عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-01-2023, 09:03 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,031
إفتراضي

قال: فدخلنا البيت، فما رأت عيني بيتا مثل هذا البيت، تحت الدرج، والدرج تحته في فراغ، وهو غرفة ومطبخ، وحمام، مع فسحة صغيرة، بيت لا يمكن أن يسكنه إنسان، وفيه كما قال: أثاث متواضع جدا، لكن البيت نظيف جدا، وزوجها مريض، وعندهم أربعة أولاد، وقال: ما شاء الله، وجدتهم في نباهة ونظافة، وأقسم بالله وهو عندي صادق وقال: كأن هذا البيت قطعة من الجنة، فقال لهم: الوضع يحتاج منا مساعدة، قال له: اكتب ألفين، فقالت له: لا ألف أعطوا الألف لغيرنا والحمد لله المعاش يكفينا، قال: أنا دهشت، واحد حجمه المالي أربعة آلاف مليون من شدة الشكوى , والألم , والضيق والضجر كدت أن أسقط على الأرض، وهذا البيت كأنه قطعة من الجنة، ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك، القضية نفسية.
إذا نزلت السكينة على النفس تسعد بها وتشقى بفقدها:

قد يكون إيمان إنسان بالله قويا جدا، واتصاله بالله قويا، تشعر أنه غني، وهو متفائل، يشع سعادة، وقد يكون الطرف الآخر أغنى منه بكثير، وحركته بمئات الملايين ومع ذلك فهو متضايق، معنى ذلك أن النفس غير الجسم، لك نفس تسعد بذكر الله، وتشقى بالبعد عنه، وهناك شيء اسمه سكينة، إذا أنزل الله على قلبك سكينته سعدت بها، ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، أيعقل أن يكون لقائد القوات الإسلامية في الشام سيدنا أبو عبيدة الجراح، غرفة فيها جلد غزال، وقدر ماء مغطى برغيف خبز، وعلى الحائط سيفه؟ قال له: ما هذا يا أبا عبيدة؟ قال له سيدنا: هو للدنيا وعلى الدنيا كثير ألا تبلغنا القليل , إنسان في أسعد درجات حياته بهذا التقشف، إنسان عمره ثمانون عاما سيدنا أبو أيوب الأنصاري يغادر المدينة لينضم إلى الجيوش الفاتحة ويموت في اسطنبول ما هذا؟ هذه السكينة تتنزل على النفس تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء.
أيها الأخوة الكرام، الآخرة هي رحلة النهاية، كلنا إلى هذا اليوم قادمون، فالبطولة والاستعداد لهذا اليوم، والإنسان لا يدري متى الأجل، ولله در القائل:
تزود من التقوى فإنك لا تدري ... إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة ... وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
فإذا عرف الإنسان حقيقته، وعرف مهمته، وعرف مصيره , وعرف هدفه الكبير، ينسجم مع هذه المعطيات فيسعد."

وكل هه الحكايات لا لزوم لها فى درس المفترض أنه درس علمى فى النفس الخالدة نفس الإنسان وليس نفس النبات والحيوان
وحدثنا عن طمأنينة النفس فقال :
"كيف تطمئن نفسك؟
أيها الأخوة، لاحظ نفسك، فإن كنت في تقشف شديد، وشعرت أن الله راض عنك فأنت تشعر بسعادة لا توصف، وحينما تكون بأعلى درجات النعيم المادي، و كنت غارقا في معصية، فأنت محجوب عن الله عز وجل، وأنت معذب، هكذا شأن قلب النفس فلا يسعد إلا ذكر الله، واقرأ الآية الكريمة:{ألا بذكر الله تطمئن القلوب}
لا تطمئن إلا بذكر الله سبحانه، لو أن الله عز وجل قال: تطمئن القلوب بذكر الله لبقي المعنى قاصرا، يعني وقد تطمئن بغير ذكر الله، أما حينما جاءت الصيغة صيغة قصر " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " أي أن القلوب لا تطمئن إلا بذكر الله، وجرب أكل طعام طيب، واجلس في مكان جميل، لكن مع البعد عن الله، فهذا المكان قطعة من النار، وجرب أن تجلس في مكان متواضع، لتأكل أكلا خشنا، وأنت ذاكر لله، فالحال مختلف.
حينما أمر في الطريق إلى الزبداني, وأرى مقاصف وملاهي، مئة سيارة أمامها، أقول: ماذا في الداخل؟ راقصة، ومغنية، وطعام، هؤلاء الذين أرادوا هذا المكان يبحثون عن متعة، عن لذة، يأكلون ويشربون ويملؤون عيونهم من محاسن امرأة لا يحل لهم أن ينظروا إليها، أقول لو عرفوا ما عند الله من سعادة، لأووا إلى الله، ولجؤوا إليه، وأقاموا في محرابه، ومرغوا جباههم عند أعتابه، هم لا يعلمون.
أيها الأخوة , المؤمن إذا ارتقى في إيمانه فلا تطمئن نفسه إلا أن تكون العلاقة بينه وبين الله علاقة عالية المستوى، المؤمن رأس ماله محبة الله له، رأس ماله أنه في رضوان الله، رأس ماله أن المستقبل لصالحه، الزمن في صالح المؤمن وليس في صالح الكافر، كلما تقدم بالمؤمن السن ازداد معرفة بربه، وازداد يقينا بلقائه، وازداد عمله الصالح إخلاصا، وازداد وقته انشغالا بطاعة الله، وكلما اقترب العمر من نهايته رأيته مستبشرا لأن كل هذا العمر من أجل ساعة اللقاء ولدينا حديث قدسي حينما أقرأه يقشعر بدني، فعن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص)إن الله قال: ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته)).(أخرجه البخاري)
يقول الله عن ذاته العلية: ((وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن)) وإن الله لا يتردد، لكن هذا لتقريب المعنى إلينا، ((يكره الموت وأنا أكره مساءته)) هيأ له جنة عرضها السموات والأرض، له حياة مريحة، لا تعب فيها ولا نصب، فالإنسان كل معلوماته دنيوية، لكن لو عرف ما عند الله , لقال كما قال مؤمن يس:{قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون}"

والكلام عن كون الطمأنينة تأتى بذكر الله وحده للناس يخالف كتاب الله فنفس المسلم هى التى تطمئن بذكر وهو طاعة وحى الله وأما النفوس الكافرة فهى الأخرى تطمئن بمتاع الدنيا كما قال تعالى :
"إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها"
وتحدث عن الخلاف فى تعذيب الميت ببكاء أهله عليه فقال :
"اجتهاد بعض علماء الحديث في تعذيب الميت بأهله:
هناك حديث مشكل عند علماء الحديث، فعن أبي بردة عن أبيه قال لما أصيب عمر رضي الله عنه جعل صهيب يقول وا أخاه فقال عمر: أما علمت أن النبي (ص)قال: ((إن الميت ليعذب ببكاء الحي)).(متفق عليه)

ما علاقته إذا بكى أهله؟ بعض علماء الحديث فهم هذا الحديث فهما رائعا، قال: إن الميت المؤمن إذا انقلب إلى الله عز وجل، ورأى ما فيه من النعيم يتألم لبكاء أهله عليه، يعذب ببكاء أهله عليه، يقول أنا: في خير، أنا في جنة، إياكم أن تبكوا.
ولقد قص علي أحد أخواننا قصة تكاد لا تصدق، امرأة صالحة لدرجة غير معقولة، حدثني عن قصتها ابنها وزوجها كان في مجلس التعزية، قال: كانت تقضي ليلها في قراءة القرآن والصلاة مطيعة لله عز وجل، تؤدي واجباتها لزوجها أداء غير معقول، ترعى أولادها وبناتها رعاية فائقة، لكرامتها عند الله قالت لهم: لقد دنا أجلي، لكن لا تشكوا شيئا، ودعت أولادها، وطلبت بناتها وأصهارها، ثم وافتها المنية، قالت قبل أن تموت: لا تقيموا مأتم عزاء، أقيموا حفلة عند موتي، والذي فعله أهلها أنهم جاءوا بمنشدين، وأقاموا حفلا، ووزعوا حلويات، لأن يقينها بما عند الله من سعادة شيء لا يوصف، المؤمن كذلك يجب أن يتيقن أن بعد الموت جنة فيها "مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر".
نحن في غفلة، نحن كل مقاييسنا مادية، فلان بيته كبير فهنيئا له، فلان يملك شركة ضخمة فهنيئا له، فلان سيارته موديل جديد ما أسعده! فلان ورث أرضا فصار ثمنها مئة ضعف فالهناء له، هذا ما فعله قوم قارون:
{فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا}"

وبالقطع الحديث لم يقله النبى(ص) لمخالفته القرآن لأن لا أحد يعاقب على جرم غيره كما قل تعالى :
" ولا تزر وزارة وزر أحرى"
وتحدث عن العاقل فقال :
"من هو العاقل؟
أيها الأخوة الكرام، أريد أن أقول لكم: إن موضوعات يوم الآخر موضوعات خطيرة جدا، فيجب أن تعرف من أنت؟ وما الذي يبقى منك؟ وماذا بعد الموت؟ وماذا في القبر؟ وماذا بعد القبر؟ لأن هذا كله حق، وسيكون.
سألت مرة شيخا يعمل في دفن الموتى فقال: لدينا كل يوم في الشام ثمانون حالة وفاة، وهم بشر مثلنا، أشخاص لهم بيوت، ولهم أعمال وتجارة، فهذا المرحوم فلان، وهذا الشاب فلان، وهذه الشابة فلانة، مرة عميد أسرتهم، ومرة الدكتور فلان، ومرة المحامي فلان، مرة رتبة عسكرية عالية جدا، هكذا والحبل جرار، كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت.
و الليل مهما طال فلا ... بد من طلوع الفجر
والعمر مهما طال فلا ... بد من نزول القبر
من هو العاقل؟ هو الذي يستعد لهذا الموت الذي لابد منه، يستعد له بالتوبة والعمل الصالح."

وهو كلام صحيح فالعاقل من استعد لآخرته بالإيمان والعمل الصالح
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس