قالَ فَفَزِعَ النَّاس، فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم -: شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ .
رحماكَ يا رب!! هذا المجاهدُ في سبيلك، البائعُ نفسَهُ لمرضاتك, تدفعهُ نفسُهُ الأمارةُ بسرقةِ شيءٍ زهيد، قد يكونُ مستحقاً لأعظمَ منهُ لو صبر حتى القسمة، ثُمَّ يلتهبُ عليه ما اختلسهُ ناراً تلظى, رحماكَ يا رب! فكيف يكونُ حالُ العبادِ المقصرين في طاعتك، السادرين في غيِّهم وضلالهم ، السارقينَ لأعظمَ من ذلك وأكثر .
وهذا مجاهدٌ آخر اختلسَ من بيتِ المال, فكان مصيرهِ إلى النار، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كان في بيتِ المالِ رجلٌ يُقالُ له: كِرْكِرة فمات، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( هو في النارِ، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءةً قد غلَّها )) رواه البخاري . سبحان الله, هذا رجلٍ مسلمٍ مُجاهد, اختلس من بيتِ المالِ عباءة, فكيف بمن يسرقون الألوفَ المؤلفةِ والملايين المكدسة "
وتلك الأحاديث غالبها باطل لأنها تجعل النبى(ص) عالما بالغيب الذى لم يره هو ولا غيره من الخلق كمعرفة سرقة الشملة والعباءة وهو ما نفاه الله على لسانه فى قوله:
" ولا أعلم الغيب"
وقال:
" لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
وتحدث عن جرائم الموظفين فقال :
"عباد الله .. ويدخلُ في الغلو كذلك، هدايا الموظفين، التي يهديها إليهم المراجعون، أو المتعهدون من أصحاب المصانعِ والمؤسسات, باسم الدعايةِ, أو التكريم, أو الصداقة .
حتى بلغت الوقاحة ببعض الموظفين في بعض البلدان أن يضع فوق رأسه لوحة مكتوب فيها: ادفع بالتي هي أحسن .
وقد جاء في الصحيحين عن أبي حُميدٍ الساعدي - رضي الله عنه - قال : (اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا مِنْ الْأزدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَفَلَا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَتَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْكَ أَمْ لَا، ثم َقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللهم هل بلغت) . وفي صحيح مسلم أيضاً: من حديثِ عدي بن عَمِيرَة الكِندي قال, سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( من استعملناهُ منكم على عملٍ, فكَتَمَنَا مخيطاً فما فوق, كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة، قال: فقامَ إليه رجلٌ أسودٌ من الأنصار، كأني انظرُ إليه, فقال: يا رسول الله اقبل عنِّى عملك- يعني بالتعبير المعاصر, اقبل استقالتي من العمل- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومالَك؟ قال: سمعتك تقولُ كذا وكذا، قال عليه الصلاة والسلام: وأنا أقولهُ الآن من استعملناهُ منكم على عملٍ, فليجئ بقليله وكثيره، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى) .
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك، يا ذا الفضل العظيم "
والحديثان باطلان لنفس السبب وهو مجىء الموظف بما أخذ فى الدنيا معه يوم القيامة وكما سبق القول فالفرد مسلما أو كافرا يأتى فردا فى القيامة ليس معه أى شىء كما قال تعالى :
" ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم"
وأما ما يأتى بالفعل يوم القيامة فهو العمل مصور صورة وصوت فى كتاب العمل الذى يسلمه الله لكل فرد فيرى من عمل من خير أو شر كما قال تعالى :
" فمن يعمل مثقال ذرة حيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"
وتحدث عن الكسب الحرم من خلال قبض بعض الموظفين لرواتبهم وهو فى بيوتهم لا يعملون أو يتغيبون عن العمل ويوقع لهم أنهم حاضرون وهو كلام فى بعض بلادنا حلال عندما يكون ما يقبضه المرتب ينتهى فى خمس أو عشر أيام لقلته ويضطر الموظف للقيام بعمله الحكومى ناقصا وعمل أخر خاص كى يستطيع الانفاق على أسرته وفى هذا قال :
"عباد الله .. ومن المكاسب المحرمة، المتعلقةِ بالغلول أو السرقة من بيتِ المالِ: ما يتقاضاهُ بعضُ الموظفينَ باسمِ خارج الدوام أو الانتداب، من غيرِ أن يقوموا بالمهمةِ فعلاً، وإنَّما تُدرج أسماؤُهم في مسيراتِ الرواتب, وهم جالسون في بيوتهم، وبعضُ الموظفين قد يتغيبُ عن عملهِ اليوم واليومين والثلاثة بلا عذرٍ شرعي, أو لا يستكملُ ساعاتِ الدوامِ الرسمي, فيعتادُ الخروجَ لقضاءِ مشاغلهِ الخاصة, معطلاً بذلكَ مصالحَ الناس، وحاجاتِ المراجعين .
وقد يتعذرُ بعضُ أولئك الموظفين بأنّ رؤساءهُ يتغيبون عن العملِ، ونسي أولئكَ المساكين قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) . ويدخلُ في الغلولِ والسرقة من بيتِ مال المسلمين، ما يفعلهُ بعضُ مأموري المشترياتِ من تلاعبٍ بفواتيرِ الشراء, فتدونُ أرقامُ المشتريات بأضعافِ القيمةِِ الحقيقيةِ للسلع المشتراة، وبتواطئٍ من بعضِ الباعةِ الظلمة، فيكونُ فرقُ القيمةِ سُحتاً وغلولاً, يأكلهُ ذلك الموظفُ الخائن للأمانة، الذي انساقُ خلفَ شهوةِ نفسه، وهوى قلبهِ، وتفانى في جمع المال من أيِّ طريقٍ كان، لا يفكرُ أمن حلالٍ جمعَ أم من حرام ."
وكما قلت سابقا العدل إذا ساد يكون ما سبق حرام وأما عندما يسود الظلم فبعض هذا حلال إذا اضطر المسلم لفعله
وتحدث عن اللحم الحرام فقال :
"وقد ثبت عند الترمذي وغيره من حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به)، وفي رواية أحمد: (لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت) ."
والحديث باطل ولو طبقناه على واحد كان عمل أبوه صناعة الأصنام فسيكون ابراهيم(ص) فى النار لأن لحمه وهو صغير نبت من الحرام نتيجة عمل أبوه فى صناعة محرمة مكسبها كله حرام
اللحم لا يدخل النار وإنما من يدخلها الكفار
وطالب الحمود المسلمين بالكسب الحلال والبعد عن الحرام فقال :
"ألا فاتقوا الله عباد الله ، وتحروا الحلال في مكاسبكم ، وأطيبوا مطاعمكم تستجب دعواتكم، فقد روى مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) ."
والحديث ألأخير باطل فالاستجابة للدعاء ليس سببها الحرام وإلا ما استجاب الله لبعض الكفار كمن يركبون البحر ويستغيثون بالله وفيهم قال تعالى :
"فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما أتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون"
فالاستجابة ليست متعلقة بأكل الحرام وما شابه وإنما متعلقة بما كتبه الله فى لوح القدر
|