عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-12-2022, 08:27 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,039
إفتراضي

وتحدث عما تحدث عنه سابقا من أن الموت يلحق بالكل فقال:
"أيها المسلمون:
ألاَ ترَوْن أنَّكم في هذه الحياة تتقلَّبون في أسْلاب الهالكين، وستَذهَبون رغمًا عنكم وتُورِثونها لخلفكم اللاحِقين؟ وها أنتم في كلِّ يومٍ تُشيِّعون منكم غاديًا ورائحًا إلى الله - عزَّ وجلَّ - قد قضَى نحبَه ومضى حقًّا إلى ربِّه، فتُودِعونه وتدَعُونه في صدع من الأرض غير مُوسَّد ولا مُمهَّد، قد خلَع الأسباب، وفارَق الأحباب، وسكَن التراب، وواجَه الحساب، غنيًّا عمَّا خلَّف، فقيرًا إلى ما أسلَف، أليس في ذلكم مُعتَبر، وعن الغيِّ مُزدَجر؟ فاتَّقوا الله يا أولي الألباب؛ {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} "
كما تحدث عن أن ما مضى من الزمان ما فيه من أحداث لا يمكن ان يعود ومن ثم الواجب هو التوبة من أخطاء الماضى فقال :
"أيها المسلمون:
إنَّ لكلِّ شيءٍ بدايةً ونهاية، وإنَّ نهاية عامنا قد أوشكت على الاقتراب، فقد آذَن عامُنا بالرَّحِيل وولَّى الأعقاب، وإنَّ هذا الرحيل لَيترُكُ في النُّفوس عظيمَ الحزن، وبليغ الأسى، على جزءٍ من العمر قد انقَضَى، وتصرَّم ومضى، في غير طاعةٍ للمولى، وربما في مقارفة بعض الذنوب واتِّباع الهوى، وإنَّ عامكم الذي قد انقَضتْ أيَّامه ولياليه، وطُوِيت صحائفه على ما تَحوِيه، قد مضى فلا يُمكِنكم ردُّ شيءٍ ممَّا فيه، أو إصلاحه وتلافيه، إلا بالتوبة الصادقة والندم على ما كان، والرُّجوع حقًّا إلى الملك الديَّان، فاستَدرِكوا ما مضى بالتوبة وصدق الأوبة، فوالله لا خيرَ في الحياة إلا لتائبٍ إلى ربِّه من الزلاَّت، وعبد مُخلِص لله في عمل الصالحات، ومُسابِق إلى رفيع الدرجات."
وتحدث عمن ماتوا فى العام المنصرم ودعا للمطيعين بالرحمات وللعصاة بالجحمات فقال :
"أيها المسلمون:
وكم في النُّفوس من لوعةٍ على فراق أحبَّةٍ لنا مضَوْا خلال العام راحِلين، وانقَطَع ذكرُهم وما أمَّلوا وغدَوْا أثرًا بعد عين، رجال طالما انتظروا الصلاة بعد الصلاة، وطالما لهجوا بتلاوة الآيات، وعمَّروا الأوقات بجليل الطاعات وعظيم القربات، مجالستهم تزيد الإِيمان، ورؤيتهم تُذَكِّر بالرحمن، وكان وجودُهم بين ظهراني المجتمع أمنةً للناس وصمام أمان، فاستلوا من بيننا دون اختيار، ومضَوْا إلى الواحد القهَّار، وإنَّ في الله عزاءً من كلِّ مصيبة، وجبرانًا من كلِّ نقيصة، وخلفًا من كلِّ فائت، فاللهمَّ اغفر لهم أجمعين، وارفَع درجتهم في المهديِّين واخلفهم في عقبهم في الغابِرين، واغفِر لنا ولهم يا ربَّ العالمين، وافسح لهم في قبورهم، ونَوِّر لهم فيها، وارحمنا إذا صِرنا إلى ما صاروا إليه يا أرحم الراحمين. وكم من أهوالٍ عظام، وأحداث جِسام، مرَّت بنا خلال العام، أقضَّت المضاجع، أفرغت القلوب في الهواجع، من ظلم الظالمين، وإفساد المفسِدين، وتخريب المجرِمين، الذين عاثُوا في الأرض الفساد، وخرَّبوا البلاد، وشرَّدوا العباد، ورمَّلوا النساء، ويتَّموا الأولاد، وانتَهكُوا الحرمات، وهمُّوا بالإِلحاد في المقدَّسات، وفتَنُوا الناس في الدين، وشتَّتوا شملَ المسلمين، فأخَذَهم الله أخْذَ عزيزٍ ذي انتِقام، وجعلهم عبرةً للأنام، ونصَر أهل الإِسلام، بحوله وقوَّته وبما سخَّر - سبحانه - من الوسائل والجنود، وإنَّ الله ليؤيِّد هذا الدين بالرجل الفاجر، فاشكُرُوا الله على هذا الإِنعام."
وطالب المسلمين أن يتخذوا العبرة مما أصاب الله به الناس من أضرار الزلازل والبراكين والعواصف والفيضانات حتى يعودوا لدينه ولكنهم لا يعرفون أن كل هذه إنذارات لهم لعلهم يتضرعون ومن ثم يمضون فى أعمالهم السيئة فقال :
أيها المسلمون:
وكم مَرَّ بالأسماع من الزلازل العنيفة، والفيضانات المروِّعة، والمجاعات المخيفة، والفتن المهلِكة؛ ليُذِيقهم بعضَ الذي عملوا لعلَّهم يرجعون؛ {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ}{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}
{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}
{أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} "
وذكرنا الرجل بعجزنا عن ايقاف الزمن وايقاف التغيرات فينا فقال :
"أيها المسلمون:
إنَّ تغيُّر الأحوال، وانقضاء الآجال، وانقِطاع الأعمال والآمال، وما يحدُث من الفواجع والأهوال، وما يُنزِل الله من الألطاف بالمسبِّحين له في الغدوِّ والآصال، كل ذلك ممَّا يُشعِر بعجز المخلوق وضعفه وشدَّة حاجته وافتِقاره إلى خالِقِه ومولاه ومعبوده وحدَه دون مَن سواه، ويُحفِّز العاقل على الرجوع إلى ربِّه والتعلُّق به وحدَه والتمسُّك بدينه والسَّير إليه على هدْي نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ومُلازَمة تقوى الله في سائر الأحوال، فإنها عنوان السعادة وسبيل الفلاح، فالدنيا محفوفةٌ بالأنكاد والأكدار، والشرور والأخطار، ولا يهذبها ويصفِّيها ويسلِّم العبد من شرِّ ما فيها إلاَّ الاستِقامة على الدين، والاستِعانة بما فيها على طاعة ربِّ العالمين؛ كما قال - تعالى - في كتابه المبين: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى * وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} وقوله - سبحانه -: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} "
وعاد لتكرار الوصية بالتقوى فقال :
"فاتَّقوا الله عباد الله، واغتَنِموا فرص الحياة فيما يُقرِّبكم إلى الله، وليكن لكم من مرور الليالي والأيَّام، وتصرُّم الشهور والأعوام، وما يحدث في طيَّاتها من الحوادث الجِسام والأهوال العِظام، عبرٌ ومُزدَجرٌ وعمل صالح تجدون ثوابَه عند الله مدخرًا.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} "
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس