عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 13-11-2022, 09:44 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,019
إفتراضي

قال ابن وهب: سمعت مالكاً سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال: ليس ذلك على الناس قال: فتركته حتى خف الناس فقلت له: عندنا في ذلك سنة فقال: وما هي قلت: حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو ابن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحنبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال: رأيت رسول الله (ص)يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه فقال: إن هذا الحديث حسن وما سمعت به قط إلا الساعة ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع
وأما الإمام الشافعي فالقول عنه في ذلك أكثر وأطيب وأتباعه أكثر عملاً بها وأسعد فمنه: (ما من أحد إلا وتذهب عنه سنة لرسول الله (ص)وتعزب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله (ص)لخلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله (ص)وهو قولي)
(أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله (ص)لم يحل له أن يدعها لقول أحد)
(إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله (ص)فقولوا بسنة رسول الله (ص)ودعوا ما قلت) (وفي رواية (فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد) (إذا صح الحديث فهو مذهبي)
(أنتم أعلم بالحديث والرجال مني فإذا كان الحديث فأعلموني به أي شيء يكون: كوفياً أو بصرياً أو شامياً حتى أذهب إليه إذا كان صحيحاً)
(كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله (ص)عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي)
(إذا رأيتموني أقول قولاً وقد صح عن النبي (ص)خلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب)
(كل ما قلت فكان عن النبي (ص)خلاف قولي مما يصح فحديث النبي (ص)أولى فلا تقلدوني
(كل حديث عن النبي (ص)فهو قولي وإن لم تسمعوه مني)
وأما الإمام أحمد فهو أكثر الأئمة جمعاً للسنة وتمسكاً بها حتى (كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي) ولذلك قال:
(لا تقلدوني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا)
وفي رواية: (لا تقلد دينك أحداً من هؤلاء ما جاء عن النبي (ص)وأصحابه فخذ به ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير)
وقال مرة: (الاتباع أن يتبع ما جاء عن النبي (ص)وعن أصحابه ثم هو من بعد التابعين مخير)
(رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي، وهو عندي سواء وإنما الحجة في الآثار) (من رد حديث رسول الله (ص)فهو على شفا هلكة)
تلك هي أقوال الأئمة رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالدليل والنهي عن تقليدهم دون بصيرة، وهي من الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلاً ولا تأويلاً، وعليه فإن من تمسك بكل ما ثبت في السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة لا يكون مبايناً لمذهبهم ولا خارجاً عن طريقتهم بل هو متبع لهم جميعاً ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وليس كذلك من ترك السنة الثابتة لمجرد مخالفتها لقولهم بل هو بذلك عاص لهم ومخالف لأقوالهم المتقدمة والله تعالى يقول: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً
أما بعد فأيها الإخوة إن من استبان له الدليل في مسألة من المسائل عن الله ورسوله ولم ينقد لحكمهما اتباعاً لقول أحد من الناس يخشى عليه الفتنة عند الموت والزيغ عند الشهادة بالحق عند الموت، وفي القبر، وكذا يخشى عليه الهلاك في الحشر، وعند السؤال يوم الحساب، وهذا الكلام ليس من عندي ولا من عند أبي ولكنه قول الله العظيم في قرآنه
قال الله تعالى: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم
قال الحافظ ابن كثير : أمر رسول الله (ص)هو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبِل، وما خالفه فهو مَرْدُود على قائله وفاعله، كائنًا ما كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عمل عَمَلًا ليس عليه أمرنا فهو رَدّ" والمعنى: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره" أي: فليحذر وليخْشَ من خالف شريعة الرسول باطنًا أو ظاهرًا {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي: في قلوبهم، من كفر أو نفاق أو بدعة، {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: في الدنيا، بقتل، أو حَد، أو حبس، أو نحو ذلك وقد كان الإمام أحمد تعالى يقول: (عجبت لقومٍ عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا ردّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك)
إن الواجب على المكلف إذا بلغه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله وفهم معنى ذلك أن ينتهي إليه ويعمل به، وإن خالفه من خالفه، كما قال تعالى: "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون"
وقال تعالى: "أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون"
نعم فلا يوزن قول الله تعالى وقول رسوله بقول أحد وإنما يوزن بقول الله وبقول رسول الله قول كل أحد كما قال الزهري: إن رسول الله (ص)هو الميزان الأكبر الذي توزن عليه الأشياء على سنته وسيرته وهديه (ص)فما وافقها فهوالحق وما خالفها فهو الباطل "
الجوهرى يذكر الآيات التى تطالب باتباع الكتاب وهو المنزل من الرب ولكنه يصر على أن يشرك الرسول(ص) فى الطاعة وهى الاتباع ذاكرا السنة فهل ذكرت السنة فى الوحى ؟
بالقطع الاتباع هو لكلام الله وحده وأما الرسول محمد(ص) فنحن نطيع الوحى المنزل عليه فقط الذى قال الله فيه :
"وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوة"
وكلام الرسول(ص) وأعماله ليست وحيا كلها وإلا ما معنى نهى الله عن تحريم ما أحل الله له فى قوله تعالى :
" لم تحرم ما أحل الله لك "
وما معنى ان يذكر الله أنه له ذنوب قبل الفتح وبعده فى قوله :
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
فهل نتبع الرسول(ص) فى ذنوبه حتى نكون مقتدين به ؟
كلام لا يقوله مسلم
وتحدث الرجل عن أن طاعة أولى الأمر محرمة إذا كانت تخالف المنزل من الله فقال :
"ورحم الله الإمام مالك الذي سئل يوماً عن الإحرام هل أحرم من البيت؟ فقال لسائله بل أحرم من ذي الحليفة ميقات أهل المدينة فقال السائل: فهل في إحرامي من بيتي شيئ؟ قال الإمام: نعم أخشى عليك الفتنة قال: الفتنة في بضع خطوات؟ قال: نعم فإن الله قال عن نبيه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " [وفي الحديث الذي أخرجه أحمد والترمذي وحسنه الألبانى عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي (ص)يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [فقلت له: إنا لسنا نعبدهم قال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحللون ما حرم الله فتحلونه؟ فقلت: بلى قال: فتلك عبادتهم"
فسمى الله طاعة أولى الأمر من حكام أو علماء فى معصية الله تعالى عبادة وطاعة لهم من دون الله فالحذر الحذر عباد الله!
وقد عمت البلوى -أيها الإخوة - بمثل هذا فترى الرجل يعمل في أمواله ونفسه أو تجارته أو زرعه بالشيء فتنهاه عن ذلك وتذكر له قول الله وقول نبيه فيرد عليك بكل هدوء وكأنه صاحب حق حقيق لقد قال -يعنى من المنتسبين الى العلماء أو العلماء- فلان كذا وقال فلان كذا فاستحلوا الربا بقول فلان واستحلوا الخمر بقول فلان واستحلوا التدخين بقول فلان وصاروا يترخصون في دينهم بما يتبعون من أقوال هؤلاء العلماء أو المنتسبين إلى العلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، ولتعلم أيها الحبيب أن الذي يفعل هذا إنما يتبع هواه لأنهما اثنان لا ثالث لهما إما اتباع الله ورسوله وإما اتباع الهوى قال -عز وجل-: "فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
وهذا هو الذى حذرنا الله أن نهلك بسببه ونضل فقال مخاطبًا نبيًا كريما هو داود عليه السلام يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ "
وعن زياد بن حُدَيْر قال: قال لي عمر: "هل تعرف ما يهدم الإسلام؟، قلت: لا، قال: يهدمه زلَّة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلِّين"
أيها الإخوة! ومن سبق ذلك منه فى الماضى جهلًا بما أصلنا الآن فليتب الى الله تعالى وليرجع الى حكمه -عز وجل- "فإن من أطاع العلماء والأمراء في تحليل الحرام أو العكس واعتقاد أن هذا جائز مع العلم بأنه خلاف الشرع فيكون قد عبدهم وهذا بلا شك قد كفر، أما إذا تبعهم جهلًا أو اجتهادًا فهذا لا يكون عبادة لهم ولا يدخل في الوعيد؛ لأن الإنسان مطالب بسؤال العلماء والأخذ بفتواهم فيما لا يعلم مخالفته لشرع الله"
إذا المطلوب هو طاعة شرع الله وحده دون غيره
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس