وان كان التعارض بالعموم من وجه لوضوح أنها أظهر في دلالتها علي الصحة في هذا الحال مع أن في أخبار الصحة ما كان أخص مطلقا وهو خبر أبى بصير قال: قلت لأبى عبد الله الرجل يطلق امرأته وهو غائب فيعلم أنه يوم طلقها كانت طامثا قال يجوز كما لا يعارضها الأخبار الدالة علي صحة الطلاق بعد مضي شهر أو بعد ثلاثة لما فيها من المخالفة في مقدار مدة الغيبة الكاشفة عن أن هذا التقييد علي الاستحباب واختلاف مراتبه في هذا الباب كما ربما يشعر إليه رواية صفوان عن إسحاق ابن عمار قال: قلت لأبى إبراهيم الغائب الذي يطلق اهله كم غيبته قال خمسة أشهر ستة أشهر قال حد دون ذا قال ثلاثة أشهر لقوة احتمال اكتفائه لو راجع اليه ثانيا أو ثالثا بمقدار الانتقال
وبالجملة ليس ظهورها في لزوم مضي مدة شهر أو ثلاثة بمثابة ظهور عموم أو اطلاق تلك الأخبار التي منها خبر أبى بصير وقد أطلق فيه الجواز بلا استفصال في صحة طلاقه علي أي حال بعد مضي مدة من الغيبة تحتمل انتقالها من طهر المواقعة ولا يخفي أن اشتراط مضي هذه المدة مع إطلاق ما دل علي صحة طلاق الغائب عنها زوجها لصحيحة عبد الرحمن: سئلت أبا عبد الله عن رجل تزوج امرأة سرا من أهلها وهي في منزل أهلها وقد أراد ان يطلقها وليس يصل إليها ليعلم طمثها إذا طمثت ولا يعلم بطهرها إذا طهرت قال: فقال هذا مثل الغائب عن اهله يطلقها بالأهلة والشهور حيث أن ظاهرها ان ملاك صحة طلاق الغائب عدم الاطلاع والعلم بحال الزوجة فإذا كان الحاضر مثله في ذلك فيطلق بالأهلة والشهور والأمر الثالث ان يطلقها في طهر لم يقربها بجماع إلا في الصغيرة واليائسة والحامل والمسترابة بشرط ان تصبر ثلاثة أشهر فلو طلق غير الأربع في طهر المواقعة لم يقع بلا خلاف بل إجماعا للأخبار الكثيرة الدالة علي نفي الطلاق عما وقع في طهرها واما الأربع فلا بأس بطلاقها فيه بلا خلاف أيضا بل إجماعا لاستفاضة الأخبار لولا تواترها بمد غير الأخيرة من خمس يطلقن علي كل حال و صحيحة إسماعيل ابن سعد الأشعري سألت الرضا عن المسترابة من الحيض كيف تطلق قال تطلق بالشهور ومرسل العطار عن أبى عبد الله سألته عن المرأة يستراب بها ومثلها لا تحمل ولا تحيض وقد واقعها زوجها كيف يطلقها إذا أراد طلاقها قال ليمسك عنها ثلاثة أشهر ثم يطلقها "
وكل هذا الكلام عن الطلاق فى الطهر ذكر الرجل تناقض أحاديث المذهب الشيعى وانتهى إلى وقوع الطلاق فى الطهر وغير الطهر شرط أن يكون المطلق جاهلا بحال المرأة بسبب الغياب أو غيره والحق :
ان الطلاق طبقا لكلام الله هو حق الرجل وهو لا يصيبه حيض ونفاس كما أن خطوات الوصول للطلاق هى وجوب المرور بالحل الداخلى الوعظ والهجر والضرب وبالحل الخارجى حكم من أهله وحكم من أهلها يعنى أن القرار لا يكون وليد الوقت وإنما وليد شهور كثيرة والطلاق لا يجوز غيابيا وإنكما لابد من أن حضور الاثنين والشهود كما قال تعالى :
" "فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر "
وتحدث عن الشهادة على الطلاق فقال:
"والأمر الرابع تعيينها بذكر ما يفيده إما بمجرد النية كما عن المسالك ففي الاكتفاء بها نظر لظهور خبر محمد بن حمد بن المطهر قال كتبت إلى أبى الحسن صاحب العسكر أني تزوجت بأربع نسوة و لم اسئل عن أب منهن ثم إني أردت طلاق إحداهن وأتزوج امرأة أخري فكتب إلى علامة ان كانت بواحدة منهن فتقول اشهدوا ان فلانة التي بها علامة كذا و كذا هي طالق ثم تزوج الأخري إذا انقضت العدة في اعتبار ذكر ما يعينها مضافا إلى أنه المناسب لاعتبار شهادة العدلين فلا أقل من الشك واستصحاب عصمة النكاح بدونه يقتضي اعتباره فلو لم يعين فالأقوي بطلانه كما عن المشهور بل عن الانتصار ومحكي الطبريات الإجماع عليه وما حكي عن الشيخ في محكي مبسوطه من الصحة والتعيين بالقرعة وعن الفاضل والشهيد في أحد قوليهما من الصحة مع اختياره في تعيينها لا دليل عليه لوضوح ان الإطلاقات مسوقة لبيان غير ذلك مع انها لو كانت مسوقة للبيان من جميع الجهات لم يظهر ان العرف يساعد علي كون الغرض طلاقا وانشائه وان كان ممكنا الا انه لم يعلم كونه منشأ لانتزاعه ومصححا لاختراعه ليندرج بذلك في أفراده عرفا ليكون الإطلاق دليلا علي إمضائه شرعا لو لم نقل بأنه ليس كذلك قطعا فتأمل جيدا واما في الصيغة فالشرط فيها ان تكون بلفظ مخصوص متلقي من الشارع لأصالة بقاء عصمة النكاح ما لم يقطع بتحقق ما يوجب ارتفاعها ومجرد مشروعية الطلاق لرفعها غير مقتض لكون إنشائه بكل لفظ دل عليه موجبا لذلك ما لم يكن لدليل المشروعية إطلاق من هذه الجهة ولا إطلاق له كما لا يخفي فلا يقع الا بقوله أنت أو فلانة أو هذه أ وما شابهها طالق مجردا عن الشرط الذي لم يعلم وقوعه و عن الصفة المعلوم وقوعها لأنه المنصوص في النصوص الظاهرة في الحصر ففي صحيح ابن مسلم سئل أبو جعفر عن رجل قال لامرأته: أنت علي حرام أو بائنة أو بتة أو برية أو خلية قال: هذا كله ليس بشيء إنما الطلاق ان يقول لها قبل العدة بعد ما تطهر من حيضها قبل ان يجامعها أنت طالق أو اعتدي يريد بذلك الطلاق
والمشهور اعتبار تجرده عن التعليق بل عن جماعة دعوي الإجماع عليه كما هو مقتضي الأصل واما الاستدلال بظهور نصوص الحصر ومنافاته لقاعدة عدم تأخر المعلول عن علته أو السبب الشرعي كالسبب العقلي بالنسبة إلى ذلك الا ما خرج بالدليل بل هو في الحقيقة من الشرائط المخالفة للكتاب والمحللة حراما إلى آخر ما افاده في الجواهر في غاية الفساد ضرورة ان السبب مع التعليق ليس الا جزء السبب وجزئه الآخر هو حصول المعلق عليه كما ان المسبب ليس هو حصول الطلاق المطلق بل المحدود المعلق فليس فيه بسببه تخلف المسبب عن سببه بل تفاوت السبب ومسببه مع ما إذا لم يكن هناك تعليق كما لا يخفي والحصر الظاهر في النصوص يمكن دعوي ظهورها في كونه بالإضافة إلى سائر الصيغ المذكورة فيها فلا دليل علي اعتبار التجرد إلا الأصل أصلا و كيف كان فلا يقع الطلاق بالكتابة من الحاضر القادر علي التلفظ بلا خلاف نصا و فتوي للنصوص الحاصرة وصحيح زرارة قلت: لأبى جعفر رجل كتب بطلاق امرأته أو بعتق غلامه ثم بدا له فمحاه قال: ليس ذلك بطلاق ولا عتاق حتي يتكلم به كما لا خلاف في صحة الطلاق بها لو عجز عن النطق لصحيح البزنطي أنه سئل أبو الحسن الرضا عن الرجل يكون عنده المرية يصمت ولا يتكلم أخرس هو قلت ويعلم منه بغض لامرأته و كراهة لها أ يجوز ان يطلق عنه وليه قال: لا ولكن يكتب ويشهد علي ذلك الخبر انما الخلاف في صحة الطلاق بها إذا كان غائبا فعن جماعة صحته بها لصحيح الثمإلى سئلت:
أبا عبد الله عن رجل قال لرجل اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها أو اكتب إلى عبدي بعتقه يكون ذلك طلاقا وعتقا فقال: لا يكون طلاق ولا عتق حتي ينطق بلسانه أو يخطه بيده وهو يريد الطلاق والعتق ويكون ذلك منه بالأهلة والشهور ويكون غائبا من اهله المعلوم عدم قصوره عن تقييد مثل صحيح زرارة سندا و دلالة ومجرد موافقته للعامة لا يوجب قصوره عن المقاومة ضرورة لأنه لا مجال للترجيح مطلقا لا سندا ولا جهة في ما كان هناك جمع عرفي لا سيما مثل تقييد المطلق بالمقيد كما لا يخفي اللهم إلا أن يقال نعم ولكن عدم فتوي المشهور بمضمونه كاشف عن الاعراض عنه والا لما كان له وجه مع ما هو عليه من الصحة والقرب من الصراحة ولا يضر به فتوي البعض للندرة وكيف كان فلا وثوق به حينئذ فلا يكون حجة فتأمل جيدا ويشترط في صحة الطلاق أيضا سماع رجلين عدلين كتابا و سنة واجماعا ففي أخبار مستفيضة بل متواترة إجمالا نفي الطلاق عما إذا لم يكن بشهادة عدلين فاعتباره في الجملة مما لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه إنما الإشكال في كفاية مجرد سماعهما للصيغة من دون معرفة المطلق والمطلقة أصلا أو لزوم معرفتهما و لو بنحو من الاسم أوالإشارة من دون لزوم مبالغة تامة في المعرفة أو لزوم معرفة تامة بحيث يشهد ان علي طلاقها عند الحاجة بل فيه خلاف ولا يخفي ان قضية الأصل ه والأخير حيث لا إطلاق لأدلة شرع الطلاق واشتراط الشهادة لا دلالة لها علي الاكتفاء بدونه لولا ظهورها في اعتباره كما لا يبعد انه مقتضي حكمة الاشتراط حسبما لا يخفي"
إذا لابد من شهود على الطلاق وأن يكون الطلاق منطوقا وأما حديثهم عن زواج ألأخرس وأمثاله فهو باطل فلا زواج له إلا أن يكون ناطقا قبل ذلك ثم فقد النطق فالأخرس وهو الأبكم النازل بعاهته لا يجوز له زواج لعدم عقله
|