عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-08-2022, 03:02 PM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,033
إفتراضي

بدأ الإسلام بفرض العقوبات المشددة لمنع الزنا والتحرشات الجنسية فمن اللافت للنظر أن سورة النور في حربها على الفاحشة لم تبدأ ببيان فضل العفاف وذكر محاسنه والتنفير من ضده بل ولم تخوف الزاني بعقاب الآخرة ولكن بدأت ببيان عقوبات الزناة وخوض الألسنة في أعراض المحصنات والذين يحبون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا فقال تعالى في عقوبة الزناة: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) مع المبالغة في التنكيل بهم (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) والتشهير بهم (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) ومنعهم من زواج أهل العفة (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) وقال تعالى في عقوبة خوض اللسان في الفواحش وقذف المحصنات (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) وقال الله في عقوبة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
يقول عصام بن صالح العويد في مقال بعنوان (أسوار سورة النور) تعليقا على عقوبة الزنا في صدر سورة النور (فكان النور الأول لحماية المجتمع من شيوع زنى الفرج هو "المجتمع الطارد" لهذه الرذائل فبدأ الله سورة النور بهذه الشدة لأنه العقاب الأقوى والأكثر ردعا والأبقى أثرا فإن قيل: فأين التخويف بعذاب الآخرة بدلا من شدة العقوبة في الدنيا؟ فالجواب أنه قد جاء كثيرا في ثنايا السورة وفي غيرها ولكن الفاحشة إذا فارت في القلب طغت على نور العقل فقلما يردعها تذكر الآخرة إلا عند عباد الله المخلصين بينما الخوف من الجلد والفضيحة والخوف من نبذ المجتمع ينزع الله به مالا ينزع بالقرآن)
ثم جعل الله حد الحرابة لمعاقبة كل من سولت له نفسه سفك الدماء وسلب الأموال وهتك الأعراض وإهلاك الحرث والنسل يقول عبد الفتاح إدريس في مقال بعنوان (التحرش الجنسي من منظور إسلامي) مبينا كيف يعاقب المتحرش بحد الحرابة فيقول (و التحرش بالنساء يتضمن إفسادا في الأرض بحسبانه متضمنا قطع الطريق على المتحرش بها أو إلجائها إلى الطريق الضيقة بغية النيل منها أو سماعها ما تكره أو إجبارها على الرضوخ له بطريقة أو أخرى وقد يتضمن إخافتها أو إرعابها لتحقيق مقصوده وذلك يكون جريمة حرابة متكاملة الأركان باعتبار أن الحرابة وفق ما عرفها به بعض الفقهاء ..ومن ثم فإنه يرد في حق المتحرشين بالنساء العقوبتان الدنيوية والأخروية الواردتان في قول الله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} 33 المائدة وذلك لقطع دابر هذه الجريمة من المجتمع)
ويؤكد الدكتور محمد صالح المنجد في الفتوى رقم 41682 بعنوان " الحكم فيمن يسطو ويسرق ويغتصب بالسلاح" فالحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال والناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج منقول بتصرف)"
إذا حدثنا الرجل عن عقوبات الآخرة التى قد تردع البعض وعقوبات الدنيا وهى الجلد للزناة وشهود الزور والقتل لمشيعى الفاحشة ومرتكبيها بالاكراه
وحدثنا عن التربية في الصغر على العفة فقال :
"ثانيا: الوقاية من خلال تربية النفوس على العفة
لم يفرض الله الحدود لإقامة الدولة الإسلامية ولكن فرضها لحماية كيان دولة إسلامية قائمة من الانهيار فمع الحدود هناك نظام الوقاية الذي يمنع الناس من الوقوع في محارم الله بحيث إذا تيسرت سبل الوقاية وأخطأ الفرد المسلم فساعتها لا مناص من العقاب
ولذا فبعد أن بين الله كيف نطهر المجتمع من الفواحش بتطبيق العقوبات المشددة انتقلت سورة النور إلى المرحلة التالية من إشاعة نور العفة بين الناس لكي تحول بينهم وبين الوقوع في الشهوات والعقوبات فدعت إلى تخفيف نار الشهوة في النفوس بنهيها عن اتباع خطوات الشيطان التي تأمر بالفاحشة (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم) ثم بين أهمية غض البصر وأهميته في كبح جماح الشهوة وحفظ الفروج للرجال والنساء {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}وحث على ستر المرأة لزينتها حتى لا يفتن بها الرجال {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وفي مقابل كف النفس عن إشباع الغريزة الجنسية بالحرام شجع المولى تبارك وتعالى على تيسير الزواج الحلال حتى لا يحدث كبت نفسي قد يؤدي إلى انفجار غير محسوب فقال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} وأمر بالعفاف في غير وجود الزواج {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} وجاء الحبيب (ص) بالدواء المعين على الاستعفاف فقال (ص) عن علاج الشهوة بالصوم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)"
والحديث المستشهد به عن كون الصوم علاج لمشكلة الشهوة يتناقض مع كون العلاج هو الاستعفاف وهو الصبر على ألم عدم قضاء الشهوة حتى يغنى الله الفقير كما قال حتى يتزوج فقال :
" وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله"
فالصوم لو كان علاجا لكان صوما بالليل والنهار وليس صوما بالنهار فقط لأن الشهوة موجودة في الليل والنهار كما عاتب الله من جامعوا زوجاتهم في ليل رمضان ظانين بهذا أنهم يخونون الله فقال :
" علم الله أنكم كنتم تختانون انفسكم "
وحدثنا الرجل عن كون الاختلاط يزيد من نار الشهوة فقال :
"ولأن الاختلاط بين الرجال والنساء يؤجج نار الشهوة ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه فقد حرص شرعنا الحنيف على منع الاختلاط بين الجنسين قال تعالى {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} فقد دلت هذه الآية على أن الأصل احتجاب النساء عن الرجال وعدم الاختلاط لاسيما في دور العلم حرصا على طهارة قلوب الرجال والنساء وقال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} فأمرهن بالقرار ثم منعهن من الخروج غير متحجبات ومع قرارهن في البيوت منع رسول الله الله (ص) الرجال الأجانب من الدخول عليهن فقال (إياكم والدخول على النساء فلما قيل له: الحمو؟ قال: الحمو الموت) متفق عليه وهذا يدل على أن الأمر بالقرار ليس خاصا بنساء النبي الله (ص) بل ونهى الشرع عن خلو الرجل بالمرأة فقال (ص) (لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم) "
وهذا الكلام مغلوط فآية الحجاب لا تتعرض للاختلاط في الأماكن العامة وإنما تتعرض لمسألة عدم التزيد في الضيافة بمعنى أن الضيف إذا أراد طعاما أو شرابا من نساء البيت عليه أن يتحدث معهم من ةخلف جدار أو ستار أو باب مقفل حتى لا يرى عوراتهن التى كثيرا ما تكون مكشوفة في حجراتهن
وأما القرار في البيوت فلا يعنى حبس النساء في البيوت وغنما يعنى مشاركتهن في العمل الوظيفى لأن النساء يخرجن للتسوق والتعلم والاستفتاء كما فعلت المجادلة في زوجها
وأما حكاية الخلوة فباطل حديثها أن الرسول(ص09 اختلى بالمرأة المجادلة وأباح الله اختلاء الرجل بمن يريد زواجها للحديث في اتفاقات الزواج فقال :
" ولا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا"
فحديث الرجل مع المرأة للضرورة مباح وقد أباح الله دخول الرجل الغريب أو الصديق البيت في حالة عدم وجود أحد أى رجل إن سمح رب البيت لقضاء ضرورة فقال :
" فإن لم تجدوا فيها أحد فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم"
فمثلا السباك أو مصلح شىء تفتح الله المرأة للدخول لقضاء حاجاتهم في إصلاح الفاسد والصديق الذى جاء لأخذ شىء من البيت تسمح له بدخول البيت لاعطائه ما يريد فالله لا يريد تعطيل مصالح العباد
وكعادة الكثير من القوم الذين يظنون أن الاستشهاد بأقوال الكفار في بعض ما يوافق ديننا دليل على صحته تحدث الرجل فقال :
" أبحاث الغرب العلمية تشهد بإعجاز الإسلام في تعامله مع الزنا والتحرش الجنسي
لعلنا نلاحظ فيما سبق من الأوامر الربانية حرص الإسلام على الفصل بين الجنسين حتى لا يضع النار بجوار البنزين ...
ولأن حرص الإسلام على الفصل بين الجنسين حتى لا يضع النار بجوار البنزين هو الصحيح النافع للبشرية فقد جاءت كثير من أبحاث الغرب لتثبت كذبهم ولتثبت للعالم أن الإسلام دين كل زمان ومكان وأنه من الله الخبير العليم الذي يعرف النفس البشرية حق المعرفة لأنه خالقها وبالتالي يعرف ما يصلحها {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فالفصل بين الجنسين هو من أسمى سبل الحماية للرجل والمرأة على السواء من الوقوع تحت وطأة ضغوط الشهوة الجنسية وما تسببه من آلام نفسية وعدم قدرة على الإبداع بالإضافة إلى شيوع الزنا والتحرشات الجنسية"
والفصل بين الجنسين الذى يقول به نجا وأمثاله لا وجود له في الإسلام فلو قلنا به لكان معناه ألا تتواجد الزوجة مع زوجها ولا الابنة مع أبيها وأخيها وجدها وعمها .. ولكان معناه ألا تسأل امرأة عالم كما سألت المجادلة رسول الله(ص) ولا بايع الرسول(ص) المهاجرات
والموجود هو قرار المتزوجات في بيوتهن طالما لا يوجد ضرورة أى حكم لخروجهن مثل زيارة الأبوين والأقارب والتعزية والتهنئة والوقوف بجانب الجارات وأما غير المتزوجات فيخرجن للتعلم في أماكن منفصلة عن الشباب المتعلم كلما أمكن ابعادهم عن بعضهم منعا لمشاكل كثيرة وتضييع للوقت
ونقل الرجل لنا مقالات كتبها الغربيون في الموضوع فقال :
في مقال نشرته النيويورك تايمز للكاتبة إليزابيث ويل ناقشت فكرة الفصل بين الجنسين في التعليم لوجود فروق بيولوجية بين الجنسين وكيف أدى هذا الفصل إلى تحسن أداء الجنسين وبالرغم من أن هذه الفكرة ما زالت تلقي معارضة شديدة إلا أن الواقع يثبت أنها سوف تتغلب وتنجح برغم المعارضة فقد أصدرت شعبة التعليم الاتحادية في أمريكا نظما سهلت للولايات والمناطق فتح مدارسها وفصولها الغير مختلطة الخاصة وبعد أن كان عدد المدارس أحادية الجنس اثنتان فقط في كل الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1995
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس