عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-09-2022, 08:52 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,036
إفتراضي

كلام ليس عليه إجابة لأنه محاولة لاقامة بناء من غير دليل
ثم قال :
"الموضع الثاني
- قوله تعالي: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراءي حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم)
والشاهد في هذه الآية لفظ (وراءي) الذي ورد بالياء والمعهود عليه حذفها (وراء) فما دلالة ذلك.
إن السياق العام للقرآن يفيد جدا في فهم هذه المسألة، ونقصد بالسياق العام فهم النصوص في ضوء بعضها البعض، وهو ما يساوي التنامي بمصطلحات علم لغة النص.
إن هذه الكلمة جاءت في موضع آخر وكتبت بدون الياء (وراء) في قول الحق تبارك وتعالي:
- (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستانسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما)
إن المتأمل في الآيتين يجد الكلام عن حجاب (من وراءي حجاب) و (من وراء حجاب) فتزداد في حجمها علامة الاستفهام.
لكن مع زيادة التأمل نجد - فعلا- الكلام عن حجاب، ولكن علي الرغم من توحد اللفظ إلا أن المراد مختلف في الآيتين.
هل الحجاب في الآية الأولي هو نفسه الحجاب في الآية الثانية؟
إن دقيق التأمل هو الذي ينفي ذلك.
الحجاب في الآية الأولي ... الحجاب في الآية الثانية
معنوي ... مادي
لا يري بالبصر ولا يلمس باليد ... محسوس يري ويلمس
محكم قوي ... ضعيف
لا تقوي قدرة مهما كانت علي اختراقه ... يمكن ان يخترق لولا الحياء الديني
ممدود متسع ... محدود منقطع
بهذه الفروق نري الحجاب الذي زيدت في نظمه الياء هو الحجاب القوي المحكم المتسع، والياء حرف مد، تدل علي الاتساع واللانهاية، فناسبت المقام والسياق، ولكن يبقي السؤال لماذا الياء بالذات من ثلاثية حروف المد؟"
الخطأ ألأول أن الياء حرف مد، تدل علي الاتساع واللانهاية فلفظ اللانهاية لا وجود له فى كتاب الله فكل شىء له نهاية إلا الله لقوله :
" وكل شىء عنده بمقدار"

فلا يوجد شىء بلا مقدار وهو معنى اللانهاية
والخطأ الثانى المقارنة بين حجابين وهو مقارنة لا تجوز لأنها ليست فى موضوع واحد وإنما فى مواضيع مختلفة وإنما المقارنة تجاوز عندما يكون السياق واحد
ويحاول الرجل أن يقنعنا بما لا دليل عليه فيقول:
"ألا تتفق معي - أخي القاريء-أن الآية الأولي والحجاب المذكور فيها بكل خصائصه توحي بالتحدي للإنسان وتريه مدي عجزه علي الرغم مما قد يكون فيه من قدرة علي اختراق الحجب، علي العكس من الحجاب في الآية الثانية الذي يستطيع أن يزيله بأقل قدرة فيه لولا حسه الديني.
فالآية الأولي تشعر الانسان بالعجز والضعف والخضوع فناسبها حرف الياء بما فيه من دلالات تتلاقي مع هذا السياق، أما الأية الثانية فتعطي الإنسان قوة في إزالة هذا الحجاب، بل تزداد هذه القوة وتضاعف في امتناع الانسان المسلم عن إزالته مع قدرته علي ذلك، فيزيده هذا عزة، علي العكس من الآية الأولي التي يتمني الإنسان فيها أن يزال هذا الحجاب ولو برهة، ولا يحوز ذلك، بل إن القرآن ضرب لذلك مثالا في إزالة هذا الحجاب، فلو أزيل ماذا يكون الأمر.
يقول الحق تبارك وتعالي محدثا عن سيدنا موسى (ص):
(ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين)
فسبحان الله العظيم."
بالقطع هذا الكلام يتغافل عن أن الكلمة ليست مكونة من حرف الياء وحده وإنما مكونة من أربعة حروف ولو حذف أى حرف منها لكانت النتيجة واحدة وهى عدم معنى مناسب لكلمة واء أو راء أو وأى .. كما تناسى أن الكلمة الواحدة ليس لها أهمية بدون اتصالها بكلمات أخرى لبيان المعنى ككل
ثم قال :
"الموضع الثالث
- قوله تعالي: (والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون)
الشاهد في هذه الآية الكريمة لفظ (أييد) حيث كتبت بياءين، والمعهود عليها أحادية الياء (أيد)
فما سر ذلك؟
إن فهم هذا النظم القرآني يتأتي من وضعه بجوار نظم آخر، وهذا يسمي كما سبق أن أشارنا السياق العام أو التنامي
يقول الحق تبارك وتعالي:
- (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون)
- (ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد)
نلاحظ ورود اللفظ في أكثر من موضع ولكن بياء واحدة، فما السبب في ثنائيتها في هذا الموضع الوحيد بالذات.
إن المتأمل في الآيات يلاحظ الآتي:-
الآية موضع الشاهد ... الآيات الأخري
اليد منسوبة في هذه الآية إلي الخالق ... اليد يد بشر
يد معنوية ... يد حسية
يد قدرتها لا حدود لها ... قد تكون عاجزة
تعني القدرة ... مطلق اليد
فالآية موضع الشاهد مختلفة تماما عن الآيتين الأخريتين، فاليد في الآية الأولي يد حسية قدرتها ممتدة لا حدود لها متسعة في عطائها وخلقها وخاصة أن الآية تتكلم عن السماء، فناسب المعني زيادة حرف الياء الذي هو حرف من حروف المد ليدعم المعني والسياق، ويبقي السؤال لماذا الياء بالذات؟
قلنا أن الياء في المواضع السابقة جاءت لأن السياق سياق خضوع وهي مناسبة لذلك، فما وجه مناسبتها هنا؟
السياق هنا سياق خلق وقدرة، بل إنه خصص بنسبة خلق السماء الي الأييد، ومن ثم هل السماء هذه هي غاية قدرة هذه الأييد، والإجابة طبعا بالنفي، فقدرة الله أكبر من ذلك بكثير وأبعد من أن يدلل علي حدها بخلق السماء، فجاءت الياء لكي توحي بصغر وقلة هذا الشيء المخلوق بجانب قدرة الله تبارك وتعالي، بل وخضوع هذا المخلوق مباشرة لهذه القدرة الخالقة له.
يؤكد معني العظمة ومدي هول واتساع هذه القدرة أيضا صيغة الجمع التي جاء عليها اللفظ، بل إن هذا الجمع يؤكد أيضا أن المراد ليس المادية بل المعنوية، فكل إنسان له يدان، أما الله فله أييد، وليس هذا فحسب بل إن الأييد هذه ليست الواحدة منها مثل الواحدة من يدي الإنسان، فمختلفة تماما ولا وجه لمقارنة.
ولكن يوجد سؤال وهو: هل لم يذكر لفظ اليد نهائيا خاص بالله إلا في هذا الموضع؟
لقد ورد مرة ثانية في قوله سبحانه:-
- (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما)
نلاحظ أن اليد المفردة خاصة بالله وبياء واحدة فما وجه الاختلاف؟
نلاحظ أن السياق هنا سياق مقارنة بين (يد الله) و (أيديهم)، والسياق هنا يقتضي الحذف، لماذا؟
قلنا أن زيادة ياء في لفظ اليد دل علي المغايرة والتميز، فلو وضعت هنا الياء وتميزت اليد بخصائصها- والغلبة طبعا لله- لكن لهم العذر في غلبتهم، فلا توجد كفاءة.
فجاء السياق هنا بياء واحدة في لفظ اليد ليدل علي أن الله لن يعاملهم ولن ينافسهم بمطلق قدرته فهم لا يستطيعون أن يقاوموها البتة، بل سينافسهم بقدرة تعادل قدرتهم، بل بيد واحدة مقابل أيديهم كلها والغلبة مع ذلك تكون له، بل إن السياق كله يوحي بمدي أنفة جلالته في أن ينافس مثل هؤلاء، يدعم ذلك صيغة الإفراد لجلالته (يد) مقابل صيغة الجمع لهم (أيديهم)."
الخطأ فى هذا الكلام هو استنتاج أن الله له أيدى كثيرة وهو كلام يخالف قوله تعالى :
" ليس كمثله شىء"
فاليد لا تعنى اليد العضوية وإنما تعنى القوة وهى قدرته المطلقة ولا تعنى أعضاء
ثم قال :
"الموضع الرابع
- (بأييكم المفتون)
والشاهد في هذه الآية الكريمة لفظ (أي) حيث جاء بياءين (بأييكم) والمعهود في كتابته ياء واحدة، فما السر في ذلك؟
السياق هنا سياق مقارنة وتحدي، فمن هو المفتون؟ أمحمد - صلي الله عليه وسلم - وحاش لله أن يصدق عليه هذا أو من ابتعدوا عن رسالته (فستبصر ويبصرون)
الجانب الأقوي هو جانب الرسول الأعظم، والجانب الأحقر جانبهم، وهذا واضح من مخاطبته - صلي الله عليه وسلم - بداية (فستبصر) وهم بعده (فسيبصرون) بل يتضح أكثر من ذلك في نوع الخطاب فوجه إليه - صلي الله عليه وسلم - في صيغة المخاطب (فستبصر) طمأنينة له وملاطفة لنفسه وتقوية لجانبه، وجاء عنهم الخطاب في صيغة الغائب وما توحي من دلالات التجاهل والاحتقاروالذل، وكما هو معروف أن المفتون ذليل حقير، فوضح السياق ذلك

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس