم ما لا يعلمه غيره وحيا أوإلهاما، أو أنزل علم ضرورى أو فراسة صادقة، ويسمى كشف ومشاهدات ومكاشفات ومخاطبات فالسماع مخاطبات والرؤية مشاهدات، والعلم مكاشفات ويسمى ذلك كشفا ومكاشفة، أى كشف له عن هذا الأمر
ويطلق بن تيمية على هذه الخوارق الواقعة من الأولياء إسم المعجزات ومن المعجزات لغير الأنبياء من باب الكشف والعلم: قول سيدنا عمر فى قصة سارية وإخبار سيدنا أبو بكر الصديق بأن ما فى بطن زوجته أنثى وأخبار عمر على من سيخرج من ذرية والده من زوجه بنت بائعة اللبن بأنه سيكون عادلا، وفى قصة سيدنا الخضر فى علمه بحال الغلام الذى قتله "
وهذا الكلام الذى نقله الرجل وصدقه هو تكذيب للقرآن الذى نفى نزول الخوارق وهى ألايات أى المعجزات فقال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
قم قال أنه بناء على القصة يثبت وجود العلم اللدنى فقال :
ومما تقدم يتبين من قصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر (ص)تأصيل ثبوت العلم اللدنى ويسلم للسادة الصوفية الحقيقيين المتحققين الإخبار عنه والعمل بمقنضاه والعمل بالطاعات والمجاهدات طالما لا يوجد أدنى منافاة بينه وبين ظواهر النصوص الشرعية المحكمة ومن ثم لا يلتفت مطلقا إلى إنكار المحجوبين المتعصبين ظلما على أولياء الله تعالى المقربين إثباتهم العلم اللدنى وعلوم المكاشفات والمشاهدات مادام الجمع بينها وبين ظواهر النصوص الشرعية ممكنا"
وكما سبق الحديث العلم اللدنى ثابت لكل من قرأ القرآن وليس مخصوصا بأفراد
وتحدث عن أن اللدن أنواعه كثيرة فى القرآن فقال :
"والجدير بالذكر أن عطاء الله سبحانه وتعالى من لدنه ليس العلم فقط وإنما يوضح القرآن الكريم أن الله يعطى من لنه الكثير ومميزات أخرى
1 – أن القرآن من لدن الله إذ يقول: [وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم] {النمل:6}
2 – ويهب الله سبحانه رحمة من لدنه إذ يقول: [ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب] {آل عمران:8}
3 – يجعل الله سبحانه لنا من لدنه وليا وذلك فى قوله تعالى: [واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا] {النساء:75}
4 – ويجعل الله لنا سلطانا نصيرا كما فى قوله: [وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا] {الإسراء:80}
5 – والله يهب من لدنه أجرا عظيما كما فى قوله تعالى: [وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما] {النساء:67}
6 – يهب الله من لدنه حنانا كما فى قوله تعالى: [وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا] {مريم:13}
7 – ويهب الله من لدنه رزقا من لدنه كما فى قوله نعالى: [أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون] {القصص:57}
ومنه يتضح ان هبات الله سبحانه وتعالى وعطاءاته من لدنه تشمل القرآن الكريم والرحمة والولاية والسلطان والنصر والأجر العظيم والحنان والرزق ومن بينها العلم كما فى قوله: [فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما] {الكهف:65}
فالعلم اللدنى أمر ثابت بالقرآن والسنة لا مجال لإنكاره لمن يسمون أنفسهم السلفية، ومن هذا العلم تتأصل المعجزات والكرامات والمكاشفات والمشاهدات والمخاطبات والعم من لدن الله لأهل الله لأولياءه الصالحين الذين لهم تواجد فى دار الدنيا إلى يوم الدين ولا مراء ولا ريب فى ذلك"
وكما سبق القول فالعلم اللدنى ثابت بكتاب الله ولكنه ليس ثابت لأفراد مخصوصين وإنما ثابت لكل من قرأ أو سمع القرآن فهو علم عام
وتحدث عن أن طريق الوصول لهذا العلم هو الصدق مع الله والقرب منه فقال :
"ثانيا: إن طريق الوصول إلى العلم الذى هو صدق العبودية لله تعالى والقرب يتحقق بالإلتزام بمنهج الله واتباع صراطه المستقيم، وقد ثبت أن سيدنا الخضر أول ما وصف به هو صدق العبودية _ يقول سبحانه وتعالى: [فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما] {الكهف:65}
وللسالك لطريق الله تعالى ثلاث مراتب للعبودية
عبودية العامة وهى التزلل لله تعالى، وعبودية الخواص بالتزام الصدق فى طريق الله، وعبودية خواص الخواص وهم الذين شهدوا نفوسهم قائمة به سبحانه فى عبوديتهم
ولذلك يقول العارفون بالله أن العبودية لله أشرف الأوصاف واعلى المراتب وبها يفتخر المحبون
يقول أبو القاسم الأنصارى أنه قال: لما وصل النبى (ص)إلى الدرجات العالية والمراتب الرفيعة فى مقام قاب قوسين أو ادنى أوحى الله سبحانه وتعالى إليه يا محمد بم نشرفك؟؟ قال بنسبتى إليك بالعبودية فأنزل الله تعالى: [سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير] {الإسراء:1} إن حق العبودية إلتزام كامل بشرع الله قدر ما تسعه طاقة العبد دون تفريط فى حق من حقوق الله سبحانه وتعالى حتى تتحرر ذاتية العبد وأنيته من كل من سوى الله سبحانه وتعالى، هنالك تصدق عبودية العبد لله وينتسب إليه عبدا ربانيا وبذلك لا يلتفت إلى أى دعاوى تدعو للتحلل من قيود الشريعة وإسقاط التكاليف والتخلى عن ظواهر نصوص الكتاب والسنة وهذه دعاوى وهذه دعاوى إباحية ما قصد منها النيل من الصوفية وأولياء الله تعالى الصالحين بقدر ما قصد منها النيل من الإسلام ذاته
وقد تصدى أئمة التصوف لتلك الدعاوى ومنهم الإمام الجنيد إذ قال: الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام، (وقال الصوفية بذلك مقيدة بأصول الكتاب والسنة)
وخلاصة القول أنه ليس هناك علم لدنى إلا بالتعبد والإلتزام شرع الله تعالى، وليس هناك ولاية لله إلا بمتابعة سيدنا رسول الله (ص) فكما " أنه لا يخرج الزبد إلا من اللبن " فلا علم لدنى ولا ولاية إلا بالتمسك بالكتاب والسنة، ويشير الله سبحانه وتعالى موضحا أن العلم اللدنى هبة منه لمن اتقاه إذ يقول: اتقوا [ واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم] {البقرة:282}"
وهذا الكلام المنقول هو كلام صحيح وهو لا يقول بأن العلم مختص بأفراد وإنما هو مختص بمن قرأ القرآن أو سمعه فاتبعه ومن ثم فالجنيد فى كلامه لا يقول بأن العلم اللدنى مختص بالغيوب
ثم تحدث عن كون العبد الصالح(ص)ليس نبيا أى رسولا وإنما ولى فقال :
"ثالثا: إن أكثر العلماء وأئمة الصوفية يقولون بأن سيدنا الخضر ولى وليس بنبى أو رسول وقد أتى بهذه الكرامات الثلاث أثناء مرافقة سيدنا موسى له وهذا يثبت أن الاولياء لهم كرامات مختلفة بإرادة الله وفيض منه حث لم يرد فى القرآن الكريم أو السنة المطهرة أن هذه الكرامات مقصورة فقط على سيدنا الخضر وإنما هى باب مفتوح من الله لجميع أوليائه، وهى عطاءات ربانية لا حدود لها تختلف من ولى إلى اخر وتمتد على مر الزمان حتى يرث الله الأرض ومن عليها وذلك لكل عبد يتصف بأنه عبدا ربانيا إذ الأمر يتلخص فى تحقيق إرادة الله ومراده على يد أو لسان هذا العبد الربانى ويكون ظاهر الأمر أن الحدث تم بمعرفة هذا العبد، والحقيقة أن الفاعل والإرادة الحقيقية لله وحده"
|