عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-11-2022, 09:27 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,845
إفتراضي

ولا من طبعي أن أفعل هذه الفعلة بالنسبة لك، فهذا الخاطر ـ خاطر القتل ـ لا يدور بنفسي أصلاً، ولا يتجه إليه فكري إطلاقاً، خوفاً من الله رب العالمين ـ لا عجزاً عن إتيانه ـ وأنا تاركك تحمل إثم قتلي، وتضيفه إلى إثمك... فيكون إثمك مضاعفاً، وعذابك مضاعفاً ((وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ))."
وحدثنا الباحث عن المستخلص من تلك الخصومة فقال :
"بعد عرض هذا المشهد لخصومة فردين أخَويْن يمكننا استخلاص هذه الفوائد، تحت عنواننا المختار: (الخصومة وفن المصالحة).
1- المسلم رباني حتى في أثناء خصومته، وهكذا هو قبل الخصومة وبعدها، يحرص على مرضاة الله، ورضوانُ الله لا يتحقق بمخالفة أمره، أو بالتمادي في الخصومة أو بتطويرها إلى حالة فجور.
2- عند إظهار الخصومة، يوطّن المؤمن التقي نفسه على أن يبتعد عن الشر قولاً وعملاً ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ))
3- إن كثرة الخصومات تعني وجود خلل عند طرف، أو عند الطرفين، أو الأطراف في فهم الأمور.
4- في المجتمعات البعيدة عن تعاليم الإسلام محترفو خصومات وصراعات، وهؤلاء لا تصلحهم المواعظ؛ لأنهم قد عزموا على الطمع، والقطيعة، والعدوان، ويجب ألا يتغاضى عنهم الدعاة والقضاة وأولو الأمر، ويجب أن يُزجَروا بوسائل مكافئة.
وإذا كانت خصومة ابني آدم قد انتهت بمقتل الطرف الطيب التقي، إلا أن اكتمال التشريع ببعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- قد أوجد فقهاً وطريقة أو أسلوباً للتصدي لفجّار الخصومات، من ذلك قوله ـ تعالى ـ: ((وَإن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإن بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ))
إن الحركة الإسلامية سواء في إطارها الشعبي أو إطارها التنظيمي مطالبة بإيجاد آليّة التصدي لفجّار الخصومات على جميع المستويات، وإلا فإن حقبة التمزق الداخلي في المجتمع الإسلامي سيطول مداها، وستكون إفرازاتها دماً غزيراً وعزيزاً.
5- لن تزول الخصومات، ولن تنتهي من الوجود البشري، ولكنها ستقل، وستخف آثارها في ظل المنهج الرباني احتكاماً إليه، وتربية عليه.
6- إذا كان الباعث على الخصومة الطمع في المال، وأمكن لولي الأمر أن يمنح الطامع، فربما تُعالج الخصومة، وقد سلك النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك الطريق. أما إذا كانت الخصومة من أجل منصب، فإن الأمور توزن بمقدار المصلحة والمفسدة، ثم تُحسم الخصومة دون تغليب الهوى الشخصي، والفقه الإسلامي في هذا الباب حكيم عظيم.
7- إذا اشتدت الخصومة فلا يصح شرعاً أن تتدهور إلى أكثر من الهجر ثلاثاً، ويكون الفضل لمن يبدأ بالسلام. فإن بقي سبب الخصومة، وجب على الخصمين أن ينتقلا إلى التحكيم، ويوطّن كل طرف نفسه على الرضا والتسليم بالحكم الصادر، وإن خالف الرغبة الشخصية ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً))
8- إذا لم يكن لدى الطرفين، أو أحدهما ـ على الأقل ـ استعداد للصلح، ضاعت الأوقات وضاعت الجهود، وعلى المصلحين التثبت من وجود هذه الرغبة بدايةً، فضلاً عن وجودها في نفوس المصلحين ((إن يُرِيدَا إصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا))
9- تشتد وطأة الخصومة إذا كان مصدرها الحسد، فإنه نار تحرق الحاسد، وقد تحرق مَنْ حوله، إنه الحسد الذي دفع ابن آدم إلى قتل أخيه.
إن خصومات كثيرة تخفى أسبابها الحقيقية؛ لأنها آفة القلب الخفيّة، وإن لم يدركها المصلح فإنه كمن يحرث في الماء، أو من يريد أن يطير بغير جناحين في الهواء!!
وإذا عُرف السبب بطل العجب، فحينئذ يبدأ المصلح بإطفاء النار، ثم يُتبع ذلك بتمديد خطوط المحبة، وذلك يحتاج لوقت وجهد قد يطولان، ويكون الصلح هو البلسم بفضل الله وتوفيقه."
وهذه الدروس معظمها لم يرد فى القصة والمستخلص من القصة هو :
أن طمع فرد ما وهو الإرادة السيئة هو من يجعل الخصومة تتطور إلى الأسوأ فطمع الشرير أدى إلى أن يقتل أخاه ظنا منه أن هذا يثبت أفضليته على أخيه
والخصومة فصل الله حكمها بين الأفراد والجماعات فقال :
"وَإن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإن بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ"
والآية تقول بوجوب الإصلاح على بقية المسلمين والمقصود بهم أهل القضاء فى البلدة تجاه الفريقين المتخاصمين
إن نزل الفريقان على حكم القضاء المصلح فقد انتهت الخصومة
إن لم يسلم فريق بحكم القضاء العادل فاعتدى على الفريق الثانى فقد وجب حمل السلاح على أهل البلدة تجاه الفريق المعتدى وهو الباغى حتى يستسلم لحكم القضاء العادل
وهناك خصومة فردية خصها الله بأحكام وهى الخصومة الزوجية فهى :
الحل الأول الحل الداخلى من وعظ وهجر فى المضاجع وضرب وفى هذا قال تعالى :
"واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا"
والحل الثانى إن لم ينفع ألأول هو الحل الخارجى باستدعاء حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة للاصلاح فقط كما قال تعالى :
"وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما"
والحل الثالث بعد الطلاق يمكن الصلح كما قال تعالى :
"وبعولتهن أحق بردهن فى ذلك إن أرادوا إصلاحا"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس