عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 18-02-2023, 07:36 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,941
إفتراضي

فلربما يقول قائل إن الإنسان وحده يستطيع أن يفسد في الأرض بإفساد ما فيها من المخلوقات الأخرى نقول له قول الملائكة ويسفك الدماء يبين المعنى ويوضحه تماما وسفك الدماء لا بد فيه من طرفين بلا جدال فلو كان المقصود بالخليفة أنه يخلف الله (وهذا محال) لما قالت الملائكة ويسفك الدماء وهذا يدل على أن الملائكة قد فهمت المسألة فهما صحيحا فعلموا أن معنى كلمة خليفة أي خليقة له ذرية يخلف بعضها بعضا وبمعنى آخر أوضح خليفة يعني خليفة يخلفه غيره إذا مات أو غاب فجعل بني آدم خلفاء بعضهم لبعض ويتبين هذا في قوله تعالى {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون} وأيضا قوله تعالى {يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} أي تخلف من قبلك ويخلفك من بعدك فالله تعالى لا يخلفه أحد ولكنه يخلف كل أحد"
وإلى هنا والكلام صحيح فى كون الخليفة هو من تخلفه ذريته أو أصحابه بعد موته ثم ذكر روايات لم تذكر فيها خلافة الله وإنما خلافة الرسول(ص) فقال:
"وقد روى الإمام النسائي في سننه فقال ..عن أبي برزة قال تغيظ أبو بكر على رجل فقلت من هو يا خليفة رسول الله قال لم؟ قلت لأضرب عنقه إن أمرتني بذلك قال أفكنت فاعلا قلت نعم قال فوالله لأذهب عظم كلمتي التي قلت غضبه ثم قال ما كان لأحد بعد محمد (ص)
* فيه عنعنة الأعمش وهو مدلس ولكنه ورد عند أحمد بإسناد حسن..عن أبي برزة الأسلمى قال أغلظ رجل لأبي بكر الصديق قال فقال أبو برزة ألا أضرب عنقه قال فانتهره وقال ما هي لأحد بعد رسول الله (ص)
وقد رواه النسائي أيضا من طرق غير طريق الأعمش ...أبي برزة قال غضب أبو بكر على رجل غضبا شديدا حتى تغير لونه قلت يا خليفة رسول الله والله لئن أمرتني لأضربن عنقه فكأنما صب عليه ماء بارد فذهب غضبه عن الرجل قال ثكلتك أمك لم تكن لأحد بعد رسول الله (ص)قال أبو عبد الرحمن هذا خطأ والصواب أبو نصر واسمه حميد بن هلال خالفه شعبة
ولو كان جائزا أن يقال خليفة الله لكان الأولى أن يقولها الرجل لأبي بكر وهم أولى منا معرفة باللغة والمعاني وما من خير إلا وسبقونا إليه وقد شهد الله لهم بالرضا فقال {جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه} ومع ذلك نذكر من كلام أبي بكر ما يدل على بطلان القول بأن الإنسان خليفة الله في الأرض وذلك فيما رواه الإمام أحمد فقال...فال قيل لأبي بكر يا خليفة الله فقال أنا خليفة رسول الله (ص)وأنا راض به وأنا راض به وأنا راض
وفيه انقطاع بين ابن أبي مليكة وأبي بكر

..عن أبي بكر قال لوفد بزاخة تتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة نبيه (ص)والمهاجرين أمرا يعذرونكم به *فلو كان جائزا لقال أبو بكر حتى يري الله خليفته ولكنه قال خليفة نبيه
وقد جاء حديث قصة مقتل عمر بن الخطاب ووصيته لولده أن يستأذن من أم المؤمنين عائشة في الدفن بجوار الرسول (ص)وصاحبه أبي بكر ليبين لنا معنى الاستخلاف فقال البخاري
..عمرو ابن ميمون الأودي قال رأيت عمر بن الخطاب قال يا عبدالله بن عمر اذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام ..ثم قل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين إني لا أعلم أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله (ص)وهو عنهم راض فمن استخلفوا بعدي فهو الخليفة فاسمعوا له وأطيعوا فسمى عثمان وعليا وطلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وولج عليه شاب من الأنصار فقال أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله كان لك من القدم في الإسلام ما قد علمت ثم استخلفت فعدلت ثم الشهادة بعد هذا كله فقال ليتني يا ابن أخي وذلك كفافا لا علي ولا لي أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين خيرا أن يعرف لهم حقهم وأن يحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا (الذين تبوءوا الدار والإيمان) أن يقبل من محسنهم ويعفى عن مسيئهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله (ص)أن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من وراءهم وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم *
والشاهد من الحديث أن عمر قال فمن استخلفوا بعدي فهو الخليفة أي أن الذي سيخلف عمر يخلفه لأن عمر قد غاب وأيضا هذا الشاب الذي دخل على عمر وقال [أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله كان لك من القدم في الإسلام ما قد علمت ثم استخلفت فعدلت] فكلمة استخلفت تدل على أنه قد خلف من قبله لما غاب وهذا المعنى هو المعنى الحتمي واللازم من هذه النصوص وهذا نص آخر من كلام النبي (ص)يذكر فيه كلمة خليفة حيث قال البخاري تعالى من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي (ص)قال ما استخلف خليفة إلا له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصم الله *
فقول النبي (ص)ما استخلف خليفة يفهم منه أن الاستخلاف من البشر بعضهم لبعض
وقد قال البخاري تحت عنوان باب متى يستوجب الرجل القضاء
وقال الحسن أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهوى ولا يخشوا الناس ولا يشتروا بآياتي ثمنا قليلا ثم قرأ {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} وقرأ {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن ..} {بما استحفظوا} استودعوا {من كتاب الله} وقرأ {وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين فحمد سليمان ولم يلم داود ولولا ما ذكر الله من أمر هذين لرأيت أن القضاة هلكوا فإنه أثنى على هذا بعلمه وعذر هذا باجتهاده وقال مزاحم بن زفر قال لنا عمر بن عبدالعزيز خمس إذا أخطأ القاضي منهن خصلة كانت فيه وصمة أن يكون فهما حليما عفيفا صليبا عالما سئولا عن العلم *
ليبين لنا أن اتباع الهوى في كل شيء يؤدي إلى الهاوية والضلال ولعل هذه المقولة التي قلناها في المقدمة وهي (من اتبع الهوى فقد هوى ومن اتبع الهدى فقد اهتدى) تنطبق على هذه المسألة
وحتى نغلق الباب أمام الشبه التي قد ترد على أذهان البعض من نصوص في السنة وفيها التصريح بهذا اللفظ خليفة الله أو لله خليفة فإننا نورد النصوص ونحققها من حيث الصناعة الحديثية أولا فإن الحكم لا يثبت إلا إذا ثبت دليله والأحاديث التي وردت فيها هذه الكلمات ضعيفة وإليك البيان
الحديث الأول
روى أبو داود في سننه في كتاب السنة قال..فذكر حديث أبي بكر ابن عياش قال فيها فاسمعوا وأطيعوا لخليفة الله وصفيه عبد الملك بن مروان وساق الحديث قال ولو أخذت ربيعة بمضر ولم يذكر قصة الحمراء *
* الحديث انفرد به أبو داود ولم يروه غيره وفي إسناده شريك بن عبد الله ..وهو سيء الحفظ والحجاج وهو ابن يوسف بن أبي عقيل الثقفي وهو ليس أهلا لأن يروى عنه وقطن بن نسير صدوق كثير الخطأ الحديث الثاني
روى ابن ماجة في سننه في كتاب الفتن فقال..عن ثوبان قال قال رسول الله (ص)يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي
* ضعيف وعلته أبو قلابة وهو عبد الله بن زيد الجرمي ذكر الذهبي في ميزانه أنه كان يدلس .. وقد رواه الإمام أحمد عن علي بن زيد عن أبي قلابة عن ثوبان فقال..عن ثوبان قال قال رسول الله (ص)إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله المهدي *
* وفى الإسناد علي بن زيد بن عبدالله بن جدعان وهو ضعيف .. وبما أن الحديث ضعيف فلا تثبت كلمة (خليفة الله) فى الحديث ولا تصح فى حق الله تبارك وتعالى
الحديث الثالث
روى الإمام أحمد في مسنده فقال..فإذا هو حذيفة فسمعته يقول كان أصحاب رسول الله (ص)يسألونه عن الخير وأسأله عن الشر فقلت يا رسول الله هل بعد هذا الخير شر كما كان قبله شر قال نعم قلت فما العصمة منه قال السيف أحسب أبو التياح يقول السيف أحسب قال قلت ثم ماذا قال ثم تكون هدنة على دخن قال قلت ثم ماذا قال ثم تكون دعاة الضلالة قال فإن رأيت يومئذ خليفة الله في الأرض فالزمه وإن نهك جسمك وأخذ مالك فإن لم تره فاهرب في الأرض ولو أن تموت وأنت عاض بجذل شجرة قال قلت ثم ماذا قال ثم يخرج الدجال قال قلت فيم يجيء به معه قال بنهر أو قال ماء ونار فمن دخل نهره حط أجره ووجب وزره ومن دخل ناره وجب أجره وحط وزره ... وهذا حديث ضعيف
* والحديث رواه أيضا أبو داود وأحمد في موضع آخر
* ومدار الحديث على صخر بن بدر العجلي عن سبيع بن خالد، ..لم يوثقه إلا ابن حبان والعجلي وهما يوثقان المجاهيل وقال ابن حجر فيه مقبول...
وبعد أن بينت لك علل الأحاديث التي جاءت فيها كلمة خليفة الله أو لله خليفة وأن هذه العبارة ليست من العقيدة الصحيحة في شيء بل فيها وصف لا يليق بالله عز وجل أود أن أنقل لك من كلام أهل العلم ما يعضد ذلك الفهم الذي فهمته
ذكر الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة الجزء الأول وذلك في تحقيقه لحديث ((يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة)) الذي أخرجه ابن ماجة فقال الشيخ
وهذه الزيادة [خليفة الله] ليس لها طريق ثابت ولا ما يصلح أن يكون شاهدا لها فهي منكرة كما يفيده كلام الذهبي ومن نكارتها أنه لا يجوز في الشرع أن يقال فلان خليفة الله لما فيه من إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص والعجز وقد بين ذلك ابن تيمية فقال في الفتاوي "

ومما سبق نجد ان السيسى بين فساد كل الأحاديث التى جاءت فيها كلمة خليفة الله
ثم حدثنا عن كلام بعض القدامى فى الموضوع كابن عربى فقال :
"وقد ظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي أن الخليفة هو الخليفة عن الله مثل نائب الله والله تعالى لا يجوز له خليفة

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس