*الله يتوفي الأنفس حين موتها* فمهما رأت في ملكوت السماوات فهو مما له تأويل، وما رأت بين السماء والأرض فهو ما يخيله الشيطان ولا تأويل له»
وكل ما كانت النفس عالية وطاهرة وشريفة ومخلصة لله عزوجل، فإنها تصل إلي الملكوت، وبقوة كما لها تشاهد حقائق الأشياء، وتشاهد بعض الحوادث المستقبلية أيضا، وكل ما كانت النفس ضعيفة وعلاقتها مع الله عزوجل سطحية وخالية من الكمالات، فإن غالب رؤاها تكون ما بين السماء والأرض، أي إنها لا تشاهد حقائق الأشياء عادة، بل تري ما يصوره الشيطان لها، وهي الرؤيا الكاذبة.
ولكن لا يستطيع الشيطان أن يتلبس بكل الموجودات، ويبطل كل الرؤي، فإذا كانت الموجودات تحمل كمالات شديدة، فإن الشيطان لا يستطيع أن يتلبس بها عادة، ويقلب صورتها الحقيقية، كما هو الحال في شخص النبي (ص)أمين الوحي جبرائيل والأئمة الطاهرين ، فإنه لا يستطيع أن يأتي بهيئتهم أبدا.
من رآني فقد رآني
فعن أبي عبد الله الصادق قال: «قال رسول الله (ص)من رآني في منامه فقد رآني لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ولا في صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة» "
هذا الكلام كان المفروض أن يضعه الشيرازى تحت عنوان سابق وهو كيفية حدوث ألأحلام وهو هنا ينقل لنا نظرية بقوله قالوا وهى نظرية تقول بانقسام العوالم لثلاثة وهو ما لا دليل عليه وإنما الدليل يكذب ما نقله وهو
انقسام العوالم لثلاثة بينما الله يقول أنها اثنين كما قال:
" عالم الغيب والشهادة"
وحديث رؤية النبى (ص) فى المنام حقيقة هو حديث باطل لأن لا أحد يعرف صورته حتى يعرف أنه هو إلا من كان شاهده فى عصر وأما نجنومن بعدنا ومن بعد وفاته فهو يرونه كما فى الآية " نور على نور" أى يرونه قى صورة نور وكذلك الأئمة المزعومين لا أحد رآهم ومن ثم يمكن التيقن من كونهم هم ولم يتحدث الله عنهم وكما سبق القول النبوة هى نزول الوحى على الإنسان وهى لا تنقسم لعدة أمور كما يزعم الحديث
وتحدث عن الرؤى فى القرآن فقال:
"القرآن والرؤيا
لقد تعرض القرآن إلي الأحلام، وأشار إلي أن الرؤيا في المنام إحدي طرق وصول الرسالة إلي الأنبياء ، واستعرض أيضا عدة قصص حول الرؤيا، كما في قصة إبراهيم ، قال تعالي: *فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين * فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا* إذ كانت رؤيا إبراهيم صادقة، كما هو الحال في جميع رؤي الأنبياء ، فهذه من الأحلام الصادقة التي حكاها الله عزوجل في القرآن.
وكذلك ما حكاه من رؤيا النبي يوسف حيث قال تعالي: *إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين*
ومنها رؤيا صاحبي السجن اللذين كانا مع يوسف في السجن.
ومنها ورؤيا الملك أيضا.
وكذلك الحال بالنسبة لنبينا محمد (ص)في عدة مواضع، منها قوله تعالي: *إذ يراكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر*
ومنها قوله تعالي: *لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام* "
والرؤى السابقة وحتى ما سيذكره بعدها ليست وحيا بمعنى أنها تنزل عن طريق جبريلا (ص) أو عن طريق كلام الله المباشر وإنما هى :
رؤى كأى رؤى أخرى ولكن الفارق أن الله ذكرها فى الوحى النال على النبى(ص) الخاتم
وأما الآية التى اعتبرها موضوع بحثه فهى :
"ومنها الآية الكريمة التي هي موضوع بحثنا: *وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن* ، فعن الإمام الصادق قال حول نزول هذه الآية وقصتها: «رأي رسول الله (ص)بني أمية يصعدون علي منبره من بعده، ويضلون الناس عن الصراط القهقري، فأصبح كئيبا حزينا، قال: فهبط عليه جبرئيل فقال: يا رسول الله، مالي أراك كئيبا حزينا؟
قال: يا جبرئيل، إني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي ويضلون الناس عن الصراط القهقري.
فقال: والذي بعثك بالحق نبيا، إن هذا شيء ما اطلعت عليه، فعرج إلي السماء، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها، قال: *أفرأيت إن متعناهم سنين * ثم جاءهم ما كانوا يوعدون * ما أغني عنهم ما كان وا يمتعون* ، وأنزل عليه: *إنا أنزلناه في ليلة القدر *وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر* جعل الله عزوجل ليلة القدر لنبيه (ص)خيرا من ألف شهر ملك بني أمية»
وفي روايات أخري أنه (ص)رأي قرودا تنزو علي منبره ، والقرود عبارة عن الشخصية الحقيقية بصورتها الواقعية في العالم الآخر، فكل إنسان له صورة في العالم الأخروي هي عبارة عن مجموعة أعماله وسلوكه ورغباته، فإما أن تكون بصورة الملوك الأجلاء، وإما بصورة القرود أو الكل اب أو ما شابه ذلك نعوذ بالله تعالي، فمن خلال رؤيا رسول الله (ص)هذه، وغيرها، ومن تفسيره (ص)القرود ببني أمية، نعرف بوجود رؤيا صادقة، ونستدل علي صحة تعبير الرؤيا بشروطه.
نعم يبقي هناك ، أنواع التفسير للرؤيا، وأنواع الرؤيا، ووقتها، وتفاصيل أخري مذكورة في الكتب الخاصة بهذا العلم.""
والخلم ببنى أمية المزعوم ليس فى الوحى ولا علاقة له بالشجرة الملعونة لأنها غير مذكورة فى الحديث الذى ذكره الشيرازى
والرؤيا المقصودة هى :
"لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين"
ولا علاقة لها ببنى أمية ولا على ولا غيرهم
وأما الشجرة الملعونة أى المؤذية للكفار فهى شجرة الزقوم
وتحدث عن أن الرؤى ليست وحيا فقال :
"لا حجية للرؤيا:
ثم انه لا يخفي أن الرؤيا لا تكون حجة شرعا فلا يترتب عليها أمر شرعي إلا بعض الرؤي كما في الأنبياء فإذا رأي أحدنا رؤيا مهمة وعظيمة، وكان لها مساس بالشريعة الإسلامية، فهل هذه الرؤيا حجة علينا أم لا؟ أي: هل يجب أن نلتزم بما دلت عليه أم لا يكون كذلك ؟
ولتوضيح السؤال أكثر نضرب مثالا في الأحكام، وآخر في الموضوعات، أما في الموضوعات فلو رأي شخص في المنام مثلا: أن فلانا قتل فلانا، أو زني بفلانة، أو سرق شيئا، أو ارتكاب معصية، فهل يحق له أن يشهد ضده أو يخبر أهل المرأة بأن ابنتكم زانية، أو يذهب إلي صاحب المحل المسروق، ويقول له إن فلانا سرق منك، لأنه شاهده في المنام، وهو يسرق أو يزني .. ؟ هل يحق لنا ذلك أم لا؟
وأما في الأحكام، فلو رأي أحد في المنام أن العمل الكذائي المستحب مكروه وليس بمستحب، فهل يتركه ولا يأتي به من اليوم فصاعدا نظرا لكراهته؟ أم يبقي الحكم علي استحبابه ولا حجية للرؤيا؟
والإجابة في كلا الموردين هي النفي؛ إذ لا حجية للرؤيا، ولا دليل قائم علي حجيتها أبدا. فليس من الصحيح أن نرتب أثرا خارجيا، وسلوكا خاصا علي أثر رؤيا شاهدناها في المنام، أو نحكم ببطلان عمل فلان، أو عدم نزاهته وغير ذلك لمجرد الأحلام، بل يجب أن نلتفت إلي عدم الحجية، ولا نقع ضحيتها نحن وغيرنا، كما ويجب أن لا تؤدي الأحلام إلي اضطراب علاقتنا الاجتماعية، أو النفسية، ولا تؤثر علي سلوكنا الشخصي. نعم، هي قد تفيد من ناحية إزدياد الإيمان، والتثبت في الدين، والحذر من النار، ومن كل الأسباب المؤدية إليها، والتنافس لعمل الخير، وربما تدل علي عظمة الشخص، وزيادة إيمانه، كما لو كان دائما يري الرسول الأعظم (ص)وأئمة الهدي ."
|