عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-11-2022, 11:20 AM   #3
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,843
إفتراضي

وتحدث عن مثالب وهى أضرار الحيد فقال :
"مثالب الحسد:
وأما مثالب الحسد، فهي أكثر من أن تذكر، وأشهر من أن تسطر، ولكن ما لا يستطاع ذكر كله لا يترك بعضه.
فاعلم أن أول معصية وقعت من الخلق الحسد؛ لما حسد إبليس آدم، ثم حسد قابيل هابيل"
والخطأ أن سبب عصيان إبليس لأمر الله بالسجود لآدم(ص) هو الحسد وهو ما يخالف أن التكبر كما قال تعالى :
" ما يكون لم أن تتكبر فيها"
ثم قال :
"والحسد لا يكون إلا على نعمة، ومتى أنعم الله على عبد نعمة فأحب أحد أن يكون له مثلها من غير أن تزول عن المحسود، فذلك الحسد يسمى غبطة، ولا لوم فيه ولا ذم؛ عن النبي (ص)((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله حفظ القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه في وجوه البر آناء الليل وآناء النهار)).
فهذا الحسد إنما هو في طاعة الله - عز وجل - وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم."
الحديث باطل لأنه يقصر الحسد على أمرين وباطل أيضا لأتن آية الحسد فى سورة البقرة تتحدث عن تمنى زوال الإسلام ككل من قلوب المؤمنين وتحولهم للكفر وهى :
" ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم"
ويناقض المعروف عند الناس بأن الحسد هو تمنى زوال نعمة الغنة والصحة وما شابه
ثم نقل كلاما فى الموضوع يبين آراء الناس وليس حكم الله فقال:
"وقال بعض الأشراف:
احسد على نيل المكارم والعلى ... إذ لم تكن في حالة المحسود
حسد الفتى بالمكرمات لغيره ... كرم ولكن ليس بالمعدود
وإن أحب زوالها عن المحسود فهذا الحسد المذموم، وصاحبه الملوم الظلوم."
وهذا الكلام يبين انقسام الحسد لمذموم ومحمود مع أنه لا يوجد حسد محمود فهل زوال حفظ القرآن وانفاق المنفق فى الخير شىء محمود أم مذموم
وتحدث عن أضرار الحسد فقال :
"ثم إن هذا الحاسد تارة يحب زوالها عن المحسود ومجيئها إليه، وهذا قبيح؛ لأنه إيثار في ضمنه اعتراض، وأقبح منه طلب زوالها عن المحسود، وحصولها إلى غيره، وأقبح منهما طلب زوالها مطلقا، فهذا عدو نعم الله - تعالى.
وعن الأصمعي قال: العرب تقول: لا ثناء مع الكبر، ولا صديق لذي الحسد، ولا شرف لسيئ الأدب.
وفي الصحيحين عن أنس عن النبي (ص)أنه قال: ((لا تباغضوا ولا تقاطعوا، ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا))، وفي "صحيح ابن حبان": ((لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد))، ورواه البيهقي أيضا من حديث أبي هريرة مرفوعا.
وروى الطبراني بسند رجاله ثقات عن ضمرة بن ثعلبة قال: قال رسول الله (ص)((لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا)).
وروى البزار بإسناد جيد والبيهقي وغيرهما عن الزبير أن رسول الله (ص)قال: ((دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، أما إني لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين))."
والأحاديث السابقة كلها تدل على أن الحسد كله مذموم بدليل النهى عنه لا تحاسدوا وأن الخير فى عدم التحاسد ووصف بالداء
وتحدث عن علاج الحسد فقال :
معالجة داء الحسد:
فإن قيل: قد ذكرت من صريح الآثار وصحيح الأخبار ما ينفر عن الحسد ويبعد عنه كل أحد، لكن الحسد مرض باطني، فكيف السبيل إلى زواله؟
فالجواب: إن الآدمي قد جبل على حب الرفعة، فلا يحب أن يعلو عليه أحد في نعمة من نعم الدنيا، فإذا علا أحد عليه شق عليه وأحب زوال ما علا به.
ومعالجة ذلك تارة بالزهد في الدنيا، وأنها لا تعدل عند الله جناح بعوضة، فلا وجه للمنافسة فيها عند العقلاء، وتارة بالرضا بالقضاء؛ فإنك إن لم ترض لم تحصل إلا على الندم وفوات الثواب، وغضب رب الأرباب، فهما مصيبتان أو أكثر، وليس للعاقل حيلة في دفع القضاء فعليه بالرضا.
ما لي على مر القضا ... من حيلة غير الرضا
أنا في الهوى عبد وما ... للعبد أن يتعرضا
وتارة في النظر فيما يتعلق بتلك النعم من الآفات، فإذا لم يعمل بمقتضى ما في النفس ولم ينطق، لم يضره ما وضع في الطبع.
فالحسد أولا يضر الحاسد في الدين والدنيا، ولا يستضر بذلك المحسود، فلا تؤذ نفسك.
أما ضرره في الدين، فإن الحاسد قد سخط قضاء الله - تعالى - فكره نعمته على عباده، وهذا قذى في بصر الإيمان، ويكفيه أنه شارك إبليس في الحسد وفارق الأنبياء في حبهم الخير لكل أحد.
وقال عبدالله بن مسعود: لا تعادوا نعم الله، فقيل له: ومن يعادي نعم الله؟! قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، ثم إن الحسد يحمل على إطلاق اللسان في المحسود بالشتم والتحايل على أذاه.
وأما ضرره في الدنيا، فإن الحاسد يتألم ولا يزال في كمد، وأنشدوا:
دع الحسود وما يلقاه من كمده ... كفاك منه لهيب النار في جسده
إن لمت ذا حسد نفست كربته ... وإن سكت فقد عذبته بيده
قال الأصمعي: سمعت أعرابيا يقول: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد؛ حزن لازم، ونفس دائم، وعقل هائم، وحسرة لا تنقضي.
وقد قال معاوية : ليس في خصال الشر أعدل من الحسد، يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود.
وقال بعض الحكماء: يكفيك من الحاسد أنه يغتم في وقت سرورك.
وقيل في منثور الحكم: عقوبة الحاسد من نفسه.
وقال الأصمعي: قلت لأعرابي: ما أطول عمرك! قال: تركت الحسد فبقيت.
فإن قيل: هل للحاسد دواء؟ فالجواب: قل أن ينجع فيه دواء؛ لأنه جهول ظلوم، وليس يشفي علة صدره ويزيل حزازة الحسد من قلبه إلا زوال النعمة، فحينئذ يتعذر الدواء أو يعز.
ومن هذا قول بعضهم وأحسن:
وكل أداويه على قدر دائه ... سوى حاسدي فهي التي لا أنالها
وكيف يداوي المرء حاسد نعمة ... إذا كان لا يرضيه إلا زوالها
نعم، إن كان الحاسد ذا فهم فدواؤه أن يقمع أسباب الحسد من الباطن؛ فإن سببها في الغالب الكبر وعزة النفس، ثم يتكلف مدح المحسود والتواضع له والهدية إليه.
ثم اعلم أنك إنما تحسد إخوانك على الدنيا وحطامها، وأما قوام الليل وصوام النهار فلا أراك تحسدهم.
التعوذ من السحر والعين والحسد:
إن من الأدواء الفتاكة والشر العظيم ما يكون في الإنسان من مرض بسبب السحر أو العين أو الحسد، والسحر له تأثير بالغ في المسحور، فقد يمرض وقد يقتل، وهكذا الشأن في عين الحاسد إذا تكيفت نفسه بالخبث، واستجمع في قلبه الشر، فإنه يضر بالمحسود، فربما أمرضه وربما قتله، فالسحر له حقيقة وتأثير، والحسد له حقيقة وتأثير.
وإن من نعمة الله على عبده المؤمن أن هيأ له أسبابا مباركة وأمورا نافعة، يندفع بها عنه شر هؤلاء، ويزول بها عنه ضررهم والبلاء النازل به بسببهم، قال ابن السماك: أنزل الله - تعالى - سورة جعلها عوذة لخلقه من صنوف الشر، فلما انتهى إلى الحسد، جعله خاتما إذ لم يكن بعده في الشر نهاية."
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس