عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-01-2023, 08:30 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,056
إفتراضي

كان يقولها (ص)منصرفه من صلاة الفجر كما عند أبي داود، واستعاذ في صحيح مسلم من أربع منها:
(ومن علم لا ينفع) فثمة علوم في القديم والحديث غير نافعة لا يجوز الاشتغال بها أو تضييع الزمان فيها، بل يكفي التعرف العام، والإلمام الإجمالي.
والطفرة المعلوماتية، وإن كانت تضخمت، لكن لا يعني ذلك الاطلاع على كل ذلك لأنه، لا الجسم يطيق، ولا الوقت يكفي!! ولكن يجمع المرء محاسن كل شيئ، وبضبط نفائسه وما يحتاج إليه.
خامسا: أن عصر السرعة وشبهة التراكم المعرفي، حافز للسرعة الذاتية، والإنجاز الفردي، وإلا لما تفاضل الناس وطلب التنافس بينهم، إذ كان السباق في الماضي على الرحلة ولقاء المشايخ، والاحتكاك بالمجتمعات، وجمع الفرائد، رغم زخارة المعلومات، والآن السبق على الجمع والمعرفة وحسن الاطلاع، مع قرب المعارف ودنوها مع من طالبها، ولكل عصر ظروفة وشئونه.
سادسا: برغم كل ما يقال من الانفجار المعرفي والثورة المعلوماتية السريعة، تبقى للجودة والنوعية دورها ووبيصها المعرفي والحضاري!! والتحشية فرع الجودة والنوعية، لأنها لا تفعل عبثا وتأخيرا، وإنما عمقا وإتقانا وبناء وإنتاجا ..
ورغم دخول ملايين الكتب (حاسوبيا) وتحولها إلى مواد بارزة بضغطة زر، لم يضعف حس الكتاب ولا حمله، وشراؤه من ذهن المطالع العربي والعالمي، بل لانزال الأخطاء والصحيفات تنتاب بعض تلك المدخلات، رغم فوائدها الجمة، وثمراتها العجيبة.
لكننا هنا نبين أن الطفرة الالكترونية، لم تقض على الكتاب، بل لايزال يطبع، ويباع، ويخرج بأحسن الطبعات وفاخرها، وكذلك هي التحشية بالنسبة لعصر السرعة لاتزال محل اهتمام عباقرة القرء، وأنباه المفكرين والمثقفين."
الفتحى يبدو انه لا يعيش فى واقعنا ولا يفهم ما هو المراد من العلم فالعلم ليس قاصرا على فئة وإنما الغرض من نشره تعليم الناس أحكام الله
الرجل يحدثنا عن فئة معها مال أو تمولها جهات معينة سواء كانت نيتها خير وهو قليل أو شر ومعظمه من جهة السلطة فالسلطة ليس غرضها من نشر تلك الكتب إلا شغل الناس بالخلافات وأن يكونوا جماعات تعادى بعضها البعض فينشغلوا ببعضهم عنها
وأما جمهور القراء العاديين وهم قلة أيضا فلم يعد فى ظل الغلاء فى إمكانهم شراء كتب خاصة المتزوجين وأصحاب العيال منهم
فى عصرنا المطلوب هو كتب سريعة يتناول الكتاب منها موضوع واحد بغرض تعليمهم أحكام الموضوع فالسلطات تجبرهم بقلة الرواتب والمعاشات على أن يشتغلوا فى وظائف متعددة بحيث لا يكون لديهم فراغ وإنما أجسام متعبة تأوى إلى السرير للراحة والنوم
وتحدث عما سماه الترقى الفكرى فقال :
"الترقي الفكري
إن انتهاج التحشية المستديمة على كل الكتب، سيكشف مع مرور الوقت مستوى القارئ، وأن ما علقه هذه السنة، يختلف مع ما يعلقه بعد خمس سنين، وبعد عشر وعشرين سنة!! سيدرك هو تباين ذلك، وأنه ما رآه أول الطلب، لا يراه في عمقه وانتهائه.
وهذه طبيعة تكوين العقل الإنساني بالعلوم والمعارف، الترقي والتزود المنعكس على الاختيارات والمسالك.
وهذا من أسباب اختلاف الأئمة، وتباين آرائهم في بعض المسائل العلمية والفقهية، وأنهم يجدون بخطه في كتاب ما، ما يناقض كتابه الآخر، أو يضيف عليه ويحرره الذي يكشف ذلك معرفة التاريخ والمرحلة العمرية التي صنف فيها الكتاب.
وللأسف أن كثيرين ممن لا يدركون ذلك، يتسرعون بجمع آراء الشيخ أو الفقيه دون حسبان الجانب التاريخ والعمري للمؤلف.
لا سيما عند التنازع والتناقض في آراء ذلك الإمام، لاسيما الأئمة المتبوعون، والعلماء المحققون الذين طبق ذكرهم الآفاق، وباتت أسماؤهم شواهد على البرهنة والحقيقة.
ولذلك هذه مسألة مهمة، على طلبة العلم إعطاؤها قدرها من الاهتمام، وألا يزجوا بموروث الإمام العلمي في سلة واحدة، ومساق علمي موحد، بل يراعوا ترقيه الفكري والمعرفي، ويفرقوا بين مصنفات أول الطلب، وعمقه، وانتهائه.
ولذلك القراء المحشي سيدرك فوارقه، وتدرجاته الفكرية من كتاب لآخر، وأن هذا العقل يبني ويترقى ويتطور، حسب المعطيات المصبوبة فيه، ويدرك أثر نعمة الله عليه بهذا اللب العجيب، وهذا المخلوق الصغير، الواسع في جمعه وفرزه وتمييزه.
فإنما العلم بأصغريه ... ليس برجليه ولا يديه
لسانه وقلبه المركب في صدره وذاك خلق عجب
(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ووعي هذه النعمة سيجعل منه عنصرا مثابرا على القراءة والتفهم والاستزاده ولو أوقات المحن والأسقام.
لأن القراءة غذاء الافهام والأرواح، كما أن الطعام غذاء الأبدان والأجسام وفرق ما بين الغذائين."
مما لا شك فيه أن علم الإنسان يزداد فى غالب الأحوال ككم ولكن علمه النقدى يظل فى حالة التوهان التى نعيشها فالصوفى ينتقد السلفى والسنى بنتقد الشيعى والشافعى ينتقد الحنفى ..... فنحن نكرر نفس أخطاء الماضى ونمشى جميعا فى نفس الدائرة السوء ومن ثم لا يمكن أن يكون هناك ترقى فكرى إلا بشىء واحد وهو الاحتكام إلى كتاب الله
وتحدث عما سماه الحاشية الابتكارية فقال :
"الحاشية الابتكارية
مع تطور الحواشي، وتجاوز مراحلها الأولية، وانقطاع الطالب لها سيتمخض عنها تعليقات نقدية، تنتهي إلى أفكار ورؤى وصور جديدة في الحياة العلمية والبحثية، بفضل استدامة النقد والتمعن والاعتبار، يصدق عليها أن تسمى. (الحاشية الابتكارية) التي تفجر بحوثا، ومؤلفات، وتعقبات لدى القارئ اليقظ، وتكون بمثابة التحولات المحورية في مساره العلمي، وهي تأخذ أشكالا شتى منها:
(1) إيماءات المؤلف الخفية والظاهرة إلى أشياء لم يسعفه الزمان لإنجازها، فيستنهض الهمم للكتابة والإبحار فيها، فهذه لابد أن تكون محل اهتمام القارئ النهم ذي القلم السيال, وأن يبادر إليها بدار الساعي الملهوف، لأنها كالغنيمة الباردة، التي لا يجوز التغافل عنها.
(2) جمع متفرقات كلام المؤلف في قضية ما لم يصنف فيها، إذ بعض العلماء الموسوعيين كالنووى وابن عبد البر والخطيب، وابن تيمية وابن حجر وابن القيم، وأشباههم، لديهم قضايا خاضوا فيها خوضا عظيما، وألمحوا إلى فرائد فكرية تجاهها، وهي متفرقة في مصنفاتهم الطويلة، وبالإمكان جمعها وإبرازها في مؤلف واحد، يعلق عليها ويكشف ويقدم للساحة العلمية.
(3) الوقوف على تناقضات عالم معين، أو مآخذ عليه، بحيث يصحح الخطأ الشائع، أو الأثر التاريخي المغلوط. وهذا ظاهر في الموسوعيين أرباب النصانيف الغزيرة السيارة.
(4) تناول نظائر المسائل وأشباه الموضوعات التي تعرف بأخواتها أو بأصندادها مما لم يشر إليه المصنف صاحب الأصل، فيكون مثل ذلك مهمازا للاعتناء بمثيلاتها وأخواتها، ومثل ذلك يدرك بالفهم المعرفي والغزارة البحثية.
(5) تجريد فرائد وفوائد الكتب الضخمة والمطولات نحو التمهيد والمجموع والمغني والمبسوط، وفتح الباري، وفتاوى ابن تيمية، وتهذيب الكمال وشرح الإحياء وكتب التواريخ لابن جرير وابن الأثير وابن الجوزي وابن كثير وابن خلدون وأمثالها من الكتب الزاخرة بمحاسن الفكر والفوائد، التي تحتاج إلى من يستخرجها، ويهيئها للأنام، حيث عجزت الهمم، وشاخت العزائم المعاصرة."
الحاشية الابتكارية ليس بذكر نصوص هذا وذلك فى الكتب فى مكان ما والترجيح بينها وإنما بذكر الآراء مختصرة غير منسوبة ومناقشتها عبر كتاب الله ولكن الموجود أن فلان قال وعلان رد عليه فقال وعلان رد عليهم فقال وهذه عملية جمع لا تفيد صاحبها ولا تفيد من يقرأها
ومن ثم فالقول هو أن نشر كتاب فى موضوع معين يجمع الأراء دون نقل نفس الرأى من عشرات الكتب وإنما المسألة قيل فيها واحد اثنين.. وتتم مناقشة كل رأى فيها من كتاب الله أو من الواقع الحق ولا يتم نقل الردود المتعددة لأن الغرض هو بيان ألأدلة وليس تكرار نفس النصوص والتى غالبا ما ينقلونها عن بعضهم البعض
وتحدث عن حواشى المتون المحفوظة فقال :
"حواشي المتون المحفوظة
جرت العادة أن يقدم التلاميذ ابتداء، على حفظ المتون العلمية التي تضيق عباراتها، ولا تطول صفحاتها، وتكون مستوعبة لرءوس مسائل ذلك الفن، فقها كان أو عقيدة أو حديثا، أو أصولا، وأثناء الحفظ تمر مصطلحات لا يلم بها التلميذ ويجهلها تماما.
وللخلاص من هذه المشكلة لابد من اعتماد التحشية، بل نراها هنا ضرورية، لتعين على الحفظ والفهم والنجابة.
وإن كان المعول عليه النص هنا، لكن لا بأس من التعليق شيئا يسيرا يفك أغلال المتن، ويثير انتباه التلميذ الحافظ، بحيث كلما حفظ مقطعا علميا، علق على هامشه بيان غامضه وخفيه وغريبه.
فلا يفرغ من المتن إلا وقد حفظه قليبا، واستوعبه ذهنيا، وبات ضابطا حاذقا لأغلب مسائله ثم ينتقل إلى شروحه البهيجة، التي تتناسب مع قدراته العلمية والعقلية.
وننبه في الحواشي المثبتة على أمور منها:
(1) عدم إطالتها، بحيث لا تستغرق وقتا، يشغل عن الحفظ، ويكتفي مع الاختصار بالفهم العام لها.
(2) اعتبار النص المحفوظ هو الأصل هنا، وتلك للايضاح وفك الإبهام.
(3) قصرها على الايضاح الضروري، والحل الاحتياجي، بحيث لا يكون فيها فسحة تعليقيه، أو ميول ذاتية للنقل، تصرف عن المتن المراد حفظه."
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس